Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

نثر الدر
نثر الدر
نثر الدر
Ebook680 pages6 hours

نثر الدر

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

كتاب أدبي مهم يؤرخ للعهد العباسي الممتدبين سنة 132 هـ - 656 هـ، ويعرض مستويات .اللغة والأخبار والتراجم والطرائف وغير ذلك من الامور الطريفة كتاب أدبي مهم يؤرخ للعهد العباسي الممتدبين سنة 132 هـ - 656 هـ، ويعرض مستويات .اللغة والأخبار والتراجم والطرائف وغير ذلك من الامور الطريفة
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateOct 26, 1902
ISBN9786856512980
نثر الدر

Related to نثر الدر

Related ebooks

Reviews for نثر الدر

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    نثر الدر - أبو سَعْد الآبي

    الغلاف

    نثر الدر

    الجزء 2

    أبو سَعْد الآبي

    1030

    كتاب أدبي مهم يؤرخ للعهد العباسي الممتدبين سنة 132 هـ - 656 هـ، ويعرض مستويات .اللغة والأخبار والتراجم والطرائف وغير ذلك من الامور الطريفة

    من نوادر المتنبئين

    ادّعى رجل في زمن المهدي النبوة، فأدخل إليه، فقال له المهدي: أنت نبي ؟قال: نعم. قال: فإلى من بعثت ؟قال: وتركتموني أذهب إلى من بعثت ؟بعثت بالغداة وحبستموني بالعشي، فضحك المهدي حتى فحص برجله، وأمر له بجائزة وخلى سبيله .وتنبأ آخر وادعى أنه موسى بن عمران، فأحضره وقال له: من أنت ؟قال: أنا كليم الله موسى. قال: وهذه عصاك التي صارت ثعباناً ؟قال: نعم. قال: فألقها من يدك ومرها أن تصير ثعباناً. قال: قل أنت 'أنا ربكم الأعلى': كما قال فرعون، حتى أصيرها ثعباناً كما فعل موسى. فضحك منه واستظرفه .وأحضرت المائدة فقيل له: هل أكلت شيئاً ؟فقال: ما أحسن العقل! لو كان لي ما آكله، أي شيء كنت أعمل عندكم ؟فأعجب به الخليفة وأحسن إليه .وتنبأت امرأة أيام المأمون ؛فأوصلت إليه. فقال لها: من أنت ؟قالت: أنا فاطمة النبية. فقال المأمون: أتؤمنين بما قال محمد رسول الله ؟قالت: هو نبي حقاً، وقوله حق مقبول. قال: فإن محمداً عليه السلام قال: لا نبي بعدي. قالت: صدق صلوات الله عليه ؛فهل قال: لا نبية بعدي ؟فقال المأمون لمن حضر: أما أنا فقد انقطعت، فمن كانت عنده حجته فليأت بها، وضحك حتى غطى وجهه .وتنبأ آخر في أيام المأمون فقال: أنا أحمد النبي. فحمل إليه فقال له: أمظلوم أنت فتنصف ؟قال: ظلمت في ضيعتي، فتقدم بإنصافه، ثم قال له: ما تقول في دعواك ؟قال: أنا أحمد النبي فهل تذمه أنت ؟.ادعى رجل النبوة فقيل له: ما علامتك ؟قال أنبئكم بما في أنفسكم. قالوا: فما في أنفسنا ؟قال: أني كذاب، لست بنبي! ! .تنبأ حائك بالكوفة فقيل له: ما رأينا نبياً حائكاً، فقال: هل رأيتم نبياً صيرفياً ؟تنبأ رجل بالبصرة في أيام محمد بن سليمان فأدخل عليه وهو مقيد. فقال له: أنت نبي مرسل ؟قال: أما الساعة فمقيد. قال: ويلك، من غرك ؟قال: هكذا يخاطب الأنبياء ؟أما والله لولا أني موثق لأمرت جبريل بأن يدمدمها عليكم. قال: والموثق لا تجاب دعوته ؟قال: الأنبياء إذا قيدت خاصة لا ترتفع دعوتهم ؛فضحك محمد وقال: متى قيدت الأنبياء ؟قال: هو ذا بين يديك واحد. قال: فنحن نطلقك وتأمر جبريل، فإن أطاعك آمنا بك. قال: صدق الله تبارك وتعالى: 'فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم' إن شئت فافعل فأمر بإطلاقه فلما وجد الراحة قال: يت جبريل - ومذ بها صوته - ابعثوا من شئتم، فليس بيني وبينكم عمل، هذا محمد بن سليمان في عشرين ألف مدجج، وله غلة مائة ألف في كل يوم وأنا وحدي، ما أملك درهماً واحداً، ما يذهب لكم في حاجة إلا كشخان فضحك منه وخلاه .تنبأ رجل في أيام المأمون، فقال له: من أنت ؟قال: نبي. قال: فما معجزتك ؟قال: ما شئت. قال: فأخرج لي من الأرض بطيخة. قال: أمهلني ثلاثة أيام. قال المأمون: الساعة أريدها. قال: يا أمير المؤمنين، أنصفني. أنت تعلم أن الله ينبتها في ثلاثة أشهر، فلا تقبلها مني في ثلاثة أيام ؟! فضحك المأمون وعلم أنه محتال واستتابه ووصله .وتنبأ آخر في أيامه، فطالبوه بمعجزته، فقال: أطرح لكم حصاة في الماء فأذيبها حتى تصير مع الماء شيئاً واحداً. قالوا: قد رضينا، فأخرج حصاة كانت معه وطرحها في الماء فذابت، فقالوا: هذه حيلة، ولكن أذب حصاة نعطيك نحن. قال لهم: لا تتعصبوا. فلستم أنتم أجل من فرعون، ولا أنا أعظم من موسى، لم يقل فرعون لموسى: لا أرضى بما تفعله بعصاك حتى أعطيك من عندي عصاً تجعلها ثعباناً. فضحك المأمون وأجازه .وتنبأ آخر في أيام المعتصم، فلما أحضر بين يديه قال له: أنت نبي ؟قال: نعم. قال: إلى من بعثت ؟قال: إليك. قال: أشهد أنك لسفيه أحمق. قال: إنما يبعث إلى كل قوم مثلهم. فضحك المعتصم وأمر له بشيء .وتنبأ آخر فقيل له: ما معجزتك ؟قال: يقول الله تعالى: 'ذو مرة فاستوى'، ورجلي قد تشقق كله من المرار .وتنبأ آخر فرئي في بيت خمار، فقيل له: ما رأينا نبياً في بيت خمار! ! قال: إنما جئت أعرف هذا حتى لا أقصده مرة أخرى .وتنبأ رجل في خلاعة المأمون، فقال لعلي بن صالح صاحب المصلى: ناظره. فقال له علي: ما أنت ؟قال: نبي. قال: فأين آياتك والنذر ؟قال: ألستم تزعمون أن محمداً كان لا يخبر بشيء إلا كان ؟قالوا: نعم. قال: فأنا لا أخبر بشيء أنه يكون فيكون .تنبأ رجل في أيام المأمون، فقال له: ما أنت ؟قال: أنا نبي. قال: فما معجزتك ؟قال: سل ما شئت. وكان بين يديه قفل، قال: خذ هذا القفل فافتحه، فقال: أصلحك الله، لم أقل إني حداد، قلت: أنا نبي! ! فضحك المأمون واستتابه وأجازه .وتنبأ آخر فطلب، فلما أحضر دعا له بالنطع والسيف، فقال: لم تقتلوني ؟قالوا: لأنك ادعيت النبوة. قال: فلست أدعيها. قالوا: فأي شيء أنت ؟قال: أنا صدّيق. فدعي له بالسياط، قال: لم تضربوني ؟قالوا: لادعائك أنك صديق. قال: لا أدعي. قالوا: فمن أنت ؟قال: من التابعين بإحسان. فدعي له بالدّرة. قال: ولم ؟قالوا: نؤدبك لادعائك ما ليس فيك. قال: ويحكم. الساعة كنت نبياً، أتريدون أن تحطوني في ساعة واحدة من النبوة إلى مرتبة العوامّ ؟أمهلوني إلى غد حتى أصير لكم إلى ما شئتم .وأتي المتوكل بواحد قد تنبأ، فقال له: ما حجتك ؟قال: ما أعطوني حجة وقلت لجبريل: إن القوم ثقال الأرواح غلاظ الطباع لابد لي معهم من آية. قال لي: اذهب، فإن أهل بغداد قد اختلفوا في القاضي، وأنه بغّاء أو لوطيّ، فاذهب فعرفهم ذلك فإنهم إذا عرفتهم آمنوا بك. قال المتوكل: فما الذي قال لك جبريل من أمر القاضي. قال: قال هو بغّاء. فضحك وأمر له بجائزة .وتنبأ آخر في زمن المهدي، فقال له: إلى من بعثت ؟فقال: وتركتموني أذهب إلى من بعثت إليه ؟بعثت بالغداة ووضعتموني في السجن بالعشي، فضحك المهدي حتى ضرب برجليه. وقال: صدقت يا هذا. عاجلناك، فإن نحن خليناك تذهب إليهم ؟قال: لا والله، قد بدا لي، أخاف أن يصنعوا بي كما صنعتم. قال: فما تقول لجبريل ؟قال: أقول له: ابعثوا من شئتم فإني أحتاج أن أقتل الحبال. فضحك المهدي، واستتابه وخلاه .وتنبأ آخر في زمن المهدي فأمر بإحضاره، فلما مثل بين يديه قال له: أنت نبي ؟قال: نعم. قال: ومتى بعثت ؟قال: وما تصنع بالتاريخ ؟قال: ففي أي موضع جاءتك النبوة ؟قال: وقعنا. والله ليس هذا من مناظرات الأنبياء، إن كان عزمك أن تصدقني فكل ما قلت لك اعمل به، وإن عزمت أن تكذبني فدعني رأساً برأس. قال المهدي: هذا لا يجوز فإن فيه فساد الدين. فغضب وقال: واعجباه! تغضب أنت لفساد دينك ولا أغضب أنا لفساد ديني ؟فوالله ما قويت إلا بمعن بن زائدة والحسن بن قحطبة ومن أشبههما، فضحك المهدي وقال لشريك القاضي: ما تقول فيه ؟قال المتنبئ: تشاور ذاك في أمري ولا تشاورني ؟قال: هات ما عندك. قال: أكافر أنا عندك أم مؤمن ؟: قال: كافر. قال: فإن الله يقول: 'ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله'. فلا تطعني ولا تؤذني، ودعني أذهب إلى الضعفاء والمساكين، فإنهم أتباع الأنبياء، وأترك الملوك والجبابرة فإنهم حصب جهنم، فضحك وخلاه .وتنبأ آخر في أيام المتوكل فأحضره وقال له: ما صناعتك ؟قال: أنا روّاس. قال المتوكل: صناعة قذرة، فقام المتنبئ ينفض ثيابه ليمضي، فقال: إلى أين ؟قال: أذهب أقول لهم إن القوم متقززون، يريدون نبياً عطاراً .وتنبأ آخر في أيام المأمون فأحضر وقال له: ما آيتك ؟وما الدليل على نبوتك ؟قال: القرآن ؛يقول الله عز وجل: 'إذا جاء نصر الله والفتح'. واسمي الفتح. فقال المأمون: فهذا لك خاصة أو لكل من اسمه الفتح ؟قال: وحين قال الله في كتابه العزيز: 'محمد رسول الله' كان لمحمد خاصة أو لكل من اسمه محمد ؟فضحك واستتابه وخلاه .وتنبأ آخر فقيل له: ما معجزتك ؟قال: وما معجزة نبيكم ؟قالوا: حلب الحائل. قال: فأنا أحلب العاقر .تنبأ آخر، وسمى نفسه نوحاً، ونهاه صديق له عن ذلك، فلم ينته، فأخذه السلطان وصلبه، فمر به صديقه الذي كان ينهاه، فقال له: يا نوح ؛ما حصلت من السفينة إلا على الدقل .جاء رجل إلى المتوكل، وادعى النبوة، فقال له بعض من حضر: صف لنا جبيل، فوصفه ولم يذكر جناحه، فقال له: ويحك، لم تعلمنا خبر جناحه، ولسنا نشك في أن له جناحاً. فقال: أظنه أتاني وهو في القرفصة .أتي المأمون بآخر قد تنبأ، فقال له: ما تقول ؟قال: قال ربي لا تكلم المأمون بشيء، واذهب إلى الهند. فضحك وخلاه .

    الباب التاسع

    نوادر المدينيين

    قال رجل من أهل الشام لبعض أهل المدينة - وهو الغاضري -: كيف يباع النبيذ عندكم ؟قال: مدّان وثمانية وسبعون سوطاً بدرهم! ! .وقيل لمديني: ما أعددت لشدة البرد ؟قال: شدة الرعدة .وقال آخر منهم لغلامه ونزل به ضيف: افرش لضيفنا. فقال: ما أفرش له، وسراويلك عليك، والجل على الحمار ؟.وقيل لآخر: كيف أنت في دينك ؟قال: أخرقه بالمعاصي وأرقعه بالاستغفار .سرق آخر نافجة مسك، فقيل له: إن كل من غل يأتي بما غل يوم القيامة يحمل على عنقه. فقال: إذاً والله أحملها طيبة الريح خفيفة المحمل .ومر آخر بقاص وهو يقول: وإسرافيل ملتقم الصور ينتظر متى يؤمر أن ينفخ فيه. فقال المديني - وضرب بيده على جبهته -: إنا لله، إن عطس عطسة افتضحنا .وقال آخر: لو قسم البلاء بين الناس لم يصبنا أكثر مما أصابنا. قالوا: ما الذي أصابك ؟. قال: بعثنا بشاتنا إلى التيّاس مع الجارية، فجاءت الشاة حائلاً والجارية حاملاً .وصحب مديني بعض ولاة المدينة، فلما رجع إلى المدينة قالوا: هل ولاّك شيئاً ؟قال: نعم، ولاّني قفاه .قيل لآخر - وقد ذم عيشه -: أحمد الله الذي رفع السماء بغير عمد، فإنه قادر على أن يوسع رزقك. قال: وددت أنه وسع عليّ وجعل بين كل ذراعين اسطوانة .وسمع آخر سائلاً يقول: لا ينقص مال من صدقة. قال: بيني وبينك الميزان يا كشخان .قيل لآخر: كيف طابت أصوات أهل المدينة ؟قال: لخلاء أجوافهم، كالعود لما خلا جوفه طاب صوته .لقي مديني آخر فقال له: ما فعل ابنك فلان ؟قال: باليمن. قال: فابنك فلان ؟قال: بخراسان. قال: لا أسألك عن الثالث فإني أعلم أنه في السحاب .وقال مديني لآخر: زوجت أمك ؟قال: نعم، حلالاً طيباً. قال: حلال نعم، فأما الطيب فالزوج أعلم به .واشترى آخر رطباً، فأخرج صاحبه كيلجة صغيرة ليكيل بها، فقال المديني: والله لو كلت لي بها حسنات ما قبلتها .وقيل لآخر: حمارك مهزول. فقال: يده مع يدي .واشترى آخر جارية فسئل عنها، فقال: فيها خلتان من خلال الجنة: برد وسعة .وقال مديني لابن أبي مريم: تعشقت فلانة وأريد شراءها. قال: يا ابن الفاعلة، فبأي شيء تشتريها ؟قال: أبيع قطيعة جدي وأشتريها. قال: امرأته طالق إن كان ملك جدك قطيعة إلا قطيعة الرحم .كان مديني يجلس على باب مسجد، فيرى الناس إذا اذن المؤذن يدخلون أرسالاً. فقال: والله لو قال هذا المؤذن يوماً: حيّ على الزكاة، ما جاء منكم أحد .وسرق آخر جرة فأخذوها منه وأرادوا ضربه، وقالوا: يا عدو الله تسرق جرتنا ؟فقال: ما هذه جرتكم، هذه والله عندنا مذ هي كوز! فضحكوا منه وتركوها له .قال مديني لآخر: أيسرك أن هذه الدار لك ؟قال: نعم. قال: وليس إلا نعم ؟قال: وكيف أقول ؟قال: تقول نعم، وأحمّ سنة. قال: نعم وأنا أعور .وقال واحد منهم لآخر: أيسرك أن تعيش حتى تجئ حليمة من إفريقية مشياً إليك ؟قال: وأنت يسرك ذلك ؟قال: أخاف والله أن يقول إنسان هي بمخيض فيغشى عليّ. ومخيض على بريد من المدينة .وقال آخر لامرأته: لا جزاك الله خيراً فإنك غير مرعية ولا مبقية. قالت: لأنا والله أرعى وأبقى من التي كانت قبلي. قال: فأنت طالق إن لم أكن آتيها بجرادة فتطبخ منها أربعة ألوان وتشوى جنبيها. فرفعته إلى القاضي، فجعل القاضي يطلب له المخرج، فقال للقاضي: أصلحك الله، أشكلت عليك ؟هي طالق عشرين .شتم مديني أبا هريرة، فقيل له: أتشتم رجلاً من أصحاب النبي عليه السلام ؟فقال: ظننته أنس بن مالك .مطر أهل المدينة ست ليال متواليات، حتى كاد أهلها يغرقون، فقال بعضهم: إن مطرنا السابعة أصبح أهل السماء في مفازة لا يجدون حسوة ماء .نزل على مديني أضياف فتسترت امرأته منهم وتخفرت. فقال لها زوجها: لوددت أن في الدنيا عيناً تشتهيك، وأنك أثقلت في كل يوم بتوأمين .نظر مديني إلى قوم يستسقون ومعهم الصبيان، فقال: ما هؤلاء ؟قالوا: نرجو بهم الإجابة. قال: لو كان دعاؤهم مجاباً لما بقي في الأرض معلم .قيل لبعضهم: ما عندك من آلة الحج ؟قال: التلبية .وقيل لآخر: يمكنك أن تحج. قال: ليت أمكنني المقام! .وقف آخر على قاص وهو يذكر ضغطة القبر، فقال: يا قوم، كم في الصلب من الفرج العظيم ونحن لا ندري! فقال صاحبه: فإنا نستصلب الله .أخذ الطائف بعضهم وهو سكران، فقال: احبسوا الخبيث. فقال: أصلحك الله ؛عليّ يمين بالطلاق ألا أبيت بعيداً عن منزلي، فضحك وخلاه .اجتازت جارية مدينية برجل منهم يبول، فرأت معه شيئاً وافراً، فقالت له: هذا معك ولا تجلس في الصيارفة ؟فقال: أخزاك الله، وهل أقامني من الصيارفة غيره ؟.وصف مديني امرأة بالقبح، فقال: كأن وجهها وجه إنسان قد رأى شيئاً يتعجب منه .قيل لمديني: ما طعامك ؟قال: الخل والزيت. قيل: أفتصبر عليهما ؟قال: ليتهما يصبران عليّ .خاصمت مدينية زوجها، وكان في خلق لا يواريه، فقالت له: غير الله ما بك من نعمة. قال: استجاب الله دعاءك، لعلي أصبح في ثوبين جديدين .ومرت امرأة جملية بمديني، فقالت له: يا شيخ ؛أين درب الحلاوة ؟قال: بين رجليك يا ستي .وصف مديني مغنية بحسن الغناء، فقال: والله لو سمعتها ما أدركت ذكاتك .عرض آخر جارية على البيع، فقيل له: هي دقيقة الساقين، فقال: تريدون تبنون على رأسها غرفة ؟كان أبو خزيمة المديني يقول: اللهم ارزقني، فإن كنت لا ترزقني لكرامتي عليك، فقد رزقت من هو خير مني، سليمان بن داود، وإن كنت لا ترزقني لهواني عليك، فقد رزقت من هو شر مني، فرعون ذا الأوتاد .وشكا مرة نكبات الدهر، فقال له رجل: هون عليك فإن الله يدخر لك ثوابها للآخرة. فقال له أبو خزيمة: الآخرة خير أم الدنيا ؟قال: بل الآخرة. قال: فإنه ليس يعطيني من ابغضهما إليه، أيعطيني من أكرمهما عليه ؟قالت امرأة الغاضري - وقد قطع لها قميصاً -: ما أحسن هذا القميص! قال: الطلاق أحسن منه .قال رجل لناجية المديني لما مات أبوه: آجرك الله. فقال: رزقني الله مكافأتك .قال أبو العيناء: قلت لمديني شكا إليّ سوء الحال: ابشر فإن الله قد رزقك الإسلام والعافية. قال: أجل، ولكن بينهما جوع يقلقل الكبد .وقف سائل بباب مديني، وقال: أطعمونا من فضل غشائكم. فقال: والله ما لعشائنا أصل حتى يكون له فضل .ساوم مديني بدجاجة، فقال صاحبها: لا أنقص من عشرة دراهم. فقال: والله لو كانت في حسن يوسف، وفي عظم كبش إبراهيم، وكانت تبيض في كل يوم وليّ عهد للمسلمين، ما ساوت أكثر من درهمين .قيل لمديني: كيف رأيت البصرة ؟قال: خير بلاء الله للجائع والمفلس والعزب، أما الجائع فيأكل من خبز الأرز والمالح بفلس حتى يشبع. وأما العزب فيتزوج بمن شاء بدانقين وأما المفلس فيخرى ويبيع، فهل رأيتم بلدة مثلها ؟.قيل لمديني: ما عندك من آلة العصيدة ؟قال: الماء .انقطع مديني إلى رجل من الأشراف، فغنى له مغن يوماً صوتاً حزيناً، فمزق ثيابه وقال للمديني: مزق قميصك أيضاً. قال: ليس عندي غيره. قال: أنا أكسوك غداً قميصاً. قال: وأنا أيضاً أمزقه غداً .قيل لبعضهم: ما عندك من آلة القريس قال: البرد .قيل لخوات المديني: كيف تقول: تعشيت أو تعشأت ؟قال: إذا أكلت اللحم فقل تعشأت، وإذا لم تأكل اللحم، فقل: تعشيت .قال بعضهم: مررت بآخر وهو يشكو الفقر، فقلت له: أبشر، فإنه يأتيك الفرج. قال: أخشى أن يجيئني الفرج فلا يجدني .قال مديني لآخر: حاصرت الله في سلم من زبد كلما صعدت ذراعاً نزلت باعا، حتى أبلغ بنات نعش فآخذها كوكباً كوكباً .لو أن لمولاك مائة بيدر من إبر خوارزمية، ثم جاءه يوسف النبي عليه السلام وقد قدّ قميصه من دبر، ومع جبريل وميكائيل يشفعان له ما أعطاه منها إبرة يخيط بها قميصه .قيل لشيخ منهم: كم مقدار شربك للنبيذ ؟قال: مقدار ما أقوى به على ترك الصلاة .سرق لآخر دراهم، فقيل له: لا تغتمّ فإنها في ميزانك. فقال: مع الميزان سرقت .وقال آخر لصاحب منزله: أصلح خشب هذا البيت فإنه يتفرقع. فقال: لا تخف، فإنه يسبح، فقال: إني أخاف أن تدركه الرقة فيسجد .كانت بالمدينة امرأة لا تلد إلا البنات، فقال لها زوجها وقد بشر بابنة: يا فلانة، إني لأظن لو احتلمت بالشام وأنت بالمدينة لحملت ببنت .خرج أبو جواليق المديني يشتري حماراً، فلقيه صديق له، فقال: أين تريد ؟قال: أريد السوق أشتري حماراً. قال: قل إن شاء الله. قال: ليس هذا موضع 'إن شاء الله' الدراهم في كمى والحمار في السوق ؛فبينا هو يطلب الحمار إذ طرّت دراهمه فرجع حزيناً، فلقيه صاحبه، فقال: ما صنعت ؟قال: سرقت دراهمي إن شاء الله .وأراد المهدي أن يتنزه بالمدائن، فخرج أشراف أهل المدائن، فأوقدوا النيران والشموع، فقال أبو جواليق: قد أذن الله في خراب المدائن. قالوا: لم ؟قال: أوقدتم النيران. الآن تنفر حراقات المهدي منها فيأمر بخراب المدائن .دخل بعضهم على المأمون، فقال: يا أمير المؤمنين، الموت بالمدينة فاش إلا أنه سليم .جاء رجل إلى مديني فقال: هل تدلني على من يشتري حماري، وكان أجرب أجرد، فقال: والله ما أعرف من يشتري هذا إلا أن يجئ من يطلب من الحمير نسمة للعتق .غنت قينة ومديني حاضر، فقال: يا سيدتي أجدت، وما يحضرني ما أعطيك، ولكن قد وهبت لك كل حسنة لي، وحملت عنك كل سيئة لك. فقام آخر فقال: يا سيدتي، ما أعطاك شيئاً، وذلك أنه مالك سيئة يحملها عنك، ولا له حسنة فيعطيكها .سئل أحدهم عن جارية اشتراها، فقال: مفازة مكة عندها ثقب عفصة. وبلح كركان عندها بينون الداخل .قالت امرأة مدينية لزوجها: احفظ صحبة ثلاثين سنة. قال: ما دهاك عندي غير ذلك .كان بالمدينة واحد يقود قد أفسد أحداثها، فاجتمع المشايخ وشكوا ذلك إلى والي المدينة، فنفاه إلى قباء، فبعدت المسافة، فكانوا يركبون حمير المكاريين ويصيرون إلى عنده، وكثر ذلك حتى كان الواحد يركب حماراً، فيسير حتى يقف على بابه ؛فاجتمع الناس إلى واليهم وقالوا: قد أفسد أحداثنا وأتلف أموالنا، حتى إن الحمر قد عرفت باب داره، فتقف عنده. فأمر الوالي بإحضاره وأمر بتجريده، وقال: ليس أريد شاهداً عليك سوى أن الحمير تعرف باب دارك. قال: فبكى، فقيل له: مم تبكي ؟قال: من شماتة أهل العراق بنا، يقولون: إن أهل المدينة يقبلون شهادة الحمير، فضحك الوالي ومن حضره، وخلوه .اجتمع في بيت مديني رجل مع صديقة له، فأحصى المديني عليهما ثمانية، فلما أصبحوا قالت وهي تعاتبه: لست عنك راضية، وسمع المديني قولها فقال: يا هذه ليس في الدنيا أقل حياء منك، تعاتبينه بعد ثمانية ؟امرأته طالق أنه لو أنا. . أمه ثمانية، لكان قضى حق الله فيها .التقى قنديل الجصاص، وأبو الحديد المدينيان، فقال قنديل: من أين وإلى أين ؟فقال: مررت برقطاء رائحة تترنم برمل ابن سريج في شعر ابن عمارة .

    سقى مأزمي فج إلى بئر خالد

    فزففت خلفها زفيف النعام، فما انجلت غشاوتي إلا وأنا بالمشاش حسيراً، فأودعتها قلبي وخلفته لديها، واقبلت أهوي هويّ الرحمة بغير قلب. فقال له قنديل: ما رفع من المزدلفة أسعد منك، سمعت شعر ابن عمارة في لحن ابن سريج من رقطاء الحبطية، لقد أوتيت جزءاً من النبوة .وكانت رقطاء هذه أضرب الناس، فدخل رجل من أهل المدينة منزلها فغنته صوتاً، فقال له بعض من حضرها: هل رأيت وتراً قط أفصح من وترها ؟فطرب المديني وقال: عليه العهد إن لم يكن وترها قد عمل من معي بشكست النحوى، فكيف لا يكون فصيحاً ؟. وكان بشكست هذا نحوياً فصيحاً، يقال له: عبد العزيز، أخذ أهل المدينة النحو عنه .نظر واحد منهم وهو المريمي إلى مصلوب بباب الرقة فقال: 'هذا ما وعدنا الله ورسوله' .وقيل له يوماً: كيف مات أبوك ؟فقال: سراً. يعني فجأة .ورأى جنازة بعضهم فقال: الآن خلا بعمله ومساءلة هاروت وماروت .وقيل له يوماً: تقدم فصلّ بنا. فقال: أنا والدتي، يريد: أنا أميّ .وقال بعضهم لمديني: قد حضرني وجه سن، امض إلى صديقنا فلان حتى يجئ فيرى. قال: فمن ينظر عني حتى أرجع ؟.واشترى مديني عرصة، وأحضر من يبنيها، فذرعها وقال: ابن هاهنا صفّة وهاهنا حترياً، وهاهنا خزانة. ثم ضرط، وقال بالعجلة: وهاهنا كنيفاً فقد اختاره الثقة العالم به ؛فضحك هو ومن حضره فزال خجله .قال بعض الأطباء، حضرت عند عليل، ووصف لي سبب علته، وكانت العلة حمّى حادة، فدخل رجل من أهل المدينة والمحموم يقول لي: أكلت أفراخاً وعسلاً، وشربت عليه أقداحاً ونمت في الشمس. فقال المديني: امرأته طالق لو كانت الحمى من حملة العرش لتركت حمله وأتتك .قيل لمديني: كيف حالك ؟فقال: وكيف يكون حال من ذهب ماله، وبقيت عادته ؟!بعث مديني غلامه إلى جاريته لتحمل إليه الكيس، فالتمست منه علامة، فقال المديني: فل لها العلامة أني خريت البارحة في الفراش. فقالت: ارجع إليه وقل له: أي علامة هذه ؟وأنت تخرى كل ليلة في الفراش، إنما أردت علامة غير مشهورة. فرد الغلام وقال: قل لها إنك طبخت البارحة سكباجة ولم أرضها، وحردت وقمت فخريت في الغضارة، فقالت المرأة، إي والله، وعلى كل رغيف على المائدة وأعطته الكيس .خطب خطيب بالمدينة، فقال في خطبته: 'وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ'. فقال بعض المدينيين: ما أحسن كلام ابن الزانية .قيل لمديني: ما عمل بك الشيب ؟قال: ما عملت به أعظم، ما وقرته ولا تركت له محرّماً .قيل لمديني: بم تتسحر ؟قال: باليأس من فطور القابلة .تزوج رجل امرأة بالمدينة ذكروا له أنها شابة طرية - وكانت عجوزاً -، فلما دخل بها ورآها نزع نعليه، وهم يظنون أنه يضربها فقلدها إياهما وقال: لبيك اللهم لبيك. فقالوا له: اسكت، اسكت. فقال: لا تصلح هذه إلا أن تكون بدنة، فافتدوا منه .قيل لمديني: كيف ترى الدنيا ؟قال: قحبة، يوماً في دار عطار، ويوماً في دار بيطار .تمنى آخر في منزله فقال: ليت أنا لحماً فنطبخ سكباجاً. فما لبث أن جاء جار له بصحفة، وقال: اغرفوا لنا فيها قليل مرق. فقال: جيراننا يشمون رائحة الأماني .دخل الغاضري على الحسن بن علي عليه السلام، فقال: إني عصيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: بئس ما عملت! كيف ؟فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يصلح قوم ملكت عليهم امرأة، وقد ملكت عليّ امرأتي، أمرتني أن أشتري عبداً فاشتريته فأبق. فقال رضي الله عنه: اختر إحدى ثلاث، إن شئت فثمن عبد، فقال: قف هنا ولا تتجاوز، قد اخترت ذلك، فأعطاه .قيل لمديني: أيسرك أن يكون أ.. ك كبيراً ؟قال: لا. قيل: ولم ذلك ؟قال: يثقلني ويلتذّ غيري .وقع واحد منهم فوثئت رجله، فجعل الناس يدخلون عليه فيسألونه: كيف وقع ؟، فأكثروا، فضجر وكتب قصته، فكان إذا دخل عليه عائد وسأله دفع إليه القصة .كان سعيد بن مسلم إذا استقبل السنة التي يستأنف فيها عدد سنة أعتق نسمة، وتصدق بعشرة آلاف درهم، فقيل لمديني: إن سعيد بن مسلم يشتري نفسه من ربه بعشرة آلاف درهم. فقال المديني: لا يبيعه .قيل لمديني: إن عثمان بن عفان إذا كان يوم القيامة يحكم بين القاتل والخاذل. قال: فبكى المديني، فقيل له: ما يبكيك ؟قال: أخاف والله أن يعفو .مر مديني على آخر، ومعه عنز وحمل، فقال له: هذا الحمل هو ابن هذه العنزة. قال المديني: لا، ولكنه يتيم في حجرها .اشترى مديني برذوناً من رجل، فقال له: بالله هل فيه عيب ؟قال: لا والله، إلا مشش كأنه سفرجلة، وقليل عرن كأنه قثاءة، وقليل دبر كأنه بطيخة. قال: يا ابن الفاعلة ؛بعتني برذوناً أو بعتني دار البطيخ .التقى مدينيان، فقال أحدهما لصاحبه: علمت أن امرأتي حامل. قال: ممن ؟قال: مني. قال: سررتني والله .عوتب مديني على كثرة الحلف بالطلاق، فقال: لي امرأة لا تصلح إلا للحنث .كان بعض المدينيين قد أنزله بعض الأشراف غرفة على مطبخ له، فأخذه بطنه، فسلح في الغرفة، ووكف على قدور المطبخ فأفسدها، وكان المديني يتعشى عنده، فقال له: جعلت فداك أين عشاؤك ؟فقد أبطأ علينا. قال: أفسده علينا غداؤك .رأى الدارمي المديني الأوقص - قاضي مكة - في المسجد يدعو ويقول: يا رب أعتق رقبتي من النار. فقال الدارمي: لا والله ما جعل الله لك من عنق ولا رقبة فكيف يعتقها ؟فقال: ويلك. من أنت ؟قال: أنا الدارمي قتلتني وحبستني، وكان أتاه في حاجة فأخرها، فقال: لا تقل ذاك وأتني أقض حاجتك.

    الباب العاشر :

    نوادر الطفيليين والأكلة

    قال بنان الطفيلي: الجوذاب صاروج المعدة. اشرب عليه ما شئت .وقيل له: كم كان عدد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر ؟قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر رغيفاً .وقال: عصعص عنز خير من قدر باقلي .وقال آخر: من احتمى فهو على يقين من مكروه الجوع، وفي شك من العافية .وقال بعضهم: ليس شيء أضر على الضيف من أن يكون صاحب البيت شبعان .قيل لآخر: ما معنى قول الله تعالى: 'واسأل القرية التي كنا فيها' ؟قال: أراد أهل القرية، كما تقول: أكلنا سفرة فلان ؛أي ما في سفرة فلان .قال الأصمعي: كان في البصرة أعرابي من بني تميم يطفل على الناس، فعاتبته على ذلك، فقال: والله ما بنيت المنازل إلا لتدخل، ولا وضع الطعام إلا ليؤكل، وما قدمت هدية فأتوقع رسولاً، وما أكره أن أكون ثقلاً ثقيلاً على من أراه شحيحاً بخيلاً، أتعمم عليه مستأنساً، وأضحك إن رأيته عابساً، فآكل برغمه، وأدعه بغمه، وما اخترق اللهوات طعام أطيب من طعام لم تنفق فيه درهماً، ولم تعنّ إليه خادماً .قال بعضهم: من جلس على مائدة، وأكثر كلامه غش بطنه .أولم طفيلي على ابنته، فأتاه كل طفيلي، فلما رآهم عرفهم، فرحب بهم ثم أدخلهم، فرقاهم إلى غرفة بسلم، وأخذ السلم حتى فرغ من إطعام الناس، فلما لم يبق أحد أنزلهم وأخرجهم .طفّل رجل على بعض الناس، ووقع بينه وبين رجل في المجلس كلام، فقال الطفيلي للرجل: والله لئن قمت إليك لأدخلنك من حيث خرجت، فقال صاحب المنزل: لكني والله أخرجك من حيث دخلت .قيل لبعضهم: لم تأكل بخمس أصابع ؟قال: ولي أكثر منها ؟! .نظر طفيلي على مائدة إلى ملبّقة بيضاء وملبّقة صفراء، فجعل يأكل البيضاء، فصفعه شيخ طفيلي كان معه على المائدة وقال: لا أم لك، إذا كنت في صناعة فتحذّق فيها. أما عرفت أن الفرق بينهما الزعفران ؟.وحكي عن بعضهم أنه قال: أحفظ من القرآن آية واحدة، ومن الحديث خبراً واحداً، ومن الشعر بيتاً واحداً. أما الآية فقوله تعالى: 'آتنا غداءنا' وأما الحديث فما رواه الثقات: 'إن التمكن على المائدة خير من زيادة لونين'. وأما الشعر فقوله :

    نزوركم لا نكافئكم بجفوتكم ........ إن المحب إذا لم يستزر زارا

    قيل لطفيلي: كم بين منزل فلان وفلان ؟قال: قدر ما يصلي الرجل رغيفين .أدخل طفيلي على سالم بن عقال، فجعل يشرب معه، وكان شرابه مطبوخاً يحتاج إلى مزاج كثير، وكان الطفيلي يسقي ويقل المزاج، فثقل ذلك على سالم. ونبين الطفيلي ذلك فأراد أن يتقرب إليه فأنشأ يقول:

    يديرونني عن سالم وأديرهم ........ وجلدة ما بين العين والأنف سالم

    فقال سالم: لو أخذت 'الما' من هذا البيت، وجعلته في أقداحنا لصلح شعرك ونبيذنا .قيل لشيخ: ما أحسن أكلك! قال: عملي منذ ستين سنة .سأل عبد الملك أبا الزعيزعة: هل أتخمت قط ؟قال: لا. قال: كيف ؟قال: لأنا إذا طبخنا أنضجنا، وإذا مضغنا دققنا، ولا نكظ المعدة ولا نخليها .قعد أعرابي على مائدة المغيرة، وكان الرجل منهوماً فجعل ينهش ويتعرق، فقال المغيرة: يا غلام ناوله سكيناً. قال الرجل: كل امرئ سكينه في رأسه .أكل هلال بن أسعر جملاً، وامرأته أكلت فصيلاً، فلما ضاجعها لم يصل إليها، فقالت: كيف تصل إليّ وبيننا بعيران .وذكر أن الواثق اشتهى يوماً بزماورداً، فأمر باتخاذه والاستكثار منه وأن يفرش في صحن واسع على أنطاع، فلما فرغ منه وقعد لأكله أكل مساحة قفيزين .كان سعيد بن أسعد إمام المسجد الجامع بالبصرة طفيلياً، فإذا كانت وليمة سبق إليها، فربما بسط معهم البسط وخدم، فقيل له في ذلك، فقال: إني أبادر برد الماء، وصفر القدور، ونشاط الخباز، وخلاء المكان، وغفلة الذباب .دعا بعضهم واحداً فأقعده إلى نصف النهار، وهو يتوقع المائدة ويتلظى جوعاً، فأخذ صاحب المنزل العود وقال: بحياتي أي صوت تشتهي ؟قال: صوت المقلى .كان نقش بنان الطفيلي: ما لكم لا تأكلون ؟وكان يقول لأصحابه: إذا دخلتم فلا تلتفتوا يميناً ولا شمالاً، وانظروا في وجوه أهل المرأة، وأهل الرجل حتى يقدر هؤلاء أنكم من هؤلاء، وكلموا البواب برفق، فإن الرفق يمن، والخرق شؤم، وعليكم مع البواب بكلام بين كلامين: الإدلال، والنصيحة .سمع بعضهم رجلاً يقول: روي في الأخبار أن الدجال يخرج في سنة قحط مع جرادق أصفهانية، وملح ذرآني وأنجذانيّ سرخسيّ، فقال الطفيلي: عافاك الله، والله إن رجلاً يجئ بهذا يستحق أن يسمع له ويطاع .صحب طفيلي جماعة في سفر، ففرضوا على أن يخرج كل واحد منهم شيئاً للنفقة، فقال كل واحد منهم: عليّ كذا. فلما بلغوا إلى الطفيلي قال: أنا عليّ.. وسكت. قالوا له: لم سكت ؟وإيش عليك ؟فقال: لعنة الله. فضحكوا وأعفوه من النفقة .قيل لطفيلي: لم قطعت فلاناً صديقك ؟قال: لأنه يسبقني إلى بيضة البقيلة، وقفا السمكة، وخاصرة الجدي .نظر بعضهم إلى قوم ذاهبين في وجه، فعلم أنهم يذهبون إلى وليمة، فقام وتبعهم فإذا هم شعراء قد قصدوا باب السلطان بمدائح لهم، فلما أنشد كل واحد منهم شعره وأخذ جائزته، ولم يبق إلا الطفيلي، وهو جالس لا ينطق، قيل له: أنشد، فقال: لست بشاعر. قالوا: فمن أنت ؟قال: أنا من الغاوين الذين قال الله جل ذكره فيهم: 'والشعراء يتبعهم الغاوون' فضحك الخليفة وأمر له بمثل جائزة الشعراء .قال بعضهم: أفضل البقاع وخيرها ثلاثة. قيل: وما هي ؟قال: دكان الرواس، ودرجة الخباز، ومطبخ الجواد. وأفضل الخشب وخيره ثلاثة: سفينة نوح، وعصا موسى، ومائدة يؤكل عليها .مر طفيلي إلى باب عرس، فمنع من الدخول، فذهب إلى أصحاب الزجاج ورهن رهناً، وأخذ عشرة أقداح، وجاء وقال للبواب: افتح حتى أدخل هذه الأقداح التي طلبوها. ففتح له، ودخل وأكل وشرب مع القوم، ثم حمل الأقداح، وردها إلى صاحبها، وقال: لم يرضوها، وأخذ رهنه .ودخل آخر إلى قوم فقالوا: ما دعوناك، فما الذي جاء بك ؟قال: إذا لم تدعوني ولم أجئ وقعت وحشى، فضحكوا منه وقربوه .جاء آخر إلى قوم ودق الباب عليهم، فقالوا: من أنت ؟قال: أنا الذي رفعت مئونة الإرسال عنكم .قال بعضهم: كنت مع بنان في دعوة، ومعنا على المائدة جماعة من الكتاب وغيرهم، وكان بين يدي رجل منهم دجاجة سمنة، فضرب بنان بيده إليها فتناولها من بين يديه، فقلت له: يا بنان لم تفعل كذا ؟فقال: إنه - أصلحك الله - مشاع غير مقسوم .قيل لبعضهم، وقد أسرف في أكل شيء: إن هذا يستحيل في المعدة مرة صفراء. فقال: لو ظهرت لي المرة الصفراء لأكلتها .قدم إلى بعضهم، وهو يأكل مع جماعة، بقيلة، فمد يده إلى البيضة، فقال: يقال إنه لا يأكلها إلا شره، ولا يتركها إلا عاجز، ولأن أكون شرها أحب إلي من أن أكون عاجزاً .قيل لبعضهم، وقد أكل رءوساً وأكثر منها: أما تخاف التخمة ؟قال: لا. إن لي بطناً ما دخله شيء إلا جعل الله حده الأسفل .قال بعضهم: أتاني رجل عشياً، فطلب تمراً، وأمرت بإحضار شيء كثير منه جداً. فابتدأ يأكل ونمت، فلما أصبحت وخرجت فإذا هو يأكل، فقلت: باكرت التمر. قال: لم أنم بعد - فديتك أنا آكل منذ رأيتني .وكان بعضهم يباكر الأكل، فقيل له: اصبر حتى تطلع الشمس، فقال: أنا لا أنتظر بغدائي من يقدم من أقصى خراسان .قيل لبعضهم: أي الطعام آثر في نفسك ؟قال: ما لم أنفق عليه .قيل لبعضهم: كل من قدامك. فقال: أترى من خلفي هو ذا آكل ؟سمع ابن المغنى مغنياً يغني:

    أشارت بمدراها ، وقالت لتربها ........ أهذا المغيري الذي كان يذكر ؟

    فقال: سذابة في رأس جدي قد عمل سلافة أحسن من مدراها .كان بعضهم إذا دعي فقدم الخوان كان أول من يتقدم، ثم يقول: 'وعجلت إليك رب لترضى' .قيل لبعضهم: التمر يسبح في البطن. فقال: إن كان التمر يسبح فاللوز ينج يصلي في البطن تراويح .قيل لآخر: كيف أكلك ؟قال: كما لا يحبه البخيل .سمع آخر خشخشة الخلال فأمسك، فقيل له: كل. قال: حتى يسكن هذا الإرجاف .قيل لواحد: لم أنت حائل اللون ؟. فقال: للفترة بين القصعتين، مخافة أن يكون الطعام قد فني .قال بعضهم: كنت أمر في بعض أزقة بغداد إذ صيح: الطريق الطريق فالتفتّ فإذا بإنسان محمول على محفة، فقلت: ما أصابه ؟قيل: أكل الهريسة فأعجزته عن المشي والحركة، ونحن نحمله إلى منزله .دخل العبدي على قوم يأكلون، فقالوا له: هلم. فقال: قد أكلت، ثم جلس يعظم اللقمة ويبادر بالمضغ، فقيل له: ألست قد أكلت ؟. فقال: الكذب يمرئ، ونعم الشيء الحموضة للخمار .زعموا أن الطفيليين يقولون: إن الصليّة تبشّر بما بعدها من كثرة الطعام، كما أن البقيلة تخبر بفنائه، فهم يحمدون تلك ويسمونها المبشرة، ويذمون هذه ويسمونها الناعية، حتى صار المخنثون إذا شتموا إنساناً قالوا: يا وجه البقيلة .قال البعفوري: اشتهي أن آكل من العنب الرازقيّ حتى ينشق بطني. فقيل له: أو تشبع ؟قال: هذا ما لا يكون .أضاف الأعمش أعرابياً وجاءه برطب وجعل ينتقي أطايبه، فقال الأعرابي: لا تنتق منه شيئاً، فلست أترك منه واحدة .قال أبو العيناء: كان بالريّ مجوسي موسر فأسلم، وحضر شهر رمضان فلم يطق الصوم، فنزل إلى سرداب له وقعد يأكل، فسمع حساً من السرداب، فاطلع فيه وقال: من هذا ؟فقال الشيخ: أبوك الشقيّ يأكل خبز نفسه ويفزع من الناس .قال كشاجم: أخبرت عن قاضيين ظريفين كانا متجاورين، أن أحدهما وجه إلى الآخر في غداة باردة يدعوه إلى الهريسة، ويقول: إنها قد أحكمت من الليل، فرد الرسول، وقال: قل له قد عققتني، ولم ترد برّي، لأن حكم الهريسة أن يدعى إليها من الليل فرجع الرسول فقال: ارجع فقل له: ذهب عنك الصواب ليس كل الهرائس تسلم وتجئ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1