Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

سيدة قطار الليل وذئاب ميلانو
سيدة قطار الليل وذئاب ميلانو
سيدة قطار الليل وذئاب ميلانو
Ebook330 pages2 hours

سيدة قطار الليل وذئاب ميلانو

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

محقّق مغمور يُكلّف بالتّحقيق في حادثة العثور على جثّة أسفل جسر حديدي، التحرّي يقوده إلى كشف خيوط سلسلة من أعقد الجرائم العابرة للقّارات...

من الجزائر إلى ميلانو، تتوزّع مشاهد الإثارة وتُحبس الأنفاس...

 كلّما يوشك أمر القضيّة من الحسم، تعاود الثوران بأقصى درجات التّشابك، إلى أن تخمد على حين غرّة...

نصيحتي الأولى والأخيرة لك أيّها القارىء، استعن بالصّبر لتكمل فصول الرّواية...

المؤلف: كمال قديمي

LanguageEnglish
Release dateDec 17, 2022
ISBN9798215904077
سيدة قطار الليل وذئاب ميلانو

Related to سيدة قطار الليل وذئاب ميلانو

Related ebooks

Classics For You

View More

Related articles

Related categories

Reviews for سيدة قطار الليل وذئاب ميلانو

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    سيدة قطار الليل وذئاب ميلانو - Gueddimi Kamel

    Table of Contents

    سيدة قطار الليل وذئاب ميلانو

    حقوق الملكية الفكرية

    إهداء

    عن الرّواية

    -01-

    -02-

    -03-

    -04-

    -05-

    -06-

    -07-

    -08-

    -09-

    -10-

    -11-

    الفهرس

    سيدة قطار الليل

    وذئاب ميلانو

    حقوق الملكية الفكرية

    دار الموج الأخضر للنشر 

    Green Wave Publishing House

    wavegbooks@gmail.com

    GreenWaveedition    

    +213558399887 

    جميع الحقوق محفوظة للمؤلف، ولا يجوز تبادل هذا الكتاب جزئياً أو كلياً بطريقة غير شرعية؛ سواء من خلال إتاحته للتحميل على مواقع الويب أو تبادله عبر رسائل البريد الإلكتروني، كما لا يجوز نسخ جزء من النص بدون إذن مسبق منه.

    وليس الذئب يأكل لحم ذئب

    ويأكل بعضنا بعض عيانا

    ***

    هذه الرواية مستوحاة من أحدا ث واقعية

    ***

    المؤلف: كمال قديمي

    إهداء

    أيها الراحلون:

    أمي الحبيبة، الغالية، الملهمة

    أخي الشهم، العفيف، الودود، عمار

    خالي السمح، الكريم، النبيل، عيسى

    رحلتم عن عالمي ولن ترحلوا أبدا عن فؤادي

    إلى أرواحكم الطاهرة أهدي هذا العمل

    وأسأل من الله لكم فيض الرحمات

    المؤلف: كمال قديمي

    عن الرّواية

    محقّق مغمور يُكلّف بالتّحقيق في حادثة العثور على جثّة أسفل جسر حديدي، التحرّي يقوده إلى كشف خيوط سلسلة من أعقد الجرائم العابرة للقّارات...

    من الجزائر إلى ميلانو، تتوزّع مشاهد الإثارة وتُحبس الأنفاس...

    كلّما يوشك أمر القضيّة من الحسم، تعاود الثوران بأقصى درجات التّشابك، إلى أن تخمد على حين غرّة...

    نصيحتي الأولى والأخيرة لك أيّها القارىء، استعن بالصّبر لتكمل فصول الرّواية...

    المؤلف: كمال قديمي

    -01-

    زخّات المطر تحاصر سيجارته المتوقّدة، سحابة دخانها تتبدّد قبل ملامسة باطن السّقيفة، عبثا تحاول الارتفاع، لكنّها سرعان ما تتوزّع في أرجاء المكان وتتشتّت كأفكاره الشّاردة التي يسعى لاستجماع قسماتها بكلّ ما أوتي من جهد،يبدو الآن كمن استعصى عليه تركيب أجزاء أحجية بالغة الصّعوبة.لم ينتبه إلى معالم بطنه التي أخذت في التكوّر و النتوء  نحو الخارج و لا إلى بشرته القمحية، الممزوجة بسمرة ظاهرة جناها من فرط التعرّض لأشعّة الشّمس ساعات طوال،غير أنّه مع ذلك مازال يتّقد نشاطا وطموحا.

    أضحى يفضّل هواية الانكفاء على ذاته كثيرا،يهرب من عالمه الملتصق به إلى فضاء آخر يطمئّن إليه،يشعر بالرّاحة حين ينزوي منفردا قرب مدخل رواق منزله العتيق،يستأنس بالجلوس على مقعد جدّه الحجري ، الصّامد في وجه الزّمن منذ عقود،لا يبالي حين يلامس هيكله بالبرودة التي تنساب مع أطرافه ولا يأبه بقطرات النّدى التي تعلق بملابسه،كلّ ما يهمّه هو الانعتاق من سائر همومه دفعة واحدة،يأمل في أن يرسلها مع زفراته المتقطّعة ويبثّها بكلّ عنفوان  إلى  الرّيح  على  أمل  أن  تتوارى  في موضع سحيق،يُخَيّلُ إليه أنّه تخلّص منها إلى الأبد،غير أنّها في الواقع لا تنأى عنه بعيدا،تتراكم بقربه كأعقاب سجائره ثم تنمو و تكبر ولا تلبث أن ترتدّ إليه كشبح مقيم.

    ينزعج، يحتار، يتألمّ، يتساءل، ما الذي ألقى به في هذا المعترك

    التّعيس؟ أكان لزاما عليه أن يختار حرفة شّاقة، تلتهم كل مساحة من وقته وتسرق منه أحلى لحظات عمره وتسلبه أزهى فترات شبابه؟ حوصرت حياته وحصرت بشكل رتيب رهيب في دائرة محكمة الإغلاق ماله منها فكاك، ضاق به الزّمن وما عاد يملك فسحة ولو صغيرة كي يمنحها لأسرته المتواضعة.

    ألف شكر لك يا زوجتي الصّبورة،والصّبر وحده لا يكفي ، سامحيني، لا أقدر أن أعطيك أكثر مما أملك ،وفي الحقيقة لا أملك كلّ ما تريدين ، ما عدت أحمل لك من هذه الحياة سوى حفنة من وعود زائفة،أسعى بمنتهى قواي لأعوضّك،لكن لا أعرف متى و كيف،صدقا لا أعرف، هذا أقصى ما لديّ...أمّا أنت يا قطعة الرّوح وفلذّة الكبد،يا ملاكي الصّغير وسيم،أعلم أنك تتجشّم في غيابي مرارة الحياة وضيق الأفق،ليس لي أدنى قوّة على تصوّر هول الجحيم الذي تحياه مع أمّك،وأنا كثير الانقطاع عن رعايتك،ثق يا ولدي الحبيب أنّي أقاسمك حجم العذاب أو أكثر، وأحلم دوما بأن أظلّ إلى جوارك،لكنّها ظروف العمل،صدّقني سأبذل المستحيل لأكون رفيقك الأكبر يوم العملية،هذا عهد مقدّس منّي دونه الموت...

    لحظة يقظة عارضة تخرجه من شروده وترغمه على قطع حبل أفكاره وإلاّ فالموقف يطول ويمتدّ إلى عمق اللّيل،أخيرا يوشك على إنهاء حواره الدّاخلي المغلق ، يأخذ آخر نفس ممّا تبقّى من سيجارته ثم ينفثه دخانا كثيفا على عجل ويلقي بالعقب صوب الأرض،ينهض استعدادا لولوج رواق البيت فيما يزداد المطر غزارة،نقراته المتتابعة على السقيفة المعدنية ترسل نوتات موسيقية متناغمة كدقّات ساعة حائط قديمة،الرّجل الآن يتأهّب لقطف ثمار ليلة هادئة أخرى، يحظى فيها بقسط من السّكينة رفقة العائلة الرّائعة ولكنّ الجوّال يرنّ فجأة،اللّعنة هذا وقت غير محمود مهما كان المتّصل و أيّا كان سبب الاتّصال ،يدقّق النّظر في الرّقم الظّاهر على الشّاشة،يطلق نفسا مفعما بالقلق والانزعاج ثم يتبعه بتأفّف عميق، يغزو التّململ تقاسيم وجهه،بدا الأمر وكأنّه صافرة إنذار،سحقا إنّه المحافظ شعبان ، رئيس عمله ، فيما يطلبه يا ترى؟لا شكّ أنّ الأمر مرتبط بمهمة أخرى،فقائمة المهام في هذا الشّغل الملعون متواصلة ومفتوحة كحلقات مدبلج تركي، وهل يعني مثلا أن يزفّ إليه ربّ عمله مجاملة أو دعوة لمأدبة عشاء؟هذا لا يستقيم ، يضغط على إشارة التلقّي فينطلق الصوت المبحوح : - المحقّق فؤاد ، هل أنت بخير ؟

    - تمام سيّدي ، هل من خدمة؟

    - ننتظرك في المركز بعد ساعة، هناك قضيّة هامة ولا تقبل التأجيل...

    - حالا سيّدي،أنا في الطّريق...

    أطبق الظّلام على جنبات المدينة وزاده الجوّالماطر حلكة، مفاتيح السيّارة لا تبرح جيب سرواله الخشن إلاّ عند النّوم الذي بات الآن مشروعا مؤجلا.

    طبع قبلة عجلى على خدّ صغيره النّائم فكاد يستيقظ، مال إلى زوجته وأخبرها بنداء العمل ثم مضى، لم يكن في حاجة إلى تذكيرها باحتمال تأخّره أو اضطراره المبيت في المركز.

    السيّدة اعتادت على مآلات كلّ خرجاته منذ سنين ولم تعد تبدي ذلك التبرّم والامتعاض، إنّها سنّة الحياة، في أسابيع الزّواج الأولى كانت تغضب وتمانع بقوّة، بعد شهور قلّت مقاومتها ومع الزّمن انساقت مجبرة نحو الخضوع لقانون التكيّف ولو كان جائرا.

    الطّريق إلى مركز أمن البليدة لا يأخذ من بيت فؤاد إلاّ نصف ساعة     أو أقلّ حين يخفّ الزّحام، لكنّ مطبّات المسلك و اهتراء معظم أجزائه، يبعثان من التذّمر للسّائق والعذاب للسيّارة مالا قبل لهما به، تبّا لهذه المجالس البلدية الخرقاء، ماذا كان يصنع رؤساؤها منذ عقود حتى انشغلوا عن العناية بالطرّق، إنّهم لم يكلفّوا أنفسهم حتى عناء ترميمها أو حتى ردم حفرها؟ يا لهم من لصوص سفلة أوغاد.

    ينزوي مكتب المحافظ في أقصى يسار المبنى من الطّابق الثاني، عكس بقيّة المكاتب، ظلّت أنواره مشتعلة لغاية اللّحظة، غير أنّها مع ذلك لم تهب أدنى قدر من الدّفء للمكان، لا يمكن بأيّ حال أن نلقي اللّوم عليها فالمُلام هنا هو جهاز التّدفئة المعطّل منذ نهاية موسم الشّتاء الفارط، من وجهة نظر مسؤول المكتب، المشكل يتحمّله تأخرّ صبّ ميزانية التّجهيز التكميلية والتي بلا شكّ، سيتأخّر معها إصلاح المدفأة إلى أمد غير معلوم.

    مع الوصول لقي المحقّق مساعده أمين في الانتظار،شابّ في الخامسة والعشرين من العمر،أبيض البشرة رشيق، ذو بنية أقرب إلى النحافة على النّقيض منه تماما،غير أنّه لا يقلّ عنه فطنة وطموحا ويشكلّان معا ثنائي عمل منسجم،إنّهما متلازمان ولا يفترقان إلا بانقضاء المهمّة،لا يبدو فارق العمر بينهما ظاهرا للعيان رغم العشرة أعوام التي يكبر بها فؤاد عن مساعده ، الميزة الحاسمة الوحيدة التي تكاد تفرّق بينهما بامتياز هي آفة التّدخين التي سيطرت على المحقّق.تبادل الرّجلان تحيّة مقتضبة وبعض الدّعابات وجلس يترقّبان ما تجود به طلعة المحافظ شعبان،لقد تأخّر ربّ عملهما،ما الجديد الذي سينقله إليهما بصرامته المعهودة،ذلك الخمسيني الأسمر البدين؟ وماذا سيحمل صوته المبحوح الذي عبثت آثار التّدخين بحباله فصار فظّا غليظا؟

    لحظات من ليل ماطر انقضت، يلج المحافظ باب مكتبه ويستوي على أريكته دون التلفّظ بكلمة واحدة ودون إعارة أدنى اهتمام للتحيّة الرّسمية التي سارع موظّفاه إلى إسدائها، أهو انغماس في العمل أم كبرياء المنصب وغروره؟ بدا كشخص منقطع عمّا حوله، وضع ملفّا مثقل الأوراق على الطّاولة ثم رفع ناظريه صوب المحقّق واستسرسل متحدثا بنبرة استغراب:

    - هذا أمر مريب حقّا، في أقلّ من شهرين وللمرّة الثّانية، يصلنا بلاغ العثور على جثّةٍ أسفل جسر (وادي جرّ) تماما على مقربة من خطّ سكّة الحديد...

    -  نفس مسرح الجثّة السّابقة...

    -  تقريبا يا فؤاد وبنفس المواصفات،ذكر ثلاثيني أبيض، مجهول الهويّة،لم يُعثر معه على أيّة وثائق،تقرير التّشريح الأوّلي يثبت أنّ سبب الوفاة كسر في العنق،واختناق متبوع بنزيف حادّ على مستوى الرّأس،بفعل الارتطام بشيء صلب...

    يتدخّل المساعد أمين: - هل يشير التّقرير إلى آثار دفع من بوّابة القطار إلى الخارج مثلا؟

    يسارع المحافظ إلى النفي: - لا توجد أدنى قرائن توحي بذلك، ولو حدث ذلك فعلا لما تمكّنت الضّحية من تجاوز الحاجز الحديدي للجسر مهما كانت قوّة الدّفع...في هذه اللّحظة يرتفع صوت المحقّق فؤاد: -نحن الآن إذن أمام فرضيّة انتحار، فهي الحالة الوحيدة التي تسمح لصاحبها بالقفز خلف جدار الحديد بكامل إرادته والتردّي نحو الأسفل، لكن...

    -ولكن ماذا؟ يتساءل المحافظ.

    - ربّما هي جريمة محكمة تبدو في ثوب انتحار ، يردّ المحقّق...

    - في هذه الحال،عليك أن تبحث عن أدلّة دامغة،لا تنسى أنّنا استنزفنا جهدا كبيرا مع الحالة السّابقة،ولم نثبت شيئا عدا أنها مسألة انتحار وتمّ إقفال القضية،وأنت يا مساعد أمين أليس لك رأي ؟

    - في الحقيقة يا سيّدي هناك ما يدعوني لأن أشاطر المحقّق كلّ

    شكوكه، أن يتكرّر حادث وفاة بالمواصفات ذاتها في أقلّ من

    شهرين ثم يوضع الأمر في خانة الانتحار بهذه السّهولة، فذاك شيء

    يصعب تصديقه ...!

    - أرى أنّكما متّفقان في وجهة النّظر ولذا أمامكما شهران قابلان للتّمديد لمباشرة التّحري،إن لم تحقّقا تقدّما في القضيّة فلا مفرّ من إغلاقها،لسنا في حاجة لجلب الصّداع لرؤوسنا بنزوات المنتحرين ، هل تفهمان ؟

    - بكلّ تأكيد سيّدي، يجيب المحقّق.

    - الوقت متأخّر ، سأغادر ، طابت ليلتكما.

    سحب المحافظ شعبان خطواته المتعبة ومضى فيما سارع المساعد أمين إلى الاستلقاء على الأريكة،وما هي إلاّ دقائق معدودات حتى راح يغطّ في نوم عميق،أمّا فؤاد فقد ابتدر إلى الدّرج وأخرج ملفّ التّشريح الطبّي وأخذ يدقّق في صفحاته العشر علّه يجد ما يشفي غليله،ساعات اللّيل تمرّ وهو منهمك في تفحّص الأوراق وتقليب الصّور المرفقة مرّات عدّة ،   ما كاد ينهي عمله حتى داهمته نوبة من الكرى،حاول الاستنجاد برشفات باردة من كوب قهوة مضى على وجوده فوق الطّاولة نصف يوم لكنّه فشل واستسلم دون مقاومة،ما كان منه إلاّ أن يرفع هامته المثقلة بالنّعاس ثم يلقي بها برفق على حافّة المكتب ، مدّد يديه ثم وضع رأسه بينهما كصخرة جامدة وسار به الزّمن حتى الصّباح.

    أوشك وقت الضّحى أن يلامس السّاعة العاشرة حين حرّك المحقّق فؤاد رأسه والتفت إلى زميله بعينين شبه مغلقتين، لقد استيقظ مكرها على وقع مداعبات مساعده السّاخرة، وجد نصيبه من القهوة حاضرا إلاّ أنّه بقي مع ذلك يشعر بإرهاق شديد فالنّعاس مازال يكبّله وحاجته إلى مزيد من النّوم قائمة، نهض متثاقلا إلى دورة المياه وصفع وجهه ببعض الماء البارد ثم حمل كوب القهوة وودّع صاحبه.

    في الطّريق كان يسترجع أطوار ليلته الغابرة ويوزّع أفكاره بين خيوط قضيّته الجديدة ومحنة صغيره الذي تنتظره عمليّة جراحية حاسمة، تستمدّ منها عيناه نور الحياة أو تفقدانه إلى الأبد.

    مال الجوّ إلى الصّحو وأرسلت الشّمس ضياءها بعد ساعات ماطرة، توقّفت عربة المحقّق بمحاذاة باب المنزل، سمع الفتى صوت محرّكها المعروف المألوف، فانطلق صوته الملائكي:

    - عاد أبي...عاد أبي...

    أسرع الوالد رغم تعبه إلى احتضان وسيم ومداعبته ووقفت السيّدة نجيّة تتأمّل المشهد بكلّ انغماس، إنّه من طينة المشاهد النّادرة التي قلّما تتكرّر، لم تشأ إفساد هذا اللّقاء الحميمي بحشريتها، أعطت للموقف كامل وقته ثم اقتربت قليلا وراحت تتحدّث بما يشبه العتاب اللّطيف:

    - حمدا لله على سلامتك يا فؤاد،لم نتوقّع أن تقضي كلّ ليلتك بالمركز...

    - صدّقيني يا نجيّة ،إنّه العمل ولولاه ما غادرت البيت أصلا...

    - لا داعي إلى التّبرير والاعتذار أعرف طبيعة شغلك،ولكن كان

    عليك أن تسرق من وقتك لحظة تجري فيها اتصالا...

    - أخبرتك باحتمال البقاء فلا تثقلي علي أكثر بكلامك،أنا مرهق جدّا،سآخذ حمّاما مريحا ثم أزفّ لك خبرا سعيدا مع قهوة الصباح.

    توقّف الحوار عند هذا الحدّ، سكتت نجيّة وتوجهت نحو المطبخ لإعداد الفطور، دقائق مرّت واجتمع الزّوجان من جديد...

    - إنّي مستمعة فعجّل بما تريد الإفصاح عنه...

    - قد حسمت أمري واخترت(اسطنبول)وجهة لقضاء العطلة السّنوية ...

    -أها...(اسطنبول)لست متفاجئة بالمرّة يا فؤاد،سبق وأن وعدتنا برحلات صيفية داخل وخارج البلد ولم يتحقّق شيء،مجرّد أحلام، وهذا العام أنا متيقّنة بألاّ أبرح عتبة بيتي كالعادة،ما الذي تغيّر     يا ترى؟أنت في شغل دائم لا تكاد تعرف فيه معنى للرّاحة ليلا و نهارا ، ثم لا تنسى أمر صغيرك...دعك من إهدار الوعود الوهمية وجِدْ حيلة أخرى تنطلي علي ...

    - أقسم لك يا نجيّة بأنّي جّاد هذه المرّة وليس من أجلنا بل من أجل وسيم،ستكون عطلة احتفال العائلة بنجاح العمليةبإذن الله.

    -  يا ربّ،ذلك ما أتمنّاه من كلّ قلبي،بالمناسبة وجب تذكيرك بأنّ

    الوقت قد حان لتجهيز التّحاليل الطّبية المطلوبة للعملية قبل العاشر من الشّهر الجاري ونحن في الرّابع من ديسمبر...

    -  في صباح الغد سآخذ الفتى إلى أفضل مخبر في العاصمة وأنهي

    كلّ التّحاليل، وقبل حلول ذلك سنقوم بجولة تسوّق مسائية

    ننهيها بعشاء تقليدي فاخر في خيمة الأطباق الصحراوية.

    أطلقت نجيّة ابتسامة

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1