Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

تجرأ على أن تكون مختلفًا وتكون ثريًا - أسرار العصاميين: تجرأ على أن تكون مختلفًا وتكون ثريًا
تجرأ على أن تكون مختلفًا وتكون ثريًا - أسرار العصاميين: تجرأ على أن تكون مختلفًا وتكون ثريًا
تجرأ على أن تكون مختلفًا وتكون ثريًا - أسرار العصاميين: تجرأ على أن تكون مختلفًا وتكون ثريًا
Ebook694 pages5 hours

تجرأ على أن تكون مختلفًا وتكون ثريًا - أسرار العصاميين: تجرأ على أن تكون مختلفًا وتكون ثريًا

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

ضع لنفسك أهدافًا أكثر طموحًا«يمكن لهذا الكتاب أن يحفز الشباب على دخول عالم الأعمال، ولست في حاجة بالضرورة إلى شهادة عليا، مثلما يظهر زيتلمان في هذا الكتاب، وكما أعرف من تجربتي الحياتية الخاصة، فالفِكَر التجارية الخلاقة هي الأكثر أهمية؛ فكر تجلب الفوائد، وتساعد الآخرين». ديرك روسمان، المدير الإداري لشركة Dirk Rossmann GmbH، ورائد قطاع متاجر بيع الأدوية، ورجال أعمال وملياردير.«يتفحص هذا الكتاب الضروري النجاح والعوامل المطلوبة لتحقيقه، ويعاين بأسلوب مفصل سير هؤلاء الذين امتلكوا الشجاعة والدأب والجلد على إبداع منجزات غير مسبوقة، والقدرة على الجد والاجتهاد والتعلم، ويضم كتاب (تجرأ على أن تكون مختلفًا وتصبح ثريًّا) دروسًا لكل من يريد تحقيق أهداف عظيمة، وينظر إلى المستقبل إضافة إلى الماضي؛ ولأنه يستمد إلهامه من إنجازات ناجحين آخرين، فإنه سيحفز جيل اليوم على محاكاتهم وتحقيق إنجازات لن تجلب لهم النجاح فحسب، بل ستبدع المبتكرات التي تحسن حظوظنا كلنا في الحياة».د. مادسن بيري رئيس معهد آدم سميث.«نصائح مفيدة من خبير عارف بالموضوع الذي يتناوله، ويمارس عمليًّا ما يدعو إليه نظريًّا، وسوف تكافأ فضلًا على ذلك كله بمعرفة بعض الحقائق المثيرة والآسرة عن تاريخ قطاع الأعمال وأولئك المبدعين الذين تمكنوا من إيجاده وتطويره وتحريكه».د. كريستان نيميتز رئيس قسم الاقتصاد السياسي، معهد الشؤون الاقتصادية.«تفسير مشوق للتأثير الإيجابي لنظرية وضع الأهداف لتمكين الناس من جني ثروات طائلة».د. غاري لاثام سكرتير أستاذ الدولة في الفاعلية التنظيمية (مدرسة روثمان للإدارة، جامعة تورنتو)، ومبتكر نظرية وضع الأهداف (مع إدوين لوك).راينر زيتلمانيحمل شهادتي دكتوراه في التاريخ وعلم الاجتماع، وقد ألف ثلاثة وعشرين كتابًا، وبعد أن عمل مؤرخًا في جامعة Freie Universitat في برلين، شغل منصب رئيس قسم في صحيفة داي فيلت Die Welt، وفي العام 2000م أسس شركته الخاصة، ثم باعها لاحقًا في العام 2016م، وهو يعيش حاليًّا في برلين، وينشط في مجالي الاستثمار والنشر.
Languageالعربية
PublisherObeikan
Release dateJan 1, 2022
ISBN9786035094313
تجرأ على أن تكون مختلفًا وتكون ثريًا - أسرار العصاميين: تجرأ على أن تكون مختلفًا وتكون ثريًا

Related to تجرأ على أن تكون مختلفًا وتكون ثريًا - أسرار العصاميين

Related ebooks

Reviews for تجرأ على أن تكون مختلفًا وتكون ثريًا - أسرار العصاميين

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    تجرأ على أن تكون مختلفًا وتكون ثريًا - أسرار العصاميين - راينر زيتلمان

    Original Title Dare to Be Different and Grow Rich THE SECRET OF ELF-MADE PEOPLE

    Author: Dr. Rainer Zitelmann

    Copyright © Dr. Rainer Zitelmann c/o Wendt Meinekestr.8 10719 Berlin -Germany

    ISBN-10: 1912555635 ISBN-13: 978-1912555635

    All rights reserved. Dr. Rainer Zitelmann

    حقوق الطبعة العربية محفوظة للعبيكان بالتعاقد مع د. راينر زيتلمان.

    شركة العبيكان للتعليم،1443هـ

    فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر

    زيتلمان؛ رينر.

    تجرأ على أن تكون مختلفًا./ راينر زيتلمان؛ لانا الإمام. - الرياض، 1443 ه

    ردمك: 3- 431 - 509 - 603 - 978

    1- لنجاح أ. إامام لانا (مترجم) ب. العنون

    ديوي 1، 158 4057/ 1443

    الطـبعة الأولى 1443هـ /2022م

    حقوق الطباعة محفوظة للناشر

    نشر وتوزيع

    المملكة العربية السعودية- الرياض- طريق الملك فهد- مقابل برج المملكة

    هاتف: 4808654 11 966+، فاكس: 4808095 11 966+ ص.ب: 67622 الرياض 11517

    جميع الحقوق محفوظة. ولا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو نقله في أي شكل أو واسطة، سواء أكانت إلكترونية أو ميكانيكيـــة، بما في ذلك التصوير بالنسخ (فوتوكوبي)، أو التسجيل، أو التخزين والاسترجاع، دون إذن خطي من الناشر.

    مقدمة

    ولد هوارد شولتز Howard Schultz عام 1953م لأب كان عاملًا عاديًّا في بروكلين، ونشأ في حي فقير، ويروي هذا الكتاب كيف استطاع تحويل شركته (ستاربكس) Starbucks إلى علامة تجارية رائدة تملك أكثر من 27 ألف فرع في شتى أرجاء العالم، وقد عرض شولتز في مقدمة سيرته الذاتية عام 1997م نصيحة لقرائه: «احلموا بأكثر مما يعده الآخرون عمليًّا، وتوقعوا أكثر مما يظنه الآخرون ممكنًا»¹. وأما لاري بيج Larry Page، الذي أسس (غوغل) Google، فهو يؤيد بقوة ما يسميه «تجاهلًا صحيًّا للمستحيل»، وقد عاش تبعًا للحكمة السائرة: «عليك أن تحاول فعل أشياء لا يفعلها أغلب الناس»²، بينما فسر سام والتون Sam Walton، مؤسس (والمارت) Walmart، إحدى أضخم الشركات في العالم ذات يوم، سر نجاحه بالقول: «رفعت على الدوام المعيار لنفسي، ووضعت أهدافًا شخصية طموحة جدًّا»³.

    رجل أعمال أسطوري وملياردير آخر، ريتشارد برانسون Richard Branson، ذكر بأسلوب بليغ: «الدرس الذي تعلمته طوال هذه المدة هو عدم وجود هدف لا نستطيع بلوغه، وحتى المستحيل قد يصبح ممكنًا لأولئك الذين يمتلكون الرؤية والإيمان بأنفسهم»⁴.

    هذا هو موضوع الكتاب، ولقد درست السير المهنية لعدد من الرجال والنساء الناجحين إلى حد استثنائي، فمعظمهم من رجال الأعمال المغامرين، ولكنني أضفت أيضًا كبار المديرين، والرياضيين، وغيرهم من الناجحين في مختلف المجالات، وعبر تحليل قصص حياتهم، وجدت أن ما يميزهم قبل كل شيء هو شجاعتهم وجرأتهم على أن يكونوا مختلفين عن أغلبية المحيطين بهم، وعلى وضع الطرائق التقليدية في التفكير موضع المساءلة، وكانت أهدافهم وطموحاتها على مستوى أعلى بكثير من معظم الناس، ويعاين هذا الكتاب نماذج من الرجال والنساء، مثل أرنولد شوارزينيغر Arnold Schwarezenegger، ومادونا Madonna، وستيف جوبز Steve Jobs، وبيل غيتس Bill Gates، وجاك ما Jack Ma، ووارن بافيت Warren Buffett، من أجل استخلاص الأسرار الحاسمة في أهميتها لنجاحهم، وتخدم قصصهم وظيفة الخطوط الإرشادية الهادية التي يمكن أن تعلمك كيف تضع أهدافًا على مستوى أعلى من الطموح، وتحقق أكثر بكثير مما حسبته ممكنًا.

    نادرًا ما التقيت شخصًا وضع أهدافًا تبدو مستحيلة، إذ يعيش معظم الناس حياتهم من دون أي أهداف على الإطلاق، أو يحددون لأنفسهم أهدافًا متواضعة، واعتبر ذلك السبب الرئيس وراء فشلهم في تحقيق المزيد وعدم الاستفادة من طاقاتهم كاملة.

    لماذا ينجح بعض الناس أكثر من سواهم؟ من الصعب أن تفسر الميزة التعليمية أو الاجتماعية الفارق الواضح بين الرابحين والخاسرين، وإن كثيرًا من الشخصيات الناجحة التي تناولها هذا الكتاب واجهت صعوبات وعقبات في مرحلة الطفولة، بل ربما تكون نسبة الذين تركوا الدراسة في المرحلة الثانوية أو الجامعية من المليارديرات العصاميين أعلى من المعدل الوسطي في المجتمع عمومًا.

    من الخرافات الشائعة، التي حظيت بشعبية خاصة بين الفاشلين في الحياة (لأسباب واضحة)، أن النجاح مسألة (حظ) ووفقًا لهذه النظرية، فإن الشركات الكبيرة ربما أجرت قرعة (أو يا نصيب!) لشغل الوظائف الإدارية، وسوف يرقى الفائز المحظوظ إلى مرتبة المدير التنفيذي، بينما يضطر الخاسرون إلى العمل في مكتب البريد.

    قد يسهم عامل الحظ في النجاح من دون شك، ولكن من الخطأ المبالغة في تقدير أهميته، إذ لا يوجد من هو محظوظ على الدوام أو منحوس في جميع الأوقات، وعلى مسار سنين عدة أو حتى عقود، تبين لي أن حالات الحظ والنحس متساوية تقريبًا، وأغلبية الذين أصبحوا مليارديرات بالمصادفة والحظ خسروا ثرواتهم لاحقًا، وفي خلال بضع سنين، ساءت حال كبار الفائزين باليا نصيب، وتدهور وضعهم المالي إلى ما دون المستوى الذي كانوا عليه قبل أن يفوزوا بالجائزة الكبرى: لماذا؟ لأنهم افتقدوا المرونة الذهنية الضرورية لبناء الثروة والحفاظ عليها، ومن ناحية أخرى، هناك عدد لا يحصى من الأمثلة على أشخاص خسروا ثروتهم كلها -بعد أن تعبوا في تجميعها- وتمكنوا من إعادة بنائها في سنين قليلة.

    النجاح يعني في دلالته أن تحقق إنجازات أفضل مقارنة بالمعدل الوسطي للمنافسين في مجال معين، ويعني بلوغ أهدافك، ويتعلق هذا الكتاب بمواقف معينة وأساليب محددة في التفكير يتقاسمها الناجحون جميعهم، وثقافتنا لا تحبذ محاكاة الآخرين ونسخ ما يفعلونه، مع أنه حتى الأطفال يتعلمون أساسًا عبر تقليد المحيطين بهم، ويعترف سام والتون مؤسس (والمارت) في سيرته الذاتية قائلًا: «معظم ما عملته نسخته من عمل آخرين»⁵.

    ولكي تكون طماحًا لا ترضَ بالقليل، وتجنب مشورة أولئك الذين لم يحققوا نجاحًا كاسحًا لأنفسهم، وتأكد من استنصاح الفائزين وحدهم، وادرس المواقف والأفعال التي ساعدتهم على تحقيق أهدافهم.

    يعتمد هذا الكتاب على دراسة منهجية للسير الذاتية التي كتبها أكثر من خمسين من الرجال والنساء الناجحين، أو كتبت عنهم، وأظهروا كلهم قوة الإرادة والعزيمة، والثبات والجلد، لتحقيق نجاحات تجاوزت ما اعتبره الآخرون ممكنًا، ويضم بعضًا من تجاربي الخاصة؛ لا لأنني أعدّ نفسي على قدم المساواة مع هذه الشخصيات العظيمة، بل لأنني كثيرًا ما سألت نفسي، بوصفي قارئًا لإرشادات الاعتماد على الذات لتحقيق النجاح: هل اختبر مؤلفو مثل هذه الكتب، وجربوا بنجاح تلك الوصفات التي قدموها، فأرى أن أولئك الذين حققوا النجاح في مختلف المجالات يحتلون موقعًا أفضل بكثير لتقديم نصائح موثوقة ومعقولة مقارنة بغيرهم ممن لم يحققوا لأنفسهم شيئًا يستحق الذكر.

    كثيرًا ما تبدو السير المهنية الناجحة من الخارج تقدمًا مطردًا يتعذر وقفه من نجاح مشهود سابق إلى نجاح استثنائي لاحق، ولكن هذا المشهد لا يأخذ في الحسبان المشكلات الهائلة والعقبات الكأداء التي وجب على كثير من الناجحين مغالبتها، ويتجاهل الإخفاقات والنكسات التي أصابتهم على الطريق، وحفزتهم على زيادة مستوى طموحهم بدلًا من أن تحبطهم أو تثبط عزيمتهم، ولقد تمتع جميع الرجال والنساء الذين تناولهم هذا الكتاب بالشجاعة لمقاربة المشكلات وحلها بطرائق غير تقليدية واتخاذ مواقف غير شائعة تخالف الأغلبية، إضافة إلى ذلك كله، كثيرًا ما استمتعوا بتمييز أنفسهم عن منافسيهم بأساليبهم المختلفة في فعل الأشياء، بدلًا من اتباع ما اعتبرته التقاليد والأعراف الطريقة (الصحيحة والمناسبة) فإذا واجهت مشكلات ونكسات، فإن هذه القصص سوف تشجعك في مسعاك، وتمد لك يد العون لفهم القوة الذهنية التي مثلت سر نجاحهم، وأتاحت لهم حل مشكلات بدت مستعصية ومستحيلة الحل.

    ويروي الكتاب قصص الناجحين من رجال الأعمال، والمستثمرين، والرياضيين، والفنانين، الذين تمكن أغلبهم أيضًا من جني ثروات طائلة، ولكن بغض النظر هل يتمثل هدفك في أن تكون ثريًّا، أو تصبح موسيقيًّا أو رياضيًّا أو كاتبًا ناجحًا، فإن التفصيل ليس مهمًّا، والمهم في كل حالة أن الطريق إلى النجاح الشخصي يبدأ من وضع أهداف طموحة تتجاوز نطاق ما تظنه أنت نفسك، ويعده المحيطون بك (معقولًا ومنطقيًّا) والقصد من هذا الكتاب هو تشجيعك على رفع مستوى طموحك وأهدافك والبدء في تحقيق أحلامك: فـ «إذا لعبت من دون أهداف بعيدة المدى، فسوف تصبح قراراتك مجرد ردود أفعال، وتخوض المنافسة وفق قواعد خصمك، لا قواعدك أنت»، كما يحذر غاري كاسباروف Garry Kasoarov. ويتابع: «حين تقفز من شيء إلى آخر، فسوف تخرج عن المسار، وتحاصر في إسار الوضع الذي أنت فيه، بدلًا من التعامل مع ما أنت في حاجة إلى تحقيقه»⁶.

    إذا اتبعت القواعد الأساسية التي وضعت في هذا الكتاب، وطبقت قوانين النجاح المستندة إلى التحليل، فسوف تحقق النجاح بالتأكيد، فهل عرفت أن معظم الذين حققوا نجاحًا كاسحًا هم من القراء الذين لا يشبع نهمهم للقراءة؟ كثيرًا ما سئل وارن بافيت، أنجح مستثمر في تاريخ قطاع المال والتمويل، عن سر نجاحه؟ وهذه إجابته: «اقرأ عن كل شيء بقدر ما تستطيع»⁷، وفي الاجتماعات الأسطورية لشركته (بيركشر هاثاوي) Birkshire Hathaway التي تتخذ من أوماها مقرًّا، ظل يقدم هذه النصيحة بالذات على مدى سنوات عدة، وهو مقتنع بأن قراءاته في أثناء سنواته التكوينية هي التي شكلت مقاربته إلى الاستثمار، وهيأت الركيزة المؤسسة للسنوات الخمسين اللاحقة التي حقق فيها نجاحًا غير مسبوق⁸. ويقول: «عندما بلغت العاشرة، قرأت كل كتاب يضم عنوانه كلمة تمويل في مكتبة أوماها العامة، بل قرأت بعضها مرتين»⁹. وبمناسبة صدور أحد كتبه، ذكر عرضًا، حين كان يوقع بعض النسخ أن لديه خمسين كتابًا في البيت تنتظر منه قراءتها»¹⁰.

    ولم تنحصر قراءات بافيت ضمن نطاق المال والتمويل -بل تعدته إلى الكتيبات الإرشادية عن الجهد الذاتي والاعتماد على الذات، مثل كتاب ديل كارنيغي Dale Carnegie (كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس)، وطور نظامه الخاص لتطبيق النصائح التي استخلصها من ذلك الكتاب، ولقد قرأ كثيرون كتبًا كذلك الذي ألفه كارنيغي - في الحقيقة، ربما تكون أنت واحدًا منهم، ولكن القراءة وحدها لا تضمن النجاح، فبعد دراسة أساليب كارنيغي، قرر بافيت إجراء تحليل إحصائي من أجل اختبار ما يحدث إذا طبقها على حياته الخاصة، فـ «لم يعرف الناس حوله أنه يجري تجربة صامتة عليهم في رأسه، لكنه راقب كيف استجابوا، واحتفظ بسجل عن النتائج التي توصل إليها، ورأى بعد أن أترعته البهجة ما أثبتته الأرقام: لقد نجحت القواعد»¹¹.

    وقد حمل أقرب معاوني بافيت في مجال الأعمال، تشارلي مانغر Charlie Munger، الذي أمضى معه عقودًا من السنين في بناء إمبراطورية تساوي مليار دولار، لقب (كتاب بساقين) أطلقه عليه أبناؤه؛ لأنه كان مواظبًا على قراءة الكتب المتعلقة بإنجازات الشخصيات الناجحة الأخرى¹²، ويقال: إنه كان يقرأ كتابًا كل يوم.

    ويتناول هذا الكتاب شخصيات استثنائية بارزة وأسرار نجاحها، والحوادث النموذجية المستخلصة من حياتها، وتخدم وظيفة كشف هذه الأسرار وتوضيحها، وكثيرًا ما تتعلق الحوادث بالصعوبات التي واجهت هؤلاء الرجال والنساء في طريق ارتقائهم، والطرائق التي استخدموها لمغالبتها، وسوف يكشف سر نجاحهم عن نفسه أمامك حالما تنتقل -باتباع نموذج بافيت- من مجرد دراسة القواعد والأنماط الكامنة في هذه القصص إلى البدء بتطبيقها على حياتك، وأما اللحظة المناسبة لبدء العمل وفقًا لهذه النصيحة، فهي الآن.

    الفصل الأول

    وضع الأهداف الأكثر طموحًا

    في العام 1966م، حين لم يكن أرنولد شوارزينيغر يتجاوز التاسعة عشرة، دار حديث بينه وبين ريك واين Rick Wayne في أثناء مسابقة بطل الكون (لبناء الأجسام) في لندن، وقد تذكر الصحفي، الذي كان ممارسًا للرياضة، أن شوارزينيغر سأله: «هل تعتقد أن الإنسان يستطيع أن ينال كل ما يتمنى؟». حير السؤال واين من قبل، ولكنه أجاب: «يجب أن يعرف الإنسان حدوده»، ولم يوافقه شوارزينيغر الرأي: «أنت مخطئ». اجتاحت الصحفي، الذي كان أكبر عمرًا وأكثر خبرة، بعد أن جاب العالم، حالة من الإزعاج المتفاقم بسبب الغرير المختال القادم من النمسا: «ماذا تقصد بأنت مخطئ؟» أجاب شوارزينيغر: «يستطيع الإنسان الحصول على كل ما يتمنى، بشرط أن يكون مستعدًّا لدفع ثمنه»¹³.

    الحادثة مأخوذة من كتاب عن سيرة شوارزينيغر ألفه لورنس ليمر Laurence Leamer بعنوان: (خيالية: حياة أرنولد شوارزينيغر) حين نشر الكتاب عام 2005م، كان شوارزينيغر حاكمًا لولاية كاليفورنيا، وقبل دخول نجم هوليوود معترك السياسة، كان يكسب نحو 20 مليون دولار وأكثر عن كل فيلم يمثله، واعتبر واحدًا من أعلى الممثلين أجرًا في العالم، وأصبح شوارزينيغر، الذي انتقل للإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية، حين كان في الحادية والعشرين، مليونيرًا عبر الاستثمار في قطاع العقارات، وربح حتى ذلك الوقت مئات الملايين من الدولارات.

    وينسب شوارزينيغر نجاحه على الأغلب إلى ما تمسك به من عزم وإصرار والتزام في السعي وراء أهدافه: «كنت أضع هدفًا، وأتصوره بوضوح، وأوجد الدافع المحفز، والتوق الجارف لتحويله إلى حقيقة»¹⁴، ولم يقل: «حسنًا، سيكون من الأفضل لو تحقق، وربما علي أن أجرب»، ولن يوصلك هذا النوع من المواقف إلى أي مكان، إذ إن معظم الناس، كما يلاحظ «يفعلون ما يريدون بطريقة مشروطة... أليس من الأفضل لو حدث ذلك. هذا لا يكفي، ويجب أن تتشبث بما تريد بالتزام عاطفي/ وجداني قوي، وتؤمن بأنك ترغب فيه، وتحب العملية نفسها، وسوف تتخذ جميع الخطوات الضرورية لتحقيق هدفك»¹⁵.

    ربما لا يعجب شوارزينيغر، وعضلاته المفتولة، وأفلامه، وسياسته الناس أجمعين، ولكن النقطة المهمة هي: كيف أمكن لابن شرطي من بلدة صغيرة في النمسا، لم تكن طفولته سهلة على الإطلاق، أن يحقق هذه الإنجازات كلها في مثل هذه المجالات الكثيرة والمختلفة: الرياضة، والأعمال، والسينما، والسياسة؟

    دعونا نلقِ نظرة عن قرب على المسار المهني لشوارزينيغر، فثمة دروس يمكن تعلمها من صعود نجمه حول أساليب تفكير الناجحين وأفعالهم، وتتعلق هذه الدروس قبل كل شيء بأهمية الأهداف الطموحة والواضحة.

    حتى حين كان الشاب أرنولد مراهقًا في النمسا، آمن إيمانًا لا يتزعزع بوعد الحلم الأمريكي: الانتقال من الفقر المدقع إلى الثراء الفاحش. «أراد أصدقائي العمل في الحكومة لكي يحصلوا على راتب شهري، ولكنني تأثرت دومًا بقصص العظمة والقوة»، كما يقول شوارزينيغر¹⁶، وقد أنفق ماله على شراء المجلات، وقراءة أي تحقيق أو مقال عن الولايات المتحدة الأمريكية أمكنه العثور عليه، ويتذكر زملاء الدراسة أنه كان يتحدث باستمرار عن أمريكا، ويكتب مؤرخ سيرته مارك هوير Marc Hujer قائلًا: «كان على الدوام يدفع مهنته خطوة أبعد، من بناء الأجسام، إلى النجومية في هوليوود، إلى معترك السياسة، واعتاد دومًا أن يضع هدفًا جديدًا، ومفاجأة جديدة، وقد ركز تفكيره على المسير قدمًا، ولم يرجع إلى الخلف قط إلا ليستعد جيدًا للقفزة اللاحقة إلى الأمام»¹⁷.

    ويقدم شوارزينيغر وصفته للنجاح كما يأتي: «أضع هدفًا، وأتصوره بوضوح، وأوجد الدافع المحفز، والتوق الجارف لتحويله إلى حقيقة، فثمة نوع من البهجة الممتعة في ذلك النوع من الطموح، في امتلاك رؤية أمامك -مع هذا النمط من المتعة، لا يغدو الانضباط أمرًا صعبًا، أو سلبيًّا، أو متجهمًا، فأنت تحب فعل ما يجب أن تفعله - الذهاب إلى النادي للتدريب، وبذل الجهد في التمرين، وحتى حين يصبح الألم جزءًا من بلوغ هدفك -وتلك حقيقة في العادة - يمكنك قبوله أيضًا»¹⁸، بل طور قدرة كبيرة على تحمل الألم، الذي يُعدّ كما يقول جزءًا من المسار إن أردت النجاح.

    وفي الثلاثين، فسر نجاحه بالقول: «أكثر ما يسعدني أنني أستطيع تركيز البؤرة على رؤية أين أريد أن أكون في المستقبل، وأستطيع رؤيته بوضوح ماثلًا أمامي، في أحلام اليقظة، كأنه حقيقة واقعة تقريبًا، ثم ينتابني ذلك الشعور بسهولة المسعى، ولست مضطرًّا للتوتر والتشنج للوصول إليه؛ لأنني أشعر أصلًا كأنني هناك، وأن المسألة تتعلق بالوقت لا أكثر»¹⁹.

    وقد وضع شوارزينيغر لنفسه في شبابه هدفًا: أن يصبح أفضل بطل في بناء الأجسام في العالم، و«في اليوم الأول الذي تدرب فيه أرنولد، قال: سوف أصبح بطل الكون»، كما يتذكر مدربه السابق، وكان يتدرب ثلاث ساعات يوميًّا، وستة أيام، وأحيانًا سبعة في الأسبوع، وفي خلال ثلاث أو أربع سنين بلغ وزن عضلاته وحدها عشرين كيلوجرامًا»²⁰.

    تدرب أرنولد كالمهوَّس، وفي بعض الأحيان، آلمته ذراعاه إلى حد العجز حتى عن تسريح شعره، وفي عطل نهاية الأسبوع، حين يغلق نادي التدريب أبوابه، كان يقتحمه عبر نافذة كأنه لص، وكلما طلب منه أصدقاؤه لعب كرة القدم معهم بعد المدرسة، كان يرفض؛ لأن الجري السريع قد يؤثر في نمو عضلاته.

    وكان بطله ومثله الأعلى ريغ بارك Reg Park، أحد أنجح أبطال بناء الأجسام آنذاك، وبعد بضع سنين، سوف يهزمه أرنولد في المنافسة، ولكن في سن المراهقة اعتاد تبجيل بارك، الذي أدى دور هرقل في عدد من الأفلام السينمائية. «إذا استطاع أن يفعل ذلك كله، فلمَ لا أقدر أنا؟ سوف أصبح بطل الكون، ونجمًا سينمائيًّا، وثريًّا، فلقد وجدت ما أريد، لدي هدف»، كما تذكر شوارزينيغر فيما بعد²¹.

    في ذلك الوقت، لم يكن بناء الأجسام يُعدّ رياضة حقيقية، ولم يؤخذ على محمل الجد، ولم تتوافر صالات كبيرة للياقة البدنية في معظم مدن العالم، بل مجرد غرف خلفية مغبرة حاشدة بأشخاص يثيرون الريبة، ولم يأبه شوارزينيغر لرأي معظم الناس الذين اعتقدوا أن بناء الأجسام أسلوب غريب لتزجية وقت الفراغ، فقد كان مصممًا على التفوق والامتياز في رياضته المختارة.

    وقد عارض الوالدان هوايته، فسألته أمه: «لماذا تريد أن تفعل ذلك بحالك؟». وتحداه أبوه: «ما الذي ستفعله بهذه العضلات كلها؟»، ولكن الاعتراضات لم تزعجه: «أريد أن أصبح بطل العالم في بناء الأجسام، ثم أذهب إلى أمريكا، وأعمل في السينما»، فاعتقد الوالد أن خبلًا أصاب الولد: «أرى أن نأخذه إلى طبيب، إنه مجنون»²².

    كان شوارزينيغر مترعًا بالثقة، حين سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ للمشاركة في منافسة بناء الأجسام في سبتمبر/ أيلول 1968م، فعلى الرغم من كل شيء، فاز لتوه بلقب بطل العالم للمرة الثانية في لندن، ولكن مع أن عضلاته المفتولة تفوقت على عضلات خصمه فرانك زين Frank Zaine في الحجم، وفي الوزن بأكثر من 22 كيلوجرامًا، إلا أنه خسر المنافسة، فقد كان جسم زين أكثر تناسقًا وعضلاته أكثر تحديدًا، وكانت هزيمة مدمرة لشوارزينيغر، فبكى طوال الليل من اليأس والتعاسة، ولم يتمكن من زحزحة الشعور الرهيب: «أنا بعيد عن الوطن، في هذه المدينة الغريبة، في أمريكا، وخاسر فوق هذا كله»²³.

    وبعد ذلك، لم يرغب في العودة إلى أوروبا، وتعلم الدرس، وبدأ يفهم الأسباب وراء خسارته، وتعامل مع نقاط ضعفه بأسلوب منهجي؛ ولأنه وجد أن نقطة ضعفه تتركز في عضلات ربلة الساقين، أخذ يرتدي بذلة تدريب تستر جميع عضلاته (الجيدة)، وتفضح عضلات ربلة الساقين (الضعيفة) وتظهرها للرياضيين الآخرين في النادي، وحفزته نظراتهم على العمل بدأب على تلك العضلات إلى أن أصبحت قوية في رأيهم كلهم.

    وتابع شوارزينيغر ليفوز ببطولة جميع المنافسات الكبرى لبناء الأجسام، فقد توج ببطولة العالم 13 مرة، وفاز 7 مرات بجائزة مسابقة (مستر أولمبيا) أهم المسابقات المرموقة في عالم بناء الأجسام وأكثرها مكانة واعتبارًا، وهي منافسة مقتصرة على أبطال العالم المحترفين وحدهم، وحقق نجاحًا استثنائيًّا حتى وفق معاييره الصارمة.

    ولكن طموحه تجاوز بناء الأجسام، فقد أراد أيضًا أن يصبح ثريًّا، حين وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكان من الصعب عليه التحدث بالإنجليزية، فالتحق بمدرسة؛ لتعلمها، ونال فيما بعد شهادة في الاقتصاد، وأمل بأن تزوده بالمهارات الضرورية لجمع ثروته، وأصبح جمع المال هاجسًا آخر استحوذ عليه، وحتى حين لم يكن يملك ما يكفي من المال، حاول الادخار ليستثمر، وابتاع عقارًا في سانتا مونيكا لإعادة تطويره واستثماره في مبانٍ للمكاتب ومراكز للتسوق، وعندما بلغ الثلاثين، جمع أول مليون دولار من ثروته، وذكرت مقالة نشرت في مجلة (كاليفورنيا بيزنس) California Business عام 1986م أن «شوارزينيغر اشتهر في العقدين الأخيرين بوصفه رجل أعمال ثاقب الذهن واضح الفكر وأحد أكثر المطورين العقاريين ثراء في جنوب كاليفورنيا»²⁴.

    ومع ذلك كله لم يقنع، وذكر أنه يريد أن يصبح واحدًا من أعلى الممثلين أجرًا في هوليوود، فسخر الناس منه، واعتقدوا أنه لن يشارك في أكثر من أدوار صغيرة لا تتطلب حوارًا في أفلام الحركة، وبدا أن فيلمه الأول أثبت صحة اعتقادهم.

    وقيل له مرارًا وتكرارًا: «انسَ الموضوع، فمنظر جسمك غريب، ولكنتك عجيبة، ولن تتمكن أبدًا من النجاح»²⁵، وأبلغه المعنيون أنه لا يملك أدنى فرصة، فعلى الرغم من كل شيء، لم يتمكن ممثل أوروبي (ذكر) من تحقيق النجاح في هوليوود، فضلًا على كونه يعتمد على عضلاته المفتولة وحدها.

    وبدأ شوارزينيغر يأخذ دروسًا في التمثيل، ولم يكن الأمر سهلًا في البداية، فقد قال له مدرسه، الذي كان يقرؤه مثل كتاب مفتوح، أمام الزملاء كلهم: «أنت هناك، أرنولد، قف». فوقف شوارزينيغر متمهلًا: «من الواضح أنك منزعج. لماذا؟». «أنا متضايق جدًّا! هذا سخف! لا يعجبهم اسمي، ولا لكنتي، ولا جسمي، لكن ليذهبوا إلى الجحيم! سوف أصبح نجمًا عالميًّا!»، وقد قال فيما بعد: «أعرف كيف أصبح نجمًا، فربما لا أمتلك الموهبة لأصبح ممثلًا، لكني سأصبح نجمًا»²⁶.

    ويعلق مفسرًا سر نجاحه: «عليك أن تفكر بإيجابية، وتبرمج نفسك لتكون فائزًا، فببساطة، لستُ مبرمجًا لتبني الأفكار السيئة، فالناجحون يملكون القدرة على ركوب المخاطرة واتخاذ قرار صعب، بغض النظر عما يقوله من حولهم»²⁷.

    وقد حققت أدواره الأولى في أفلام الحركة، مثل (كونان) Conan و(المبيد) Terminator، نجاحًا تجاريًّا كبيرًا في شباك التذاكر، ولكنها حصرته في قالب/ نمط رجل العضلات، غير أن شوارزينيغر أراد أن يأخذه النقاد على محمل الجد بوصفه (ممثلًا حقيقيًّا) إضافة إلى كسب ملايين الدولارات، فلم يرغب بالتأكيد في الاقتصار على التمثيل في أفلام الحركة وحدها.

    وفي العام 1988، أدى دور البطولة في فيلم (التوءمان) Twins، وهو فيلم هزلي حقق نجاحًا مفاجئًا، ودفعه إلى مرتبة النجومية العالمية، وحصد الفيلم 112 مليون دولار في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وحدهما، إضافة إلى 105 ملايين أخرى في السوق العالمية، وربح شوارزينيغر منه مبلغًا إجماليًّا تجاوز 20 مليونًا، ويعلق كاتب سيرته قائلًا: «كسب شوارزينيغر الكثير، حين ابتعد عن أدواره السابقة ذات البعد الواحد تقريبًا، والآن، يمكن للمشاهدين أن يروا جانبه الفكاهي، المحبب، ولقد حول نفسه من آلة إلى إنسان»²⁸؛ أي إنه نال الآن إعجاب أغلبية الأصوات، بلغة السياسة.

    وبعد أن حقق كل ما أراد في صناعة السينما، بدأ يسعى وراء هدف جديد يلهمه، وفي وقت مبكر من حياته المهنية، فكر في دخول عالم السياسة، ومثلما أبلغ مجلة (شتيرن) Stern عام 1977م: «بعد أن تصبح الأفضل في السينما أيضًا، ما الذي سوف يثير اهتمامك؟ السلطة ربما، وهكذا تتحول إلى السياسة لتصبح حاكمًا أو رئيسًا...»²⁹.

    ولكن تبين أن شعبيته ونجاحه في بناء الأجسام والتمثيل في هوليوود مثّلا عبئًا وميزة في آن، واستفزت بعض الناس صورته الذكورية وعضلاته المفتولة، واتهمته بعض النساء بالتحرش الجنسي، وحين أعلن عزمه الترشح لمنصب حالكم كاليفورنيا في أغسطس/ آب 2003م، ركزت جميع الصحف الرئيسة في الولايات المتحدة الأمريكية على هذه القصص، وزعم أنه كان نازيًّا في شبابه، وانتزعت تعليقات صدرت عنه في مرحلة الشباب من سياقها، بينما استشهدت صحيفة (نيويورك تايمز) The New York Times ببعض الملاحظات المزعومة التي عبر فيها عن إعجابه الكبير بأدولف هتلر، ورصت وسائل الإعلام اليسارية الصفوف ضد المرشح الجمهوري، ولكن عبثًا، فعلى الرغم من عدائها، أحرز شوارزينيغر نصرًا سهلًا، حيث فاز بنسبة 48.6% من الأصوات، بينما لم يحصل منافساه إلا على 31.5%، و13.5% فقط.

    وتولى شوارزينيغر أداء مهمة بالغة الصعوبة؛ لأن ديون كاليفورنيا كانت -ولا تزال اليوم- ضخمة جدًّا، بينما اعترضت جماعات ضغط ونقابات متعددة الإصلاحات التي ربما كانت ستساعد على سد العجز في الموازنة، وبعد بضعة نجاحات أولية، بدأ يخسر معركته ضد هذه الجماعات، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2005م خسر في استفتاء مهم، ورفض برنامجه لإصلاح الميزانية بهامش كبير بلغ 62% مقابل 38%، واقتراحه لإصلاح النظام العقاري بنسبة 55% مقابل 45%، وبدا الفشل السياسي محتومًا، وتضاءلت كثيرًا فرص إعادة انتخابه.

    ومرة أخرى، أثبت شوارزينيغر سرعة تعلمه، وبوصفه براغماتيًّا كعهده أبدًا، اكتشف الاهتمامات البيئية، وهي عناوين أكسبته دعمًا وتأييدًا حتى بين الديمقراطيين، بينما ساعدته بالتأكيد حقيقة انتماء زوجته ماريا، التي تزوجها عام 1986 وانفصل عنها عام 2011م، إلى أسرة كنيدي الممتدة، وفي أثناء ولايته الثانية في المنصب، اشتهر بأنه محافظ متنور قادر على تجسير الفجوة بين الحزبين، وتفوق فيما قدمه من أجل البيئة على أي محافظ آخر.

    ولكن حتى شوارزينيغر لم يتمكن من سد العجز الضخم في الميزانية، وعلق صديقه وارن بافيت قائلًا: «لم يجد مساحة كافية للمناورة، وفي واشنطن، يمكنهم طبع العملة، وهو أمر متعذر في كاليفورنيا، إضافة إلى أن الميزانية يجب أن تحظى بموافقة أغلبية الثلثين، وبعض المسؤولين الذين وجب عليه التعامل معهم عارضوا الضرائب من أي نوع، ورفض غيرهم فرض ضرائب جديدة، ووقف آخرون ضد أي تخفيض في الإنفاق، وإن الحصول على أغلبية الثلثين أمر بالغ الصعوبة»³⁰، وفي يناير/ كانون الثاني 2011م ترك شوارزينيغر المنصب بعد أن شغله ولايتين، وهي أقصى مدة مسموحة ليخلفه حاكم من الحزب الديمقراطي، واليوم، يُعدّ شوارزينيغر بطلًا عالميًّا في الحرب ضد التغيير المناخي، وأدى أدوارًا رئيسة في ستة أفلام منذ أن تقاعد من السياسة.

    إذًا، ما الذي يمكننا تعلمه من شوارزينيغر؟ يشدد في سيرته الذاتية التي نشرت عام 2012م على أنه ما كان سيحقق النجاح الذي حققه لو لم يدون على الورق أهدافه: «كتبت على الدوام أهدافي، مثلما تعلمت في نادي رفع الأثقال في غارز، ولم يكن كافيًا أن أقول لنفسي: قراري في السنة الجديدة هو إنقاص وزني عشرة كيلوجرامات، وتعلم الإنجليزية بشكل أفضل وقراءة مزيد من الكتب. لا، تلك كانت بداية فقط، والآن علي أن أحدد أهدافي بالضبط؛ لكي لا تتحول هذه النيات والمقاصد الطموحة إلى أحلام سائبة تحوم في الهواء، فقد كنت أكتب على بطاقات مفهرسة أنني سوف:

    - أضيف 12 وحدة في الكلية.

    - أكسب ما يكفي من المال؛ لادخار 5000 دولار.

    - أتدرب خمس ساعات في اليوم.

    - أزيد وزن العضلات الصافي بمقدار ثلاثة كيلوجرامات.

    - أجد مبنى سكنيًّا؛ لشرائه والانتقال إليه.

    قد يبدو هذا كله كأنني أقيد نفسي بوضع مثل هذه الأهداف المحددة، لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا: فهو يحررني من القيود، إذ إن معرفة الوجهة التي أريد الوصول إليها تحررني كلية من الارتجالية في اختيار طريق الوصول».

    وقد شدد شوارزينيغر أيضًا على مدى أهمية وضع أهداف كبرى لنفسك: «يتحدث الناس دومًا عن قلة عدد الناجحين المتربعين على قمة السلم، ولكنني اقتنعت على الدوام بوجود مساحة كافية لشخص إضافي، وأحسست بأن الناس، بسبب هذه المساحة الضيقة، يتعرضون للترهيب، ويشعرون براحة أكبر في البقاء عند أدنى درجات السلم، ولكن في الحقيقة، كلما زاد عدد الذين يفكرون بهذا المنطق، زاد ازدحام المحتشدين في القاع! لا تذهب إلى المكان المزدحم، واذهب إلى المكان الخالي، وحتى لو كان من الأصعب الوصول إلى هناك، فهو مكانك ولن تجد فيه منافسة حامية».

    وقد كان متصلبًا عنيدًا، حين يتعلق الأمر بتحقيق أهدافه، وتجاهلَ الفرص المغرية التي تبدو مربحة ومثمرة كلما شعر بأنها لن تساعده على تحقيق أهدافه الثابتة: «لن يشتت شيء انتباهي وتركيزي على هدفي، فلا عرض، ولا علاقة، ولا شيء».

    ويعتمد مدى النجاح الذي تحققه في حياتك اعتمادًا كبيرًا على مدى طموح أهدافك، وتشهد السيرة المهنية لشوارزينيغر على حقيقة هذه الملاحظة، ويمكن العثور على أمثلة أخرى في تواريخ كثير من الشركات العالمية الكبرى.

    وفي حالات عدة، لا يكون مؤسس الشركة الشخص نفسه الذي تدين بنجاحها وتوسعها له، إذ يتبين عادة أن القوة المحركة خلف النجاح التجاري الاستثنائي تتمثل في شخصية تفكر في أبعاد أكبر من مؤسسي الشركة الأصليين.

    وفي الفصل الثالث، نروي قصة سلسلة متاجر (ستاربكس) التي قنع مؤسسوها بالمتاجر الخمسة التي افتتحوها في سياتل، وتطلب الأمر العبقرية التجارية المغامرة لهوارد شولتز لإدراك إمكانيات فكرتهم التجارية وتصور توسعها على المستوى الوطني، واليوم، ينسب إليه فضل ابتكار (ستاربكس) وتلك حقيقة لا جدال فيها، بينما ضاع المؤسسون الأصليون في غياهب النسيان.

    وشيء مشابه حدث مع مكدونالدز McDonald’s، فقد أسس الشركة شقيقان حققا عددًا من الابتكارات الفريدة في صناعة المأكولات السريعة، ومع أن المطعم الذي افتتحاه في سان برناردينو عام 1948م حقق نجاحًا مشهودًا، فإن فضل الأب المؤسس الحقيقي لمكدونالدز يجب أن ينسب إلى راي كروك Ray Kroc الذي سبق الجميع في رؤية إمكانيات هذا النوع الجديد من المطاعم، وكان على استعداد لفعل كل شيء لتحويل هذه الفكرة الجديدة إلى صناعة متنامية (الربح).

    ولكن دعونا ننطلق من البداية، ففي العام 1937م افتتح الشقيقان مكدونالد مطعمًا صغيرًا في شرق باسادينا يخدم عملاءه دون النزول من سياراتهم، وتبعه واحد أكبر في سان برناردينو بعد بضع سنين، وقد شُيّد المطعم على شكل مثمن، وبلغ نجاحه الساحق حدًّا جعل الشقيقين ينضمان بسرعة إلى الطبقة الراقية في مجتمع سان برناردينو، وانتقلا للسكن في أفخم المنازل في المدينة -فيلا مكونة من خمس وعشرين غرفة نوم- وافتخرا بأنهما أول من امتلك أحدث طراز من سيارات (كاديلاك) وبحلول العام 1948م تجاوز حجم ثروتهما حتى أكثر أحلامهما طموحًا وجموحًا.

    ولكن المطعم، كحال كثير من المطاعم التي تقدم الوجبات للزبائن وهم في سياراتهم، سيواجه أوقاتًا صعبة، إذ إن أغلب الزبائن من المراهقين، ما يعني التعرض لكثير من الأضرار والأتلاف، وارتفاع معدلات تبديل الموظفين، ولم يرغب الشقيقان كثيرًا في إنفاق المال على استبدال الأطباق وأدوات تناول الطعام المسروقة أو المكسورة، وفوق كل شيء، كانا حريصين على اجتذاب نوع مختلف من العملاء، وفي ذلك الوقت، ساءت سمعة هذا النوع من المطاعم بوصفها بؤرًا مفضلة لاجتماع المراهقين وإحداث الفوضى والشغب.

    أغلقا المطعم لمدة ثلاثة أشهر من أجل إعادة التفكير في الخطة، وما توصلا إليه كان نموذجًا نمطيًّا لمطعم (مكدونالدز) الذي نعرفه الآن، وجهزت المطابخ لإعداد الوجبات بالجملة والخدمة السريعة، وتبنى الشقيقان أي ابتكار تقني قد يساعد على الإسراع في عمليات إعداد الوجبات، ولم تعد جودة أطباق لائحة الطعام ومذاقها يعتمدان على خبرة الطهاة الأفراد، بل كان (مكدونالدز) رائدًا في ابتكار طريقة جديدة كلية في إنتاج عدد محدد بشكل

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1