Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الحاوي في الطب
الحاوي في الطب
الحاوي في الطب
Ebook701 pages7 hours

الحاوي في الطب

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

الحاوي في الطب يعتبر من أكثر كتب أبو بكر الرازي أهمية وقد وصف بأنَّه موسوعة عظيمة في الطب تحتوي على ملخصات كثيرة من مؤلفين إغريق وهنود إضافة إلى ملاحظاته الدقيقة وتجاربه الخاصة وقد ترجم الحاوي من اللغة العربية إلى اللغة اللاتينية وطبع لأول مرة في بريشيا في شمال إيطاليا عام 1486 وقد أعيد طبعه مرارًا في البندقية في القرن السادس عشر الميلادي وتتضح مهارة الرازي في هذا المؤلف الضخم ويكاد يجمع مؤرخو الرازي بأنَّه لم يتم الكتاب بنفسه ولكن تلاميذه هم الذين أكملوه.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateNov 6, 1900
ISBN9786481251186
الحاوي في الطب

Read more from أبو بكر الرازي

Related to الحاوي في الطب

Related ebooks

Reviews for الحاوي في الطب

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الحاوي في الطب - أبو بكر الرازي

    الغلاف

    الحاوي في الطب

    الجزء 9

    أبو بكر الرازي

    311

    الحاوي في الطب يعتبر من أكثر كتب أبو بكر الرازي أهمية وقد وصف بأنَّه موسوعة عظيمة في الطب تحتوي على ملخصات كثيرة من مؤلفين إغريق وهنود إضافة إلى ملاحظاته الدقيقة وتجاربه الخاصة وقد ترجم الحاوي من اللغة العربية إلى اللغة اللاتينية وطبع لأول مرة في بريشيا في شمال إيطاليا عام 1486 وقد أعيد طبعه مرارًا في البندقية في القرن السادس عشر الميلادي وتتضح مهارة الرازي في هذا المؤلف الضخم ويكاد يجمع مؤرخو الرازي بأنَّه لم يتم الكتاب بنفسه ولكن تلاميذه هم الذين أكملوه.

    سكان المدينة الشمالية

    يغلب عليهم اليبس وطبائعهم يابسة عسرة الانحلال . حدود المشرق في ما بين المشرق الصيفي إلى المشرق الشتوي .المدينة الموضوعة قبالة المشرق تهب فيها ثلاث رياح : الهابة من المشرق الصيفي وتسمى السفع ، والهابة من المشرق الشتوي وهي الأزيب والهابة من الموضع المتوسط من هذه وهي الصبا معتدلة وأكثرها اعتدالاً الصبا ، وهذه الثلاث الرياح معتدلة وأكثرها اعتدالاً الصبا والهابة من المشرق الصيفي لأنها تميل إلى الشمال فهي مائلة إلى البرد واليبس عن الاعتدال بقدر ميلها ، لأنها نحو المغرب ، وهذه المدينة معتدلة إلا أنها أميل إلى الحرارة مائلة قليلاً ، وماؤها جيد وهواؤها لطيف .الرياح التي تهب في المدينة التي قبالة المغرب ثلاث : الهابة من المغرب الصيفي وتسمى محوة والهابة من المغرب الشتوي وتسمى حيزبون ، والهابة الوسطى وهي الدبور ، وهذه الرياح معتدلة وأعدلها الدبور ، وأيبسها محوة ، وأبردها الحيزبون لأنها مائلة إلى الشمال .الرياح المشرقية والمغربية وإن كانت معتدلة فالمشرقية أميل إلى الحرارة واليبس ، والمغربية إلى البرد والرطوبة .لى : لأن هذا مشرق صاف قليل الرطوبة بسرعة إشراق الشمس عليه وإذهابها لغلظ هواء الأسحار وبالضد ، والرياح المشرقية والمغربية وإن كانت على طول واحد فإنها يلزمها ما ذكرنا ، لأن الريح المشرقية تجيء من هواء قد لطفته الشمس إلى هواء لم تلطفه بعد ، والمغربية بالضد .إذا كان البلد جبال ثلجية هبت رياح باردة في الشتاء ما دام الثلج باقياً فإذا ذهب الثلج لم تهب فيه رياح وصار رمداً كبلاد طرسوس .لى : هذا لم تكن له رياح أخرى تهب .البلدان المشرفة جداً والغائرة جداً يكون تغاير الأزمنة فيها عظيمة قوية ، وكذا في البلدان المختلفة الحالة التي بعضها عال وبعضها منخفض ولها جبال مختلفة الوضع .والبلدان اليابسة أهلها أكثر فهما وأكثر جلداً وبالضد .استعن بالمقالة الثامنة من هذه المسائل .من الأولى من الأغذية ، قال : اجعل الأغذية بحسب مزاج البلاد والأوقات ، واحذر في الخريف الأطعمة التي تولد دماً سوداوياً ، والتي تجفف ، وتستعمل في الشتاء بثقة واتكال ، وكذا فاستعمل في الصيف الأطعمة المبردة . وأما الربيع فاستعمل فيه الأغذية المعتدلة .الأولى من المزاج ، قال : شر حالات الهواء الحار الرطب ، وبه يكون الوباء أكثر ، كما ذكر أبقراط : أنه جاء مطر جود ودام في الصيف كله .قال : وليس شيء من أوقات السنة الطبيعية حاراً رطباً ولا الربيع ، لأن الربيع معتدل والوقت الحار الرطب إنما هو الذي تغلب عليه الحرارة مع الرطوبة كالحال التي وصفها أبقراط .قال : ومتى كان تغير الزمان في فصل واحد كانت بلية الوباء أقل ومتى كان في أزمنة كثيرة كانت البلية في الغاية إلا أن يكون تغيرها إلى الضد .قال : ففي حالات الهواء الحار الرطب تكون العفونات على أعظم ما تكون ، وفي الحالات الباردة اليابسة لا تكون عفونته ، فلذلك الشمال تبقى الأجسام سليمة من العفن ، والجنوب تعفن سريعاً .قال : وجميع ما يقصد به الناس لئلا يعفن إنما يبردونه ويحفظونه كما يفعل باللحموم بالخل والملح والوضع في الهواء البارد .الثانية من المزاج ، قال : الحرارة الغريزية في الشتاء كثيرة والحرارة الغربية كثيرة في الصيف ، ومن الغربية تكون العفونات ومن الغريزية الهضم .اليهودي قال : إذا كثر المطر في القيظ هاج الجدري والحصبة ، وإذا ظهر ناحية بنات نعش مثل البرق كانت السنة وبئية .قال : وقت الوباء دع الأطعمة الرطبة وافصد واحذر الامتلاء والشرب وكثرة الجماع وكثرة النوم ، وأسهل بالمطبوخ ، وكل الأطعمة السريعة الهضم اللطيفة ، والجلوس في الحمام ، وتعاهد السكنجبين والجلاب والطين الأرمني بالماء والخل ومص الرمان والإجاص ، ومر أن يرش في البيت خل وحلتيت واجعل طعامك عدساً وقرعاً وماشاً ونحوه ، فإن هذا أمان من الطاعون .قال ج : أنه لما حدث الوباء لم يتخلص أحد إلا أصحاب الصيد لإدمانهم الرياضة .الطبري : إذا حدث في أيلول نيران في السماء فاجتنب حينئذ الأطعمة والأشربة الغليظة والرطبة ، قال الجماع وإدمان التعب ، واشرب مسهلاً وأكثر دخول الحمام وأطل فيه واشرب الشراب الريحاني وشم أنواع الطيب ، فإن ذلك يدفع الفساد إن شاء الله تعالى والضرر عن الدماغ والقلب .وحكى عن بعض كتب الهند انه ينبغي أن يجتنب في الصيف المالح والخريف ، ويترك الرياضة ، ويؤكل الشيء الخفيف الحلو الدسم ، ويجعل مسكنه بارداً ، ويكسر شرابه بماء كثير ، ويغتسل بماء بارد ، لأن البدن في هذا الفصل ضعيف ونار المعدة قليلة .لى : ينظر في الحلو والحامض والدسم .وقال : الأرض القاع القليلة النبات والماء صحيحة ، والكثيرة النبات والماء والأمطار أرض موت ووباء وأمراض ، والمتوسطة بين ذلك متوسطة في ذلك .أبو هلال الحمصي قال : المرضى من الوباء ينبغي أن يقلل طعامهم وشرابهم ، لأن ذلك الطعام والشراب وبيء .قال ابن ماسويه : مما يصلح الهواء الرديء وهواء البيت الذي يصطلى فيه ويكسر عادية الوباء الدخان . ويذهب رداءته العود الهندي وحده والعنبر والمسك والصندل والقسط الحلو والميعة والكندر فإن هذه تصلح الهواء الغليظ . ومما يذهب رداءة الوقود أن يطرح على النار الجمر قطع سفرجل طري ويترك حتى يحترق .لى : واطرح على الجمر قشور رمان وآس ورش عليه الخل ونحو ذلك .قال : ولتكن المساكن الصيفية أبوابها أبداً قبالة الشمال ، والشتوية قبالة المشرق والبلدان الباردة لتكن أبوابها أبداً قبالة المشرق وأما البلدان الحارة فقبالة الشمال .شمعون : قال : إذا كان الوباء فاكنس البيت كل يوم ، وليرتش بخل وحلتيت ويؤكل كل يوم خبز بخل وحلتيت .من اختيارات حنين ، قال : شرب الماء البارد ضربة الكثير منه يطفئ الحرارة الحادثة من الوباء ، وإن شرب قليلاً قليلاً لم ينفع بل أهاج الحرارة .قال روفس : لم أر أحد شرب هذا الدواء إلا وسلم من الوباء ، وهو : أن يؤخذ من الصبر جزءان ومن المر جزء ومن الزعفران جزء ، يسحق ويؤخذ منه كل يوم قليل بأوقيتين من شراب ريحاني .قال وقال ج : شرب الترياق الكبير ينفع نفعاً عظيماً من العفونات التي تكون من الوباء .السادسة من مسائل ابيذيميا ، قال : يكون الهواء المكشوف أفضل إذا كان ساكناً ومداً لا يتحرك ، فإنه حينئذ المواضع العالية أفضل لأنه على حال تقع فيها حركة .من كتاب ارخيجانس ، قال اسقلبياذس : إن أهل النوبة يهرمون في ثلاثين سنة لأن أبدانهم تجف من شدة حرارة الشمس وحرارتهم تنفش ، وأهل البلدان الباردة لا يهرمون في مائة سنة لأنه لا تجف أبدانهم وحرارتهم لا تنفش لكن تبقى داخلاً قوية كامنة في أبدانهم مكتنزة .من كتاب روفس في التدبير ، قال : الموتان ينبغي أن يبرد البدن في الماء البارد وتترك الأعمال والتعب وكثرة الأكل والشرب .قال : ولا ينبغي أن يكن في المدينة الضيقة الأسواق و المغمة بل ينتقل عنها . من كتابه في المالنخوليا ، قال : الربيع يثور فيه الدم ويتعكر لأن ما فيه من الأنفال تهيج معه كما تثور مياه العيون في ذلك الوقت ، ولذلك يبادر فيه بالفصد لأنه يخرج دماً ردياً يثور ويومن به من هيجان العلل ، ويهيج فيه المالنخوليا وإن كان الدم سوداوياً ، لأنه يصعد إلى الدماغ والبثور ، والدماميل ، والأورام ، والخراجات ، والصداع ، والعروق التي في الصدر ، ونفث الدم ، ويهيج فيه السعال وتسوء فيه حال أصحاب السل ، ويموتون فيه كثيراً ، ويعرض فيه الفالج والسكتة كثيراً ، ووجع المفاصل ، والخوانيق تكون في هذا الفصل قاتلة سريعاً تبادر القروح إلى العفن . وأكثر ما تعرض هذه الأعراض لمن يكتسب في شتوته دماً ردياً كثير الفضول فيظهر فعل تلك الفضول في الربيع حتى يسخن الدم وينتشر .لى : وقد يعرض مثل هذه الأعراض في الربيع لمن يشتد حزنه أو يحتد مزاجه لعارض من عوارض النفس لأن دمه يهتاج ويزداد تثوراً ورداءة .قال : الخريف مفسد للهضم .قال : والربيع فصل صحيح ولكن هذه الأشياء إنما تعرض فيه لسخونة الدم لمن دمه رديء .من مسائل ابن ماسويه ، قال : السنة التي تكون فيها الضفادع أكثر تكثر فيه الأمراض لأنها تكون سنة رطبة ، وإذا كان الصيف والخريف كثيري الجنائب والأمطار كان الشتاء ممرضاً لا يقتل والأبدان فيها فضل كثير وإذا كان الشتاء جنوبياً والربيع شمالياً حدثت فيه أمراض ، وإذا كان الشتاء شمالياً والربيع جنوبياً كان في الصيف حميات ورمد . إذا كان الصيف يابساً جداً والخريف مطيراً حدث في الشتاء صداع وبحة وسعال .من آخر المقالة الأولى من طبيعة الإنسان ، جملة ما قاله في علة تولد الأخلاط في الأزمنة ، قال : الشتاء لطول الليل وقصر النهار وضعف سلطان الشمس تضعف في المرة .قال : وإن كان الهضم في الشتاء جيداً فخارج الأبدان يبرد وخاصة إذا لم يكن متدثراً وكانت نواحي البطن مكشوفة . فأما الربيع فيكثر فيه الدم ، لأن الرطوبة غريزة يسخن بالزمان ، والدم يكثر مع كثرة المطر وحر النهار . وأما الصيف فلطول النهار يكثر الحر ويشتد ويكثر المرار وأما الخريف فيوافق برده احتراق الصيف فيصير ما احترقت باردة وقد كانت يابسة ، ولذلك يقل الدم فيه ويضعف .

    جوامع الحميات المفصل

    قال : يعسر فعل الوباء في الأبدان التي لا فضول فيها وفي المستعملة الرياضة ، ويسرع في الأبدان الرطبة والممتلئة والرديئة الأخلاط .قال : البدن الحار الرطب يؤاتي الوباء جداً فينبغي أن تخففها جهدك ، والبدن البارد اليابس يمانع الوباء فاحفظه في تلك الحال على مزاجه وأما الممتلئ فافصده والرديء الأخلاط أسهله وألزمه غذاء يولد ضد تلك الأخلاط ليتخلص من الوباء .لى : حر البلد وبرده معروف حساً ، ورطوبته ويبسه يعرف من قرب نبع الماء وبعده ومن طبيعة الأرض أحجرية هي أم طينية ، ومن كثرة الأنهار والبحيرات والنقائع الجنائب والأمطار والبرد يعين الرطوبة والحر يعين اليبس ، وأما ومد المدينة وصحتها فتعرفان من ارتفاعها وانخفاضها ومن انكشافها واستتارها ومن كثرة هبوب الريح وقلته وأما جودة أبحرها وأرضها وردائتهما فيعرف من طبائع الأرض أمعدنية هي أم لا ؟ ومن النقائع الكثيرة أيضاً ، هذا كل ما يحتاج إليه إذا أردت أن تعرف حال المدينة من الجبال فتحر في المدينة أعلى مكان ثم اصعده وتفقد ما الجوانب التي تستتر عنها ومقدار ما تظن أنه يمتد ظل تلك الجبال .بولس وأريباسيوس قالا : الأمراض المشتركة تكون إما لهواء رديء مشترك أو لأغذية ردية أو لخصب كثير يتوسع فيه الأكل ، أو لجرب أو لسفر وتعب يعم جمعاً من الناس أو ما يشربونه فإن التعب المفرط إذا أستريح منه يمرض .لى : رأيت ناساً سافروا سفراً متعباً في صيف فحين رجعوا مرضوا كلهم أمراضاً حارة إلا من كان منهم مبلغماً مرطوباً .قال : وبالجملة ينبغي أن تضاد الحال الحادثة في الهواء فما كان من الأبدان مزاجه يضاد ذلك الحادث فإنها لا تحتاج إلى ذلك ، فإذا اشتد حر الهواء فبرد الأبدان وخاصة الحارة بالمسكن والغذاء وترك التعب وبالنوم وإذا يبس فرطبها بالماء والشراب وكذا في الكيفيات الأخرى قال : يعرض مع الطاعون الوبائي اختلاط العقل وبرد الأطراف واختلاف المرار ونزفه ووجع البطن وتمدده وبراز مري ونفخ وأبوال مائية رقيقة ومرارية وسدد ورعاف وحرارة في الصدر وكرب وسواد اللسان وعطش وسقوط الشهوة وأشياء أخرى رديئة ، فينبغي إذا تغير مزاج الوقت أن يقاوم وتضاد فالزم الأبدان المفرطة الرطوبة في حال الهواء الرطب القيء والفصد الرياضة وإدرار البول والإسهال ، وإذا كان بالبطن الأعلى كرب وحرارة شديدة في الصدر فضمده بالمبردات وشرب الماء البارد مقداراً كثيراً ضربة لتسكن الحرارة ، ولا يشرب منه قليلاً قليلاً لأنه يهيج الحرارة أكثر ، وإن بردت الأعضاء فاستعمل الدثار والدلك عليها لينجر الدم إليها .قال : ويؤخذ من الصبر جزءان ومر جزء وزعفران جزء ويسحق ويعطى كل يوم مع شراب ريحاني .فزعم روفس : أنه لم ير أحداً شرب هذا الدواء فمات في الوباء وأما جالينوس فذكر أن شرب الطين الأرمني وشرب ترياق الأفاعي ينفع من العفونات الوبئية نفعاً عظيماً ، وإن لم ينتفع به هلك .الثانية من السادسة من ابيذيميا ، قال : في حال الهواء الوبائي احذر الإكثار من الطعام ولا تحتمل العطش ولا تتعب .من فصول ابيذيميا بحسب ما يكون عليه حال الهواء المحيط بنا يكون تغير الأخلاط والأرواح التي فينا ، فمتى كان الهواء نيراً صافياً كانت صافية ، ومتى كان كدراً ضبابياً كانت كذلك .إذا كان الخريف يابساً هاجت علل حارة ، وإن كان رطباً سلم الناس .لى : قد تفقدت ذلك فوجدت الخريف اليابس يولد جدرياً وحميات حارة إذا كان مزاج الهواء المحيط بنا رطباً منع الأبدان أن تتحلل من مسائل الفصول ، قال : البلد القريب من البحر يعتدل مزاجه أكثر مما يبعد منه ، لأن القريبة من البحران كانت شمالية باردة كان ما يلي البحر منها أعدل لأنه يكون منخفضاً متطامناً فيصير لذلك أسخن . فإن كان من البلدان الحارة مثل مصر والنوبة فإن الذي يلي من البحر يكون أبرد لأنه في الصيف تبرده الرياح الشمالية التي تهب إليه من البحر فيكون لذلك أبرد ، فقرب البحر من البلد يجعله أعدل من تلك مساوياً له في سائر الأحوال خلا القرب من البحر . ومن مزاجه حار رطب فقل ما تضره الجنوب .لى : يتبين من الفصل الذي أوله الأجواف في الشتاء والربيع أسخن ما تكون إن استدامة الصحة في فصل الخريف يكون بترطيب البدن ما أمكن وأن أمراضه خريفية لا امتلائية ، وذلك أن جالينوس قال هناك : أن الدم في الخريف في البدن أقل ما يكون . وأما أمراض الربيع فبالضد ، أكثرها امتلائية لأن الدم في الشتاء أكثر ما يكون في البدن لكنه متداخل فإذا سخن في الربيع ثار وهاجت لذلك أمراض .ج : الطين اللاني جيد للوباء يسقى بشراب رقيق ممزوج إذا لم تكن حمى فلا يشربه أحد إلا تخلص .بولس عن روفس قال : إذا تغيرت أزمنة السنة وحدست أن يكون وباء فتفقد حال الأبدان في مزاجها وفي تدبيرها وانح نحو مضادة الهواء الذي تغير ، فإن رطب الهواء في الوقت الذي يكون فيه يابساً يجفف الأبدان بإسهال البطن وإدرار البول والفصد والقيء وإذا كان في الوباء تجد للإعياء لهباً وكرباً وحرارة يسيرة في الصدر فاجعل على الصدر أشياء تبرده ويشرب دفعة ماء بارد كثيراً ليطفئ بذلك الالتهاب ولا يتجرعه قليلاً قليلاً فإنه يهيج الحرارة وإن بردت الأطراف وظاهر البدن فادلك البدن ودثره ليجذب الحرارة إلى خارج .ج قال : وهذا الدواء ينفع من الوباء ما شئت صبر مر زعفران جزء جزء يسحق ويعطي كل لوم أوقية مع اوقية شراب ريحاني . قال روفس : لم يمت أحد شربه . وأما جالينوس فذكر هذا الذكر بعينه في الطين الأرمني . وشرب الترياق الكبير عظيم النفع من عفونات الوباء جداً .لى : ينبغي أن تعلم هذه الأدوية ولا ينبغي أن تستعمل في كل حال يحدث .الأولى من جوامع الحميات : الأبدان صنفان منها ما يستحيل عند الوباء سريعاً وهي المملوءة أخلاطاً ردية ، والعادمة للتحلل الكثيرة الراحة والبطالة المسرفة في الجماع والحمام ، ومنها ما يعسر تغيره واستحالته وهي النقية من الفضول المستعملة للرياضة التي تنحل فضولها ومجاريها مفتحة . فالهواء يمرض البدن : إما أن يبرده أو يسخنه أو يرطبه أويجففه أو يعفنه فأسرع الأبدان إجابة للهواء الحارة الرطبة وأعسرها إجابة الباردة اليابسة ولتحفظ حينئذ هذه بحالها فتجفف الأولى ما أمكن وأما الأبدان الممتلئة فالتستفرغ بالفصد ، والرديئة الأخلاط بالإسهال ، والمسددة بتفتيح السدد .مسائل السادسة من ابيذيميا ، قال في حال الموتان التي تسقط فيها الشهوة جداً جداً يبقون يأكلون ، ومن تشجع وحمل نفسه منهم واجتهد في ذلك تخلص ونجا ، ومن فشل ولم يجتهد نفسه على أكل هلك .مسائل السابعة من السادسة : إذا قل المطر احتد الدم جداً حتى أنه يفتح العروق ويجلو الرمد اليابس .لى : كان عندنا في سنة خريف وكان شديد الحر يابسه ودام على ذلك فما يبقى صبى إلا جدر الرجال . وينبغي أن تعلم أن الزيادة في طبيعة الفصل الممرضة وباء وبالضد ، والممرضة الصيف والخريف ومتى زاد برد الخريف وكان مطره أسرع فهو أقل ضرراً لتسكينه حدة المرار وبالضد ، ومتى امتد طيب الربيع وبرده ورطوبته أياماً كثيرة كان أقل الأمراض الصيفية أعني الحميات والحدة ، ومتى امتد الشتاء كان أجود ، وأما الصيف والخريف فمتى امتد اعني رادت طبيعتها هاجت الأمراض .الثالثة من الأخلاط ، قال : يتولد في البدن من روائح الحمئة حال عفونة ومن هواء الآجام فربما تولدت عفونة ويتولد منها دائماً ضرورة غلظ الروح ويتبع ذلك غلظ الأخلاط .الحميات تحدث في حال الهواء البارد أقل منها في سائر الأحوال ، فأكثر ما تحدث في حال الهواء الحار اليابس ، ثم في الحار الرطب ، ويكون ما يحدث في حال الهواء رطبة لينة هادئة كثيرة العرق ، والعارض في حال الهواء البارد : الفالج والسكتة والسعال وأوجاع المفاصل والمثانة ولا يعرض فيه حمى إلا أقل من ذلك .بولس : إذا سخن الهواء ويبس فاتخذ مساكن يجري فيها الماء واترك الحركة وأطل الراحة وأقل الطعام وأكثر الشرب من الماء البارد ، وإذا برد فأوقد نيراناً قرب المساكن كما فعل أهرن .الخامسة من حيلة البرء قال : أبدان من مرض من وباء تكون كأنها قد يبست .لى : حدوث الوباء في الخريف على الأكثر يدل على أنه إنما يحدث من يبس ، وأيضاً فإنه إنما يحدث في الأكثر إذا كان الخريف حاراً أو تأخر المطر فلهذا أرى ترطيب الأبدان في الخريف ، لأنه بذلك تنكسر حدة المرار .شرك الهندي قال : البرد يقوي البدن ويشد ، ويصحح الذهن ويطيب النفس .

    منافع الأعضاء

    البيوت المصهرجة الطرية وريح الدهم ونحوها مما يقتل .الكندي، في الأبخرة المصلحة للهواء: كما أن ثبات الأبدان بحالها غير متعفنة يكون بالأدوية الفاعلة لذلك كالترياق والمثروديطوس ونحوها من المقوية لآلات الحياة ويبادر الناس في الوباء إلى أخذها فتصلح أبدانهم كذلك يصلح الهواء بالأبخرة المضادة للعفن الذي فيه العطرية الدهنية لأن العفن للمائية والحرارة الضعيفة، فالحرارة القوية والقابضة مانعة من العفن، منها: عنبر لبان ميعة سندروس كندر مصطلى علك القرنفل البطم لاذن عسل راتينج عود صندل أصفر قسط سك زعفران آبنوس عرعر ساج تنكار طرفاء غار أشنة اذخر سعدى أبهل وزنجبيل راسن شابابك بنك. فبعض هذه مسخنة للجو وبعضها يولد فيه قبضاً وبعضها برودة وكلها تمنع العفن، والذي ينفع الهواء الحار اليابس الأبخرة الدهينة كاللبان والميعة والسندروس والكندر والمر والمصطلى والصبر وعلك القرنفل والراتينج، فهذه كلها يصلح هواء القشف الحار، والطيوب تصلح العفن المنتن، والقابضة تصلح الشديد الرطوبة كالطرفاء والسعدى، والحارة اللطيفة تصلح الغليظ كالزنجبيل، وينبغي أن تتحرى في طلوع الشمس وانتصاف النهار وغروبها ونصف الليل، لأن في هذه الأوقات يسيل الهواء، وقد يضاد الهواء المفرط الرطوبة بالنيران الكثيرة، واليابس بالمياه، وكل كيفية بضدها. وزعمت الهند أن الكور يمنع من العفن في الهواء، وإن شرب منع من العفن في الهواء ويقطع نتن الهواء ويعدله ويصلح فساده .دخنة جيدة يبخر بها مرتين بها مرتين في اليوم تصلح الهواء: كافور صاف وحرف أبيض وصمغ الخضراء وأصطرك وأظفار وأسارون ولبان وعود هندي وزعفران بالسوية يتخذ بنادق ويبخر بها. ويزاد حرد بودار .التذكرة: إذا قل العرق في إبانه فاستفرغه .ارخيجانس: أهل النوبة يهرمون في ثلاثين سنة وأربعين سنة، لأن أبدانهم يابسة من شدة حر الشمس ببلدهم. وأهل جرمانيا تأتي عليهم مائة سنة لأن حرارتهم كامنة في أبدانهم لبرد بلدهم وكثافة أبدانهم .اراساليون وبولس عن ج: لبس الثوب الذي يحمى يكرب في الصيف، والذي لا يدفأ في الشتاء يضر البدن، لأنه يعاون الحر والبرد .جورجس إذا هبت الصبا في كانون أياماً كثيرة وتكدر الهواء وكلما ظننت أنه يكون مطر يتناثر من السماء كالغبار فقد فسد مزاج الهواء في الشتاء، وإن كان الربيع قليل المطر شديد البرد وهبت جنوب أياماً ثم صفا بعد ذلك الهواء نحو عشرة أيام وكان بالليل برد شديد وبالنهار حر وفي الهواء غمة وحرارة فقد بدت العفونات والجدري، وإذا كثر في الصيف المطر وكدر الجو واغبرت الأشجار ولا يكون حاراً كما ينبغي وترى في نصف الخريف نيران في السماء من المغرب فإنها علامات وباء عظيم، فإذا تغير الهواء في اليوم مرات إلى الحر والبرد وطلعت الشمس صافية يوماً بشمال وبرد وكدرة ويوماً بجنوب وحر فإنها علامات الوباء، فينبغي أن يجتنب الامتلاء والشراب الكثير والتعب الكثير والباه، وافصد وأسهل المرطوب، ويتعرق في الحمام ويشتم الشراب الريحاني، ويعطى من يحم جلاب وكشك الشعير ويشرب الطين الأرمني .

    الجزء السادس عشر

    بسم الله الرحمن الرحيم

    حميات الدق والذبول

    والحميات التي تذيب البدن وجميع أصناف الذبول

    حميات الدق

    لي أن هذه الحميات لا تبتدئ ابتداء لأنه لا تسخن الأعضاء الأصلية ابتداء بل لا بد من أن يتقدمها حميات، إما يومية إذا كان البدن مستعداً لان يسخن منها سخونة تكتسب أعضاؤه الأصلية منها سوء مزاج، وهذه الأبدان هي المرارية، أو من حميات عفن، أو من حميات الورم في بعض الأحشاء، فإن هذه يمكن أن تكتسب منها الأعضاء الأصلية حمى دق، أو من تدبير لطيف جداً كما يعرض لمن نصب وتعب بالسهر في العلوم وكان بدنه مستعداً لذلك ولصاحب السهر وقلة الغذاء وأخذ الأدوية الحارة ونحوها، فإنه ممكن أن تكتسب الأعضاء الأصلية من هذه الأسباب سوء مزاج، فإن لم تكن حمى حتى تكون إذا ابتدأت به الحمى كانت قريبة من الدق وانتقلت إليه سريعاً .

    المقالة الأولى من أصناف الحميات

    حمى دق تكون من سخونة جرم القلب

    لي اكتب جرم القلب سوء مزاج حار وذلك لأنه هو الذي ينتشر منه الحرارة في البدن .قال ج : الدق لا تبتدئ ابتداء بل يتقدمها حميات غيرها . النبض الصلب بحمى دق أكثر منه في غيرها من الحميات .قال : وتتولد حمى دق على وجهين : في الأكثر يكون بعقب حميات عفنة محرقة طال لبثها حتى أفنت على طول المدة رطوبة جرم القلب ، أو بعقب سهر أو غم ونحو ذلك مما يجفف تجفيفاً قوياً . والأولى من هاتين ليست من حميات الدق فقط لكنها مع ذلك من جنس الذبول . فأما الثانية التي يبقى معها من رطوبة جرم القلب بقية صالحة قال : وهذه التي تبتدئ ابتداء من غير أن تتقدمها حمى أخرى ويكون ابتداء حدوثها ابتداء حمى يوم أما بعقب غم أو سهر أو غضب أو إعياء شديد أو حر شديد ألف فليس مما يعسر علاجها ما دام لم تصر إلى حد الذبول ، وما صار إلى حد الذبول لقلة معرفة الأطباء فلا يمكن مداواته فضلاً عن أن يسهل إذا كان قد صار إلى حد الذبول على الحقيقة والكمال . وليس هو بعد في أوائلها ، لأن الذبول ينال القلب فيه ما ينال فتيلة السراج إذا احترقت احتراقاً شديداً فإنها تتفتت ويذهب اتصالها ولا يمكن ردها إلى حالها بالزيت إذا صب عليها فهذا حال الذبول العارض عن الحميات . فأما العارض بسبب خمود الحرارة الغريزية كالعارض للشيخ الفاني من غير حمى ، وقد يحدث أيضاً للصبيان وغيرهم فضلاً عن الكهول فإنه من يرد ويبس وبغير حمى . والذبول الكائن عن حميات ليس العارض فيه يبس فقط بل يبس مع حرارة ، وهذه الحرارة أيضاً تنطفئ بفناء الرطوبات ، ويرجع البدن إلى جفاف وبرد .قال : وتعرف حمى الدق التي يعرض فيها ذبول كامن من أسهل الأشياء لثباتها وذلك أنك ترى العينين غائرتين جداً كأنهما في حفرتين ، لأن رطوبتهما قد فنيت حتى ترى العظام التي تتصل بها الجفنان ناتئة وترى في العين رمصاً يابساً وحالات من اليبس كحال من سار في غبار نهاره كله في شمس حارة وتذهب عن الوجه والعينين نضارة الحياة وترى جلدة الوجه يابسة مفرط وخاصة جلدة الجبهة حتى توجد ليبسها صلبة ممتدة ، ولا يكاد يقدر أن يشيل جفنه على ما ينبغي لكن تراه كالناعس ، وعلى الأكبر يرى مغمض العين كأنه نائم وليس ما يعرض له من ذلك بنوم بل عجز وضعف عن الانتباه ويجف لحم صدغيه ويلطأ ويغور ولا يبقى منه إلا الجلد والعظم وإن عري توهمت أنه لم يبق من أمعائه ولا من احشائه شيء وترى ما دون الشراسيف منجذباً إلى ناحية الصدر انجذاباً شديداً ، وإن لمسته وجدت الجلد قحلاً جداً فإن مددت منه موضعاً وجدته كالجلد المدبوغ ، ونبضه متواتر دقيق ضعيف صلب وحرارته أول وضعك يدك عليه ضعيفة ثم تتبين بعد ذلك حدتها وخاصة أن أطلت وضع يدك عليه ، وبالجملة فإنها من البيان بحال لا تخفى ، فأما الذبول الذي هو بعد في ابتدائه فهو الذي قد نفدت معه الرطوبة ألف 1185 المبثوثة كالظل وهي الرطوبة في خلل الأجزاء وقد أشرفت على النفاد ، والرطوبة الماسكة للأجزاء باقية فإن الحمى التي مع هذه متوسطة بين التي مع الذبول الصحيح وبين التي إنما بدا فيها الذبول ابتداء وهي ابتداء حميات الدق وهي أسهلها علاجاً لأنه إذا لم تفن الرطوبات التي في خلل الأجزاء مبثوثة كالظل فإن الحمى دق لم يحدث معها ذبول ، فإذا شارفت هذه الرطوبات الفناء فقد قاربت الحال الذبول الصحيح ، فإذا فنيت وأقبلت الحرارة تفنى الرطوبات الماسكة للأجزاء فهذا الذبول .قال : والأمر في حميات الدق كلها إذا جازت ابتداءه صعب .قال : ولا يجب أن تتعرف ابتداءها الأيام بل بكيفية الحال ، وهو ألا تكون الرطوبة قد نفدت ولا القوة ضعفت ، وفي هذا الوقت تكون هذه الحمى سهلة العلاج وتكون سهولته بحسب قربها من الحال الطبيعية وعسره بحسب قربها من حال الذبول الصحيح ، وهذه الحمى سريعة البرء إلا أن يخطئ الطبيب .

    مراتب حمى دق

    لي قد بان من كلام جالينوس أن حمى دق لها ثلاث مراتب ، أولاها ما دامت مبتدئة وهي أن تكون الرطوبات والقوة باقية وهي سهلة العلاج . والثانية أن تكون الرطوبات والقوة قد فنى منها شيء ولم تنفذ كلها وهذه بحسب قربها وبعدها من الطرفين تكون سلامتها ورداءتها . والثالثة أن تكون الرطوبة كلها فنيت والقوة قد بطلت وظهرت علامات الذبول .قال : وأنا أصف دلائل الدق المبتدئة السهلة البرء .قال : وهذه الحمى إذا كانت وحدها سهل تعرفها ، وإن كانت مع حمى عفن عسر الوقوف عليها . فضع أنها بدت مفردة مع بعض الأسباب التي ذكرناها يعني سهراً أو جوعا أو تعباً أو حمى يوم وأنه ظهر في أول يوم من الحمى جميع الدلائل الدالة على حمى يوم ، فإذا كان ذلك ورأيت الحمى . قد دامت إلى اليوم الثاني لا تسكن ولا تقلع ولا تشتد وتقوى ورأيت البدن أزيد يبساً وجفوفاً وقد أقبلت إلى الدق ، فإن بقيت كذلك إلى اليوم الثالث لم تزيد الحمى ولم تنقص تزيداً أو تنقصاً ذا قدر لكن رأيت بقايا تلك الحمى اليومية امتدت ودامت مع يبس وجفوف ، ووجدت الحرارة في أول اللمس هادئة لينة ، وإذا طال لبث كفك على البدن احتدت ألف ه 119 ولذعت ووجدت يبساً فالحمى دق ، وأقوى العلامات وأبعدها من الشك هو أنه بعد أن تناول العليل الغذاء العليل بساعة أو ساعتين يتوهم عليه جميع من مسه أنه قد حدث في حماه تزيد حتى يكون من أناله ذلك الغذاء غير بعيد من أن يلام على أنه غذاؤه في وقت النوبة ، وليس الأمر كذلك لكن هذا غير مفارق لجميع من به الدق أن يكون إذا تناول الغذاء تلتهب الحرارة وتقوى وتتزيد نبضه عظماً وسرعة ، حتى يظن به من رآه أنه قد حدث له نوبة من غير تضاغط أعنى بقولي تضاغط إذا لم يكن مع النوبة اقشعرار ولا برد في الأطراف ولا حال تشبه بالميل إلى النوم ولا كسل ولا اختلاف أصلا في الحرارة والنبض ولا ضعف ولا شيء من أشباه هذه الأعراض لكن يصير النبض سريعاً أسرع وأعظم مما كان يصير في غير من هذه حالة إذا إغتذى .وقد يكون في بعض الحالات حمى غير دق وتزيد الحرارة من غير تضاغط ، والفرق بينها وبني الدق أن تلك تعرض في جميع الأوقات ، وهذه إنما تعرض بعقب وقت الغذاء ، وليس لحمى الدق في وقت من الأوقات نوبة لكنها دائمة متصلة كسونوخس إلا أنها وإن كانت دائمة مطبقة فإنها تنفصل من سونوخس بالحرارة ، وذلك أن الحرارة في سونوخس كلهيب النار والنبض أعظم ما يكون وأسرعه وأشده تواتراً فأما الدق فلا تلقى اليد منها حرارة كثيرة ويكون النبض اصغر وأشد تفاوتاً من نبض سونوخس بحسب نقصان حرها عنها ، ويعم جميع أصناف حمى الدق أن تكون ضعيفة وتبقى مستوية دائماً منذ أولها إلى آخرها بحال واحدة .قال : ويخص ما يكون من حميات الدق التي معها ذبول أن تكون يابسة فإنه قد تكون حميات من الدق لا يبس معها ولا تنتقل إلى الذبول .لي هذا القول بالإضافة إلى التي معها ذبول ، فأما جميع أصناف الدق فمعها يبس وتنتقل إلى الذبول إن دامت .قال : فحميات الدق تخالف الحميات المطبقة لما وصفنا ، وأميا الحميات التي يكون في ابتدائها تضاغط فأن بهيج ذلك بأصحاب الدق بعقب الغذاء ولهؤلاء بخلاف ذلك ، والأمر يزداد عند أخذه الغذاء ثانية . عندك بياناً إذا تفقدت كم يدوم التغيير الحادث بعد الغذاء من الحرارة ؟ وذلك أن تلك الحرارة إنما تدوم بدوام ذلك الغذاء من الحرارة ؟ وذلك أن تلك الحرارة إنما تدوم بدوام ذلك الغذاء واتصال بالقلب وترطيبه إياه من يبسه ثم أن الحال بعد ذلك تعود إلى ما كانت عليه أولاً قبل تناول الغذاء ، فإن غذوته في غير ألف ه 119 الوقت الذي غذوته في اليوم الماضي رأيت هذا الشيء يكون بعقب الغذاء أيضاً .قال : ويشبه أن تكون العلة في هذا السبب كالعلة في سخونة حجارة النورة والحجارة المحماة ، فإنها تسخن عند ما يصب عليها الماء ، وذلك يكون في ما يسبق إلى الوهم ، لأن الحرارة التي فيها حرارة مع يبس ، فإن أصابت جوهراً رطباً اغتذت منه .قال : وهذا بحث طبيعي ، ويدل على أن حمى الدق التي مع الذبول معها يبس شديد أنها لا تكاد تعرض لمن بدنه رطب لكن لمن بدنه يابس وخاصة إن كان مع ذلك حر أو تعب أو سهر أو اهتم وقلل الغذاء فإن هؤلاء يعرض لهم دق من أدنى غضب أو هم وخاصة في الصيف .قال : فأول ابتداء حمى دق الوقت الذي تنحط فيه حمى يوم وتقلع ثم لا تنحط الحمى انحطاطاً كاملاً ويتزيد مع ذلك اليبس تزيداً بينا فذلك أول وقت تزول فيه الحمى عند حد حمى يوم وتدخل حمى دق و تتبين و حد هذه الحمى واستحكامها في الثالث ، إذا لم تحدث له في هذه المدة نوبة أخرى ولا أقلعت الحمى واليبس بتزيد فمعلوم أنها حمى دق وأنها ستؤول إلى ذبول سريعاً أن لم تعالج . وحد انقلاب هذه الحمى إلى الذبول هو أول ما يصير النبض صلبا ضعيفاً وقد كان صغيراً متواتراً ، لأن الضعف والصلابة في النبض من طبع هذه الحمى ، لأن ضعفه من سوء المزاج الحادث بالقلب ، وصلابته من اليبس ، ومتى كان هذان العارضان قد عرضا للقلب وجب أن تكون الحمى حمى ذبول ، ويقع فيها بعقب حميات محرقة ، وأكثر من يوقهم فيها الأطباء لخطائهم في علاجهم ، وخاصة أن احتاجوا إلى شرب ماء بارد فمنعوا ولم يتلطفوا في غيره من الأشياء المبردة التي توضع على الصدر وما دون الشراسيف ، وإن كان مع أنه لم يضمده بأضمدة باردة ضمده بآضمدة حارة محللة ، كالمتخذة من خبز وعسل ، وأنه أحرى بأن يصير إلى الذبول سريعاً مفردة كانت حماه أو من ورم حدث في المعدة أو الكبد ، فإن الذبول أكثر ما يحدث إنما يحدث عن أورام هذه الأعضاء إذا لم تعالج بصواب ، حتى أن قوماً ظنوا أنه لا يمكن أن يكون الذبول إلا من قبل الأورام ولم يعلموا أنه لن يحدث ذبول ولا دق عن ورم عضو من الأعضاء أصلا دون أن تنال القلب

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1