Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

بذل المجهود في حل سنن أبي داود
بذل المجهود في حل سنن أبي داود
بذل المجهود في حل سنن أبي داود
Ebook730 pages5 hours

بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

اعتنى المؤلف هنا عنايةً كبيرة بأقوال أبي داود وكلامه على الرواة، وعني بتصحيح نسخ السنن المختلفة المنتشرة، وخرّج التعليقات، ووصلها من المصادر الأخرى، ويذكر في كتابه مناسبة الحديث للترجمة، ويذكر الفائدة من تكرار الحديث إن تكرر، ويستطرد في الاستنباط وذكر المذاهب، كما يُعنى ببيان ألفاظ الأحاديث على طريق المزج، ويبين أصولها واشتقاقها.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateSep 7, 1903
ISBN9786447816886
بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Related to بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Related ebooks

Related categories

Reviews for بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    بذل المجهود في حل سنن أبي داود - خليل أحمد السهارنفوري

    الغلاف

    بذل المجهود في حل سنن أبي داود

    الجزء 17

    خليل أحمد السهارنفوري

    1346

    اعتنى المؤلف هنا عنايةً كبيرة بأقوال أبي داود وكلامه على الرواة، وعني بتصحيح نسخ السنن المختلفة المنتشرة، وخرّج التعليقات، ووصلها من المصادر الأخرى، ويذكر في كتابه مناسبة الحديث للترجمة، ويذكر الفائدة من تكرار الحديث إن تكرر، ويستطرد في الاستنباط وذكر المذاهب، كما يُعنى ببيان ألفاظ الأحاديث على طريق المزج، ويبين أصولها واشتقاقها.

    بَابٌ: فِى الْعَدُوِّ يُؤْتَى (2) عَلَى غِرَّةٍ وَيَتَشَبَّهُ بِهِمْ

    2768 - حَدَّثَنَا (3) أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ, نَا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرِو بْنِ

    ===

    بالميم بدل الموحدة، الحبشي ابن أخي النجاشي، كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم نزل الشام ومات به، وكان الأوزاعي لا يقوله إلَّا بالميم، قلت: وصححه كذلك ابن سعد، وأما الترمذي فصححه بالباء.

    (رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتيناه، فسأله جبير عن الهدنة) أي: الصلح الذي يقع بين المسلمين والنصارى في آخر الزمان، (فقال) ذو مخبر: (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ستصالحون الروم) ولفظ أحمد في مسنده (4): سيصالحكم الروم (صلحًا آمنًا، وتغزون أنتم وهم) أي: الروم (عدوًا من ورائكم)، هكذا لفظ أبي داود، ولفظ أحمد: ثم تغزُوهم غزوًا فتنصرون، وتَسلمون، وتغنمون، ثم تنصرفون حتى تنزلون بمرج ذي تلول، فيرفع رجل من النصرانية صليبًا، فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيقوم إليه، فيدقُّه، فعند ذلك يغدر الروم، ويجتمعون للملحمة، ويجيء هذا الحديث في كتاب الملاحم مطولًا.

    (162) (بَابٌ: فِي الْعَدُوِّ يُؤْتَى عَلَى غِرَّةٍ)

    أي: يأتيه المسلم ليقتله على غرة منه (وَيَتَشَبَّهُ بِهِمْ)، أي: يتشبه المسلم بالكفار كي يعلم العدو أنه منا، لا من المسلمين

    2768 - (حدثنا أحمد بن صالح، نا سفيان، عن عمرو بن (1) في نسخة: قال.

    (2) في نسخة: يؤتوا.

    (3) هذا الحديث رباعي. (ش).

    (4) انظر: مسند أحمد (5/ 409).

    دِينَارٍ, عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-, «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ, فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ », فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ, فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ», قَالَ: فَأْذَنْ لِى أَنْ أَقُولَ شَيْئًا, قَالَ: «نَعَمْ».

    فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ

    ===

    دينار، عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من) يقوم (لكعب بن الأشرف) اليهودي، قال ابن إسحاق وغيره: كان عربيًا من بني نبهان، وهم بطن من طيء، وكان أبوه أصاب دمًا في الجاهلية، فأتى المدينة، فحالف بني النضير، فشرف فيهم، وتزوج عقيلة بنت أبي الحقيق، فولدت له كعبًا، وكان طويلًا جسيمًا ذا بطن وهامة، وهجا المسلمين بعد وقعة بدر، وخرج إلى مكة، فنزل على ابن وداعة السهمي، فهجاه حسان، وهجا امرأته عاتكة بنت أسيد بن أبي العيص، فطردته، فرجع كعب إلى المدينة، وتشبب بنساء المسلمين، حتى آذاهم، وكان شاعرًا، وكان يهجو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويحرِّضُ عليه كفار قريش.

    (فإنه قد آذى الله ورسوله؟) وقيل في سبب قتله: أنه صنع طعامًا، وواطأ جماعة من اليهود أنه يدعو النبي - صلى الله عليه وسلم -إلى الوليمة، فإذا حضر فتكوا به، ثم دعاه، فجاء ومعه بعض أصحابه، فأعلمه جبرئيل بما أضمروه بعد أن جالسه، فقام، فستره جبرئيل بجناحه، فلما فقدوه تفرقوا، فقال حينئذ: من ينتدب لقتل كعب؟

    (فقام محمد بن مسلمة، فقال: أنا يا رسول الله،) أنتدب لقتله (أتحب أن أقتله؟ قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نعم، قال) محمد بن مسلمة: (فأذن لي أن أقول شيئًا) في الحيلة لقتله من الشكوى، (قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نعم، فأتاه) أي: محمد بن مسلمة كعبًا (فقال) أي محمد بن مسلمة: (إن هذا الرجل) قَدْ سَأَلَنَا الصَّدَقَةَ, وَقَدْ عَنَّانَا, قَالَ: وَأَيْضًا لَتَمَلُّنَّهُ, قَالَ: اتَّبَعْنَاهُ (1) فَنَحْنُ نَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَىِّ شَىْءٍ يَصِيرُ أَمْرُهُ, وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ. قَالَ: أَىَّ شَىْءٍ تَرْهَنُونِى؟ قَالَ (2): وَمَا تُرِيدُ مِنَّا؟ فَقَالَ: نِسَاؤُكُمْ. قَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ, أَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا, فَيَكُونُ ذَلِكَ عَارًا عَلَيْنَا, قَالَ: فَتَرْهَنُونِى أَوْلاَدَكُمْ, قَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ, يُسَبُّ ابْنُ أَحَدِنَا, فَيُقَالُ: رُهِنْتَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ؟ قَالُوا: نَرْهَنُكَ اللأْمَةَ - يُرِيدُ السِّلاَحَ -قَالَ: نَعَمْ.

    ===

    يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتعبير بهذا اللفظ للإيهام بأنه قد ملَّ منه ويشكوه (قد سألَنا الصدقة، وقد عنَّانا) أي: أتعبنا، من العناء، وهذا أيضًا من التعريض الذي استأذن فيه، فأذن له.

    (قال) كعب: (وأيضًا لتملنه،) أي: وزيادة على ذلك تكون لكم منه ملالة (قال) محمد بن مسلمة: (اتبعناه، فنحن نكره أن ندعه) أي: نتركه (حتى ننظر إلى أي شيء يصير) أي: يعود (أمره، وقد أردنا أن تسلفنا وسفًا أو وسقين) والوسق ستون صاعًا.

    (قال) كعب: (أي شيء ترهنوني؟) أي: تدفعون إلى شيئًا يكون رهنًا (قال: وما تريد منا؟) أي: للرهن (فقال: نساؤكم، قالوا: سبحان الله، أنت أجمل العرب، نرهنك نساءَنا، فيكون ذلك عارًا علينا، قال: فترهنوني أولادكم، قالوا: سبحان الله، يُسَبُّ ابن أحدنا، فيقال: رُهنت) بصيغة الخطاب، وفي رواية البخاري (3): رهن بصيغة الغائب (بوسق أو وسقين، قالوا) أي: محمد بن مسلمة ومن معه من المسلمين: (نرهنك اللأْمَة) بتشديد اللام وسكون الهمزة (يريد السلاح، قال: نعم) فواعده أن يأتيه من القابلة، فأتى. (1) في نسخة: فاتبعناه.

    (2) في نسخة بدله: قالوا.

    (3) صحيح البخاري (4037).

    فَلَمَّا أَتَاهُ نَادَاهُ, فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُتَطَيِّبٌ يَنْضَحُ رَأْسُهُ, فَلَمَّا أَنْ جَلَسَ إِلَيْهِ وَقَدْ كَانَ جَاءَ مَعَهُ بِنَفَرٍ ثَلاَثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ فَذَكَرُوا لَهُ, قَالَ: عِنْدِى فُلاَنَةُ, وَهِىَ أَعْطَرُ نِسَاءِ النَّاسِ, قَالَ: تَأْذَنُ لِى فَأَشَمَّ؟ قَالَ: نَعَمْ, فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِى رَأْسِهِ فَشَمَّهُ, قَالَ: أَعُودُ؟ قَالَ: نَعَمْ, فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِى رَأْسِهِ, فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ: دُونَكُمْ فَضَرَبُوهُ

    ===

    (فلما أتاه)، أي: محمد بن مسلمة كعبًا ليلًا (ناداه، فخرج إليه) أي: إلى محمد بن مسلمة (وهو متطيب ينضح رأسه) أي تفوح منه رائحة الطيب، والنضوح بالفتح: ضرب من الطيب تفوح رائحته، وأصل النضح: الرشح، فشبه به كثرة ما يفوح من طيبه بالرشح، وروي بخاء معجمة.

    (فلما أن جلس) أي محمد بن مسلمة (إليه) أي إلى كعب (وقد) الواو للحال، أي: والحال أن محمد بن مسلمة (كان جاء معه بنفر ثلاثة أو أربعة). قال الحافظ (1): ووقع في رواية الحميدي قال: فأتاه ومعه أبو نائلة، وعباد بن بشر، وأبو عبس بن جبر، والحارث بن معاذ، فعلى هذا فكانوا خمسة، ويؤيده قول عباد بن بشر من قصيدة في هذه القصة:

    فَشَدَّ بِسَيْفِهِ صَلَتًا عَلَيْهِ ... فَقَطَعَهُ أَبُوعَبْسِ بنِ جَبْرِ

    وَكَانَ اللهُ سَادِسَنا فَأَبْنَا ... بِأَنْعَمِ نِعْمَةٍ وَأَعَزِّ نَصْرِ

    (فذكروا له) أي: فوح الطيب (قال) كعب: (عندي فلانة، وهي أعطر نساء الناس) يعني امرأته (قال) محمد بن مسلمة: (تأذن لي فأشم؟) أي: ريح الطيب، بحذف حرف الاستفهام (قال: نعم، فأدخل) محمد بن مسلمة (يده في رأسه) أي: في شعر رأى (فشمه، قال) محمد بن مسلمة: (أعود؟) أي: أشم ثانيًا (قال: نعم، فأدخل يده في رأسه، فلما استمكن منه) وأخذه بقوة (قال: دونكم) أي: اقتلوه (فضربوه (1) فتح الباري (7/ 339).

    حَتَّى قَتَلُوهُ". [خ 4037، م 1801، سنن النسائي الكبرى 8641، ق 9/ 81]

    2769 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُزَابَةَ, نَا إِسْحَاقُ - يَعْنِى ابْنَ مَنْصُورٍ -, نَا أَسْبَاطٌ الْهَمْدَانِىُّ, عَنِ السُّدِّىِّ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ, عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الإِيمَانُ قَيَّدَ الْفَتْكَ, لاَ يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ». [حم 1/ 167، ك 4/ 352]

    ===

    حتى قتلوه) ذكر ابن سعد أن قتله كان في الربيع الأول من السنة الثالثة.

    2769 - (حدثنا محمد بن حزابة) بضم المهملة ثم زاي وبعد الألف موحدة، المروزي، ثم البغدادي، أبو عبد الله الخياط العابد، قال الخطيب: كان ثقة، قلت: وذكر الشيرازي في الألقاب: أنه يلقب حمدان، (نا إسحاق -يعني ابن منصور-، نا أسباط الهمداني، عن السدي) الكبير، وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، (عن أبيه) وهو عبد الرحمن بن أبي كريمة، مولى قيس بن مخرمة.

    (عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الإيمان قيَّد الفتك) بفتح فاء وسكون فوقية، هو أن يأتي صاحبه، وهو غار غافل، فيشد عليه فيقتله، والمراد أن الإيمان يمنع المؤمن أن يفتك. (لا يفتك مؤمن) أي: لا يليق بشأن المؤمن أن يفتك، والخبر في معنى النهي، ويجوز جزمه على النهي، وقال في الدرجات: هو قتل المؤمن غيره غدرًا في حال غفلته.

    وما حكى صاحب العون (1) عن المنذري فقال: قال المنذري في إسناده: أسباط بن بكر الهمداني، وإسماعيل بن عياش السدي، فهذا غلط، فإن أسباط ليس هو ابن بكر، بل هو ابن نصر (2)، وكذلك إسماعيل ليس هو ابن عياش، بل هو ابن عبد الرحمن بن أبي كريمة (3). (1) عون المعبود (7/ 324).

    (2) انظر: الكاشف (1/ 105).

    (3) انظر: الكاشف (1/ 125).

    (163) بَابٌ: فِي التَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ في الْمَسِيرِ

    2770 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ (1), عَنْ مَالِكٍ, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ, وَيَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ, لاَ شَرِيكَ لَهُ, لَهُ الْمُلْكُ, وَلَهُ الْحَمْدُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ, آيِبُونَ, تَائِبُونَ, عَابِدُونَ, سَاجِدُونَ, لِرَبِّنَا حَامِدُونَ, صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ, وَنَصَرَ عَبْدَهُ, وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ».

    [خ 6385، م 1344، ت 950، سي 539، حم 2/ 5]

    ===

    (163) (بَابٌ: فِي التَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ في الْمَسِيرِ)

    2770 - (حدثنا القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفل) أي: إذا رجع (من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض) أي: إذا علاه (ثلاث تكبيرات، وبقول: لا إله إلَّا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آيبون) أي: نحن راجعون من السفر إلى بلادنا (تائبون) عن المعاصي إلى ربنا (عابدون) لله عَزَّ وَجَلَّ (ساجدون) له (لربنا حامدون) على نعمه وآلائه (صدق الله وعده) بإظهار الدين، كما في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} الآية (2)، ولقوله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (3) (ونصر عبده) أراد به نفسه النفيسة.

    (وهزم الأحزاب) أي: القبائل المجتمعة من الكفار المختلفة، لحرب النبي - صلى الله عليه وسلم - (وحده) لقوله تعالى: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} (4)، وكانوا اثني عشر (1) هذا الحديث رباعي. (ش).

    (2) سورة الصف: الآية 9.

    (3) سورة الروم: الآية 47.

    (4) سورة آل عمران: الآية 126.

    (164) بَابٌ: فِي الإذْنِ فِي الْقُفُولِ بَعْدَ النَّهْيِ

    2771 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِىُّ, حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ الحُسَيْنِ (1), عَنْ أَبِيهِ, عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِىِّ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} الآيَةَ, نَسَخَتْهَا الَّتِى فِى النُّورِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} إِلَى (2): قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ} ".

    ===

    ألفًا، توجهوا من مكة إلى المدينة، واجتمعوا حولها سوى من انضم إليهم من اليهود، ومضى عليهم قريب من شهر، لم يقع بينهم حرب إلَّا الترامي بالنبل أو الحجارة، زعمًا منهم أن المؤمنين لم يطيقوا مقابلتهم، فلا بد أنهم يهربون، فأرسل الله عليهم ريحًا ليلة سَفَتِ التراب على وجوههم، وأطفأت نيرانهم، وقلعت أوتادهم، وأرسل الله ألفًا من الملائكة، فكبرت في معسكرهم، فهاجت الخيل، وقذف في قلوبهم الرعب فانهزموا، ونزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} (3).

    (164) (بَابٌ: في الإذْن فِي الْقفُولِ بَعْدَ النَّهْي)

    2771 - (حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي، حدثني علي بن الحسين، عن أبيه) الحسين، (عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية (4)، نسختها) الآية (التي في) سورة (النور: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} (5) إلى {غَفُورٌ رَحِيمٌ}).

    اختلفوا في تأويل هذه الآيات، فقال بعضهم، وهم عكرمة والحسن (1) في نسخة بدله: حسين.

    (2) في نسخة: إلى قوله.

    (3) سورة الأحزاب: الآية 9.

    (4) سورة التوبة: الآية 44.

    (5) سورة النور: الآية 62.

    (165) بَابٌ: في بَعْثَةِ الْبُشَرَاء (1)

    2772 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ, نَا عِيسَى, عَنْ إِسْمَاعِيلَ, عَنْ قَيْسٍ, عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَلاَ تُرِيحُنِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ», فَأَتَاهَا فَحَرَّقَهَا, ثُمَّ بَعَثَ

    ===

    البصري: إن الآيتين اللتين في سورة التوبة: {لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} إلى قوله: {فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} نسختها التي في سورة النور: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} إِلَى {غَفُورٌ رَحِيمٌ}، فإن مقتضى آيات التوبة أن الاستئذان للرجوع كان منهيًا عنه، ثم نسخ ذلك الحكم، وأذن فيه في سورة النور.

    وقال بعضهم: لم يقع فيها نسخ، بل أخبر سبحانه وتعالى في سورة التوبة: أن المؤمنين لا يتخلفون عن الجهاد في سبيل الله باستئذانهم بالمعاذير الكاذبة، وأما المنافقون فيستأذنون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التخلف عن الغزو للمعاذير الكاذبة، فليس فيه نهي عن الاستئذان بحاجة لا بد منها، ويدل على ذلك آية النور بأن المؤمنين إذا عرض لهم حاجة لا بد منها يستأذنون فيها, ولا يستأذنون من غير حاجة: {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ} لقضاء الحاجة {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ} (2).

    (165) (بَابٌ: فِي بَعْثَةِ الْبُشَرَاءِ)

    جمع بشير، وهو المخبر بخبر سار من الفتح وغيره

    2772 - (حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، نا عيسى) بن يونس، (عن إسماعيل) بن أبي خالد، (عن قيس) بن أبي حازم، (عن جرير) بن عبد الله البجلي (قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا تريحني من ذي الخلصة) بفتحات، بيت كان فيه صنم لدوس وخثعم وبجيلة وغيرهم، (فأتاها فحرقها، ثم بعث (1) في نسخة: السرايا.

    (2) سورة النور: الآية 62.

    رَجُلًا مِنْ أَحْمَسَ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُهُ, يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ. [خ 3076، م 2476، السنن الكبرى للنسائي 8303، حم 4/ 360]

    (166) بَابٌ: فِى إِعْطَاءِ الْبَشِيرِ (1)

    2773 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنِى يُونُسُ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ, أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ (2): "كَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-

    ===

    رجلًا من أحمس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يبشره) بهدمه وحرقه (يكنى أبا أرطاة).

    وقصتها: أن رسول الله لما فتح مكة، وأسلمت العرب، ووفدت عليه وفودها، قدم عليه جرير بن عبد الله مسلمًا، فقال: يا جرير! ألا تكفيني من ذي الخلصة؟ فقال: بلى، فوجهه الله حتى أتى بني أحمس من بني بجيلة، فسار بهم إليه، فقاتلته خثعم، وقتل مائتين من بني قحافة بن عامر بن خثعم، وظفر بهم، وهزمهم، وهدم بنيان ذي الخلصة، وأضرم فيه النار فاحترق. وهو على أربعة مراحل من مكة، وهو اليوم بيت قصار فيما أُخبرت، وقال المبرد: موضعه اليوم مسجد جامع لبلدة يقال لها: العبلات من أرض خثعم، وكانت ذو الخلصة مروة بيضاء منقوشة عليها كهيئة التاج، معجم (3).

    (166) (بَابٌ: في إِعْطَاءِ الْبَشِيرِ)

    2773 - (حدثنا ابن السرح، أنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، أن عبد الله بن كعب قال: سمعت كعب بن مالك قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - (1) في نسخة: البشراء.

    (2) في نسخة: يقول.

    (3) معجم البلدان (2/ 383).

    إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ, فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ, ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ, وَقَصَّ ابْنُ السَّرْحِ الْحَدِيثَ, قَالَ: وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةِ حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَىَّ, تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِى قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّى, فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ, فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَىَّ السَّلاَمَ, ثُمَّ صَلَّيْتُ الصُّبْحَ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا, فَسَمِعْتُ (1) صَارِخًا يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ, فَلَمَّا جَاءَنِى الَّذِى سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِى, نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَىَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ،

    ===

    إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد) أي بدخوله، (فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس) أي: ليسلِّموا عليه ويصافحوه (وقص ابن السرح الحديث) وتمام الحديث في صحيح البخاري (2) في حديث كعب بن مالك.

    (قال) كعب: (ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة) أيها بالرفع، وهو في موضع نصب على الاختصاص، أي: متخصصين بذلك دون بقية الناس لأجل تخلفهم عن غزوة تبوك (حتى إذا طال علي) وفي رواية البخاري: حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس (تسوَّرت) أي: طلعت وعلوت (جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي) لكونهما من بني سلمة، وليس هو ابن عمه أخي أبيه الأقرب. (فسلمت عليه، فوالله ما رد) أي أبو قتادة (علي السلام).

    (ثم صليت الصبح صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فسمعت صارخًا) ينادي بأعلى صوته على جبل سلع (يا كعب بن مالك أبشر، فلما جاءني الذي سمعت صوته يُبَشِّرُني، نزعت له ثوبَي فكسوتهما إياه) (1) في نسخة: سمعت.

    (2) صحيح البخاري (4418).

    فَانْطَلَقْتُ حَتَّى إِذَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ, فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ, فَقَامَ إِلَىَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِى وَهَنَّأَنِى". [خ 4418، م 2769، ن 3422]

    (167) بَابٌ: في سُجُودِ الشُّكْرِ

    2774 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ, نَا أَبُو عَاصِمٍ, عَنْ أَبِى بَكْرَةَ بَكَّارِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: أَخْبَرَنِى أَبِى عَبْدُ الْعَزِيزِ,

    ===

    أي: المبشر (1)، (فانطلقت، حتى إذا دخلت المسجد، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، فقام إليَّ طلحة بن عبيد الله يهرول) أي: يسرع بين المشي والعدو (حتى صافحني وهنأني) أي قال لي: هنيئًا لك توبة الله عليك.

    (167) (بَابٌ: في سُجُودِ الشكْرِ)

    2774 - (حدثنا مخلد بن خالد، نا أبو عاصم، عن أبي بكرة بكار بن عبد العزيز) بن أبي بكرة الثقفي، أبو بكرة البصري، وقيل: ابن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي بكرة، قال الدوري عن ابن معين: ليس بشيء، وقال إسحاق بن منصور عنه: صالح، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم، قلت: وقال البزار: ليس به بأس، وقال مرة: ضعيف، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال يعقوب بن سفيان في باب من يرغب عن الرواية عنهم: ضعيف.

    (قال: أخبرني أبي عبد العزيز) بن أبي بكرة، واسمه نفيع بن الحارث الثقفي البصري، وقيل: عبد العزيز بن عبد الله بن أبي بكرة، ذكره ابن حبان في الثقات، له عند الترمذي وابن ماجه حديث في سجدة، قلت: ليس هو ابن أبي بكرة لصلبه، وإنما نسب لجده في رواية ابن ماجه، وقال العجلي: بصري (1) هو سلمة بن الأكوع، كما في العيني (10/ 409)، قال العيني: وما يعطى للبشير يسمى بُشارة بضم الباء، واستدل بهذه القصة على جواز الدعوة في السرور، كما في فتاوى مولانا عبد الحي اللكهنوي (2/ 86). (ش).

    عَنْ أَبِى بَكْرَةَ, عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-: أَنَّهُ كَانَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا شَاكِرًا (1) لِلَّهِ. [ت 1578، جه 1394، قط 1/ 410، ق 2/ 370]

    ===

    تابعي ثقة، وزعم ابن القطان أن حاله لا يعرف. (عن أبي بكرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان إذا جاءه أمر سرور) أي: أمر سار (أو) للشك من الراوي (بشر به خرَّ ساجدًا شاكرًا لله) تعالى.

    قلت: قال في الدر المختار (2): وسجدة الشكر مستحبة، به يفتى، قال الشامي في شرحه: وهي لمن تجددت عنده نعمة ظاهرة، أو رزقه الله تعالى مالًا، أو ولدًا، أو اندفعت عنه نقمة ونحو ذلك، يستحب له أن يسجد لله تعالى شكرًا مستقبل القبلة، يحمد الله تعالى فيها ويسبحه (3)، ثم يكبر فيرفع رأسه، كما في سجدة التلاوة.

    قوله: به يفتى هو قولهما، وأما عند الإِمام فنقل عنه في المحيط: أنه قال: لا أراها واجبة, لأنها لو وجبت لوجبت في كل لحظة, لأن نعم الله تعالى على عبده متواترة، وفيه تكليف ما لا يطاق، ونقل في الذخيرة عن محمد عنه: أنه كان لا يراها شيئًا، وتكلم المتقدمون (4) في معناه، فقيل: لا يراها سنَّة، وقيل: شكرًا تامًا, لأن تمامه بصلاة ركعتين، كما فعل عليه الصلاة والسلام يوم الفتح، وقيل: أراد نفي الوجوب، وقيل: نفي المشروعية، وأن فعلها مكروه (5) لا يثاب عليه، وتركه أولى، وعزاه في المصفى إلى الأكثرين.

    فإن كان مستند الأكثرين ثبوت الرواية عن الإِمام به فذاك، وإلَّا فكل من (1) في نسخة: شكرًا.

    (2) انظر: رد المحتار (2/ 597 - 598).

    (3) في الأصل: يسجد بدل يسبحه، وهو تحريف.

    (4) في الأصل: المتكلمون، وهو تحريف.

    (5) وفي الدسوقي: وكره السجود شكرًا، وكذا الصلاة عند بشارة بمسرة، أو رفع مضرة، أو سجود لِزَلزلة، بخلاف الصلاة فلا تكره، وفي الأنوار: يكره سجدة الشكر عند مالك دون ابن حبيب. [انظر: حاشية الدسوقي (1/ 491)]. (ش).

    2775 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ, نَا ابْنُ أَبِى فُدَيْكٍ, حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ, عَنِ ابْنِ عُثْمَانَ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُثْمَانَ -, عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَعْدٍ, عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ نُرِيدُ الْمَدِينَةَ،

    ===

    عبارتيه السابقتين محتمل، والأظهر أنها مستحبة، كما نص عليها محمد, لأنها قد جاء فيها غير ما حديث، وفعلها أبو بكر وعمر وعلي، فلا يصح الجواب عن فعله - صلى الله عليه وسلم - بالنسخ، كذا في الحلية وفي آخر شرح المنية.

    وقد وردت فيه روايات كثيرة عنه عليه السلام، فلا يمنع عنه لما فيه من الخضوع، وعليه الفتوى، وفي فروع الأشباه: سجدة الشكر جائزة عنده لا واجبة، وهو معنى ما روي عنه، أنها ليست مشروعة وجوبًا، وفيها من القاعدة الأولى، والمعتمد أن الخلاف في سنيتها لا في الجواز.

    2775 - (حدثنا أحمد بن صالح، نا ابن أبي فديك) محمد بن إسماعيل، (حدثني موسى بن يعقوب) الزمعي، (عن ابن عثمان - قال أبو داود: وهو يحيى بن الحسن بن عثمان-) نقل في حاشية تهذيب التهذيب، عن تهذيب الكمال (1): يحيى بن الحسن بن عثمان بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، أبو إبراهيم المدني، روى عن أشعث بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص، روى عنه موسى بن يعقوب الزمعي، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ في التقريب (2): مجهول الحال، وقال في الميزان: يحيى بن الحسن الزهري مدني، لا يكاد يعرف حاله، تفرد عنه موسى بن يعقوب.

    (عن أشعث بن إسحاق بن سعد) بن أبي وقاص، واسم أبي وقاص مالك الزهري المدني، ذكره ابن حبان في الثقات. (عن عامر بن سعد، عن أبيه) سعد بن أبي وقاص (قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة نريد المدينة، (1) انظر: (8/ 25) رقم (7406).

    (2) تقريب التهذيب (1052).

    فَلَمَّا كُنَّا قَرِيبًا مِنْ عَزْوَرَاء نَزَلَ,

    ===

    فلما كنا قريبًا من عَزْوَرَاء) بفتح العين وسكون الزاي، وفتح الواو، بعدها راء ممدودة، هكذا في المجتبائية، والقادرية، والكانفورية، ونسخة العون، وأما في المكتوبة القلمية في المتن بالقصر.

    وضبطه علي القاري (1) في نسخته من المشكاة بزايين، قال: مأخوذ من العزاز -بفتح العين - الأرض الصلبة، وقال: في نسخة: عزوراء بالراء المهملة، ونقل ميرك عن خط السيد أصيل الدين أن قوله: عزوزاء بفتح العين المهملة والزايين المعجمتين بينهما واو مفتوحة وبعد الزاي الثانية ألف ممدودة، والأشهر حذف الألف، هكذا صحح هذه اللفظة شراح المصابيح، وقالوا: هي موضع بين مكة والمدينة، والعزازة - بالفتح - الأرض الصلبة.

    وقال صاحب المغرب، والشيخ الجزري في تصحيح المصابيح: عزوراء بفتح العين المهملة وزاي ساكنة، ثم واو وراء مهملة وألف، وضبط بعضهم بحذف الألف، وهي ثنية عند الجحفة خارج مكة.

    قال الشيخ: ولا ينبغي أن يلتفت إلى ما ضبطه شراح المصابيح مما يخالف ذلك، فقد اضطربوا في تقييدها, ولم أر أحدًا منهم ضبطها على الصواب، والله أعلم، انتهى. ويوافقه ما في القاموس.

    وذكر ياقوت في معجمه (2): عَزْوَرُ: بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح الواو، ثنية الجحفة عليها الطريق بين مكة والمدينة، ثم ذكر عزوزاء بفتح أوله، وتكرير الزاي، قال العمراني: موضع بين مكة والمدينة، جاء في الأخبار ذكره والذي قبله أيضًا، وأنا أخشى أن يكون صحّف بالذي قبله، فلتبحث عنه.

    (نزل) قال الطيبي: نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموضع لم يكن لخاصية (1) انظر: مرقاة المفاتيح (3/ 603).

    (2) معجم البلدان (4/ 119).

    ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا اللَّهَ سَاعَةً, ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا, فَمَكَثَ طَوِيلًا, ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَهِ (1), فَدَعَا اللَّهَ تعالي سَاعَةً, ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا - فَمَكَثَ طَوِيلًا, ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ سَاعَةً, ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا - ذَكَرَهُ أَحْمَدُ ثَلاَثًا -قَالَ: «إِنِّى سَأَلْتُ رَبِّى وَشَفَعْتُ لأُمَّتِى, فَأَعْطَانِى ثُلُثَ أُمَّتِى, فَخَرَرْتُ سَاجِدًا شُكْرًا لِرَبِّى, ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِى, فَسَأَلْتُ رَبِّى لأُمَّتِي, فَأَعْطَانِى ثُلُثَ أُمَّتِي, فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّى شُكْرًا, ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِى, فَسَأَلْتُ رَبِّى لأُمَّتِي, فَأَعْطَانِى الثُّلُثَ الآخَرَ (2), فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّى». [ق 2/ 370]

    ===

    البقعة، بل لوحي أوحي إليه في النهي أو الأمر، قال القاري (3): والظاهر أن البقعة لا تخلو عن خصوصية، حيث اختصت بالدعاء لأمته من الخاص والعام.

    (ثم رفع يديه فدعا الله ساعة) أي: أولًا (ثم خرَّ ساجدًا) أي: وقع في السجود (فمكث) في السجدة (طويلًا، ثم قام) أي من السجدة (فرفع يده، فدعا الله تعالى ساعة) ثانيًا (ثم خر ساجدًا) ثانيًا (فمكث) في السجدة الثانية (طويلًا، ثم قام) من السجدة (فرفع يديه ساعة) ثالثًا (ثم خر ساجدًا، ذكره) أي: الدعاء برفع يديه والسجود شيخي (أحمد) بن صالح (ثلاثًا).

    (قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني سألت ربي) أي: رحمته (وشفعت لأمتي) أي: لغفران ذنوبهم وإعلاء درجتهم، (فأعطاني ثلث أمتي) أي: مغفرة ثلثهم وهم السابقون (فخررت ساجدًا شكرًا لربي، ثم رفعت رأسي، فسألت ربي لأمتي) أي: مغفرة ذنوبهم (فأعطاني ثلث أمتي) وهم المقتصدون (فخررت ساجدًا لربي شكرًا، ثم رفعت رأسي فسألت ربي) سعة رحمته ومزيد مغفرته (لأمتي، فأعطاني الثلث الآخر) بكسر الخاء، وقيل: بفتحها، وهم الظالمون لأنفسهم، (فخررت ساجدًا لربي) أي: شكرًا. (1) في نسخة بدله: يديه ساعة.

    (2) في نسخة: الآخر، بكسر الخاء.

    (3) انظر: مرقاة المفاتيح (2/ 604).

    قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَشْعَثُ بْنُ إِسْحَاقَ أَسْقَطَهُ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حِينَ حَدَّثَنَا بِهِ, فَحَدَّثَنِى بِهِ عَنْهُ مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِىُّ.

    (168) بَابٌ: في الطُّرُوقِ

    2776 - حَدَّثَنَا (1) حَفْصُ بْنُ عُمَرَ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالاَ: نَا شُعْبَةُ, عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - يَكْرَهُ أَنْ يَأْتِىَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا. [خ 5243، م 715، حم 3/ 299]

    ===

    (قال أبو داود: أشعث بن إسحاق أسقطه) شيخي (أحمد بن صالح حين حدثنا به) أي: لما حدثنا أحمد بن صالح بهذا الحديث، لم يذكر في سنده أشعث بن إسحاق، بل أسقطه، (فحدثني به عنه) أي: عن أحمد بن صالح (موسى بن سهل الرملي).

    (168) (بَابٌ: في الطُّرُوقِ)

    قال في القاموس: الطرق: الضرب، أو بالمِطْرَقَةِ بالكسر، ثم قال: والإتيان بالليل كالطروق، قال في المجمع (2): وكل آت بالليل طارق، قيل: أصله من الطرق وهو الدق، والآتي بالليل يحتاج إلى دق الباب

    2776 - (حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم قالا: نا شعبة، عن محارب بن دثار، عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره أن يأتي الرجل أهله طروقًا) بضم الطاء، أي: ليلًا.

    قال الحافظ (3): وفي طريق عاصم، عن الشعبي، عن جابر: "إذا أطال (1) هذا الحديث رباعي. (ش).

    (2) مجمع بحار الأنوار (3/ 443).

    (3) فتح الباري (9/ 340).

    2777 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ, نَا جَرِيرٌ, عَنْ مُغِيرَةَ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, عَنْ جَابِرٍ, عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا دَخَلَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَوَّلَ اللَّيْلِ».

    ===

    أحدكم الغيبة، فلا يطرق أهله ليلًا"، التقييد فيه بطول الغيبة، يشير إلى أن علة النهي إنما توجد حينئذ، فالحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، والعلة في ذلك أنه ربما يجد أهله على غير أهبة من التنظيف والتزين المطلوب من المرأة، فيكون ذلك سبب النفرة بينهما، أو يجدها على غير حالة مرضية، والستر مطلوب بالشرع.

    ووقع في حديث محارب عن جابر: أن عبد الله بن رواحة أتى امرأته ليلًا، وعندها امرأة تمشطها، فظنها رجلًا، فأشار إليها بالسيف، فلما ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُطْرِق الرجل أهله ليلًا.

    2777 - (حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن أحسن ما دخل الرجل على أهله إذا قدم من سفر أول الليل).

    هذا الحديث بظاهره يخالف ما تقدم من الحديث، ووجه الجمع بينهما أن المراد بهذا الحديث: هو الدخول على أهله للجماع، لا المراد الإتيان طروقًا، وعلى هذا فوجه كونه أحسن الأوقات, لأنه إذا أتى أهله في أول الليل يكون مستريحًا، فإنه بسبب طول الغيبة لأجل السفر يكون كثير الشبق فيخف به.

    أو يقال: إن هذا الحديث محمول على أنه إذا أطلع أهله بقدومه قبل المجيء، والأول إذا لم يعلموا بقدومه، أو يقال: إن الكراهة محمولة على الدخول في أثناء الليل، وعدم الكراهة في الدخول أول الليل، أو الكراهة محمولة على التنزيه، وهذا على الجواز.

    2778 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ, نَا هُشَيْمٌ, أَنَا سَيَّارٌ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "كُنَّا مَعَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ, فَلَمَّا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ قَالَ: «أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلًا, لِكَىْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ». [خ 5247، م 715، سنن النسائي الكبرى 9144، حم 3/ 303]

    ===

    2778 - (حدثنا أحمد بن حنبل، نا هشيم، أنا سيار، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فلما ذهبنا لندخل)

    ولفظ البخاري (1): فلما قدمنا ذهبنا لندخل، أي: لما قدمنا المدينة أردنا الذهاب لندخل على أزواجنا.

    (قال: أمهلوا حتى ندخل ليلًا، لكي تمتشط الشعثة) أي: شعثة الرأس (وتستحد) أي: تستعمل الحديد بحلق شعر العانة (المغيبة) التي غاب عنها زوجها، وأراد بالاستحداد أن تعالج شعر عانتها بما هو المعتاد من أمر النساء، يعنى من النتف (2) والتَّنَوُّر، ولم يرد به استعمال الحديد، فإن ذلك غير مستحسن في أمرهن. (1) صحيح البخاري (5247).

    (2) وفي الشامي (9/ 670): السنة في حقها النتف، وفي المجمع (1/ 472): أي تزيل شعرها باستعمال الحديد، والمراد إزالته كيف كان من العانة وحوالي فرجها، وقيل: شعر حلقة الدبر، فاستحب حلق جميع ما على السبيلين، وهو أفضل من القص والنورة والنتف طيبي، والمراد النتف لأنهن لا يرون استعمال الحديد ولا يحسن بهن نهاية [انظر: شرح الطيبي (6/ 224)].

    وفي المرقاة (2/ 85): قال ابن حجر: حلق العانة ولو للمرأة، كما اقتضاه إطلاق حديث الفطرة، بل

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1