Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

تفسير العدل والإعتدال ج3
تفسير العدل والإعتدال ج3
تفسير العدل والإعتدال ج3
Ebook732 pages5 hours

تفسير العدل والإعتدال ج3

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

الكتاب الفائز بالجائزة العالمية للإستحقاق الثقافي.... كتاب العدل والاعتدال يعد هدية إلى كل مؤمن ومؤمنة إلى قيام الساعة..... لقد تطلب إنجاز هذا العمل الضخم 20 عشرين عاما كتابة وتفرغا ومراجعة....... حمل هذا الكتاب الأكثر من رائع واستفد من كل المعلومات التي جاءت فيه وشاركه مع أصدفائك ومن تحب.....
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 1, 2014
ISBN9786448672658
تفسير العدل والإعتدال ج3

Read more from محمد بن عاشور

Related to تفسير العدل والإعتدال ج3

Related ebooks

Related categories

Reviews for تفسير العدل والإعتدال ج3

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    تفسير العدل والإعتدال ج3 - محمد بن عاشور

    المقدمة

    الكتاب الفائز بالجائزة العالمية للإستحقاق الثقافي.. كتاب العدل والاعتدال يعد هدية إلى كل مؤمن ومؤمنة إلى قيام الساعة... يقع تفسير العدل والإعتدال في 15 خمسة عشر مجلدا وفي آلاف الصفحات.. إنه موسوعة تشرح كامل القرآن الكريم... لقد تطلب إنجاز هذا العمل الضخم 20 عشرين عاما كتابة وتفرغا ومراجعة....

    بقلم الأديب:محمد بن عاشور

    عضو الأمانة العامة للإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب.

    عضو اتحاد الكتاب التونسيين.

    عضو الجمعية التونسية للمؤلفين والملحنين.

    عضو رابطة الأدب الحديث بمصر.

    الإيداع القانوني لدى المؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين.

    عدد 200404120134.

    جميع الحقوق محفوظة للمؤلف والأديب محمد بن عاشور وكل مخالف يتعرض للتتبعات القانونية وما ينجر عنها حسب القانون الجاري به العمل في هذا المضمار./.

    تنقيح 8 ربيع الأول 1425 الموافق ل:28 أفريل 2004.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    عشرون عاما من العمل لإنجاز هذا التفسير.

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه إلى قيام الساعة امين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

    إن هذا التفسير الذي أخصكم به تطلب 20 عشرين سنة كاملة من العمل والتفرغ والتدقيق والمراجعة لخدمة كتاب الله العزيز بما يستحق من جهد وعلم وإمكان على كل الأصعدة. وإني إذ أبعث به إليكم لأرجو أن يجد لديكم القبول والانتشار على كافة الأصعدة المسموعة والمرئية والمكتوبة وبكل وسيلة عصرية تبلغه إلى المؤمنين والمؤمنات في أصقاع الأرض بما يخدم كتاب الله العزيز الحكيم وإعلاء لكلمة الله اللطيف الخبير. وتنويرا للحق. وخدمة للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات في كل مكان وزمان إلى قيام الساعة.

    إن هذا التصنيف لم يكن ليمر دون متاعب جمة. ودون تضحيات جسيمة على المستوى الفردي والعائلي. وإن تفرغي له كان على حساب صحتي وزوجتي وأولادي وبناتي وأحفادي وأجواري وأصهاري. لأن الكتابة تتطلب الصمت والإنزواء والتركيز. وليس من السهولة أن يتوفر ذلك زمن الضجيج والمتاعب. ولن يجد أي مؤمن صعوبة في المستقبل في فهم القران الكريم عالما كان أو تلميذا أو طالبا. فقد حرصت على الشرح والبيان لكل كلمة ولكل معنى ولكل اية ولكل سورة. تحبيبا للقران الكريم وتقريبا له إلى النفوس والعقول. حتى يكون شرحه شرحا عصريا متطورا على الدوام. وبما يتماشى وافهام الشباب – خاصة- التائق دوما نحو الأكمل والأوفق بلا انتهاء. وحرصت على تقديمه بعيدا عن كل اختلاف أو نزاع أو تردد. رؤية شاملة متكاملة للقران الكريم متمسكا بالجذور والأصول والقواعد الرئيسة في الدين- قرانا وسنة مطهرة- والشرح اللغوي والبلاغي. منطلقا من القواعد الرئيسة للدين والشريعة معتمدا على أفضل المراجع في هذا المضمار.

    لقد كتبت التفسير ثلاث مرات وفي كل مرة أجدني مضطرا للتراجع لثقل المهمة. وعظم المسؤولية. واتخذت في المرة الأولى أسلوب الإستطراد الذي ما كان ليقنعني زمن التطور الذي نعيشه. وانطلقت من جديد بطريقة ثانية مختلفة تعتمد التحليل مع ذكر المراجع والحواشي. فوجدت العمل مثقلا بالتفاصيل التي لا تغني شيئا والتي تنفر القارئ من المتابعة. وكتبته ثالثة باتباع نسق متراوح بين الأقدمين والمحدثين في المقامة والسجع فوجدت العمل مليئا كلفا وتعقيدات ما أنزل الله بها من سلطان. فانكفأت على نفسي. وكتبت الاف الصفحات. وأعدت الكتابة أولى وثانية وثالثة إلى أن استقر بي المقام في هذا العمل الذي قسمته في حلقات سهلة القراءة والسماع. صالحة لكل وسيلة إعلام. مرئية كانت أو مسموعة. أو مكتوبة. صالحة لكل كتاب أو مجلة أو جريدة. أو في قرص. صالحة لتكون مع كل مؤمن في حله وترحاله. لتكون معه في الكمبيوتر. وفي التلفزيون وفي الإذاعة. وفي الكتاب. وفي كل وسيلة تبلغه المعلومة بكل يسر ومحبة. أهدي هذا العمل إلى روح أبوي وإلى زوجتي وأبنائي وأحفادي وكل أهلي وأصهاري وأجواري وأصدقائي وإلى كل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة من ادم عليه السلام إلى قيام الساعة التي لا شك فيها إطلاقا. والله أسأل أن يغفر لي ولهم إنه نعم المولى وهو الغفور الودود. وصلى الله على محمد واله وصحبه دنيا واخرة امين وسلام على المرسلين والحمد لله عدد خلقه وزنة عرشه وله العتبى حتى يرضى. والسلام عليكم ورحمة الله.

    المؤلف والأديب التونسي:محمد بن عاشور.

    عضو الأمانة العامة للإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب.

    5 نهج عزيز الخوجة 8090 قليبية ولاية نابل الجمهورية التونسية.

    الهاتف:0021621366664.

    بسم الله الرحمان الرحيم

    التعريف بالمؤلف والأديب:محمد بن عاشور

    -محمد بن عاشور:

    -من مواليد 7 مارس 1952 بالجمهورية التونسية.

    -عضو الأمانة العامة للإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب.

    -عضو رابطة الأدب الحديث بمصر.

    -عضو اتحاد الكتاب التونسيين.

    -عضو الجمعية التونسية للمؤلفين والملحنين.

    -فائز بالجائزة الكبرى للقصة الطويلة لبلدية تونس- جائزة علي البلهوان-.

    -فائز بجائزة وزارة الشباب للقصة القصيرة.

    -فائز بعديد الجوائز في الداخل والخارج.

    -مؤلف 5 خمسة كتب مطبوعة وموزعة في العالم في عدة طبعات وهي:

    -في البحث عن الأوراق- قصة طويلة- ط/ الدار التونسية للنشر / تونس.

    -حب في المدينة العتيقة- قصة طويلة- ط/ دار بوسلامة للطباعة والنشر والتوزيع / تونس.

    -يا قوم لا تتكلموا- مجموعة قصصية- ط/ دار بوسلامة للطباعة والنشر والتوزيع / تونس.

    -معركة من أجل الحب المقدس- أحاديث المؤلف الإذاعية- ط/ مطبعة فانزي/ تونس.

    -لقطات من مجتمع الورد والأشواك- طرائف اجتماعية- ط/ دار بوسلامة للطباعة والنشر والتوزيع / تونس.

    -نشر أكثر من 1000 ألف موضوع من إنتاجه المتنوع في الصحف والمجلات عبر العالم.

    -قرأ بصوته مئات الصفحات من إنتاجه بالإذاعة.

    -شارك في عدة حصص إذاعية وتلفزيونية.

    -أجرت معه الإذاعة والتلفزة والصحف والمجلات عدة مقابلات.

    -متزوج وله من الأبناء:إلياس وإيناس وإيمان وأميرة ومن الأحفاد:نور وغالية.

    -العنوان:محمد بن عاشور – 5 نهج عزيز الخوجة 8090 قليبية ولاية نابل الجمهورية التونسية.

    -الهاتف:0021621366664

    -التليفاكس:0021672277489

    -البريد الإلكتروني:benachourmouhamed@yahoo.fr

    -رقم المعرف البنكي:03304068010100287879 البنك الوطني الفلاحي فرع قليبية بطحاء الجمهورية ولاية نابل الجمهورية التونسية- محمد بن عاشور-.

    مقدمة التفسير

    الحمد لله والصلاة والسلام على محمد رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه في المحيا والممات ويوم القيامة الذي لا شك فيه إطلاقا. وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.

    أما بعد.

    فقد تعلقت همتي مذ بدأت أعي القران الكريم ومفاهيمه النورانية السامقة إلى وضع مصنف يعنى بتفسير القران الكريم يكون خاليا من التراكيب الحوشية والبلاغة المغرقة والغموض المستنكر. تفسير يكون صالحا للجميع العالم والجاهل المثقف ونصف المثقف. ولكل طالب للحقيقة التي لا تمارى ذاك أن القران الكريم إنما أنزله الله سبحانه وتعالى ليكون مائدته في الأرض. صالحا للناس في كل زمان ومكان لا يشبع منه العلماء لا يرتوي من معينه الثر الذي لا يغيض كل عشاق الحقيقة. والله أسأل أن يتقبل عملي خالصا لوجهه الكريم وأن يبلغ ثوابه إلى روح سيدنا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وأن يسقيني من حوضه وأن يجعلني في جواره وأن يعيذني برحمته من النار.إنه نعم المولى الحي القيوم السميع البصير الوكيل المحيط وسلام على المرسلين والحمد لله في الدارين.

    الحلقة عدد:161

    سورة يونس

    اياتها:109

    بسم الله والصلاة والسلام على محمد رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه إلى قيام الساعة ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له نعم المولى ونعم النصير ونشهد أن محمدا رسول الله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده أما بعد السلام عليكم ورحمة الله.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ۝-الر تلك ايات الكتاب الحكيم-1-أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين امنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين-2-إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون-3-إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون-4-هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الايات لقوم يعلمون-5- إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لايات لقوم يتقون۝ -6-.-.صدق الله العظم.

    التحليل:

    ما فضل يونس عليه السلام؟. لماذا اتهم الكافرون رسول الله عليه الصلاة والسلام بالسحر؟. ما المرجع؟. وما القسط؟. ولماذا خلق الله عز وجل الشمس والقمر؟. ولماذا اختلاف الليل والنهار؟. عن هذه الأسئلة وأكثر تجدون الأجوبة الكافية الشافية في التحليل التالي إن شاء الله تعالى:

    جاء في صحيح البخاري:

    حدثنا قتيبة بن سعيد:حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:-ما ينبغي لأحد أن يكون خيرا من يونس بن متى -.

    4527 -حدثني إبراهيم بن المنذر:حدثنا محمد بن فليح قال:حدثني أبي، عن هلال بن علي، من بني عامر بن لؤي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:-من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب-

    [ش -فقد كذب- أخبر بخلاف الحقيقة، والمراد أن الأنبياء عليهم السلام، من حيث كونهم أنبياء، فهم في منزلة واحدة من الخيرية].

    -الر تلك ايات الكتاب الحكيم-1-.-. الاية جمع ايات:العلامة أو الدليل. -ايات الكتاب الحكيم-:القران الكريم. وصفه الله عز وجل بالحكمة. والحكمة هي صواب الأمر وسداده.

    -أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين امنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين-2-.-. وبشر الذين امنوا:بشره:فرحه. البشرى:الخبر المفرح. الذين امنوا:امن به إيمانا:صدقه ووثق به. الإيمان:التصديق. ضد التكذيب. -قال الكافرون -:الكفر:نقيض الإيمان، امنا بالله وكفرنا بالطاغوت، كفر يكفر كفرا وكفورا وكفرانا. ويقال لأهل دار الحرب:قد كفروا أي عصوا وامتنعوا. والكفر:كفر النعمة، وهو نقيض الشكر. والكفر:جحود النعمة، وهو ضد الشكر. وقوله تعالى:إنا بكل كافرون، أي جاحدون. وكفر نعمة الله يكفرها كفورا وكفرانا وكفر بها:جحدها وسترها. وكافره حقه:جحده. ورجل مكفر:مجحود النعمة مع إحسانه. ورجل كافر:جاحد لأنعم الله، مشتق من الستر، وقيل:لأنه مغطى على قلبه.

    -إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون-3-.-. الذي خلق السماوات والأرض:والخلق في كلام العرب:ابتداع الشيء على مثال لم يسبق إليه:وكل شيء خلقه الله فهو مبتدئه على غير مثال سبق إليه:ألا له الخلق والأمر تبارك الله أحسن الخالقين. قال أبو بكر بن الأنباري:الخلق في كلام العرب على وجهين:أحدهما الإنشاء على مثال أبدعه، والاخر التقدير، وقال في قوله تعالى:فتبارك الله أحسن الخالقين، معناه أحسن المقدرين. -ثم استوى على العرش -:استواء يليق بمقامه عز وجل. ودبر الأمر وتدبره:نظر في عاقبته، واستدبره:رأى في عاقبته ما لم ير في صدره، وعرف الأمر تدبرا أي بأخرة، قال جرير:ولا تتقون الشر حتى يصيبكم، ولا تعرفون الأمر إلا تدبرا والتدبير في الأمر:أن تنظر إلى ما تؤُول إليه عاقبته، والتدبر:التفكر فيه. وفلان ما يدري قبال الأمر من دباره أي أوله من اخره. ويقال:إن فلانا لو استقبل من أمره ما استدبره لهدي لوجهة أمره أي لو علم في بدء أمره ما علمه في اخره لاسترشد لأمره. وقال أكثم بن صيفي لبنيه:يا بني لا تتدبروا أعجاز أمور قد ولت صدورها. والتدبير:أن يتدبر الرجل أمره ويدبره أي ينظر في عواقبه. والتدبير. ويدبر الأمر:أي يقضيه وينصرف في ملكه وملكوته لا يشرك في ذلك أحدا. مما يدل على عظمته. -ذلكم الله ربكم فاعبدوه-:عبده عبادة :خضع وذل وطاع له.

    -إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون-4-.-. إليه مرجعكم جميعا :رجع يرجع رجعا ورجوعا ورجعى ورجعانا ومرجعا ومرجعة:انصرف. وفي التنزيل:إن إلى ربك الرجعى، أي الرجوع والمرجع، مصدر على فعلى، وفيه:إلى الله مرجعكم جميعا، أي رجوعكم. -بالقسط -:في أسماء الله تعالى الحسنى المقسط:هو العادل. يقال:أقسط يقسط، فهو مقسط إذا عدل، وقسط يقسط، فهو قاسط إذا جار، فكأن الهمزة في أقسط للسلب كما يقال شكا إليه فأشكاه. وفي الحديث:أن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، القسط:الميزان، سمي به من القسط العدل، أراد أن الله يخفض ويرفع ميزان أعمال العباد المرتفعة إليه وأرزاقهم النازلة من عنده كما يرفع الوزان يده ويخفضها عند الوزن، وهو تمثيل لما يقدره الله وينزله، وقيل:أراد بالقسط القسم من الرزق الذي هو نصيب كل مخلوق، وخفضه تقليله، ورفعه تكثيره. والقسط:الحصة والنصيب.-شراب من حميم -:والحميم والحميمة جميعا:الماء الحار. وشربت البارحة حميمة أي ماء سخنا. والمحم، بالكسر:القمقم الصغير يسخن فيه الماء. ويقال:اشرب على ما تجد من الوجع حسى من ماء حميم، يريد جمع حسوة من ماء حار. والحميمة:الماء يسخن. يقال:أحموا لنا الماء أي أسخنوا.

    -هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الايات لقوم يعلمون-5-.-. هو الذي جعل الشمس ضياء:جعل الشيء يجعله جعلا ومجعلا واجتعله:وضعه، وجعله يجعله جعلا:صنعه، وجعله صيره. قال سيبويه:جعلت متاعك بعضه فوق بعض ألقيته، وقال مرة:عملته، والرفع على إقامة الجملة مقام الحال. -جعل الشمس ضياء -:الضياء جمع ضوء. أي ما يكشف الأشياء. والقمر نورا:والنور:الضياء. والنور:ضد الظلمة. وفي المحكم:النور الضوء، أيا كان، وقيل:هو شعاعه وسطوعه، والجمع أنوار ونيران، عن ثعلب. وقد نار نورا وأنار واستنار ونور، الأخيرة عن اللحياني، بمعنى واحد، أي أضاء، كما يقال:بان الشيء وأبان وبين وتبين واستبان بمعنى واحد. واستنار به:استمد شعاعه. ونور. -لقوم يعلمون -:علم علما:أدركه بحقيقته وكنهه.

    -إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لايات لقوم يتقون-6-.-. لقوم يتقون:اتقاه:خافه وحذره:التقوى:مخافة الله والعمل بطاعته.

    الحلقة عدد:162

    بسم الله والصلاة والسلام على محمد رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه إلى قيام الساعة ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له نعم المولى ونعم النصير ونشهد أن محمدا رسول الله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده أما بعد السلام عليكم ورحمة الله.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ۝-. إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن اياتنا غافلون-7-أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون-8-إن الذين امنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم-9- دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام واخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين-10- ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون-11- وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون-12- ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين-13- ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون۝ -14-.-. صدق الله العظيم.

    التحليل:

    ما الغفلة؟. وما الكسب؟. ما دعاء المؤمنين في الجنة وما تحيتهم؟. ما العمه؟. من هم المسرفون؟. ومن هم خلائف الأرض؟. عن هذه الأسئلة وأكثر تجدون الأجوبة الكافية الشافية في التحليل التالي إن شاء الله تعالى:

    -. إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن اياتنا غافلون-7-.-. إن الذين لا يرجون لقاءنا:الرجاء من الأمل:نقيض اليأس، ممدود. والأمل. ورجيه ورجاه وارتجاه وترجاه بمعنى. وفي التنزيل العزيز:ما لكم لا ترجون لله وقارا. وقال ثعلب:قال الفراء الرجاء في معنى الخوف لا يكون إلا مع الجحد، تقول:ما رجوت كأي ما خفتك، ولا تقول رجوتك في معنى خفتك. -عن اياتنا غافلون -:غفل عنه يغفل غفولا وغفلة وأغفله عنه غيره وأغفله:تركه وسها عنه.

    -أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون-8-.-. الكسب:طلب الرزق، وأصله الجمع. كسب يكسب كسبا، وتكسب واكتسب. قال سيبويه:كسب أصاب، واكتسب:تصرف واجتهد. قال ابن جني:قوله تعالى:لها ما كسبت، وعليها ما اكتسبت، عبر عن الحسنة بكسبت، وعن السيئة باكتسبت، لأن معنى كسب دون معنى اكتسب، لما فيه من الزيادة، وذلك أن كسب الحسنة، بالإضافة إلى اكتساب السيئة، أمر يسير ومستصغر.

    -إن الذين امنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم-9-.-. يهديهم ربهم:هداه:هداية :أرشده. ضد أضله.

    -دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام واخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين-10-.-. دعواهم فيها سبحانك اللهم:وسبحان في اللغة تنزيه الله، عز وجل، عن السوء، قال سيبويه:زعم أبو الخطاب أن سبحان الله كقولك براءة الله أي أبرئ الله من السوء براءة، وقيل:قوله سبحانك أي أنزهك يا رب من كل سوء وأبرئك. وروى الأزهري بإسناده أن ابن الكوا سأل عليا، رضوان الله تعالى عليه، عن سبحان الله ، فقال:كلمة رضيها الله لنفسه فأوصى بها. والعرب تقول:سبحان من كذا إذا تعجبت منه. -الحمد لله رب العالمين -:الحمد:نقيض الذم، ويقال:حمدته على فعله، ومنه المحمدة خلاف المذمة. وفي التنزيل العزيز:الحمد لله رب العالمين. قال ثعلب:الحمد يكون عن يد وعن غير يد، والشكر لا يكون إلا عن يد وسيأتي ذكره، وقال اللحياني:الحمد الشكر فلم يفرق بينهما. الأخفش:الحمد لله الشكر لله، قال:والحمد لله الثناء. قال الأزهري:الشكر لا يكون إلا ثناء ليد أوليتها، والحمد قد يكون شكرا للصنيعة ويكون ابتداء للثناء على الرجل، فحمد الله الثناء عليه ويكون شكرا لنعمه التي شملت الكل، والحمد أعم من الشكر. وقد حمده حمدا ومحمدا ومحمدة ومحمدا ومحمدة، نادر، فهو محمود. والحمد والشكر متقاربان والحمد أعمهما لأنك تحمد الإنسان على صفاته الذاتية وعلى عطائه ولا تشكره على صفاته، ومنه الحديث:الحمد رأس الشكر، ما شكر الله عبد لا يحمده، كما أن كلمة الإخلاص رأس الإيمان، وإنما كان رأس الشكر لأن فيه إظهار النعمة والإشادة بها، ولأنه أعم منه، فهو شكر وزيادة. وفي حديث الدعاء:سبحانك اللهم وبحمدك أي وبحمدك أبتدئ، وقيل:وبحمدك سبحت.

    -ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون-11-.-. لقضي إليهم أجلهم:الأجل:غاية الوقت في الموت وحلول الدين ونحوه. والأجل:مدة الشيء.-فنذر الذين لا يرجون لقاءنا -:وذر الشيء وذرا:تركه. -في طغيانهم يعمهون-:العمه:التحير والتردد، وأنشد ابن بري:متى تعمه إلى عثمان تعمه إلى ضخم السرادق والقباب أي تردد النظر، وقيل:العمه التردد في الضلالة والتحير في منازعة أو طريق، قال ثعلب:هو أن لا يعرف الحجة، وقال اللحياني:هو تردده لا يدري أين يتوجه. وفي التنزيل العزيز:ونذرهم في طغيانهم يعمهون، ومعنى يعمهون:يتحيرون. وفي حديث علي، كرم الله وجهه:فأين تذهبون بل كيف تعمهون؟ قال ابن الأثير:العمه في البصيرة كالعمى في البصر. ورجل عمه عامه أي يتردد متحيرا لا يهتدي لطريقه ومذهبه، والجمع عمهون وعمه. وقد عمه وعمه - بكسر الميم وفتحها - يعمه عمها وعموها وعموهة وعمهانا إذا حاد عن الحق.

    -وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون-12-.-. زين للمسرفين:السرف والإسراف:مجاوزة القصد. وأسرف في ماله:عجل من غير قصد، وأما السرف الذي نهى الله عنه، فهو ما أنفق في غير طاعة الله، قليلا كان أو كثيرا. والإسراف في النفقة:التبذير. وقوله تعالى:والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا، قال سفيان:لم يسرفوا أي لم يضعوه في غير موضعه ولم يقتروا لم يقصروا به عن حقه، وقوله ولا تسرفوا، الإسراف أكل ما لا يحل أكله، وقيل:هو مجاوزة القصد في الأكل مما أحله الله، وقال سفيان:الإسراف كل ما أنفق في غير طاعة الله، وقال إياس بن معاوية:الإسراف ما قصر به عن حق الله. والسرف:ضد القصد. وأكله سرفا أي في عجلة.

    -ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين-13-.-. ولقد أهلكنا القرون:هلك:فني. مات. ولا يستعمل إلا في ميتة سوء. -القرون-:والقرن من الناس:أهل زمان واحد. -القوم المجرمين -:والجرم:التعدي، والجرم:الذنب، والجمع أجرام وجروم، وهو الجريمة، وقد جرم يجرم جرما واجترم وأجرم، فهو مجرم وجريم. وفي الحديث:أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يجرم عليه فحرم من أجل مسألته، الجرم:الذنب.

    -ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون-14-.-. ثم جعلناكم خلائف في الأرض:وقال الفراء في قوله تعالى:هو الذي جعلكم خلائف في الأرض، قال:جعل أمة محمد خلائف كل الأمم، قال:وقيل خلائف في الأرض يخلف بعضكم بعضا، ابن السكيت:فإنه وقع للرجال خاصة، والأجود أن يحمل على معناه فإنه ربما يقع للرجال، وإن كانت فيه الهاء، ألا ترى أنهم قد جمعوه خلفاء؟ قالوا ثلاثة خلفاء لا غير، وقد جمع خلائف، فمن قال خلائف قال ثلاث خلائف وثلاثة خلائف، فمرة يذهب به إلى المعنى ومرة يذهب به إلى اللفظ، قال:وقالوا خلفاء من أجل أنه لا يقع إلا على مذكر وفيه الهاء، جمعوه على إسقاط الهاء فصار مثل ظريف وظرفاء لأن فعيلة بالهاء لا تجمع على فعلاء.

    الحلقة عدد:163

    بسم الله والصلاة والسلام على محمد رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه إلى قيام الساعة ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له نعم المولى ونعم النصير ونشهد أن محمدا رسول الله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده أما بعد السلام عليكم ورحمة الله.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ۝-. وإذا تتلى عليهم اياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقران غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم-15- قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون-16- فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب باياته إنه لا يفلح المجرمون-17- ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤُلاء شفعاؤُنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون-18- وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون-19- ويقولون لولا أنزل عليه اية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين۝ -20-.-. صدق الله العظيم.

    التحليل:

    ماذا يقول الذين لا يرجون لقاء الله؟. كم لبث محمد عليه الصلاة والسلام قبل البعثة المباركة؟. كيف كان الناس؟. ما الغيب ولمن هو؟. عن هذه الأسئلة وأكثر تجدون الأجوبة الكافية الشافية في التحليل التالي إن شاء الله تعالى:

    -. وإذا تتلى عليهم اياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقران غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم-15-.-. وإذا تتلى عليهم اياتنا بينات:والبيان:ما بين به الشيء من الدلالة وغيرها. وبان الشيء بيانا:اتضح، فهو بين، والجمع أبيناء، مثل هين وأهيناء، وكذلك أبان الشيء فهو مبين. وأبنته أي أوضحته. واستبان الشيء:ظهر. واستبنته أنا:عرفته. وتبين الشيء:ظهر، وتبينته أنا، تتعدى هذه الثلاثة ولا تتعدى. وقالوا:بان الشيء واستبان وتبين وأبان وبين بمعنى واحد، ومنه قوله تعالى:ايات مبينات، بكسر الياء وتشديدها، بمعنى متبينات، ومن قرأ مبينات بفتح الياء فالمعنى أن الله بينها.

    وفي المثل:قد بين الصبح لذي عينين أي تبين.

    -قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون-16-.-. ولا أدراكم به:درى الشيء دربا ودربا، عن اللحياني، ودرية ودريانا ودراية:علمه. قال سيبويه:الدرية كالدرية لا يذهب به إلى المرة الواحدة ولكنه على معنى الحال. ويقال:أتى هذا الأمر من غير درية أي من غير علم. ويقال:دريت الشيء أدريه عرفته، وأدريته غيري إذا أعلمته. الجوهري:دريته ودريت به دريا ودرية ودرية ودراية أي علمت له، وأنشد:لاهم لا أدري، وأنت الداري، كل امرئ منك على مقدار وأدراه به:أعلمه. وفي التنزيل العزيز:ولا أدراكم به، فأما من قرأ:أدرأكم به، مهموز، فلحن. قال الجوهري:وقرئ ولا أدرأكم به، قال:والوجه فيه ترك الهمز، قال ابن بري:يريد أن أدريته وأدراه، بغير همز، هو الصحيح. -فقد لبثت فيكم عمرا -:أي أقمت فيكم أربعين عاما مشهورا بالإستقامة والصلاح. -أفلا تعقلون-:عقل الأمر عقلا:فهمه وتدبره.

    -فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب باياته إنه لا يفلح المجرمون-17-.-. افترى على الله كذبا:والفرية:الكذب. فرى كذبا فريا وافتراه:اختلقه. ورج فري ومفرى وإنه لقبيح الفرية، عن اللحياني. الليث:يقال فرى فلان الكذب يفريه إذا اختلقه، والفرية من الكذب. وقال غيره:افترى الكذب يفتريه اختلقه. وفي التنزيل العزيز:أم يقولون افتراه، أي اختلقه. وفرى فلان كذا إذا خلقه، وافتراه:اختلقه، والاسم الفرية. وفي الحديث:من أفرى الفرى أن يري الرجل عينيه ما لم تريا.

    -ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤُلاء شفعاؤُنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون-18-.-. ويعبدون من دون الله:عبده عبادة:خضع وذل وطاع له. والعبادة لا تكون إلا لله الخلاق العليم. -بما لا يعلم في السماوات-:علم علما:أدركه بحقيقته وكنهه. -سبحانه وتعالى -:سبحه تعالى:نزهه عن الشريك. -عما يشركون-:أشرك بالله:جعل له شريكا والله لا يشارك في ملكه ولا في ذاته ولا في صفاته.

    -وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون-19-.-. وما كان الناس إلا أمة واحدة:أي كان الناس على دين واحد هو الإسلام دين الفطرة والتوحيد الخالص. والعدل والإعتدال في كل شيء. وكلمة الأمة - بالضم والكسر - تعني الطريق أو الدين أو الشريعة.

    -ويقولون لولا أنزل عليه اية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين-20-.-. اية من ربه ك الاية:العلامة. الدليل. -إنما الغيب لله -:الغيب:الشك، وجمعه غياب وغيوب، قال:أنت نبي تعلم الغيابا، لا قائلا إفكا ولا مرتابا والغيب:كل ما غاب عنك. أبو إسحق في قوله تعالى:يؤمنون بالغيب، أي يؤمنون بما غاب عنهم، مما أخبرهم به النبي، صلى الله عليه وسلم، من أمر البعث والجنة والنار. وكل ما غاب عنهم مما أنبأهم به، فهو غيب، وقال ابن الأعرابي:يؤمنون بالله. قال:والغيب أيضا ما غاب عن العيون، وإن كان محصلا في القلوب. ويقال:سمعت صوتا من وراء الغيب أي من موضع لا أراه. وقد تكرر في الحديث ذكر الغيب، وهو كل ما غاب عن العيون، سواء كان محصلا في القلوب، أو غير محصل. وغاب عني الأمر غيبا، وغيابا، وغيبة، وغيبوبة.

    الحلقة عدد:164

    بسم الله والصلاة والسلام على محمد رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه إلى قيام الساعة ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له نعم المولى ونعم النصير ونشهد أن محمدا رسول الله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده أما بعد السلام عليكم ورحمة الله.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ۝-. وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في اياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون-21- هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين-22- فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون-23-إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الايات لقوم يتفكرون-24- والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم۝ -25-.-. صدق الله العظيم.

    التحليل:

    ما المكر في الايات؟. وما الشكر؟. ما البغي في الأرض؟. ما الحصيد؟. وما دار السلام؟. عن هذه الأسئلة وأكثر تجدون الأجوبة الكافية في التحليل التالي إن شاء الله تعالى:

    -. وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في اياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون-21-.-. وإذا أذقنا الناس رحمة:الذوق:مصدر ذاق الشيء يذوقه ذوقا وذواقا ومذاقا، فالذواق والمذاق يكونان مصدرين ويكونان طعما، كما تقول ذواقه ومذاقه طيب، والمذاق:طعم الشيء. والذواق:هو المأكول والمشروب. وفي الحديث:لم يكن يذم ذواقا، فعال بمعنى مفعول من الذوق، ويقع على المصدر والاسم، وما ذقت ذواقا أي شيئا، وتقول:ذقت فلانا وذقت ما عنده أي خبرته، وكذلك ما نزل بالإنسان من مكروه فقد ذاقه. وجاء في الحديث:إن الله لا يحب الذواقين والذواقات، يعني السريعي النكاح السريعي الطلاق. -رحمة -:رحمه رحمة:رق له وشفق تعطف وغفر له. الرحمة:الرقة والتعطف، والمرحمة مثله، وقد رحمته وترحمت عليه. وتراحم القوم:رحم بعضهم بعضا. والرحمة:المغفرة، وقوله تعالى في وصف القران:هدى ورحمة لقوم يؤمنون، أي فصلناه هاديا وذا رحمة. وسمي الغيث رحمة. -من بعد ضراء مستهم -:والضراء:السنة. والضاروراء:القحط والشدة. والضر:سوء الحال، وجمعه أضر. -إذا لهم مكر في اياتنا قل الله أسرع مكرا-:الليث:المكر احتيال في خفية، قال:وسمعنا أن الكيد في الحروف حلال، والمكر في كل حلال حرام. قال الله تعالى:ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون. قال أهل العلم بالتأويل:المكر من الله تعالى جزاء سمي باسم مكر المجازى كما قال تعالى:وجزاء سيئة سيئة منها، فالثانية ليست بسيئة في الحقيقة ولكنها سميت سيئة لازدواج الكلام، وكذلك قوله تعالى:فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه، فالأول ظلم والثاني ليس بظلم ولكنه سمي باسم الذنب ليعلم أنه عقاب عليه وجزاء به، ويجري مجرى هذا القول قوله تعالى:يخادعون الله وهو خادعهم والله يستهزئ بهم، مما جاء في كتاب الله عز وجل. ابن سيده:المكر الخديعة والاحتيال، مكر يمكر مكرا ومكر به. وفي حديث الدعاء:اللهم امكر لي ولا تمكر بي، قال ابن الأثير:مكر الله إيقاع بلائه بأعدائه دون أوليائه، وقيل:هو استدراج العبد بالطاعات فيتوهم أنها مقبولة وهي مردودة، المعنى:ألحق مكرك بأعدائي لا بي:وأصل المكر الخداع. وفي حديث علي في مسجد الكوفة:جانبه الأيسر مكر، قيل:كانت السوق إلى جانبه الأيسر وفيها يقع المكر والخداع. -إن رسلنا يكتبون ما تمكرون -:يعني الحفظة. الكرام. الكتبة الذين يعلمون ما نفعل وما نقول. حيث قال الله سبحانه وتعالى وهو أصدق القائلين في سورة -الإنفطار -:-وإن عليكم لحافظين-10- كراما كاتبين-11- يعلمون ما تفعلون-12-.-– الإنفطار.

    -هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين-22-.-. والفلك:بالضم:السفينة، تذكر وتؤنث وتقع على الواحد والاثنين والجمع، فإن شئت جعلته من باب جنب، وإن شئت من باب دلاص وهجان، وهذا الوجه الأخير هو مذهب سيبويه، أعني أن تكون ضمة الفاء من الواحد بمنزلة ضمة باء برد وخاء خرج، وضمة الفاء في الجمع بمنزل ضمة حاء حمر وصاد صفر جمع أحمر وأصفر، قال الله في التوحيد والتذكير:في الفلك المشحون، فذكر الفلك وجاء به موحدا، ويجوز أن يؤنث واحده كقول الله تعالى:جاءتها ريح عاصف، فقال:جاءتها فأنث، وقال:وترى الفلك فيه مواخر، فجمع، وقال تعالى:والفلك التي تجري في البحر، فأنث ويحتمل أن يكون واحدا وجمعا، وقال تعالى:حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم، فجع وأنث فكأنه يذهب بها إذا كانت واحدة إلى المركب فيذكر وإلى السفينة فيؤنث. -هذه لنكونن من الشاكرين-:الشكر:عرفان الإحسان ونشره، وهو الشكور أيضا. قال ثعلب:الشكر لا يكون إلا عن يد، والحمد يكون عن يد وعن غير يد، فهذا الفرق بينهما. والشكر من الله:المجازاة والثناء الجميل، شكره وشكر له يشكر شكرا وشكورا وشكرانا، قال أبو نخيلة:شكرتك، إن الشكر حبل من التقى، وما كل من أوليته نعمة يقضي قال ابن سيده:وهذا يدل على أن الشكر لا يكون إلا عن يد.

    -فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون-23-.-. يبغون في الأرض:والبغي:التعدي. وبغى الرجل علينا بغيا:عدل عن الحق واستطال. الفراء في قوله تعالى:قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق، البغي الإستطالة على الناس، وقال الأزهري:معناه الكبر، والبغي الظلم والفساد، والبغي معظم الأمر. -متاع الحياة-:المتاع كل ما ينتفع به انتفاعا قليلا غير باق.

    ومتعه الله وأمتعه بكذا:أبقاه ليستمتع به. وفي التنزيل:وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى، فمعناه أي يبقكم بقاء في عافية إلى وقت وفاتكم ولا يستأصلكم بالعذاب كما استأصل القرى الذين كفروا. ومتع الله فلانا وأمتعه إذا أبقاه وأنسأه إلى أن ينتهي شبابه. وقول الله تعالى:فاستمتعتم بخلاقكم، قال الفراء:استمتعوا يقول رضوا بنصيبهم في الدنيا من أنصبائهم في الاخرة وفعلتم أنتم كما فعلوا. ويقال:أمتعت عن فلان أي استغنيت عنه. والمتعة والمتعة والمتعة أيضا:البلغة، ويقول الرجل لصاحبه:ابغني متعة أعيش بها أي ابغ لي شيئا اكله أو زادا أتزوده أو قوتا أقتاته. -ثم إلينا مرجعكم -. رجع يرجع رجعا ورجوعا ورجعى ورجعانا ومرجعا ومرجعة:انصرف. وفي التنزيل:إن إلى ربك الرجعى، أي الرجوع والمرجع، مصدر على فعلى، وفيه:إلى الله مرجعكم جميعا، أي رجوعكم. -فننبئكم بما كنتم تعملون-:نبأه:خبره. النبأ:الخبر الهام. سمي النبأ نبا:لأنه ينبأ أي ينتقل من مكان لاخر. نبأ المكان:علا وارتفاع.

    -إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الايات لقوم يتفكرون-24-.-. الزخرف:الزينة. ابن سيده:الزخرف الذهب هذا الأصل، ثم سمي كل زينة زخرفا ثم شبه كل مموه مزور

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1