Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

منتهى الطلب من أشعار العرب
منتهى الطلب من أشعار العرب
منتهى الطلب من أشعار العرب
Ebook816 pages5 hours

منتهى الطلب من أشعار العرب

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

جمع في هذا الكتاب ألف قصيدة، اختارها من أشعار العرب الذين يُستشهد بأشعارهم وجعله في عشرة أجزاء، مضمناً كل جزء منها مائة قصيدة، كتب بعض غريبها في جانب الأوراق، مدخلاً فيها قصائد المفضليات، وقصائد الأصمعي التي اختارها، ونقائض جرير والفرزدق، والقصائد التي ذكرها أبو بكر بن دريد في كتاب له سماه: الشوادر، وخير قصائد هذيل، والذين ذكرهم ابن سلام الجمحي في كتاب الطبقات، وهو إلى جانب ذلك لم يخل بذكر أحد الشعراء وتقديم بعضهم على بعض وغنما قدم كعب بن زهير، مختتماً بهاشميات الكميت تيمناً وتبرّكاً بمدح الرسول صلى الله عليه وسلم في قصيدة كعب، وذكره صلى الله عليه وآله في شعر الهاشميات التي اختتم بها هذا الكتاب.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJun 29, 1900
ISBN9786405634446
منتهى الطلب من أشعار العرب

Read more from ابن المبارك

Related to منتهى الطلب من أشعار العرب

Related ebooks

Related categories

Reviews for منتهى الطلب من أشعار العرب

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    منتهى الطلب من أشعار العرب - ابن المبارك

    كعب بن زهير

    قال كعب بن زهير يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم :وقرأت هذه القصيدة في سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة على الشيخ أحمد بن علي بن السمين. ورواها لي عن أبي زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي، عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري، عن أبي عمرو محمد بن العباس بن حيويه الجزاز، عن أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن الحجاج بن ذي الرقيبة بن عبد الرحمن بن كعب بن زهير المزني، عن أبيه عن جده عن كعب: البسيط

    بانتْ سعادُ فقلبِي اليومَ متبولُ ........ متيمٌ إثرها لم يفدَ مكبولُ

    وما سعادُ غداةَ البينِ إذ ظعنوا ........ إلا أغنُّ غضيضُ الطرفِ مكحولُ

    تجلو عوارضَ ذي ظلمٍ إذا ابتسمتْ ........ كأنه منهلٌ بالراحِ معلولُ

    شجتْ بذِي شبمٍ منْ ماءِ محنيَةٍ ........ صافٍ بأبطحَ أضحى وهو مشمولُ

    تنفي الرياحُ القذَى عنهُ وأفرطَه ........ من صوبِ ساريةٍ بيضٌ يعاليلُ

    يا ويحها خلةً لو أنها صدقتْ ........ موعودَها أو لوَ أنَّ النُّصحَ مقبولُ

    لكنها خلةٌ قد سيطَ من دمِها ........ فجعٌ وولعٌ وإخلافٌ وتبديلُ

    فما تدومُ على حالٍ تكونُ بها ........ كما تلونُ في أثوابها الغُولُ

    وما تمسكُ بالعهدِ الذي زعمتْ ........ إلا كما يمسكُ الماءَ الغرابيلُ

    كانت مواعيدُ عرقوبٍ لها مثلاً ........ وما مواعيدُها إلا الأباطيلُ

    أرجُو وآملُ أن يعجلنَ من أبدٍ ........ وما لهنَّ طوالَ الدهرِ تعجيلُ

    فلا يغرنكَ ما منتْ وما وعدتْ ........ إنَّ الأمانيَّ والأحلامَ تضليلُ

    أمستْ سُعادُ بأرضٍ لا يبلغُها ........ إلا العتاقُ النَّجيباتُ المراسيلُ

    ولن يبلغها إلا عذافرةُ ........ فيها على الأينِ إرقالٌ وتبغيلُ

    منْ كلِّ نضاخةِ الذفرَى إذا عرقتْ ........ عرضتُها طامسُ الأعلامِ مجهولُ

    ترمي الغيوبَ بعيني مفردٍ لهقٍ ........ إذا توقدَتِ الحزانُ والميلُ

    ضخمٌ مقلدُها فعمٌ مقيدُها ........ في خلقها عن بناتِ الفَحلِ تفضيلُ

    حرفٌ أخوها أبوها من مهجنَةٍ ........ وعمُّها خالها قوداءُ شمليلُ

    يمشي القرادَ عليها ثم يزلقُه ........ منها لبانٌ وأقرابٌ زهاليلُ

    عيرانةٌ قذفتْ باللحمِ عنْ عُرضٍ ........ مرفقُها منْ بناتِ الزورِ مفتولُ

    كأنّ ما فاتَ عينيها ومذبحها ........ من خطمِها ومن اللحيينِ برطيلُ

    تمرُّ مثلَ عسيبِ النخلِ ذا خصلٍ ........ في غارزٍ لم تخونهُ الأحاليلُ

    قنواءُ في حرتيها للبصير معاً ........ عتقٌ مبينٌ وفي الآذان تآليلُ

    تخدِي على يسراتٍ وهي لاحقةٌ ........ ذوابلٌ وقعهنَّ الأرضَ تحليلُ

    سمرُ العجاياتِ يتركنَ الحصا زيماً ........ لم يقهنَّ رؤوسَ الأُكمِ تنعيلُ

    يوماً تظلُّ حدَابُ الأرضِ يرفعها ........ من اللوامعِ تخليطٌ وتزييلُ

    يوماً يظلُّ به الحرباءُ مصطخِماً ........ كأنّ ضاحيَه بالنَّارِ مملُولُ

    كأنَّ أوْبَ ذراعيها إذا عرقتْ ........ وقدْ تلفعَ بالقورِ العساقيلُ

    وقالَ للقومِ حاديهم وقدْ جعلتْ ........ ورقُ الجنادبِ يركضنَ الحصى قيلُوا

    شدَّ النهارٍ ذراعا عيطلٍ نصفٍ ........ قامتْ فجاوبَها نكدٌ مثاكيلُ

    نواحةٌ رخوةُ الضبعيْنِ ليسَ لها ........ لما نعى بكْرَها النّاعونَ معقولُ

    تفري اللِّبَانَ بكفيها ومدرعُها ........ مشققٌ عنْ تراقيها رعابيلُ

    تسعى الوشاةُ بجنبَيْها وقولُهُم ........ إنكَ يا بنَ أبي سلمَى لمقتولُ

    وقالَ كلُّ خليلٍ كنتُ آملهُ ........ لا ألهينكَ إني عنكَ مشغولُ

    فقلتُ خَلُّوا سبيلي لا أبَا لكمُ ........ فكلُّ ما قدَّر الرحمنُ مفعولُ

    كلُّ ابنِ أنثَى وإنْ طالتْ سلامتهُ ........ يوماً على آلةٍ حدباءَ محمولُ

    أنبئتُ أن رسولَ اللهِ أوعدنِي ........ والعفوُ عندَ رسولِ اللهِ مأمولُ

    مهلاً هداكَ الذي أعطاكَ نافلةَ ال _ قرآنِ فيها مواعيظٌ وتفصيلُ

    لا تأخذنّي بأقوالِ الوشاةِ ولمْ ........ أذنبْ وإن كثرتْ في الأقاويلُ

    لقدْ أقومُ بأمرٍ لوْ يقومُ بهِ ........ أرَى وأسمَعُ ما لو يسمعُ الفيلُ

    لظلَّ يرعدُ إلا أن يكون لهُ ........ منَ الرسولِ بإذنِ اللهِ تنويلُ

    حتى وضعتُ يمنيي لا أنازعُهُ ........ في كفِّ ذي نقماتٍ قيلُهُ قليلُ

    لذاكَ أهيبُ عندِي إذْ أكلمهُ ........ وقيلَ إنكَ منسوبٌ ومسؤولُ

    منْ ضيغمٍ منْ ضراءِ الأُسدِ محذرهُ ........ ببطنِ عثرَ غيلٌ دونهُ غيلُ

    يغدو فيلحمُ ضرغامينِ عيشُهُما ........ لحمٌ من القومِ معفُورٌ خراذيلُ

    إذا يساورُ قرناً لا يحلُّ لهُ ........ أنْ يتركَ القرنَ إلاَّ وهو مفلولُ

    منه تظلُّ حميرُ الوحشِ ضامزةً ........ ولا تمشي بواديهِ الأراجيلُ

    ولا يزالُ بواديه أخو ثقةٍ ........ مطرحُ البزِّ والدرسانِ مأكولُ

    إنَّ الرسولَ لسيفٌ يستضاءُ به ........ مهندٌ من سيوفِ اللهِ مسلولُ

    في عصبةٍ من قريشٍ قالَ قائلهمْ ........ ببطنِ مكةَ لمَّا أسلمُوا زولُوا

    زالوا فما زالَ أنكاسٌ ولا كشفٌ ........ عندَ اللقاءِ ولا ميلٌ معازيلُ

    شمُّ العرانينِ أبطالٌ لبوسهمُ ........ من نسجِ داوودَ في الهَيجا سرابيلُ

    بيضٌ سوابغُ قد شكتْ لها حلقٌ ........ كأنهُ خلقُ الفقعاء مجدولُ

    يمشونَ مشيَ الجمالِ الزهرِ يعصمهم ........ ضربٌ إذا عردَ السودُ التنابيلُ

    لا يفرحونَ إذا نالتْ رماحهمُ ........ قوماً وليسوا مجازيعاً إذا نيلُوا

    لا يقعُ الطعنُ إلاَّ في نحورهمِ ........ وما لهمْ عنْ حياضِ الموتِ تهليلُ

    وقال كعب يمدح الأنصار: الكامل

    منْ سرَّهُ كرمُ الحياةِ فلا يزالْ ........ في مقنبٍ من صالِحي الأنصارِ

    المكرهينَ السمهريَّ بأذرعٍ ........ كسوافلِ الهنديِّ غيرِ قصارِ

    والناظرينَ بأعينٍ محمرةٍ ........ كالجمرِ غيرِ كليلةِ الإبصارِ

    والذائدين الناسَ عنْ أديانهم ........ بالمشرفيّ وبالقنا الخطار

    والباذلينَ نفوسهم لنبيِّهم ........ يومَ الهياجِ وقبَّةِ الجَبَّارِ

    دربُوا كما دربتْ أسودُ خفيةٍ ........ غلبُ الرقابِ من الأسودِ ضواري

    وهمُ إذا خوتِ النجومُ وأمحلوا ........ للطائفينِ السائلينَ مقاري

    وهمُ إذا انقلبوا كأنَّ ثيابهم ........ منها تضوُّعُ فأرَةِ العطارِ

    للصلبِ من غسانَ فوقَ جراثمٍ ........ تنبو خوالدُها عن المنقارِ

    والمطعمينَ الضيفَ حينَ ينوبهمْ ........ من لحمِ كومٍ كالهضابِ عشارِ

    والمنعمينَ المفضلينَ إذا شتوا ........ والضاربينَ علاوةَ الجبارِ

    بالمرهفاتِ كأنَّ لمعَ ظباتهَا ........ لمعُ البوارقِ في الصبيرِ الساري

    لا يشتكونَ الموتَ إنْ نزلتْ بهمْ ........ شهباءُ ذاتُ معاقرٍ وأوَارِ

    وإذا نزلتَ ليمنعوكَ إليهمِ ........ أصبحتَ عندَ معاقِلِ الأغفارِ

    ورثُوا السيادَةَ كابراً عنْ كابرٍ ........ إنَّ الكِرَام همُ بنُو الأخيارِ

    لوْ يعلمُ الأحياءُ علميَ فيهمِ ........ حقاً لصدقَني الذينَ أُمارِي

    صدمُوا عليَّاً يومَ بدرٍ صدمةً ........ دانتْ عليٌّ بعدها لنزارِ

    يتطهرونَ كأنَّهُ نُسُكٌ لهمْ ........ بدماءِ منْ علقُوا من الكفارِ

    وإليهمِ استقبلتُ كلَّ وديقةٍ ........ شهباءَ يسفَعُ حرُّها كالنارِ

    ومريضةٍ مرضَ النعاسَ دعوتها ........ بادرتُ علةَ نومِها بغرارِ

    وعرفتُ أني مصبحٌ بمضيعةٍ ........ غبراءَ تعزفُ جنُّها مذكارِ

    فكسوتُ كاهِلَ حرةٍ منهوكةٍ ........ كالفحلِ حاريَّاً عديمَ شوارِ

    سلستْ عراقيهِ لكلِّ قبيلةٍ ........ من حنوِهِ علقَتْ على مسمارِ

    فسدتْ مهملجَةً علالَةَ مدمجٍ ........ منْ فالقٍ حصيدٍ من الإمرارِ

    حتى إذا اكتستِ الأبارقُ نقبةً ........ مثل الملاءِ من السرابِ الجارِي

    ورضيتُ عنهَا بالرضاءِ وسامحتْ ........ منْ دونِ عسرةِ ضغنِها بيسارِ

    تنجو بها عجرٌ كنازٌ لحمُها ........ حفزَتْ فقاراً لاحقاً بفقارِ

    في كاهلٍ وشجتْ إلى أطباقهِ ........ دَأياتُ منتفجٍ من الأزوارِ

    وتديرُ للخرقِ البعيدِ نياطُهُ ........ بعدَ الكلالِ وبعدَ نومِ السَّاري

    عيناً كمرآةِ الصناعِ تديرُها ........ بأناملِ الكفينِ كلَّ مدارِ

    لجمالِ محجرها لتعلمَ ما الذي ........ تبدِي لنظرةِ روحها وتواري

    وقال كعب أيضاً: المتقارب

    لمنْ دمنةُ الدارِ أقوتْ سنينا ........ بكيتَ فظلتَ كئيباً حزينَا

    بها جرتِ الريحُ أذيالها ........ فلمْ يبقَ منْ رسمها مُستبينَا

    وذكرنيها على نأيها ........ خيالٌ لها طارقٌ يعترينَا

    فلمَّا رأيتُ بأنَّ البكاءَ ........ سفاهٌ لدى دمنٍ قد بلينَا

    زجرتُ على ما لديَّ القلُو _ صَ منْ حزنٍ وعصيتُ الشؤونا

    وكنتُ إذا ما اعترتنِي الهُمومُ ........ أكلفُها ذات لوثٍ أمونَا

    عذافرةً حرةَ الليطِ لا ........ سقوطاً ولا ذات ضغنٍ لجوناَ

    كأني شددتُ بأنساعِها ........ قويرحَ عامينِ جأباً شنونا

    تقلبُ حقباً ترى كلهنَّ ........ قدْ حملتْ فأسرَّتْ جنينا

    وحلاءهُنَّ وخبَّ السفَا ........ وهيجهُنَّ فلمَّا صدينَا

    وأخلفهنَّ ثمادُ الغمارِ ........ وما كنَّ منْ ثادقٍ يحتسينَا

    جعلنَ القنانَ بإبطِ الشمالِ ........ وماءَ العنابِ جعلنا يمينَا

    وبصبصنَ بينَ أداني الغضَا ........ وبينَ عنيزةَ شأواً بطينَا

    فأبقينَ منهُ وأبقى الطرا _ دُ بطناً خميصاً وصلباً سمينَا

    وعوجاً خفافاً سلامَ الشظَا ........ وميظَبَ أكمٍ صليباً رزينا

    إذا ما انتحاهنَّ شؤبوبهُ ........ رأيتَ لجارِ عتيهِ غضونَا

    يعضِّضُهنَّ عضيضَ الثقافِ ........ بالسمهريةِ حتى تلينَا

    ويكدمُ أكفالها عابساً ........ فبالشدِّ منْ شرهِ يتقينَا

    إذا ما انتحتْ ذاتُ ضغنٍ لهُ ........ أصرَّ فقدْ سلَّ منها الضُّغونَا

    لهُ خلفَ أكسَائِها أزملٌ ........ مكانَ الرّقيبِ من الياسرينَا

    يحشرجُ منهنَّ قيدَ الذِّرا _ عِ ويضربنَ خيشومهُ والجبينَا

    يثرنَ الغبارَ على وجههِ ........ كلونِ الدواخِنِ فوقَ الإرينَا

    فأوردَهَا طامِياتِ الحمامِ ........ وقد كدنَ يأجنَّ أو كنَّ جونَا

    ويشربنَ من باردٍ قدْ علم _ نَ إلا دِخالَ وإلا عُطونَا

    فصادفنَ ذا حنقٍ لاصقاً ........ لصوقِ البرامِ يظنُّ الظنونَا

    قصيرَ البنانِ دقيقَ الشوَا ........ يقولُ أيأتينَ أم لا يجينَا

    يؤمُّ الغَيايَةَ مستبشراً ........ يصيبُ المقاتلَ حتفاً رصينَا

    فجئنَ فأوجسنَ من خشيةٍ ........ ولم يعترفنَ بنفرٍ يقينَا

    وتُلقي الأكارِعَ في باردٍ ........ شهيٍّ مدافنهُ يشتفينَا

    يبادرنَ جرعاً يواثرنهُ ........ كقرعِ القليبِ حصى الحاذفِينَا

    فأمسك ينظر حتى إذا ........ دنونَ منَ الريِّ أو قد روينَا

    تنحَّى بصفراءَ منْ نَبْعةٍ ........ على الكفِّ تجمعُ أرزاً ولينَا

    مغذاً على عجسها مرهفاً ........ فتيقَ الغرارينِ حشراً سنينَا

    فأرسلَ سهماً على فقرةٍ ........ وهنَّ شوارِعُ ما يتقينَا

    فمرَّ على نحرِهِ والذِّراعِ ........ ولمْ يكُ ذاكَ لهُ الفِعلُ دينَا

    فلهَّفَ مِنْ حسرةٍ امَّهُ ........ وولينَ من رَهَجٍ يكتسينَا

    تهادَى حوافِرهنَّ الحَصَى ........ وصمُّ الصخورِ بها يرتَمينَا

    فقلقلَهنَّ سراةَ العِشَاءِ ........ أسرعَ منْ صدرِ المصدِرينَا

    يزرُّ ويلفظُ أوبارَهَا ........ ويقرُو بهنَّ حزوناً حزونَا

    فأصبحَ بالجزْعِ مستجذِلاً ........ وأصبحنَ مجتمعاتٍ سكونَا

    وتحسبُ بالفجرِ تعشيرهُ ........ تغردَ أهوجَ مِنْ مُنتَشِينَا

    وقال كعب أيضاً: الطويل

    أمِنْ أمِّ شدادٍ رسومُ المنازلِ ........ توهمتُها منْ بعدِ سافٍ ووابلِ

    وبعدَ ليالٍ قدْ خلونَ وأشهرٍ ........ على إثرِ حولٍ قد تجرمَ كاملِ

    أرى أمَّ شدادٍ بها شبهَ ظبيةٍ ........ تطيفُ بمكحولِ المدامعِ خاذلِ

    أغنَّ غضيض الطرفِ رخصٍ ظلوفهُ ........ ترودُ بمعتمٍّ من الرِّملِ هائلِ

    وترنو بعينيْ نعجةٍ أمّ فرقَدٍ ........ تظلُ بوادي روضةٍ وخمائلِ

    وتخطُو على برديتينِ غذاهمَا ........ أهاضيبُ رجافِ العشياتِ هاطلِ

    وتفترُّ عنْ عذبِ الثنايا كأنهُ ........ أقاحٍ تروَّى منْ عروقٍ غلاغلِ

    لياليّ تحتلُّ المراضَ وعيشُنا ........ غريرٌ ولا نُرعي إلى عذلِ عاذلِ

    فأصبحتُ قد أنكرتُ منها شمائلاً ........ فما شئتَ من بخلٍ ومن منعِ نائلِ

    وما ذاكَ من شيءٍ أكونُ اجترمتُه ........ سوى أن شيباً في المفارقِ شاملي

    فإن تصرميني ويبَ غيرك تُصرَمي ........ وأوذِنْتِ إيذانَ الخليطِ المزايلِ

    ومستهلكٍ يهدي الضَّلولَ كأنَّه ........ حَصيرٌ صَناعٌ بينَ أيدِي الرواملِ

    متى ما تشأْ تسمعْ إذا ما هبطته ........ تراطُنَ سربٍ مغربَ الشمسِ نازِلِ

    روايا فراخٍ بالفلاةِ توائمٍ ........ تحطمُ عنها البيضُ حمرِ الحواصلِ

    توائمَ أشباهٍ بغيرِ علامةٍ ........ وضعنَ بمجهولٍ من الأرضِ خاملِ

    وخرقٍ يخافُ الرَّكبُ أن يدلجُوا بهِ ........ يعضونَ منْ أهوالِهِ بالأَناملِ

    مخوفٍ به الجنانُ تعوي ذئابُهُ ........ قطعتُ بفتلاءِ الذراعَيْنِ بازلِ

    صموتِ البُرَى خرساءَ فيها تلفتٌ ........ لنبأَةِ حقٍّ أو لتشبيهِ باطلِ

    تظلُّ نسوعُ الرَّحلِ بعد كلالِها ........ لهنّ أطيطٌ بين جوزٍ وكاهلِ

    رَفيعِ المحالِ والضلوعِ نمتْ بها ........ قوائمُ عوجٌ ناشزاتُ الخصائلِ

    تجاوبُ أصدَاءً وحيناً يرومُها ........ تضوُّرُ كسابٍ على الرَّحْلِ عائلِ

    عذافرةٍ تختالُ بالردفِ حرةٍ ........ تبارِي قلاصاً كالنعامِ الجوافلِ

    بوقعٍ دراكٍ غيرِ ما متكلفٍ ........ إذا هبطَت وعْثاً ولا متخاذِلِ

    كأنَّ جريرِي ينتحي فيهِ مسحَلٌ ........ منَ الحمرِ بينَ الأنعمين فعاقلِ

    يغردُ في الأرضِ الفضاءِ بعانةٍ ........ خماصِ البطونِ كالصعادِ الذوابلِ

    يطردُ عنها بالمصيف جحاشها ........ فقد قلصت أطباؤها كالمكاحلِ

    يظلُّ سراةَ اليومِ يبرمُ أمرهُ ........ برابيةِ البحاءِ ذاتِ الأعابلِ

    وهمَّ بوردٍ بالرُّسيسِ فصدَّهُ ........ رجالٌ قعودٌ في الدجى بالمعابلِ

    إذا وردتْ ماءً بليلٍ تعرضتْ ........ مخافةَ رامٍ أو مخافةَ حابِلِ

    كأنَّ مدَهدَا حنظلٍ حيثُ سوفَتْ ........ بأعطانِها منْ لسِّها بالجحافلِ

    وقال كعب يمدح أمير المؤمنين علياً عليه السلام وكانت بنو أمية تنهي عن روايتها وإضافتها إلى شعره أنشدنيها ابن خطاب صاحب الخبر وكان أديباً من غلمان أبي زكريا التبريزي: البسيط

    هلْ حبلُ رملةَ قبلَ البينِ مبتورُ ........ أمْ أنتَ بالحلمِ بعدَ الجهلِ معذورُ

    ما يجمعُ الشوقُ إنْ دارٌ بنا شحطتْ ........ ومثلها في تداني الدارِ مهجورُ

    نشفَى بها وهي داءٌ لوْ تصاقبنا ........ كما اشتفَى بعيادِ الخمرِ مخمورُ

    ما روضةٌ من رياضِ الحزنِ باكرها ........ بالنبتِ مختلفُ الألوانِ ممطورُ

    يوماً بأطيبَ منها نشرَ رائحةٍ ........ بعدَ المنامِ إذا حبَّ المَعاطيرُ

    ما أنسَ لا أنسَهَا والدَّمعُ مُنسرِبٌ ........ كأنهُ لؤلؤٌ في الخدِّ محدورُ

    لمَّا رأيتهمُ زمتْ جمالهمُ ........ صدقتُ ما زعموا والبينُ محذورُ

    يحدو بهنَّ آخو قاذورةٍ حذرٌ ........ كأنهُ بجميعِ الناسِ موتورُ

    كأنَّ أظعانهمْ تحدَى مقفيةً ........ نخلٌ بعينينِ ملتفٌّ مواقيرُ

    غلبُ الرقابِ سقاها جدولٌ سربٌ ........ أو مشعبٌ من أتيِّ البَحرِ مفجورُ

    هل تبلغني عليَّ الخير ذِعلبَةٌ ........ حرفٌ تزللَ عنْ أصلابِها الكورُ

    منْ خلفِها قلصٌ تجري أزمَّتُها ........ قد مسَّهنَّ معَ الإدلاجِ تهجيرُ

    يخبطنَ بالقومِ أنضاءَ السريحِ وقدْ ........ لاذَتْ من الشَّمسِ بالظِّلِّ اليعافيرُ

    حتى إذا انتصبَ الحربَاءُ وانتقلتْ ........ وحانَ إذْ هجروا بالدوِّ تغويرُ

    قالوا تنحوْا فمسُّوا الأرضَ فاحتولُوا ........ ظلاًّ بمنخرقٍ تهفو بهِ المورُ

    ظلوا كأنَّ عليهمْ طائراً علقاً ........ يهفو إذا انسفرتْ عنهُ الأعاصيرُ

    لوجهةِ الريحِ منهُ جانبٌ سلبٌ ........ وجانبٌ بأكفٍّ القومِ مضبورُ

    حتى إذا أبردُوا قاموا إلى قلصٍ ........ كأنهنَّ قسيُّ الشوحطِ الزورُ

    عواسلٌ كرعيلِ الربدِ أقرعَها ........ بالسِّيّ منْ قانصٍ شلٌّ وتنفيرُ

    حتى سقَي الليلُ سقى الجنِّ فانغمستْ ........ في جوزهِ إذْ دجَا الآكامُ والقُورُ

    غطا النشازَ مع الأهضامِ فاشتبَها ........ كلاهُما في سوادِ الليلِ مغمورُ

    إنَّ عليَّاً لميمونٌ نقيبتهُ ........ بالصالحاتِ من الأفعالِ مشهورُ

    صهرُ النبيِّ وخيرُ الناسِ مفتخراً ........ فكلُّ منْ رامَهُ بالفخرِ مفخورُ

    صلى الطهورُ مع الأُميِّ أولهمْ ........ قبلَ المعادِ وربُّ الناسِ مكفورُ

    مقاومٌ لطغاةِ الشركِ يضربهمْ ........ حتى استقاموا ودينُ اللهِ منصورُ

    بالعدلِ قمتَ أميناً حينَ خالفهُ ........ أهلُ الهوا وذوو الأهواءِ والزورُ

    يا خيرَ منْ حملت نعلاً لهُ قدمٌ ........ بعدَ النبيِّ لديهِ البغيُ مهجورُ

    أعطاكَ ربُّكَ فضلاً لا زوالَ لهُ ........ منْ أينَ أنَّى لهُ الأيَّامَ تغييرُ

    ^

    خفاف بن ندبة

    وقال خفاف بن عمير بن الحرث بن عمرو بن الشريد وهو عمرو بن رياح بن يقظة بن عضية السلمي: الطويل

    ألا طرقتْ أسماءُ منْ غيرِ مطرقِ ........ وأنِّى إذا حلتْ بنجرانَ نلتقي

    سرتْ كلَّ وادٍ دونَ رهوةَ دافعٍ ........ فجلذانَ أو كرمٍ بليةٍ مغدقِ

    تجاوزتِ الأعراص حتى توسدتْ ........ وسادِي لدى بابٍ منا لدور مغلقِ

    بغرِّ الثنايا خيفَ الظلمُ بينهُ ........ وسنةِ رئمٍ بالجُنيْنَةِ موثَقِ

    ولمْ أرهَا إلاَّ تَئيةَ ساعةٍ ........ على ساجرٍ أو نظرةً بالمشرقِ

    ويومَ الجميعُ الحابسونَ براكِسٍ ........ وكانَ المحاقُ موعداً للتفرقِ

    بوجٍّ وَما بالِي بوجٍّ وبالُها ........ ومنْ يلقَ يوماً جدَّةَ الحُبِّ يخلَقِ

    وأبدَى بئيسُ الحجِّ منها معاصماً ........ ونحراً متى يحللْ به الطيبُ يشرقِ

    فأمّا تريني اليوم أقصرَ باطلي ........ ولاحَ بياضُ الشيبِ في كلِّ مفرقِ

    وزايلني زينُ الشبابِ ولينهُ ........ وبدلتُ منه جردَ آخرَ مخلقِ

    فعثرةِ مولى قدْ نعشتُ بأسرةٍ ........ كرامٍ على الضراءِ في كلٍّ مصدقِ

    وغمرةِ مخمورٍ نغشتُ بشربةٍ ........ وقدْ ذمَّ قبلي ليلُ آخرَ مطرقِ

    ونهبٍ كجماعِ الثريَّا حويتُهُ ........ غشاشاً بمحتاتِ الصفاقين خيفقِ

    ومعشوقةٍ طلقتُها بمرشةٍ ........ لها سننٌ كالأتحميِّ المُخرَّقِ

    فآبتْ سليباً منْ أناسٍ تحبُّهمْ ........ كئيباً ولولا طلعتِي لمْ تطلقِ

    بخيلٍ تنادَى لا هوادةَ بينَها ........ شهدتُ بمذلولِ المعاقمِ محنقِ

    عظيمٍ طويلٍ غيرِ جافٍ نما بهِ ........ سليمُ الشظا في مكرباتِ المطبقِ

    معرضُ أطرافِ العظامِ مشرفٌ ........ شديدُ مشكِّ الجنبِ فعمُ المنطقِ

    من الكاتماتِ الرَّبوَ ينزعُ مقدِماً ........ سبوقٌ إلى الغاياتِ غيرُ مسبقِ

    إذا ما استحمتْ أرضهُ من سمائه ........ جرى وهو مودوعٌ وواعدُ مصدقِ

    وناصَ الشمالَ طعنُهُ في عنانهِ ........ وباعَ كبوعِ الخاضبِ المتطلقِ

    وعتهُ جوادٌ لا يباعُ جنينُها ........ لمنسوبةٍ أعراقهُا غيرُ محمِقِ

    بصيرٍ بأطرافِ الحدابِ ترى لهُ ........ سراةً تساوي بالطرافِ المروقِ

    ومرقبةٍ يزلُّ عنها قتامُها ........ يمامتُها منها بضاحٍ مذلقِ

    تبيضُ عتاقُ الطيرِ في قذفاتهِ ........ كطرةِ بابِ الفارسيِّ المغلّقِ

    رَبأتُ وحرجوجٌ جهدتُ رواحَها ........ على لاحِبٍ مثلَ الحصيرِ المنمَّقِ

    تبيتُ إلى عدٍّ تقادمَ عهدهُ ........ برودٍ تقا حرَّ النهارِ بغلْفَقِ

    كأنَّ محافيرَ السِّباعِ حياضهُ ........ لتعريسِها جنبَ الإزاءِ المُخرَّقِ

    معرسُ ركبٍ قافلينَ بضرةٍ ........ صرادٍ إذا ما نارهُم لمْ تحرَّقِ

    فدعْ ذا ولكنْ هلْ ترى ضوءَ بارقٍ ........ يضيءُ حبياً في ذرأتي متألقِ

    على الأتمِ منهُ وابلٌ بعدَ وابلٍ ........ فقدْ رهقتْ قيعانهُ كلَّ مرهقِ

    وجرَّ بأكنافِ البحارِ إلى الصِّلا ........ رباباً لهُ مثل النعامِ المعلّقِ

    فأبلَى سقاً يعلو العضَاه غُشاؤُهُ ........ يصفق منها الوحشُ كلَّ مصفقِ

    فجادَ شرورَى فالستارَ فأصبحَتْ ........ تعارُ له فالوادِيانِ بمودِقِ

    كأنَّ الضبابَ بالصحارى غديةً ........ رجالٌ دعاهُم مستضيفٌ لموسقِ

    لهُ حدبٌ يستخرجُ الذئبَ كارِهاً ........ يهزُّ الغُثاءَ عندَ غانٍ بمطْلَقِ

    يخرجُها رأسٌ خَسيفٌ كأنهُ ........ مخامرُ طلعٍ في ذراعٍ ومرفقِ

    كأنَّ الحداةَ والمشايعَ وسطَه ........ وعوذاَ مطافيلاً بأمعزَ تصدُقِ

    وقال خفاف: المتقارب

    ألا تلكَ عرسيَ إذْ أمعرَتْ ........ أساءَتْ ملامَتَنَا والإمارَا

    وقالتْ أرَى المالَ أهلكتَهُ ........ وأحسبُهُ لو تراهُ معارَا

    ويمنعُ منها نَماءَ الإِفالِ ........ مشيُّ القداحَ ونقدي التجارا

    وقولُ الألدَّةِ عندَ الفصالِ ........ إذا قمتُ لا تتركنّا حِرارِا

    غشيتُ حروناً ببطنِ الضباعِ ........ فألمحُ منْ آلِ سلمى دثارا

    نظرتُ وأهلي على صائفٍ ........ هدواً فآنستُ بالفردِ نارا

    عليها خذُولٌ كأمِّ الغَزَا _ لِ تقرُو بذروَة ضالاً قِصَارا

    تنضُّ لروعاتهِ جيدها ........ إذا سمعتْ منْ مغمٍّ جُؤَارا

    أصاحِ ترى البرقَ لمْ يغتمِضْ ........ إذا زعزعتْهُ الجنوبُ استطارا

    فسلَّ مصابيحهُ بالعشاءِ ........ تحسبُ في حافتيهِ المنارا

    كأنَّ تكشفهُ بالنشاصِ ........ بلقٌ تكشفُ تحمي مهارا

    أقامَ بذي النخلِ رَيعانهُ ........ وجادَ مسلحةً فالستارا

    وحططَ أحمرَ بالدوْنَكَيْنِ ........ يغشَيْنَ معتصِماتٍ تعارا

    فأضحَى بمعتلجِ الواديينِ ........ يبرقُ منهُ صبيرٌ نهارا

    خسيفٌ يزيفُ كزيفِ الكَسيرِ ........ ينهمرُ الماءُ منهُ انهمارا

    وغيثٍ تبطنتُ قريانهُ ........ يحاوبُ فيه نهيقٌ عرارا

    ذعرتُ عصافيره بالسوادِ ........ أوزعُ ذا ميعةٍ مستطارا

    منَ الممعضاتِ لفضِّ القرونِ ........ إذا كرَّ فيهِ حميمٌ غرارا

    إذا نزَّعتهُ إليَّ الشَّمالُ ........ راجعَ تقريبَهُ ثمَّ غَارا

    كما جاشَ بالماءِ عندَ الوقُو _ دِ مرجلُ طَبّاخهِ ثمَّ فارا

    يعزَّ القوافلَ سهلَ الطريقِ ........ إذا طابقتْ وعثهُنَّ الحرارا

    يفينَ ويحسبُهُ قافلاً ........ إذا اقْورَّ حِملاجَ ليفٍ مُغارا

    ومُفرِهَةٍ تامِكٍ نيها ........ إذا ما تساقُ تزينُ العشارا

    لقيتُ قوائمها أربعاً ........ فعادتْ ثلاثاً وعادتْ ضمارَا

    فجاءَ إلينا ألدُّ الرجالِ ........ يقسمُ يأخذُ منها اليسارا

    تفلتُ عن غلمةٍ شاربينَ ........ لو طارَ شيءٌ من الجهلِ طَارا

    فلما تبينَ مكروهنا ........ وأيقنَّ أنَّا نهينُ السيارَا

    تصدَّى لنجزيهُ مثلها ........ وننظرَ ماذا يكونُ الحوارا

    وقال خفاف أيضاً: المنسرح

    أوحشَ النخلُ منْ نعاملَ فالرَّ _ وضاتُ بينَ الغِياءِ فالنُّجُدِ

    بدلتِ الوحشَ بالأنيسِ لمَا ........ مرَّ عليها من سالفِ الأبدِ

    بعدَ سوامٍ تعلُو مسارحهُ ........ تسمعُ فيهِ جوائزَ النقدِ

    يحرسُ أكلاءهُ ويحفظهُ ........ كلَّ عنودِ القيادِ كالمسدِ

    وسابحٍ مدمجٍ نحيزتهُ ........ طرفٌ كتيس الظباء منجرد

    ليستْ لهُ نبوةٌ فنكرهها ........ يومَ رهانٍ منهُ ولا طردِ

    يا هلْ ترى البرقَ بتُّ أرقبُهُ ........ في مكفهرٍّ نشاصُهُ قردِ

    مالَ على قبَّةِ البَثاءِ فعزَّ ال _ مترُ بينَ الرجلاءِ فالجمدِ

    يتركُ منها النهاءَ مفرطةً ........ مثل الرياطِ المنشورةِ الجددِ

    إذا مرتْهُ ريحٌ يمانيةٌ ........ يردُّ ريعانُهُ إلى نضدِ

    إنْ أمْسِ رمساً تحتَ الترابِ فهل ........ تصرفُ بعدي المنونُ عن أحدِ

    كل امرئٍ فاقدٌ أحبتهُ ........ ومسلِمٌ وجههُ إلى البلدِ

    وقد أغادي الحانوتَ أنشرهُ ........ بالرحلِ فوق العيرانةِ الأجدِ

    تنفذُ عيني إلى الكياسِ ولا ........ أسكرُ من ريحها ولم أكدِ

    وأتركُ القرنَ في المكرّ وقدْ ........ أقتلُ جوعَ المحولِ الصردِ

    وأهبطُ العازبَ المخوفَ بهِ ........ الموتُ نهاراً بسابحٍ نهدِ

    أجردَ مدلوكةٌ معاقمهُ ........ فقمٌ كشاةِ الصريمةِ العتدِ

    لمْ يتخاوش من النقابِ ولمْ ........ يزرِ بهِ قيظهُ ولمْ يردِ

    وقال خفاف: البسيط

    ما هاجَكَ اليومَ من رسمٍ وأطلالِ ........ منها مبينٌ ومنها دارسٌ بالِ

    بينَ سنامٍ وهضميهِ وذي بقرٍ ........ كأنها صحفٌ يخطها تالي

    دارٌ لقيلَةَ إذْ قلبي بها كلفٌ ........ أقوت منازلُها من ْ بعدِ أحوالِ

    تمشي النعاجُ بها والعينُ مطفلةٌ ........ إلى رواشحَ قد حفتْ وأطفالِ

    ظللتُ فيها كيئباً غيرَ مضطلعٍ ........ همي وأسبلَ دمعي أيَّ إسبالِ

    وجسرةِ الخلقِ منفوجٍ مرافقُها ........ عيرانةٍ كوبيلِ القسِّ شملالِ

    تعدو إذا وقعت منْ غرزها قدَمي ........ عدو شتيمٍ على حقباءَ مجفالِ

    صعلٌ أتاهُ بياضٌ من شواكلهِ ........ جونَ السراةِ أجشَّ الصوتِ صلصالِ

    يغدُو على شُسُبٍ شُعثٍ عقايقُها ........ كأنَّ تصويته تصويتُ إهْلالِ

    أو فوقَ أحقبَ يقرو رملَ واقصةٍ ........ في رعلةٍ كشقيق التجرِ أمْثالِ

    قد خضبَ الكعبُ من نسفِ العروقِ بهِ ........ من الرُّخامى بجنبيْ حزمِ أورَالِ

    هبتْ عليهِ سمومُ الصيفِ لاهبةً ........ وكفتِ الماءَ عنهُ صدرَ شوالِ

    إلا التمادَ فما ينفكُّ يحفرُها ........ أو طحلُباً بأعالي اللصبِ أو شالِ

    خضراَ كسينَ دوينَ الشمسِ عرمضهُ ........ في رأسِ شاهقةٍ عيطاءَ مضلالِ

    كأنَّ كوكبَ نحسٍ في معرَّسةٍ ........ أو فارسيَّاً عليه سَحْق سِرْبالِ

    فَعارضتْ بكَ في خرْقٍ لهُ قَتَمٌ ........ تزقُو بهِ الهَامُ ذي قوزٍ وأميالِ

    تنادِي الرَّكب جَاروا عنْ طريقهمُ ........ ويتقونَ بهادٍ غيرِ مضلالِ

    إنْ تعرِضي وتضني بالنوالِ لنَا ........ فواصِلنَّ إذا واصلتِ أمثالِي

    إني صبورٌ على مانابَ معترفٌ ........ أصرفُ الأمرَ من حالٍ إلى حالِ

    أنمِي إلى مجدِ أجدادٍ لهمْ عددٌ ........ مذللينَ لوطءِ الحقِّ أزوالِ

    القائمينَ لأمرٍ لا يقُومُ لَهُ ........ إلا هُمُ ومحاميلٌ لأثقالِ

    والمطعمينَ إذا هبتْ شآميةٌ ........ تذري الهشيمَ وثمَّ الدندنِ البالي

    ومرصدٍ خائفٍ لا يستطيفُ بهِ ........ من المسامحِ إلاّ المُشفِقِ الخَالي

    قدْ عودُوهُ قياداً كُلَّ سلْهَبةٍ ........ تنطو الخَميْسَ ونِعْمَ الجَوْز ذَيّالِ

    يُجْذَبْنَ في قِددِ الأَرسانِ قافلةً ........ مثلَ القسيِّ بَرَا أعطافها الفَالي

    وقال خفاف أيضاً: الوافر

    ألا صرمتُ منْ سلْمَى الزمامَا ........ ولمْ تنجدْ لمَا يبغَى قواما

    وفاجأنِي فراقُ الحيِّ لمَّا ........ أشطَّ نواهُمُ إلاّ لمامَا

    وما إنْ أحورُ العينينِ طفلٌ ........ تتبعَ روضةً يقرُو السلامَا

    بوجْرةَ أو ببطنِ عقيقِ بُس ........ يقيلُ بهِ إذا ما اليومُ صَامَا

    إذا ما اقتافَها فحنتْ عليهِ ........ دنتْ من وهْدِ دانيةٍ فنَاما

    بأحسنَ منْ سليمَى إذْ تراءتْ ........ إذا ما ريعَ منْ سَدَفٍ فَقَامَا

    وما إنْ يخلُ وجرُ إذا استقلتْ ........ مكممةً وقاربتِ الصراما

    لها سحقٌ ومنها دانياتٌ ........ جوانحُ يزدحمنَ بها ازدحامَا

    بأحسنَ من ظعائنَ آلِ سلمى ........ غداةَ نهلنَ ضاحيةَ سنامَا

    فيممنَ اليمامةَ معرقاتٍ ........ وشِمْنَ بروضِ عالجَة الغمامَا

    فإمَّا تعرضِي يا سلمَ عني ........ وأصبِحُ لا أكلمُكُمْ كلامَا

    فربَّ نجيبةٍ أعملتُ حتى ........ تقومَ إذا لويتُ لها الزمامَا

    وحتى تتبعَ الغربانُ منها ........ ندوبَ الرَّحلِ لا تُعدي سنامَا

    فتوردَني لربعٍ أو لخمسٍ ........ مياةَ القيظِ طاميةً جماما

    قليلاً من عليها غيرَ أني ........ أثورُ من مدارجِهَا الحَمَاما

    ذعرتُ الذئبَ يحفرُ كلَّ حوضٍ ........ ويقضمُ من معاطنِهَا العظامَا

    ويومٍ قد شهدتُ به صحابي ........ يقضي القومَ غنماً واقتسامَا

    تخالُ ركابهُمْ في كلِّ فَجٍّ ........ إذا قامتْ مخطمةً قِعامَا

    ^

    عمرو بن قميئة

    قال عمرو بن قميئة بن سعد بن مالك من بني قيس بن ثعلبة: الطويل

    أرى جارتي خفتْ وخفَّ نصيحها ........ وحبَّ بها لولا النَوى وطموحُها

    فبيني على نجمٍ شخيسٍ نحوسهُ ........ وأشأمُ طيرِ الزَّاجرينَ سنيحُها

    فإنْ تشغَبي فالشَّغْبُ منِّي سَجيَّةٌ ........ إذا شِيمَتي لَمْ يُؤْت منها سَجيحُها

    على أنَّ قومِي أشقَذُوني فأصبحتْ ........ ديارِي بأرض غيرَ دانٍ نبُوحُها

    أقارِضُ أقواماً فأوفي قروضَهُمْ ........ وعفٌّ إذا أردَى النفُوسَ شحيحُها

    تنفذُ منهمْ نافِذاتٌ فسؤنَني ........ وأضمرَ أضغَاناً عليَّ كشوحُها

    فقلتُ : فراقُ الدارِ أجملُ بيننا ........ وقدْ ينتئ عنْ دارِ سوءِ نزيحُها

    على أنني قدْ أدَّعي بأبيهم ........ إذا عمَّتِ الدعوَى وثابَ صريحُها

    وأنِّي أرى ديني يوافقُ دينهم ........ إذا نسكُوا أفراعُها وذبيحُها

    ومنزلةٍ بالحَجِّ أخرَى عرفتها ........ لها بقعةٌ لا يُستطاعُ بروحها

    بودّكَ ما قومي على أنْ تركتهم ........ سليمَى إذا هبتْ شمالٌ وريحُها

    إذا النجمُ أمسَى مغربَ الشمسِ دائباً ........ ولم يكُ برقٌ في السماءِ يليحُها

    وغابَ شعاعُ الشمسِ منْ غيرِ جلبةٍ ........ ولا غمرةٍ إلا وشيكاً مصوحُها

    وهاجَ عمَاءٌ مقشعرٌّ كأنهُ ........ نقيلةُ نعلٍ بانَ منها سريحُها

    إذا أعدمَ المحلوبُ عادَتْ عليهمُ ........ قدورٌ كثيرٌ في القِصاعِ قديحُها

    يثوبُ إليها كلُّ ضيفٍ وجانبٍ ........ كما ردّ دهداهَ القِلاصِ نضيحُها

    بأيديهم مقرومةٌ ومغالقٌ ........ يعودُ بأرزاقِ العيالِ منيحُها

    وملمومةٍ لا يخرقُ الطرفَ عرضَها ........ لها كوكَبٌ ضخمٌ شديدٌ وضوحُها

    تسيرُ وتزجي السمَّ تحت نحورِها ........ كريهٌ إلى منْ فاجأتهُ صبوحُها

    على مقدَحِراتٍ وهنَّ عوابسٌ ........ صبائِر موتٍ لا يُراحُ مريحُها

    نبذنا إليهم دعوةً يالَ عامرٍ ........ لَها إربةٌ إنْ لمْ تجدْ من يريحُها

    وأرماحُنا ينهزنَ نهزةَ جمةٍ ........ يعود عليهم وردنا فنميحُها

    فدَارَتْ رحانا ساعةً ورحاهُمُ ........ وردتْ طباقاً بعْد بكءٍ لقوحُها

    فَمَا أتلفَتْ أيديهم منْ نفوسنا ........ وإنْ كرمَتْ فإننا لا ننوحُها

    فقلنا : هي النهبَى وحلً حرامُها ........ وكانتْ حمًى ما قبلنا فنبيحُها

    فأبنَا وآبُوا كلَّنا بمضيضةٍ ........ مهملة أجراحُنا وجُروحُها

    وكُنَّا إذا أحلامُ قومٍ تغيبتْ ........ نشحُّ على أحلامِنا فنريحُها

    وقال عمرو بن قميئة أيضاً: الطويل

    إنْ أكُ قَدْ أقصرتُ عنْ طولِ رحلةٍ ........ فيا ربَّ أصحابٍ بعثتُ كرامِ

    فقلتُ لهم سيروا فدًى خالتي لكمْ ........ أما تجدونَ الريحَ ذاتَ سهامِ

    فقاموا إلى عيسٍ قد انضمَّ لحمُها ........ موقفةٍ أرساغُها بخدامِ

    وقمتُ إلى وجناءَ كالفَحْلِ جبلةٍ ........ تجاوبُ شدِيَّ نسعَها ببغامِ

    فأوردتهمْ ماءً على حينِ وردِهِ ........ عليهِ خليطٌ من قطاً وحمامِ

    وأهونُ كفٍّ لا تضيرُكَ ضيرةً ........ يدٌ بينَ أيدٍ في إناءِ طعامِ

    يدٌ منْ قريبٍ أو بعيدٍ أتتْ بهِ ........ شآميةٌ غبراءُ ذاتُ قتامِ

    كأني وقدْ جاوزتُ تسعين حجةً ........ خلعتُ بها يوماً عذارَ لجامِ

    على الراحتينِ مرةً وعلى العَصَا ........ أنوءُ ثلاثاً بعدهنَّ قيامِي

    رَمَتنِي بناتُ الدهرِ من حيثُ لا أرى ........ فكيفَ بمنْ يُرمى وليس برامِ

    فلوْ أنها نَبلٌ إذنْ لاتقيتُها ........ ولكنني أرمَى بغيرِ سهامِ

    إذا ما رآني الناسُ قالوا ألمْ يكنْ ........ حديثاً شديدَ البَزِّ غيرَ كهامِ

    وأفنَى وما أُفنِي منَ الدهرِ ليلةً ........ ولمْ يغْنِ ما أفنَيتُ سلكَ نظامِ

    وأهلكني تأميلُ يومٍ وليلةٍ ........ وتأميلُ عامٍ بعدَ ذاكَ وعامِ

    وقال عمرو أيضاً: الكامل

    هلاَّ يهيجُ شوقكَ الطَّلَلُ ........ أمْ لا يفرّطُ شيخَكَ الغَزَلُ

    أمْ ذا القطينُ أصابَ مقتلَهُ ........ منهُ وخانُوهُ إذا احتمَلُوا

    ورأيتُ ظُعْنَهُمُ مُقَفِّيَةً ........ تعلو المخارمَ سيرها رملُ

    قنأَ العهونُ على حواملِها ........ ومنَ الرهاوياتِ والكللُ

    وكأنَّ غزلانَ الصريمِ بها ........ تحتَ الخدورِ يظلها الظللُ

    تامتْ فؤادَكَ يومَ بينهمِ ........ عندَ التفرقِ ظبيةٌ عطلُ

    شنفتْ إلى رشاءٍ ترببهُ ........ ولها بذاتِ الحاذِ معتَزِلُ

    ظلٌّ إذا ضحيتْ ومرتقبٌ ........ ولا يكونُ لليلهَا دغَلُ

    فسقى منازلَها وحلتَها ........ قردُ الربابِ لصوتهِ زجلُ

    أبدَى محاسِنَهُ لناظِرِه ........ ذاتَ العِشاءِ مهلبٌ خضِلُ

    متحلبٌ تهوِي الجنوبُ بهِ ........ فتكادُ تعدلُهُ وتنجفلُ

    وضعتْ لدى الأضياعِ ضاحيةً ........ فوهى السيوبُ وحطتِ العجلُ

    فسقَى امرأ القيسِ بن عمرَةَ إنّ ........ الأكرمينَ لذِكرِهِمْ نبلُ

    كمْ طعنةٍ لك غيرَ طائشةٍ ........ ما إنْ يكونُ لجرحِها خللُ

    فطعنتها وضربت ثانيةً ........ أخرى وتنزلُ إنْ همُ نزلوا

    يهبُ المخاضَ على غواربها ........ زبدُ الفحولِ معانُها بقلُ

    وعشارُها بعدَ المخاضِ وقدْ ........ صافتْ وغمَّ رباعها النفلُ

    وإذا المجزِّئ حانَ مشربُهُ ........ عندَ المصيفِ وسرّهُ النهلُ

    رشفُ الذنابِ على جماجمها ........ ما إنْ يكونُ لحوضها سملُ

    وقال عمرو أيضاً: المتقارب

    نأتكَ أمامَةُ إلا سؤالا ........ وإلاَّ خيالاً يوافي خيالا

    يوافي معَ الليلِ ميعادَها ........ ويأبَى مع الصبحِ إلاَّ زِيالا

    فذلكَ تبذلُ منْ ودها ........ ولو شهدتْ لم تواتِ النوالا

    وقدْ ريْعَ قلبيَ إذْ أعلنوا ........ وقيلَ أجدَّ الخليطُ احتمالا

    وحثَّ بها الحاديانِ النجاءَ ........ مع الصبحِ لما استثارُوا الجمالا

    بوازِلُ تحدَى بأحداجِها ........ ويحذينَ بعدَ نعالٍ نعالا

    فلما نَأوا سبقتْ عبرتي ........ وأذرتْ لها بعدَ سجلٍ سجالا

    تراها إذا احتثَّها الحاديانِ ........ بالخبتِ يرقلنَ سيراً عجالا

    فبالظلِّ بدلنَ بعدَ الهجيرِ ........ وبعدَ الحجالِ ألفنَ الرحالا

    وفيهنَّ خولةُ زينُ النساءِ ........ زادتْ على الناسِ طراً جمالا

    لها عينُ حوراءَ في روضةٍ ........ وتقرُو مع النبتِ أرطى طوالا

    وتجري السواكَ على باردٍ ........ يخالُ السيالَ ليسَ السيالا

    كأنَّ المُدامَ بعَيْدَ المنامِ ........ علتها وتسقيك عذباً زُلالا

    كأنَّ الذَّوائِبَ في فَرعِها ........ حبَالٌ توصلُ منها حِبَالا

    ووجهٌ يحارُ له الناظرُونَ ........ يخالونهم قدْ أهلوا هلالا

    إلى كفلٍ مثل دعصِ النقا ........ وكفٍّ تقلبُ بيضاً طفالا

    فبانتْ وما نلتُ من ودها ........ قبالاً وماذا يُساويِ قبالا

    وكيف تبتينَ حبلَ الصفاءِ ........ منْ ماجدٍ لا يريدُ اعتزالا

    أرادَ النوالَ فمَنيتِهِ ........ وأضحى الذي قلتِ فيهِ ضلالا

    فتًى يبتني المجدَ مثل الحسَا _ م أخلصهُ القينُ يوماً صقالا

    يقودُ الكماةَ ليلقَى الكُماةَ ........ ينازلُ ما إنْ أرادُوا النزالا

    تشبّه فرسانهمْ في اللقاءِ ........ إذا ما رَحَى الموتِ دَارَتْ جمالا

    ونمشي رجالاً إلى الدَّارِعين ........ كأعناقِ خورٍ تزْجّي فصالا

    ونكسُوا القواطِعَ هامَ الرِّجالِ ........ ويحمي الفوارسُ منا الرجالا

    ويأبى لي الضيمَ ما قدْ مضَى ........ وعندَ الخِصَامِ فنعلوا جدالا

    بقولٍ يذلُّ لهُ الرائضُونَ ........ ونفضلهمْ إنْ أرادوا فضالا

    وهاجرةٍ كأوَارِ الجحيمِ ........ قطعتُ إذا الجندبُ الجونُ قالا

    وليلٍ تعسفتُ ديجورهُ ........ يخافُ به المدلجونَ الخيالا

    وقال عمرو أيضاً: المتقارب

    نأتْكَ أمامَةُ إلاَّ سُؤالا ........ وأعقبكَ الهجرُ منها الوِصَالا

    وحادتْ بها نيةٌ غربَةٌ ........ تبدلُ أهلَ الصَّفاءِ الزيالا

    ونادى أميرُهُمُ بالفراقِ ........ ثمَّ استقلوا لبينٍ عجالا

    فقربنَ كلَّ منيفِ القَرى ........ عريضِ الحصير يغولُ الحِبَالا

    إذا ما تسربلنَ مجهولةً ........ وراجعنَ بعدَ الرسيمِ النقالا

    هداهُنَّ منشمراً لاحقاً ........ شديدَ المطا أرحبياً جلالا

    تخالُ حمولهم في السرابِ ........ لما تواهقنَ سُحقاً طوالا

    كوارعَ في حائرٍ مفعمٍ ........ تغمرَ حتى أنَى واستطالا

    كسونَ هوادِجهُنَّ السدولَ ........ منهدلاً فوقهنَّ انهدالا

    وفيهنَّ حورٌ كمثلِ الظباءِ ........ تقرُو بأعلى السليلِ الهدَالا

    جعلنَ قديساً وأعناءهُ ........ يميناً وبرقَةَ رعمٍ شمالا

    نوازعَ للخالِ إذْ شمنهُ ........ على الفرداتِ تحلُّ السجالا

    فلما هبطنَ مصابَ الربيعِ ........ بدلنَ بعدَ الرحالِ الحجالا

    وبيداءَ يلعَبُ فيها السرابُ ........ يخشَى بها المدلجونَ الضلالا

    تجاوبتُها راغباً راهباً ........ إذا ما الظباءُ اعتنقنَ الظلالا

    بضامزةٍ كأتانِ الثميلِ ........ عيرانةٍ ما تشكى الكلالا

    إلى ابنِ الشقيقةِ أعملتُها ........ أخافُ العتابَ وأرجُو النوالا

    إلى ابنِ الشقيقةِ خيرِ الملوكِ ........ أوفاهمُ عندَ عقدٍ حبالا

    ألستَ أبرَّهُمُ ذمةً ........ وأفضلهم إن أرادوا فضالا

    فأهلي فداؤكَ مستعتباً ........ عتبتَ فصدقتَ فيَّ المقالا

    أتاكَ عدوٌّ فصدقتهُ ........ فهلاَّ نظرتَ هديتَ السؤَالا

    فما قلتَ إذْ نطقُوا باطلاً ........ ولا كنتَ أرهبهُ أن يقالا

    فإنْ كانَ حقاً كما خبرُوا ........ فلا وصلتَ ليّ يمينٌ شمالا

    تصدقْ عليَّ فإنّي امرؤٌ ........ أخَافُ على غيرِ جُرْمٍ نكالا

    ويومٍ تطلعُ فيه النفوسُ ........ تطرفُ بالطعنِ فيه الرجالا

    شهدتَ فأطفأتَ نيرانهُ ........ وأصدرتَ منهُ ظماءً نهالا

    وذي لَجَبٍ يبرقُ الناظرينَ ........ كالليلِ ألبِسَ منهُ ظلالا

    كأنَّ سَنَا البيضِ فوقَ الكُماة ........ فيهِ المصابيحُ تخبي الذُّيالا

    صبحتَ العدوَّ على نأيهِ ........ تريشُ رجالاً وتبري رجالا

    ^

    سلامة بن جندل

    وقال سلامة

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1