Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الفصام: من الجنون الى التعافي
الفصام: من الجنون الى التعافي
الفصام: من الجنون الى التعافي
Ebook345 pages2 hours

الفصام: من الجنون الى التعافي

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

هذا الكتاب دليل شامل لمرض الفصام أو الشيزوفرنيا، يغطي كل شيء من تاريخه إلى تشخيصه وأعراضه وأسبابه و علاجه ورعاية المرضى في المجتمع ودعم المرضى والأسرة.  ويصف العديد من نتائج الابحاث الحديثة عن امكانية التعافي والشفاء عند مرضى الفصام.  يستعرض الكتاب اسباب الفصام البيولوجية والنفسية والاجتماعية ودور الوراثة والبيئة في ظهوره. ويوضح وسائل العلاج الدوائي والنفسي والخدمات التى تقدم لمرضى الفصام في المجتمع. كما يقدم نصائح للمرضى لمواجهة المرض وللاسرة كي تعاون المريض على تجاوز محنته ورحلته بسلام الى التعافي والشفاء.

 

إذا كنت تبحث عن كتاب يقدم فهماً شاملاً لمرض الفصام والتعامل معه ، فهذا الكتاب مناسب لك!

 

Languageالعربية
Release dateApr 30, 2023
ISBN9798223615248
الفصام: من الجنون الى التعافي
Author

Dr Sabry Fattah

د. صبري عبد الفتاح يعمل استشاري للطب النفسي في انجلترا . تدرب ومارس الطب النفسي بإنجلترا منذ عام1990 وحصل على زمالة الكلية الملكية البريطانية للأطباء النفسيين ودرس بجامعة لندن وأجري ونشرأبحاث بجامعة ادنبره باسكتلندا وهو حاليا مقيم بالمملكة المتحدة.

Read more from Dr Sabry Fattah

Related to الفصام

Related ebooks

Reviews for الفصام

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الفصام - Dr Sabry Fattah

    مقدمة

    الفصام مرض حير الناس ويثير عقول العلماء منذ قديم الزمان. فهو يتسبب في تغيُّر كبير في سلوك المصاب به، حتى أنه في بعض الأحيان قد يشكل خطورة على المريض نفسه والآخرين.

    إلا أن هذا المَجْهول لطالما استقطب اهتمامَ الأدباء والشعراء، فقد رُسِـخَ في ذاكِـرتهِـم صورة الجُّنْونُ  تلك الصورة التي تظل شائعة حتى يومِـنَا هذا. لغز الجنون: والذي يعتبر من أكثر المسائل التي تحير البشرية، هو مرضٌ نفسيٌّ يصعُب على كثير منا فهمَ طبيعتِهِ وأسْبابَ حدوثِه.

    ولقد اختلف الأطباء في تحديد سُمات هذا المرض، إلا أنَّ دراسات جديدة قادت إلى اكتشاف بروز بعض التغيرات في دماغ المصاب به تفسر ذلك السلوك الغامض. ذلك اللغز يظل محور اهتمامِ المجتمعِ العلمي. فقد ظلت بعضُ أسْبابِ حدوثه غامضةً إلى يوْمِنَا هذا، ولا شكَّ أنَّ دراسات جديدة ستستحث على كشف المزيد من أسرار هذه الظاهرة.

    منذ القدم، عرف الإنسان مصطلح الجنون وفقدان العقل، وظَّهرت لديه فكرةٌ بأنَّ هذا يُعزى إلى فِعْلِ أرواح شيطانية أو الجُن. وحاول فهم تلك الظاهرة باستخدام التفسيرات الدينية. ولا يزال البعض يستخدمون طرقًا قديمة وغير فِعْالة في محاربة هذه المشكِّلة. لكنَّ التفسيرات الدينية ليست كافية لفهم الصورة كاملة.

    ظن الأقدمون أن أمراض النفس الشديدة كلها واحد وسموها الجنون، لأنهم عزوها لمس من الجن. وبعد أن تطور الطب إلى علم وفن يقوم على العقل والبحث، استطاع الأطباء أن يميزوا بين المرض العقلي والجنون، ومن ضمن تلك الأمراض التي اكتشفها أطباء الإغريق القدماء كانت الكآبة (أو الميلانخوليا بلغتهم) وهي حالة من الحزن الشديد أو الاكتئاب كما نسميه في زماننا هذا، وكان مما وصفوه أيضا الهوس أو المَينيا Mania ، وغيرها من الحالات المرضية، لكن جوهر الجنون وروحه والذي نعرفه حاليا باسم الفصام ظل محجوبا عن العقول.

    في بزوغ فجر الطب النفسي الحديث، اكتشف الأطباء أن هناك نوعاً من الأمراض العقلية يتميز بانحدار في السلوك والتفكير والمشاعر، فأطلقوا عليه اسم الخرف المبكر، مقتدين بالخرف الذي يصيب الشيوخ في آخر العمر. ولكن هذا الاسم المألوف حاليا: الفصام، ينسب إلى طبيب نفسي سويسري رآى أن المريض بهذا النوع من أمراض النفس يعاني من انقطاع الصلة بين الأفكار والمشاعر والسلوك، فسماه الفصام العقلي  Schizophrenia. وهذه الكلمة انتقلت إلى العربية أولاً من الفرنسية حينما عُرِفها الناس بالشيزوفرينيا، ثم تعرَّبت إلى الفصام وهو لفظ أدق وأجود لأن منه نستطيع أن نصف المريض فنقول شخص (فصامي).

    ولكن من بداية مراحل دراسة هذا المرض كان من الواضح أنه ليس مرضا واحد بل مجموعة أمراض تختلف في أعراضها ومصائرها وطرق علاجها. وهوما سوف نعرض له في هذا الكتاب.

    وما تشترك فيه تلك المجموعة من الأمراض هو اختلال القدرة على التفكير السليم واضطراب المشاعر وعدم توازنها مع الأفكار و العجز عن الحكم السليم على الأمور مما يؤدي لمشاكل فى التعامل مع الواقع الذي يعيشه الشخص. بمعنى آخر يصبح تفكير المريض شاذ وغريب وغير معقول ، وتصوراته عن الواقع خاطئة وتعامله مع الآخرين مُشكِل، وتتعقد أمور حياته ويغشاه الخوف والشك والظنون ويختلط عليه الواقع فيراه غريبا، ويمتلك من حوله الحيرة والعجز عن فهم ما يحدث له والخوف عليه ومنه.

    لم تعد كلمة الجنون ترد على ألسنة الناس إذا ما تحدثوا عن الأمراض النفسية أو الانفصام، فهي كلمة شاملة لا تشير إلى مرض محدد بل هي وصمة عار أحيانا. وتنطبق على كل من يخالف العادات والتقاليد في سلوكه، وما يتنافى مع العقل والمألوف والرأي العام، وما يبقى غامضا في دوافعه وما يختل من السلوك الإنساني. وفي أنظمة الحكم الاستبدادية تُستَخدَم تلك الحجة بالجنون لتشويه سمعة المعارضين وحبسهم في المستشفيات العقلية.

    وما زالت الفصامية تحمل وزر الجنون في نظر المجتمع. وما زالت الأفكار الخاطئة عن الفصام تسود في أذهان كثيرين، ممن يعتبرونه مرضا لا شفاء منه أو حالة لانهيار العقل، وهذا باطل. فالفصام لا يمحو العقل بل يشوش جزءا منه، والمريض يستطيع أن يتعافى ويعود إلى حياته الطبيعية، في أكثر الحالات، بفضل التطور الحديث في الطب والعقاقير. وقد أغلقت معظم المصحات النفسية أبوابها أو صارت مفتوحة للجميع يدخلونها بارادتهم في معظم الحالات، ولا يطول بقاء المريض في المستشفى إلا إذا كان ذلك ضروريا.

    إن الأمراض النفسية عامة تغير من حالة الإنسان وتجعله كأنه شخص آخر لا يعرفه من حوله. فالمشاعر المضطربة تنعكس على الفكر والسلوك في معظم أمراض العقل. فمنهم من يغرق في بحر الحزن ويعزل نفسه عن الدنيا ويبصر كل شيء بعين السواد، ويهمل ما يحب وما يحتاج وما يطلب. ومنهم من يطير في سماء الفرح ويثرثر بلا هدى ولا هدف، ويفتخر بما ليس له وينفق ما لا يملك، ويغازل كل حورية تمر بجانبه، ولا يبالي بآثار أفعاله. ومنهم من يقع في شباك الوسواس ولا يستطيع أن يتخلص منه، فكل شيء يقلقه ويزعجه، ولا يثق بنفسه أو بغيره، ويكرر كل عمل مرارا وتكرارا. ومنهم من يصاب بالشك المرضي ويظن أن له أعداء كثيرة يريدون إذيته، فهو دائم الحذر والخوف، ولا يستريح في مكان أو زمان. أما المصاب بالفصام فهو في عالم آخر لا علاقة له بالواقع، فذهنه مشتت ومشوش، ولا تتناسب مشاعره مع أفكاره، ولا سلوكه مع مشاعره أو أفكاره، ويعتقد ما لا يوجد أساس، ويعتل إدراكه فيرى ويسمع من ليس لهم وجود، ويظن أن من يحدثونه يلقون له بالأوامر أو يلومونه ويعذبونه ويسخرون منه.

    ليس من العدل إذن أن نلقي بتلك الصور في سلة واحدة تحمل اسم الجنون، فهذا لا يوافق الأخلاق ولا يرضي العقول، فبهذا لن نستطيع أن نفهم ما يجري في عالم العلم والطب، ولا أن نتعرف على خصائص هذا المرض، ولا أن نرحم المصابين به، ولا أن نميز بين حالاتهم وأسبابها، ولا أن نجد الدواء المناسب لكل حالة من حالاته.

    إن فهم الفصام يتطلب منا أن نفهم أنواعه وأشكاله وكيف يتأثر بالبيئة والثقافة التي يعيش فيها المريض، ودرجة شدته وخفته، وقدرته على الاستجابة للعلاج. إنه مرض عسير يحول دون سعادة صاحبه، يضعف من قدرته على التكيف مع الحياة، يحتاج إلى رعاية طويلة الأمد، ربما تستمر مدى الحياة، يخلف في نفس المريض آثارا سلبية على كفاءته الاجتماعية وقدراته النفسية.

    لكن هناك فروق بين أنواع الفصام، فبعضها يشفى أو يتحسن أكثر من بعض. ومع التقدم في الطب والصيدلة، يستطيع معظم المرضى أن يستعيدوا أدوارهم الاجتماعية ويتغلبوا على مرضهم إذا التزموا بالعلاج.

    إن ادوية الفصام قد شهدت تطورات كبيرة في السنوات الأخيرة من حيث الفعالية والأمان، ولم يعد ضروريا أن يقضي المرضى فترات طويلة في المستشفيات والمصحات، إلا في حالات قليلة ومؤقتة، حتى تستقر حالتهم ويبدأون في الشفاء بفضل الدواء ثم يعودون إلى بيوتهم.

    مرض الفصام يصيب الشباب في ربيع عمرهم، ويرافقهم طيلة حياتهم، ولا يفرق بين غني وفقير، شرقي أو غربي. إن المرضى وأسرهم يعانون ليس فقط من آلام المرض وأعبائه بل من نظرات المجتمع المخافة والمقصية، من جهل كثير من الناس بحقيقة المرض وطبائعه، ومن الأساطير والخرافات.

    أسرة مريض الفصام تعيش حيرة مزعجة ومؤلمة بين الافكار القديمة والتصورات الخاطئة عن المرض التي تحاصرها من كل جانب وبين العديد من الاسئلة المحيرة والمقلقة عما يمكن أن يحدث لابنها أو أخيها أو زوجها وما يجب أن يفعلوا لمساعدته. هل يتحسن المرض بمرور الوقت أو يزداد سوءا؟ هل يشفي المريض نهائيا أو يبقى مصابا؟ هل يحتاج للعلاج طوال العمر أو يستطيع التخلص من الأدوية؟ ماذا نقول له حين يتحدث عن الاوهام والخيالات التي يراها ولا نراها نحن؟ هل يمكن أن يؤذي نفسه أو غيره بسبب مرضه؟ هل نصحح له أفكاره الخاطئة ونحاول إقناعه بالحقيقة أم نوافقه على مايقول وندخل في عالمه؟

    تلك الاسئلة والكثير غيرها  عن مرض الفصام وتاريخه واسبابه وتشخيصه وعلاجه نجد الاجابات عنها من خلال فصول هذا الكتاب. هذا الكتاب يأخذك في رحلة لفهم تاريخ هذا المرض الفصام وكيف بدأ الاطباء فهم ظواهره وعلاماته وكيف يتم تحديد أنواعه وعلاجها وكيف يمكن مساندة الأسرة والمريض في مراحل التعافي والعلاج .

    إن مرض الفصام من أغرب الأمراض التي تصيب الإنسان، يحار فيه المريض والطبيب والمجتمع. فمن جهة، يظهر المريض أعراضًا تدل على اضطراب في عقله ووعيه، كالهلاوس والأوهام والافكار المرضية، التي تجعله يعيش في عالم خيالي بعيد عن الواقع. ومن جهة أخرى، يحتفظ المريض بقدرات عقلية سليمة في بعض المجالات، كالذاكرة والتفكير المنطقي والإبداع، التي تجعله قادرًا على إنتاج أعمال فنية أو علمية رائعة. فكيف يمكن فهم هذا التناقض الغامض؟ ومتى ظهر لأول مرة في تاريخ البشرية؟ وما هي أسبابه الحقيقية؟ وبأي طرق يمكن تشخيصه بدقة؟ وما هي أفضل الطرق لعلاجه والتخفيف من آثاره؟

    في هذا الكتاب، سنحاول الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها الكثير، بأسلوب علمي موضوعي، مستندًا إلى أحدث الأبحاث والدراسات في مجال علم النفس والطب النفسي. سنتعرف على تاريخ مرض الفصام، منذ ظهوره في الحضارات القديمة، مرورًا بالعصور الوسطى، حتى العصر الحديث. سنتابع كيف تطورت نظريات الأطباء والعلماء في فهم ظواهره.

    خلال الفصول التالية نسعى إلى تقديم رؤية متكاملة عن الفصام، من حيث أسبابه وأعراضه وتشخيصه وعلاجه، وكذلك التفريق بين أشكاله المختلفة وبينه وبين الأمراض الأخرى التي قد تشابهه. كما نحاول إظهار كيف يستطيع المرضى التغلب على تحديات المرض والانخراط في حياة طبيعية وسعيدة.

    ماهو الفصام

    الفصام من أكثر الأمراض النفسية تعقيدا وغموضا. وهو أكثرالامراض النفسية إعاقة للمريض، حيث يحرمه من قدراته النفسية والفكرية والاجتماعية. فيرزح المريض تحت وطأة أعراض الفصام الذهانية الشديدة من هلاوس و أفكار شاذة وتفكير مفكك.

    وما يزيد وقعه أن المرض يبادر بالظهور عند تلك المرحلة الحرجة من عمر الإنسان : في المراهقة واوائل الشباب، بينما يستعد الانسان لتحقيق آماله الدراسية والعملية.ربما كان المرض كامنا في مرحلة الطفولة ولكنه ينطلق في عمر الشباب، ويشتعل مع سنوات النضج ثم يخمد قليلا مع الشيخوخة.

    خلال المائة عام الماضية تغيرت صورة الفصام من مرض غامض يسمى الجنون او الخرف المبكر الى مرض عقلي واضح المعالم نعرف عنه الكثير ونعرف كيف نعالجه ، ونفهم ما هي أسبابه المتعددة. ومع ذلك هناك العديد من الأسئلة مازالت تحتاج للاجابة مثل : كيف تؤدي التغيرات في تركيب وتوزيع خلايا المخ الى ظهور الاعراض، وكيف يتحول التغير في كيمياء المخ إلى مرض وهلاوس وأفكار وتصورات غير واقعية.

    في هذا الكتاب نقدم صورة متكاملة عما نعرفه حتى الآن عن مرض الفصام بكل ما توصلنا إليه من أدوات البحث المتقدمة. كذلك نحاول فهم أسبابه المتعددة وكيف ينشأ وما هي أعراضه ومآله وعواقبه. كما نشرح دور العلاجات الدوائية والنفسية والاجتماعية ومراحل الشفاء والتعافي وسط المجتمع والاسرة وكيف يستعيد المريض بعض قدراته الذهنية والنفسية والاجتماعية.

    ها هو البحث العلمي ينهض بأجنحة العلم والمعرفة، ويحلق في سماء الفصام، ذلك المرض الذي أرهق العقول والنفوس على مدى العصور. وها هو ينير لنا دروب الفهم والشفاء، ويزيل لنا غشاوة الجهل والخوف. فما كان يسمى بالجنون أو الوقوع في براثن السحر أو الخضوع للشيطان، أصبح نتاجا لتغيرات في كيمياء وبيولوجيا المخ التي تؤدي إلى اضطرابات في التفكير والإدراك والمشاعر. وما كان يعامل بالقهر والعزلة والإهانة، أصبح يستحق الرعاية والحماية والتعاطف.

    ولقد مر التاريخ بمحطات عديدة في رحلة مواجهة هذا المرض. فمنذ العصور القديمة، كانت هناك محاولات لوصف أعراضه في الأدب والفن، ولكن دون تفسير علمي أو علاج فعال. ثم جاءت النزعة الإنسانية في القرن التاسع عشر، التي دافعت عن حقوق المرضى وكرامتهم، وسعت إلى فهم حالتهم بشكل رحيم. ثم انطلقت شرارة الأمل في منتصف القرن العشرين، حين اكتشفت الأدوية المضادة للذهان، التي غيرت مصير المرض من مأساة مستمرة إلى حالة قابلة للسيطرة. وأخيرا، دخلنا في عصر التطور المذهل في القرن الحادي والعشرين، حيث توسعت آفاق البحث والابتكار، وظهرت أجيال جديدة من الأدوية، واكتشفت جينات مسؤولة عن المرض، وتقدم علم التشريح المجهري للدماغ، ووضعت نماذج تفسيرية للتغيرات التي تحدث فيه.

    ولكن مع كل هذا التقدم، لا يزال هناك تحديات كبيرة تواجه علاج مرض الفصام. فلا يكفي أن نعطي المرضى دواء يخفف من أعراضهم، بل يجب أن نقدم لهم خطة شاملة تشمل العلاج المعرفي والسلوكي والنفسي، وتدريب الأسرة وإشراك المجتمع. فالفصام ليس مجرد خلل كيميائي في المخ، بل هو اختلال في كامل نظام المخ، يؤثر على قدرات المريض التقاريرية والذاتية والانسجامية. لذلك، يحتاج المخ إلى إعادة بناء شبكاته العصبية، وإصلاح قوته التأقلمية.

    أول محاولة حديثة لصياغة فرضية لفهم بيولوجيا مرض الفصام بدأت بالتأكيد مع الإشارة لدور مادة في المخ تدعى بالدوبامين. لاحظ العلماء في منتصف القرن العشرين أن الأدوية التي تقلل النقل العصبي في خلايا الدوبامين في الدماغ خففت من أعراض المرض وأن العقاقير التي تزيد إفراز الدوبامين تسبب حالات مؤقتة من الخلل العقلى تشبه الفصام.

    أول مضاد للذهان تم اكتشافه كان عقار (الكلوربرومازين) وتم بالصدفة ولكن أيضا من خلال الخبرة الطبية والملاحظة الذكية. النتيجة العملية لحقيقة أن عمل الكلوربرومازين مرتبط بمستقبلات الدوبامين كانت اكتشاف العديد من الأدوية خلال العقود التالية، والتي كانت تأكيدا لأساس فرضية أن الدوبامين كان بالفعل الاساس الفيزيولوجي لمرض الفصام. ولكن كان من الصعب إثبات أن الدوبامين هو السبب الوحيد لمرض الفصام.

    لقد تطور فهمنا مع تطورعلم العقاقير وعلم الأحياء، خاصة في مجال البحث في الإدراك البشري واختلالاته. لقد أدرك العديد من العلماء أن الصورة معقدة. ومن المرجح أنه لا يمكننا تفسير الامراض العقلية ببساطة على أنها نشاط مفرط لمادة الدوبامين.

    مثال ذلك، هناك وجهة نظر أن عنصر من عناصر الإدراك هو الذاكرة التقريرية ، وهي وظيفة للمخ ، من المعروف الآن أنها تعتمد على تعديلات في قوة الشبكة العصبية ، وتفاعلات الكالسيوم مع المستقبلات العصبية، و إعادة ترتيب الخلايا العصبية في منطقة بالمخ تدعى قرن آمون و مناطق بالقشرة المخية.

    ويمكن أن يكون التغيير في عمل فسيولوجيا الذاكرة أساس لتصور نموذج الذهان. وظهرت العديد من التكهنات أن مظاهر المرض الذهاني تنقسم الى نوعين من التغير المرضي الوظيفي، أحدهما للذهان نفسه والآخر لإختلال الإدراك.

    أي شخص مهتم بالأساس الفيزيولوجي لمرض الفصام يجب أن يفهم العمليات والوظائف النفسية للدماغ الطبيعي كما تم توضيحها بالفعل داخل مختبرات علم الأعصاب حول العالم. ويجب أن نقوم بتوجيه الاهتمام الكامل إلى تلك الاكتشافات في علم الأعصاب لفهم وجهات النظر الحديثة في الفيزيولوجيا المرضية التي تهيئ الدماغ للذهان والخلل الإدراكي.

    في البحث العلمي لمرض الفصام أصبح العلماء أكثر استعدادا للتخلي عن فئات التشخيص التقليدية ووضع وجهات نظر بديلة لمسببات المرض العقلي وطرق العلاج. اقترح البعض تقسيم الأعراض لعدة أنواع مثل اعراض الذهان و الخلل الإدراكي والاضطراب العاطفي والاعراض السلبية، كل منها في أقسام

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1