في مكتبي جثة
By فرج الحوار
()
About this ebook
ليس من المستحيل أن يقع المؤلف في كمين مستحكم من تدبير خياله وقلمه يتحول بموجبه إلى مجرم في عيون ذويه ومواطنيه فيقضي في حقه بالإعدام جزاء لما اقترفه قلمه ولم تفارقه يداه. هذه هي الورطة التي كان على الروائي عبد الحميد الكاتب أن يواجهها وهو بصدد كتابة روايته الأخيرة، الموسوعة "في مكتبي جثة" إشارة إلى جثة فريد بطل الرواية الذي يقرر أن ضع حدا لحياته بدون إذن مؤلفه، هل كان هذا الكائن الورقي يدرك أن انتحاره المفاجئ سيكلف صاحبه لا خسارة روايته فحسب بل خسارة حياته؟
Related to في مكتبي جثة
Related ebooks
غريزة المرأة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلا مُنتَهي الأبعاد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالعاشق والمعشوق Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلأنها تستحق Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحكايات نجيع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحبر الغراب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفي المرآة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsاعترافات حافظ نجيب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsغريزة المرأة: إبراهيم عبد القادر المازني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعُطَيل Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsقضايا المحقق يوجين فالمونت: مجموعة منتقاة من ألغاز روبرت بار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنؤاستراداموس البغدادي وخالص شهرزاد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنهارات لندنية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsدفتر الإجباري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsضمير الغائب: الشاهد الأخير على اغتيال مدن البحر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتجاريب: مجموعة مقالات اجتماعية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsصندوق الدنيا Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة نادي الغيلان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsغيوم فرنسية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsقد لا يبقى أحد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsابتسامات ودموع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأنا جوزى مفيش منه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالذخيرة في محاسن أهل الجزيرة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعروة في قميص السؤال Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسَوَانِحُ عَابِرَة إلى نُفُوسٍ حَائِرَة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحب والحياة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالناجي الوحيد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمذبحة السوداء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsملوك العرب Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for في مكتبي جثة
0 ratings0 reviews
Book preview
في مكتبي جثة - فرج الحوار
في مكتبي جثّة
رواية
فرج الحوار
تأليف
فرج الحوار
مدير النشر عماد العزّالي
التصميم ناصر بن ناصر
الترقيم الدولي للكتاب 978-9938-23-024-6
جميع الحقوق محفوظة
الطّبعة الأولى
1443 هـ / 2022 م
العنوان: 5 شارع شطرانة 2073 برج الوزير أريانة - الجمهورية التونسية
الهاتف: 58563568 216
الموقع الإلكتروني: www.lecteurtunisien.com
البـريد الإلكتروني: medi.publishers@gnet.tn
الإهـداء
إلى عبد الفتّاح سعيد الذّي أقّضّ مضجعه المأزق الذّي زججت فيه بنفسي طائعا مختارا، عندما آويت جثّة في مكتبي، ثمّ عجزت عن إجلائها عنه. عبد الفتّاح سعيد أنقذني من المأزق، وأنقذ الرّواية من ورطة مستحكمة. لولاه، لو لا الحلّ الذّي تفتّقت عنه مخيّلته، لاتّجه هذا الكتاب وجهة أخرى، من نوع القبول بالأمر الواقع، ليس إلاّ.
أن تكون الجثّة نقطة الانطلاق، معناه أن تكون النّهاية فضاء منعتقا من هاجس التّحلّل والتّلاشي. وكنت لجأت إلى عبد الفتّاح مستوضحا بخصوص هذا الأمر بالذّات. فأفادني بهذا الخصوص بما جعلني أتوب عن طموحي، وأقتنع منه بالمتاح.
إلى عبد الفتّاح سعيد الذّي ذكّرني - وكنت عن هذا الأمر غافلا - أنّ الحبر صنو للدّم. وأنّه هو الذّي يبثّ جذوة الحياة في المخلوقات التّي تعيش بين دفّتي كتاب.
تمهيـد
«لا فرق بين الدّاخل والخارج. وقد لا يكون ثمّة فرق أيضا بين الدّنيا والورقة. بل قد يحدث فعلا أن تبزّ الورقة الدّنيا إذا استأثرت دونها بالحياة. وكثيرا ما تتحوّل الدّنيا إلى جبّانة».
عبد الحميد الكاتب، فليسقط الموت، ص 197
كان سي الشّادلي العجمي كثيرا ما يقول إذا خضنا في موضوع الأدب وعلاقته بالسّياسة: «أن تفيض الرّواية على السّياسة أفضل من أن تفيض السّياسة على الرّواية»، فلا يستثير حكمه هذا اعتراض أو امتعاض أحد من أعضاء الحلقة. فلمّا كان يوم الواقعة، وكرّر الشّادلي العجمي قولته المأثورة هذه، ابتدره حمّادي الجيلاني ساخرا:
- وما دليلك على هذا يا شادلي؟
- إمامي في هذا الموضوع بلزاك يا حمّادي.
فهتف حمّادي:
- السّياسة أمامكم، والسّياسة قدّامكم، والسّياسة على يمينكم، والسّياسة على شمالكم، فأين المفرّ؟
فقال سي حافظ العتيقي، مكرّرا ما كان يردّده إذا حضر سجالنا هذا:
- ما أبشع أن تكتب الرّواية بلغة السّياسة!
فانقضّ عليه حمّادي الجيلاني بشراسته المعهودة وزأر:
- ما هذا الكلام الفارغ؟ ما هذه الميوعة؟
وزفر بحنق، ثمّ أضاف:
- غبيّ من يظنّ أنّ للرّواية - وللأدب بصفة عامّة - لغة خاصّة به، وإنّما لغته هي لغة الحياة.
فتضاحك سي الفاضل التّائب وقال بتسامح:
- وأنت الصّادق يا حمّادي!
وكان بالإمكان أن ينتهي الموقف عند هذا الحدّ، ولكنّ حمّادي الجيلاني ازداد هيجانا ظنّا منه أنّ سي الفاضل لم يتراجع عن رأيه إلاّ لأنّه لا يراه أهلا للمنازلة، وصرخ:
- آراؤك الرّجعيّة هذه هي سبب تخلّفنا يا سي الفاضل.
- البركة في الآراء التّقدّميّة لسيادتك.
وكان الاحتقان في وجه سي الفاضل إيذانا بأنّ السّجال بين الرّجلين قد تحوّل إلى مواجهة، لن تنتهي على خير لو كتب لها أن تستمرّ إلى نهايتها المحتومة، فسارع الشّادلي العجمي إلى التّدخّل أملا في حسـم الموقـف، ومنعا لفضيحة محقّقـة قـد تلطّـخ بأوحالهـا الجميع.
- فاضل، حمّادي، ليس المقهى بالمكان اللاّئق لمثل هذه النّقاشات.
ولا بدّ أنّ اللّغط الّذي أثار فضول أقرب الرّوّاد إلينا لم تخطئه عين الرّوندالة، نادل المقهى، فاقترب من مجلسنا وتساءل ببراءة:
- أرجو أن تكون أموركم على ما يرام؟
غمغم الشّادلي بحرج:
- كلّ شيء على ما يرام يا روندالة.
ولمّا لم يتزحزح النّادل عن موضعه، أضاف الشّادلي:
- روندالة، كأس من الشّاي لسي حمّادي، وبسرعة من فضلك.
فدمدم هذا الأخير بغلّ:
- كأس شايك أرو به عطش سيادتك يا سي الشّادلي.
- أرجو أن تكون تمزح!
- بل جادّ أنا كلّ الجدّ.
- ماذا أقول سوى أن...
فقاطعه حمّادي محتدما:
لا تقل شيئا.
وتساءل الرّوندالة بنفاد صبر:
- سي الشّادلي، هل آتيك بكأس الشّاي أم لا؟
- هاته، سيشربه غيره إن لم يشربه هو.
ودمدم حمّادي الجيلاني:
- الذّنب ليس ذنبكم، الذّنب ذنب من يجلس أمثالكم.
ولم ينته الموقف على خير. وحمدت اللّه أن كان فرج الرّوّاح غائبا يومها، وإلاّ لما كان الأمر توقّف عند هذا الحدّ.
بلغ الغضب بحمّادي الجيلاني مبلغه فراح يرمي كلّ واحد منّا بمثالبه، متّهما الشّادلي بالغفلة والتّواطؤ مع المشبوهين الذّين يجاملون السّلطة ويسيرون في ركابها. وكان يعدّ سي حافظ العتيقي من هؤلاء أيضا لتساهله في نشر مقالاته في بعض الصّحف والمجلاّت الملتبسة الاتّجاهات. وتأكّدت يومها أنّني لست في مأمن من الشّبهات أنا الآخر. بل إنّ جريمتي كانت في نظر حمّادي ثابتة لا تحتاج إلى دليل.
– كيف يدّعي التّقدّميّة من يشارك السّلطة فراشها؟
ودليل تواطئي، حسب حمّادي الجيلاني، أنّني أستغلّ منصب زوجتي لاستصدار قرارات بمنع كتبي لفترة من الزّمن، قد تطول وقد تقصر، حتّى إذا ما كثر حولها الحديث واشتهرت بين النّاس جاء الإذن بترويجها فبيعت بالمئات. لو كنت من أدّعي لما كنت قبلت أن أضاجع امرأة...
قاطعته باهتياج:
– سي حمّادي، أنا لا أسمح لك...
فقاطعني بدوره:
- أنا لست في حاجة إلى إذن منك لأفضح ازدواجيّتك.
أجل، ليس لمن تشاركه فراشه امرأة في موقع زوجتي أن يدّعي الطّهر والعفاف (كذا!). هل يعقل أن يحبّ رجل مثلي امرأة مثلها، ويمارس معها الجنس يوميّا دون أن تصيبه عدوى أفكارها؟
- هذا مستحيل.
وقهقه حمّادي بسوقيّة وأضاف:
- سي عبد الحميد، لو لم تكن تشبهها، لما قدرت على مضاجعتها!
ولم ينته الموقف على خير.
أمسك سي حافظ العتيقي بكأس الشّاي الّذي جاء به الرّوندالة للتّوّ ودلقه بهدوء على رأس حمّادي الجيلاني. وعمّت الفوضى. وصاح صائح أن ادعوا الشّرطة، فصرخ الرّوندالة طلبا للهدوء، وتعلّق بعنق حمّادي وابتعد به باتّجاه الحمّام.