Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الولايات المتحدة الليبية: دراسة
الولايات المتحدة الليبية: دراسة
الولايات المتحدة الليبية: دراسة
Ebook471 pages3 hours

الولايات المتحدة الليبية: دراسة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

لا شك أننا نشهد حالة من الفوضى والانقسام في منطقتنا، فبعد سقوط نظام القذافي واندلاع الثورة، كان الهدف واضحًا: بناء دولة متحدة، محددة بالهوية والأمل والاتجاهات المشتركة. ولكن، للأسف، عادت قبضة الاستبداد بقوة في زمن يزداد فيه التفرق والانقسام، سواء من حيث الانتماءات، أو التوجهات الحكومية.

هنا يظهر مشروع الولايات المتحدة الليبية كمحاولة لإعادة بناء هذا الوطن المجيد. يقدم هذا الكتاب نظرية جديدة، تجعلنا نرى ليبيا من منظور مختلف تمامًا. إنه يعرض رؤية فريدة لكيفية تجاوز تحديات الحاضر، ويمهد الطريق لبناء مستقبل واعد ومتحد لنا جميعاً.

سواء كنت من أنصار الجماهيرية، أو المملكة، أو الثوار، بغض النظر عن انتماءك، يفتح هذا الكتاب أمامك أبواب التفكير في هذه النظرية الجديدة. يقدم لك فرصة لفهم التحديات والفرص الجديدة التي تقدمها هذه المبادرة، ويشجعك على الفخر بتاريخ ومستقبل واعد لليبيا.

Languageالعربية
PublisherJihad Dakhil
Release dateDec 11, 2023
ISBN9798223238188
الولايات المتحدة الليبية: دراسة

Related to الولايات المتحدة الليبية

Related ebooks

Reviews for الولايات المتحدة الليبية

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الولايات المتحدة الليبية - Jihad Dakhil

    تقديم وايضاح

    قبل كل شيء، أفتتح هذا الكتاب بجملة أنارَ دربُ النّور كلّ من حاول وبكلّ جُهد الوصول لحقيقة الأشياء.

    اعددتُ هذه الدراسة عن الفيدرالية التي اقترح أن تكون مِنهاجاً لبداية الفيدرالية المبنية والدّالة على الإتحاد في ليبيا. حيثُ أعددّتها في نهاية عامِي الدراسي الثانوي 2022 وتحديداً في شهر يونيو في عاصمة الدولة آنذاك طرابلس، حيثُ وصلتُ لقناعةٍ تامّة منذُ ذلك الوقت بهذا النظام وأسسه وواجباته وقواعده وفوائده.

    إنّ الحكم المركزي الذي يشمل الرئيس الواحد والإقليم الواحد، لم ولن يستجيبُ لأماني وطموحات الشعب الليبي، إنّ من الضروري الاستعانة بنظام دستوري آخر لا يكون واسعُ السلطةِ في المركز الواحد، ولا مُقيّد الأذونات والصلاحيات مجرّدٌ محرومٌ مما يحتويه الدستور من قواعد تشريعية غير مُناقضة له وحده، مبيّنةً لحدوده وحقوقه، وكذلك صلاحيّاته. فوجدّت نفسي مُتجوّلاً في صحراء النظام الفيدرالي بمفاهيمه الواسعة مذهولاً.

    تطلّب اعداد دراستي هذه وجوبَ تنقّلي وبحثي الواسع وإجراء لقاءات مع شخصيات تفهم هذا المصطلح من قريبٍ ومن بعيدٍ، ومن جهةٍ أخرى تنقلّت بين المراجع والمصادر بتعريفاتها المختلفة كانت محليّة أم أجنبية.

    هدفي من كتابة هذا البحث هو أن يكون أكاديمياً برغمِ صِغر سنّي. وأريده أن يكون أول بحث من نوعه لشاب ليبي يوضّح فوائِد هذا النظام على بلده الذي يُعاني من الحروب والترهيب والتهميش والإقصاء والانقسام والعنصرية، فبعدَ سقوط النظام الجماهيري في ليبيا دخلَ القتل والدمار في ربوعِ وطني العظيم.

    لم يقُم النظام الجماهيري هو بذاته بإنشاء دستور فعلي للبلاد مُكتفياً بما سُمّي آنذاك بالكتاب الأخضر، الذي يعرِض نوعاً خاصاً إن لم يكُن ضبابياً من الأفكار يُعرّفه رئيسنا السابق وصاحب كتابه على أنه سلطة الشعب ونظم المؤتمرات الشعبية الذي كان يتماشى مع نظريته المعروفة بالـ النظرية العالمية الثالثة.[1]

    وأجل ونعم، بذلك سبباً مُنيراً اعددتُ به ولأجله هذه الدراسة، عنِ الفيدرالية لتكون مِنْهاجاً بديلاً عن الحكم الذاتي المجرّد من الأسس القانونية نظراً لعدم وجود دستور فعلي للبلاد.

    وبهدف إطْلاع الجميع على هذه الدراسة عن الفيدرالية وفي هذا الوقت بالذّات، اتصلّت بالعديد من الأصدقاء لمساعدتي في نشرها ولكن دون تحويرٍ او اضافة، برغم أنّ مُسمّيات بعض الانظمة السياسية قد تغيّرت، إلاّ أنّ محتويات هذه الدراسة تبقى كما هي.

    هذا الكتاب هو الثانِ لي، وذلك بعد نشر نسخة الدُومـِــلْ وإعدادها مع المهتمين من الباحثين والدارسين للوضع الداخلي الليبي؛ ولذلك، التصحيحات الأدبية والمنطقية والنقد وكذلك الاقتراحات والأسئلة، كلها عظيمة بالنسبة لي، يُمكنكم التواصل معي مباشرة عبر بريدي الإليكتروني jihadaldakhil@gmail.com، تحياتِ.

    جهاد ف. دخيل

    Jihad F. D.

    ملخص

    بدون مقدمات؛ الفيدرالية: تعتبر شكل من أشكال الحكم الذي يعتمد على تقسيم/توزيع السلطة بين ما يعرف حكومة مركزية وولايات/أقاليم. الولايات/الأقاليم تعتبر كيان مكون من مجموعة من الأشخاص داخل الدولة أو الإقليم الواحد يسمّون أنفسهم بأشخاص المنطقة الفلانية (انتماء جغرافي). على أساس هذا الانتماء (سواء كان تاريخياً أو فكرياً)، يُسمح لكلا المستويين (الحكومة المركزية والولايات/الأقاليم) بأن يكون لهما سلطاتهما المستقلة، مع السماح لهما أيضًا بالتعاون في قضايا معينة. تمّ اعتماد الفيدرالية من قبل العديد من البلدان حول العالم، بما في ذلك ليبيا فيما سبق، كشكل من أشكال الحكم السياسي والقانوني والفني.[2]

    بصفتنا ليبيين، من المهم أن نفهم كيفية عمل الفيدرالية حتى نتمكن من إرجاع قوتها بهدف الاستفادة من فوائدها والمساعدة في تشكيل مستقبلنا كأمّة جديدة عظيمة. فإنه سيوفر إدخال الفيدرالية في ليبيا فرصة لليبيين كافة، للمشاركة بشكل أكبر في تشكيل عملية صنع القرار على جميع المستويات –بداية من بناء حكومات الولايات إلى تشكيل السياسة الوطنية الواحدة في شكل الدولة الليبية الواحدة الموحدة- مما سيؤدي في النهاية إلى حكم أفضل في جميع أنحاء الأمّة الليبية. مع تطبيق هذا النظام، يمكننا كمواطنين مساهمين في بناء الأمّة الليبية إسماع أصواتنا في الأمور المتعلقة بنا، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر دون أن يكون هناك أيّ مجموعة معينة تهيمن على منطقة أخرى أو سكان أو قبيلة أو عشيرة داخل الأمّة الليبية.

    علاوة على ذلك، يجب العِلم أن الفيدرالية تأتي في شكل استقرار اقتصادي أكبر بالمقارنة بالأنظمة اللا مركزية أو المركزية في حد ذاتها، حيث يمكن لكل ولاية التركيز على مختلف الصناعات والموارد المتاحة داخل حدودها بدلاً من الاعتماد فقط على ما تقدمه السلطات المركزية وحدها على المستوى الوطني (النفط في حالة أمّتنا)، فإن اعتماد الولاية فقط على نواتج/باقي السلطة المركزية -أو ما تحدد السلطة المركزية أنه يجوز الاستثمار فيه- سيؤدي للشح الاقتصادي للولاية والولايات الأخرى، وأعني بالشح الاقتصادي نقصان الموارد/الأفكار/الطاقم المناسب لمشاريع القطاعات الأخرى التي تعتبر منافسة بقوة -كالطاقة الشمسية/الرياح/المائية/الميكانيك-، لأنه معظم تركيز السلطة المركزية كما ذكرت مسبقاً سيكون على ما تقدمه السلطات المركزية بنفسها وفي حالتنا النفط، سواء من رفع للأجور للكادر النفطي الفني أو غيرهم، وهو ما سيقضي على تنوع الاقتصاد (الذي نلاحظ نتائجه علينا اليوم بسبب عدم استثمار النظام السابق في القطاعات الأخرى -أو استثماره المتأخر مما خلق أو سيخلق أزمة آجلاً أو عاجلاً-). يمكن للفيدرالية أن تحفز الولايات على الاستثمار فيما موجود عندها/لديها من موارد أو أشكال طبيعية/إنسانية، فعلى سبيل المثال: يمكن عن طريق الفيدرالية أن تركّز الولايات الصحراوية كمقترح[3] ولاية سبها الصحراء على مشاريع الطاقة الشمسية للمساهمة على المستوى الوطني بالحدّ من استخدام النفط على المستوى المحلي وحصره فقط للبيع للدول الأجنبية؛ مما سيشجع المنافسة بين المناطق، مما سيؤدي إلى زيادة الكفاءة الكلّية عندما يحين الوقت للشركات التي تبحث عن أسواق أو فرص جديدة خارج ولايتها/منطقتها الأصلية. وايضاً: يجب التركيز أنه عن طريق الفيدرالية، سيتم توزيع السلطة بين كيانات متعددة بدلاً من قائد واحد فقط، وهنا من الصعب جداً المراهنة على احتمالية حدوث سوء الإدارة، وذلك أساسًا إلى أنه يمكن تنفيذ تدابير المساءلة بسهولة عبر مختلف الهيئات الرئاسية إذا لزم الأمر.[4]

    أخيراً وليس آخراً، من شأن إدخال المبادئ الفيدرالية في السياسة الليبية أن يوفر الوحدة التي تشتد الحاجة إليها بين الفصائل المتباينة التي غالبًا ما تجد نفسها على خلاف مع بعضها البعض بشأن الأيديولوجيات السياسية وبخاصة المناطق، لمن تلك وعلى من ذلك؛ فيمكن أن يمهد هذا التعاون الطريق نحو حل سلمي حقيقي فيما يتعلق بالنزاعات الكبرى، وبالتالي السماح لجميع المعنيين (بغضّ النظر عن أفكارهم، أو خلفياتهم) بالاستفادة من النتائج الإيجابية بغضّ النظر عن النتيجة التي يتم التوصل إليها عبر المفاوضات.

    في مفهوم النظام الفيدرالي

    Federalism

    جهاد ف. دخيل

    مقدمة:

    يُشير مصطلح الفيدرالية عادةً الى أحد أبرز المصطلحات التي، وبمفاهيمها الواسعة، لا يزال يدور حولها نقاش كبير في الاوساط السياسية والقانونية والفكرية الفلسفية، وعلى الرغم من تعدد النظريات والدراسات التي صاغها وأولاها منظّرون ومفكّرون منذُ أمدٍ ليس ببعيد، إلاّ أنّ هذا المصطلح لم يتحول الى مفهوم تام القوام.

    وفي الوقت نفسه، إنّ تتبع المستجدات بشأن مصطلح الفيدرالية يعدّ أمراً في غاية الأهمية، ذلك أنّ التعريفات النظرية في أغلب الاحيان لا تتفق مع التطبيق العملي لها، وذلك بسبب السياسات التي تتجاذبها بعض المفاهيم فتُفقدها ما تتضمنه من نظريات، من جوانب ايجابية ومنافع ومزايا يُمكن ملاحظتها عن قريب.

    أهداف الدراسة: تهدف هذه الدراسة إلى بيان مصطلح ومفهوم الفيدرالية، كما تسعى إلى إزالة الضبابية المعرفية الناتجة عن عدم وضوح الرؤية واختلاط المفاهيم المتعلقة والمتصلة به، فضلاً عن التعريف بالنظريات الكلاسيكية للفيدرالية وتقديم وعرض ورؤى لأبرز تقسيماتها، ولا أكتفي بالسرد والوصف فقط، بل سأتجه أيضاً إلى ذكر بعض الدول الفيدرالية التي تتوزع على بقاعٍ مختلفة من العالم التي منها من كانت فيدرالية والأخرى لا زالت مستمرة بالتطبيق العملي لهذه الفكرة، ثمّ سأذكر المقترحات الخاصة بالنظام التشريعي والتنفيذي في ليبيا الفيدرالية -الاتحادية- وكيفية عمله، ولنقف على عيوبه ومزاياه ومنافعه.

    أهمية الدراسة: تكمُن أهمية هذه الدراسة في مجموعة من النقاط، يكون موجزها:

    أ؛ يحظى هذا الموضوع باهتمام كبير في مجالات القانون والسياسة والفكر.

    ب؛ يحتل هذا الموضوع أهمية كبيرة في عموم العالم نظراً لاستمرار احتدام الجدال والخلاف حول المصطلح الفيدرالي ومفاهيمه.

    ج؛ كون العديد من دول العالم بدأت تتجه نحو الفيدرالية وتكوين دولة اتحادية سواء بالانضمام او التفكك.

    د؛ دراسة تحديات تطبيقاتها ولاسيما في توزيع الاختصاصات بين الدولة وأقاليمها الادارية، والخلافات والتداخلات بين السلطة التشريعية والتنفيذية وتوزيعها لمهامها.

    هـ؛ حاجة المكتبات في ليبيا إلى دراسات حول هذا الموضوع، ولا سيما في مجال التعريف بمصطلح الفيدرالية ومفهومها ونظرياتها وبعض الدول التي تعتبر من الأمثلة الساطعة لها.

    د. إعادة طرح موضوع الفيدرالية من جديد ونزع المفاهيم المعتادة عنها وإزالة ألغاز مفاهيمها وبيان مصطلحاتها.

    إشكالية الدراسة: عند دراسة الفيدرالية، تُطرح بشكلٍ مستمر عدّة تساؤلات ونظريات، في مقدمة هذه التساؤلات دائماً ما يتم ذكر: لما تتحد الدول أو الولايات؟ ماهي العوامل أو الظروف التي جعلت من الدول المستقلة تتبنّى الفيدرالية كنظام؟ وكيف يتم تنظيم الإتحاد؟ وكيف يتم التفريق بين الفيدرالية والإتحاد؟ إنّ الاجابة عن هذه الأسئلة دائماً ما تكون متعددة بل وكثيرة المظاهر ومتعددة الأبحاث، كما ويُدافع عنها أنصارٌ مختلفة من النظريات الفيدرالية.

    أهم المراجع والمصادر: اعتمدت في اعداد دراستي هذه على عديد من المراجع والمصادر باللغتين العربية والانجليزية، يمكنكم الرجوع إليها للاطلاع عليها أسفل هذا الكتاب، تحديداً في قسم المراجع والمصادر، وهي سلسلة من الأفكار والأبحاث والأوراق متعددة اللغات ولكن أغلبها باللغة الإنجليزية.

    ملاحظات إضافية: أ؛ أقسام هذه الدراسة تغيّرت للإبقاء على المفاهيم منطقية في حدودها. أيّ أخطاء في النطق أو المصطلحات فهي إما مقصودة (لعدم الاتفاق على معناها، ويُمكن ملاحظة معناها فقط في القسم/الجزئية الذي كُتبت فيه/ـا) أو غير مقصودة (عن طريق الخطأ، أو لضيق الوقت فغابت عن نظر المدقق).

    ب؛ أفكار هذه الدراسة شاملة، أي أنها ستتكرر في المنشورات المستقبلية لأي فكرة من نفس الموضوع، سواء في أقسام المشاريع السياسية أو المقترحات.

    في الفيدرالية

    الفيدرالية: هي نظام حكم تتّحد فيه الولايات وتتخلّى عن بعض سُلطاتها لسلطة مركزية[5].

    بالرغم من صعوبة تصوّر تعريفٌ محدد لها، إلاّ أنّ الفيدرالية، بمفاهيمها تتضمن فكرة وجود صِلة دائمة -علاقة ارتباط- بين كيانات صغيرة ضمن مجموعة أكبر، تمثل الأولى الأخيرة والأخيرة الأولى. وبشكل مختلف عن تعريف الدولة الواحدة أو اللا مركزية التي تُقرر سيادياً ما هي الاختصاصات الممنوحة للمناطق كانت أقاليماً أم ولايات. ولذلك تأتي الفيدرالية بمفهوم عكس ذلك تماماً، بحيث يُقصد بها التنوّع في القرارات[6].

    وهنالك من يُعرّفها بأنها شكل من أشكال الحكم تكون فيه السلطات مقسّمة وموزّعة اعتماداً على ما ينصّ عليه الدستور لـ: 1. حكومةٍ مركزية و2. وحدات حكومية أصغر قد تكون متمثلة في مجالس تشريعية أو حكومات أصغر تحكم وتمشّي وتنظّم أمور الأقاليم أو الولايات، ويتقاسم الأخير (الولايات/الأقاليم) السيادة في الدولة مع باقي الأقاليم وبما لا يخالف الدستور الاتحادي. أيّ أنّ: الدولة الفيدرالية تتضمن دستوراً يحمي شكلها القانوني ومكونّيها.

    ومن تعريف عربيٌ آخر، فإنّ الدولة الفيدرالية: هي شكل من أشكال الدول التي تنشأ من اتحاد عدد من الولايات أو الاقاليم أو الدول التي تتعايش معاً مع ضمان عدم انفصالها[7].

    وبمعنى أكثر عمومية، فإنّ الفيدرالية: هي الترتيب الذي يشترك فيه اثنان أو أكثر من المجتمعات التي تتمتع بالحكم الذاتي في مساحة سياسية تكون مشتركة، وعلى الرغم من ذلك. فإنّ كل مجتمع من هذه المجتمعات يكون له نسبة من الحكم والرأي الذي يؤثر في طريقة إصدار القرارات في هذه الدولة الفيدرالية[8].

    يُمكننا القول بأنّه طبيعة الفيدرالية مُصممة للحصول على أفضل ما يمكن أن يكون في مجالين: أولاً في مزايا أن تكون الدولة موحدة، وثانياً فوائد التنوع الثقافي الذي من الممكن أن يزيد من مساحة واستيعاب الدولة الفيدرالية (كحالة الولايات المتحدة الأمريكية: عندما يتعايش البيّض والسود معاً للمساهمة في بناء الدولة الواحدة بغضّ النظر عن اختلافاتهم؛ والمشاركة في مختلف أفرع الدولة، من تشريعي/تنفيذي/قضائي).[9]

    ليس من الممكن اعطاء مفهوم خاطئ عن الفيدرالية، فالفيدرالية من وجهةِ رأي الأغلبية تعني التجمع في كيان سياسي واحد يحفُظ الاستقلالية السياسية في حقّ تقرير المصير لمختف المكوّنات المكوّنة، ويمكِنه ضمان وتأكيد الاتحاد بين الأطراف. وزاد استيعابنا لهذا المفهوم مع ظهور الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا.

    إنّ الفيدرالية هي نوعاً ما برنامج ذو قيمة أثناء العمل السياسي، حيث يُمكن ذكرها بصلة الاتصال المباشر بمفهوم النظام الذي يعتمد على مبدأ التنظيم والتركيز على المجتمعات المختلفة، وبهذا المفهوم يُمكننا اختزال معنى الفيدرالية عمّا تُعبر عنه من اتحاد وتنظيم لذلك الاتحاد.

    يُشترط لوجود النّظام الفيدرالي وجود إقليم أو منطقة جغرافية مُحددة مفصولة بمساحات كبيرة عن أخرى، تعيش عليهما جماعات بشرية. يهدِف هذا النظام الى ضمان الحرية الكافية لهذه الجماعات او الأقوام بحيث تعيش ضمن دولة واحدة مع العمل على تجنّب تفكك هذه الأخيرة. ويضمن كذلك هذا النوع من الأنظمة مُساهمة جميع الاقاليم في الهيئات الفيدرالية التي تسيّر جميع الامور ذات الاختصاص الفيدرالي. وتتولى الهيئة القضائية العليا حسمُ النزاعات التي يمكن أن تحدث أو تنشأ بين الهيئات الفيدرالية المختلفة بدون تدخّل سلطات البرلمان أو السلطات الفيدرالية -الاتحادية- في ذلك.

    ويُمكننا القول أنّ الفيدرالية: هي شكلٌ من أشكال الدول الناجحة التي تسمح للتنوع الاجتماعي في الدولة عن طريق تطوير الخصوصيات الذاتية لمكونات المجتمعات المختلفة مع ابقائها تحت ادارة رابطة واحدة يكونُ ظلّها الاتحاد الفيدرالي، وتعتبر أيضاً من أهم وسائل الديموقراطية والحلول العادلة للمجتمعات ذات الانقسام. ويوجد في عصرنا نحو 25 دولة تتبع نهج الفيدرالية، وهي دول تضم ما يزيد عن 15.2% من سكان العالم.

    ويستلزم النظام الفيدرالي أيضاً وجود برلمان فدرالي تتمثّل فيه الأقاليم كافة، ويلعبُ هذا البرلمان دوراً هاماً في رسم وتحديد واعتماد قواعد السياسة الخارجية والداخلية للدولة الفيدرالية. وتتولى الدساتير الفيدرالية بيانُ كيفية توزيع مقاعد البرلمان الفيدرالي بين الأقاليم الأعضاء وتوزيعها توزيعاً عادلاً بين كافتها.

    ويُعتبر النظام الفيدرالي في نظرِ العديد من الخبراء النّظام الأمثل للدوّل ذاتَ القوميات المتعددة. وقد اتخذّ ما إجماليه 200 دولة حول العالم النظام الفيدرالي كلّه أو بعضه جزءاً اساسياً من أنظمتها الحكمية والتسييرية بدايةً من تسيير حياة شعوبها وصولاً للتعاملات البنكية وخطوط المواصلات وغيرها[10]. وفي معظم حالات استخدام الفيدرالية كنظام نجد دولتان عمّمَتا المفهوم الفيدرالي على شعوبها، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الإتحادية، اللّتان قد اتّخذتا من النظام الفيدرالي نظاماً أساسياً لها مُنذ تأسيس هذه الدول أو حتى بعد تأسيسها كحالة انهيار النظام السوفياتي في روسيا سنة 1991. ومن الدول التي قد تحولت حديثاً لدولة فيدرالية هي إثيوبيا في سنة 1995 وجنوب السودان الفيدرالي في سنة 2011 الذي انفصل حديثاً عن السودان.[11]

    إنّ النظام الفيدرالي يضمن للقوميات التي تتعايش ضمن إطار دولة واحدة حقّ ادارة امورها بنفسها مع ضمان بقائها دولة واحدة. حتى وإن كانت اختصاصات وصلاحيات الاقاليم الاعضاء في الدولة الفيدرالية غير مُطلقة في كيفية ادارة امورها السياسية والاقتصادية، فإنها غير مقيدة بقيد في كلّ ما يتعلق بأمورها الادارية والثقافية.

    تختلف الانظمة القانونية للدول الفيدرالية، فمِنها من يكتفي بمنح الحكم الذاتي بمفهوم واسع للأقاليم الاعضاء، بينما يذهب البعض الآخر الى حدّ الاعتراف للشعوب التي تعيش ضمن إطار الدولة الفيدرالية بحقّ تقرير المصير بما فيه حقّ الانفصال عنها.

    في أنواع الفيدرالية

    نظام الحكم الفيدرالي شكل شائع من أشكال الحكم الذي يتواجد في جميع أنحاء العالم، سواء في طريقة تنظيم سياسات البلد وصولاً لسياسات الاتصالات والمواصلات. فهو ينطوي على تقسيم وتقاسم السلطة بين الحكومة المركزية والحكومات الإقليمية، مما يسمح بقدر أكبر من الحكم الذاتي والحكم الذاتي في كل منطقة. وبصفتنا ليبيين، من المهم فهم كيفية عمل هذا النظام حتى نتمكن من المشاركة بفعالية في عمليتنا السياسية الشاملة.

    يقسّم النظام الفيدرالي السيادة في جوهره إلى مستويين: سلطة وطنية أو مركزية من جهة. والسلطات الحكومية أو المحلية من ناحية أخرى. يسمح هذا لكلا المستويين بممارسة صلاحياتهما بشكل مستقل مع استمرار الالتزام بقوانين معينة يحددها أيّ من المستويات اعتمادًا على نطاق سلطتهما على قضية قيد البحث. على سبيل المثال، تُترك أمور مثل تسيير السياسات عادةً للمجالس المركزية أو التشريعية بينما تقع قضايا مثل الدفاع تحت سيطرة مركزية نظرًا لأهميتها في جميع المناطق داخل حدود الدولة.

    بالإضافة إلى توفير المزيد من عمليات صنع القرار المحلية من خلال اللامركزية. ويساعد الهيكل الفيدرالي أيضًا على ضمان العدالة بين المجموعات المختلفة بين سكان الدولة حيث يتم اتخاذ القرارات من خلال مدخلات من مصادر متعددة بدلاً من مصدر مركزي واحد فقط. علاوة على ذلك، يمنع أي مجموعة بمفردها من امتلاك الكثير من القوة التي قد تؤدي بهم إلى استغلالها لتحقيق مكاسب شخصية. وبشكل عام، فإن فهم كيفية عمل هذا النوع من الهيكل الحكومي سيساعدنا على اتخاذ خيارات مستنيرة عند المشاركة في السياسة المستقبلية بالإضافة إلى تعزيز التفاهم بين جميع الأطراف المعنية بغضّ النظر عما إذا كانوا يقفون على طرفي نقيض من الناحية السياسية.

    لقد حاول الخبراء تحديد الأسس القانونية للنظام الفيدرالي، وظهرَ في هذا السبيل نظريات عديدة يُطلق عليها عادة باسم النظريات التقليدية الكلاسيكية[12]. ولكي تحدد هذه النظريات مفهوم الدولة الفيدرالية وتميّزها عن الدول الأخرى، قُسّمت الأنظمة القانونية للدول بوجهٍ عام إلى ثلاث أنواع، الدولة الفيدرالية والدولة الكونفدرالية والدولة المتحدة. وحسبُ النظريات الكلاسيكية فإنّ الدولة الفيدرالية: دولة لا تُؤسس بموجب معاهدة او ميثاق، بل بموجب دستور. ويترتّب على ذلك جواز تعديل الأساس القانوني للدولة الفيدرالية دون الحاجة لموافقة جميع أعضاء الأقاليم، بل تكتفي بأغلبية الآراء فقط، مُطلقة كانت أم نِسبية وحسب ما ينصّ عليه الدستور الفيدرالي. لذلك يجوز تقليص اختصاصات احدى الأقاليم الأعضاء رُغم عدم موافقتها على ذلك. كذلك لا يجوز لإحدى الأقاليم الانسحاب من الدولة الفيدرالية لتأسيس دولة مُستقلة بذاتها. كما تستطيع الهيئات الفيدرالية مخُاطبة المواطنين من الأقاليم الفيدرالية دونَ وساطة هذه الأخيرة. وتُعتبر الولايات المتحدة الأمريكية مِثالٌ ساطِع لما تعنيه الدولة الفيدرالية.[13]

    بموجب هذا المعيار لا يمكن اعتبار إيطاليا دولة فيدرالية، ذلك لأنّ الأقاليم غير ممثلة في مجلس الشيوخ بصورة متساوية. فإقليم لومباردية له 31 مندوباً في مجلس الشيوخ، بينما إقليم تسكانة له 12 مندوباً، هذا ناهيك عن أنّ إقليم وادي أغشت لها مندوب واحد فقط[14]. كذلك ليس للأقاليم أيّ دور كان عند إجراء تعديل على الدستور. وكذلك الحال في فرنسا. وذلك لأنّ الولايات أو المحافظات غير ممثلة في مجلس الشيوخ بصورة عادلة وفي معظم الأحيان يتمّ تخطي صوتها اعتماداً على نسبة السكان فيها (حتى وإن كان الإقليم غنياً بالموارد الطبيعية) وأيضاً لا تُستشار عند إجراء تعديل دستوري. ومع ذلك لا يصحّ تعميم هذا المعيار وتطبيقه على جميع الدول الفيدرالية، ففي جمهورية ألمانيا تتمثل صورة التصويت بعدد السكان: 2 مليون نسمة لديها 4 أصوات، 6 مليون نسمة لديها 5 أصوات، 7 مليون نسمة لديها 6 أصوات. هذا التخصيص من الأصوات يتفق تقريباً مع طريقة بنروز الذي يعتمد على نظرية اللعبة[15].

    الدولة الكونفدرالية: هي دولة تتكون -حسب النظريات الكلاسيكية- بموجب مُعاهدة أو ميثاق -عكس الدول الفيدرالية- يُبرم بين دولتين أو

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1