Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

مئة تحت الصفر: عمّار أحمد شطا.. تحولاته ودروسه.. وعن مستقبل الأجيال
مئة تحت الصفر: عمّار أحمد شطا.. تحولاته ودروسه.. وعن مستقبل الأجيال
مئة تحت الصفر: عمّار أحمد شطا.. تحولاته ودروسه.. وعن مستقبل الأجيال
Ebook557 pages4 hours

مئة تحت الصفر: عمّار أحمد شطا.. تحولاته ودروسه.. وعن مستقبل الأجيال

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

هذا الكتاب فيه توثيق لسيرة رجل الأعمال عمار بن أحمد شطا، فيما يخص جانبه الحياتي المليء بالتشويق والقصص والدروس، إضافة إلى الجوانب العملية وتحديدًا في قصة تأسيس شركة «الخبير المالية» والتي بدأت برأس مال لم يتجاوز الخمسين ألف ريال، حتى وصلت اليوم لإدارة محافظ استثمارية تتجاوز قيمتها الأربعة مليارات ريال.
يمر الإنسان بمجموعة تحولات في حياته تقوده لمفترق الطرق، ونطّلع في هذه السيرة على التحولات التي واجهت صاحبها والتي قادته اليوم ليكون أحد أبرز رجال الأعمال والشخصيات المالية في العالم العربي.
Languageالعربية
PublisherAhmed Moshrif
Release dateFeb 27, 2024
ISBN9782248128319
مئة تحت الصفر: عمّار أحمد شطا.. تحولاته ودروسه.. وعن مستقبل الأجيال

Related to مئة تحت الصفر

Related ebooks

Reviews for مئة تحت الصفر

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    مئة تحت الصفر - أحمد حسن مشرف

    #مئة_تحت_الصفر

    شركة التوثيق للنشر والتوزيع، ١٤٤٠هـ

    فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر

    مشرف، أحمد حسن

    مئة تحت الصفر.. عمار أحمد شطا: تحولاته ودروسه وعن مستقبل الأجيال

    ٣٦٦ ص ؛ ..سم

    ردمك: ٩٧٨٦٠٣٩١١٣٦١٤

    ١- شطا، عمار بن أحمد ٢- الاقتصاديون السعوديون أ. العنوان

    ديوي ٩٣٢.٣٥٣١ ١٤٤٠/٧٧٢٩

    رقم الإيداع: ١٤٤٠/٧٧٢٩

    ردمك: ٩٧٨٦٠٣٩١١٣٦١٤

    يعتبر هذا الكتاب أحد مشاريع شركة «التوثيق الأولى للنشر والتوزيع» والمختصة بتوثيق الخبرات ونقلها للباحثين عنها.

    للتواصل مع الشركة:

    info@tawtheeq.me

    للتواصل مع الكاتب:

    ahmad@amoshrif.com أو

    Amoshrif@

    للتواصل مع صاحب السيرة:

    AmmarShata@

    معالجة صياغة وتدقيق: ضحى الشريف

    تدقيق لغوي: نسيب سعادة

    تصميم الغلاف: كريم آدم

    صورة صاحب السيرة: محمد إسكندراني

    صورة الكاتب: زاهر السيابي

    طباعة: 53Dots

    جميع الحقوق محفوظة، لا يسمح بإعادة إصدار أو طباعة هذا الكتاب أو أي جزء منه أو تخزينه في نطاق استعادة المعلومات أو نقله بأي شكل من الأشكال، أو توزيعه من دون إذن خطي من الناشر أو صاحب المحتوى.

    مئة تحت الصفر

    عمّار أحمد شطا تحوّلاته ودروسه.. وعن مستقبل الأجيال

    أحمد حسن مشرف

    إهداء

    إلى قدوتي..

    إلى كل من دعمني..

    إلى أصحاب الفضل بعد الله..

    شكرًا لكم

    - عمّار

    -----

    شكر خاص

    للسيد القدير الدكتور مقبل الذكير على مراجعته لمسودة الكتاب مراجعة دقيقة كلفته الكثير من الوقت والجهود بصحبة قلمه، إضافًة إلى مناقشاته معي مناقشات مطولة والتي استمر بعضها لساعات عبر الهاتف، والتي ساهمت بجعل أجزاءًا كثيرة من الكتاب تُصاغ بشكل أفضل، كما لا يفوتني أن أشكر سعادة الدكتور حسين العلوي على تفضّله أيضًا بقراءة المسودة وتعديله على بعض المواضع الحساسة. وطبعًا، شكري الآخر للأخ العزيز والصديق عمر عاشور والذي اقترح عنوان الكتاب بعد الاطلاع على تفاصيله، والذي سيستوعبه القارئ الكريم ربما بعد بضعة صفحات.

    - الكاتب

    المحتوى

    تقديم: د. حسين العلوي 15

    تقديم: د. مقبل الذكير 17

    مقدمة 25

    البداية 28

    الأمسية 30

    عن «الخبير المالية» 32

    الجزء الأول: من الطفولة حتى الجامعة 37

    الفصل الأول: الطفولة عندما يموت الأب 39

    الفصل الثاني: دراسة الهندسة الكهربائية 53

    الفصل الثالث: من الهندسة إلى الاقتصاد 75

    الفصل الرابع: الماجستير في التخطيط الاقتصادي 78

    ملحق الجزء الأول: الإرث الإنساني 87

    الجزء الثاني: العمل 91

    الفصل الخامس: ما قبل العمل 93

    الفصل السادس: بداية العمل 97

    الفصل السابع: العمل في شركة «دلة البركة» 101

    الفصل الثامن: البنك الأهلي التجاري - الجزء الأول 106

    الفصل التاسع: هذا ما وجدنا عليه آباءنا 113

    الفصل العاشر: البنك الأهلي التجاري - الجزء الثاني 127

    الفصل الحادي عشر: الاستقالة من البنك الأهلي 135

    ملحق الجزء الثاني: الاستقالات من أجل المبدأ 141

    الجزء الثالث: تأسيس شركة «الخبير» 151

    الفصل الثاني عشر: تأسيس مكتب الخبير للاستشارات المالية 153

    الفصل الثالث عشر: نجاح مكتب الخبير للاستشارات المالية 160

    الفصل الرابع عشر: من الخبير للاستشارات المالية إلى «الخبير المالية» 171

    الفصل الخامس عشر: حوكمة «الخبير المالية» 184

    الفصل السادس عشر: طلب دفعة رأس المال الثانية 193

    الفصل السابع عشر: ثقافة الشركة والتوظيف 213

    الفصل الثامن عشر: نقل الخبرة والسُلطة 230

    الفصل التاسع عشر: رجال «الخبير» 235

    ملحق الجزء الثالث (١): رؤية «الخبير» والتقاعد 243

    ملحق الجزء الثالث (٢): إنجازات «الخبير المالية» 247

    الجزء الرابع: قناعات في الحياة والعمل 251

    الفصل العشرون: الشخصية الواقعية 253

    الفصل الواحد والعشرون: استثمار الأفراد 275

    الفصل الثاني والعشرون: سياسة المنطقة 282

    الفصل الثالث والعشرون: قراءة حول مستقبل النفط والمياه 305

    الملحّن والعازف: 312

    الفصل الرابع والعشرون: الاقتصاد السعودي وإدارة الثروات 317

    الفصل الخامس والعشرون: رؤية لمستقبل الشباب في المملكة والمنطقة 326

    الفصل السادس والعشرون: أصحاب الفضل 335

    خاتمة 352

    ملحق الجزء الرابع 355

    عن رؤية ٢٠٣٠ 357

    الأمور التي لا يمكن فهمها من الامتنان (أو أحِب قَدَرك) 365

    «إن الله جلَّ جلالُه يعلم قصة حياتك، فتأدّب حين ترويها»

    - عمّار شطا

    تقديم: د. حسين العلوي

    إلى كل شاب طموح يحلم أن يكون في المقدمة.

    إلى كل عصامي يسعى إلى بناء نفسه بنفسه.

    إلى كل من لديه مقومات القيادة والتأثير ليكون قائدًا تحويليًا.

    إلى كل شخص صاغ لنفسه رؤية ورسالة، وقرر الخوض في عالم المال والأعمال ...

    إليك هذا المؤلف الواجب القراءة، لكونه يتجاوز التصنيف بأنه سيرة ذاتية لأحد كبار العصاميين من أبناء مكة المكرّمة، السيد عمّار أحمد شطا، ولاحتوائه على العديد من المفاهيم والقيم والدروس التي يحتاجها شباب اليوم المولعين بمباهج الحياة والرفاهية. سوف ترى في هذا الكتاب كيف أن صاحب السّيرة بنى نفسه بنفسه منذ وفاة والده وهو في التاسعة من عمره، وكيف أثّر ذلك على سلوكياته وأهدافه، وكيف استطاع أن ينهض بشركته الصغيرة «مكتب الخبير للاستشارات المالية» برأس مال لا يتجاوز خمسين ألف ريال إلى شركة «الخبير المالية» بحجم استثمارات يصل إلى أربع مليارات ريال، حتى قرر التقاعد وهو لا يزال في الخمسينات من عمره.

    وبالإضافة إلى الخبرات، والمواقف، والتحدّيات التي مرّ بها صاحب السّيرة على مدى ثلاثين عامًا، يعكس المؤلف آراءه وفكره في العديد من القضايا الاقتصادية الهامة التي تغوص في أعماق المجتمع السعودي، كالتعليم، والصحة، والنفط، والمياه، والزراعة، والسكان، والخصخصة، والحوكمة، فضلًا عن آرائه حول رؤية ٢٠٣٠، وغيرها من المواضيع المهمة والحساسة.

    يتميز هذا الكتاب بسهولة اللغة، وسلاسة المنهج، والحرص على توثيق الرأي والمعلومة بتحديد المصدر، والاستشهاد بآيات من القرآن الكريم، وهو ما حرص عليه السيد عمّار في إجاباته دعمًا لآرائه ومعتقداته. فالكتاب أشبه ما يكون ببحث علمي في سيرة رجل عصامي. ومن خلال أسلوب الحوار المسجل، استطاع المؤلف السيد أحمد مشرف، أن يغوص في شخصية صاحب السّيرة بكل جدارة. ليس ذلك فقط، بل تعدى إلى سبر غور بعض المحيطين به من أقاربه، وأصدقائه، وزملائه لتأكيد الفِكر والرأي الوارد في إجاباته، ولحرص المؤلف على رفع وتعزيز مستوى المصداقية، الأمر الذي ميّز هذا الكتاب في مزيجه ومحتواه عن كتب السّير الأخرى ذات المنهج السردي التقليدي.

    إنني أهيب بكل رجل أعمال، وكل مقدم على دنيا المال والأعمال والاستثمار، بل بكل طالب جامعي أن يقرأ هذا الكتاب. فالأيام القادمة لا مكان فيها إلا لمن هو صاحب رؤية، قادر على تحديد أهدافه وطموحاته، ووضع الخطط لتنفيذها، إسهامًا منه في تنمية هذا الوطن.

    فالله الموفّق وهو من وراء القصد.

    سعادة/ أ. د. حسين بن محمد علي العلوي

    عضو مجلس الشورى وعميد جامعة الأعمال والتكنولوجيا سابقًَا

    سيرة تخطت الذاتية إلى توثيق لحقبة زمنية!

    تقديم: د. مقبل الذكير

    قليل هي السير الشخصية الماتعة والتي تجمع بين التجربة الإنسانية والرصد التاريخي. وأقل بكثير وجود كتاب، كهذا الذي بين أيدينا، جمع بين دفتيه أسلوب قصصي شيق تضمن في ثناياه شرح علمي لأحداث ووقائع وافكار مالية واقتصادية صيغت لتكون سهلة المنال للقارئ وقد كانت من قبل عصية إلا على المتخصصين من أرباب العلم.

    إن قراءة الكتب الجيدة مثل الحوار مع أفضل العقول عبر التاريخ كما قال الفيلسوف الفرنسي ديكارت!

    ولست أخفي أني سارعت إلى قراءة كتاب سيرة أخي (السيد عمار شطا) ليس لمعرفتي به وبعلمه وقدراته فحسب، بل لأني كنت ولا زلت من عشاق المذكرات والسير الذاتية لما فيها من معرفيه إنسانية تضيف للقارئ خبرة تراكمت عبر سنوات من التجربة والرصد. فما بالكم إذا كانت التجربة لشخص مثل صاحب هذه السيرة والرصد لعقلية اقتصادية متميزة كعقليته. إنها حقًا إضافة لا يعرف قيمتها إلا من أراد أن يكون عمره غير قاصر على تجربته الفردية وأراد أن يجعل من حياته خلاصة تجاربه وتجارب الآخرين مشفوعة إليها.

    ولأن الفكرة التي عقلت بالحبر في ثنايا الورق تتجاوز الزمن، لذا كنت من الداعين لكل صاحب تجربة ولكل رائد من الرواد في فنه ألا يغفل في خضم انشغالاته عن رصد تجربته الإنسانية من خلال سيرته الشخصية التي تتجاوز الأنا إلى المحيط الأعم والمعرفة الأدق.

    خاصة وأن هذا الفن خَفتَ نجمه في مجتمعنا وارتبط بالذاتية أكثر منه بمفهوم مشاركة المجتمع والأجيال في خلاصات التجربة. واحمد أالله أن هذا الفن بدأ بالانتشار في العقد الأخير وإن كان لا يزال على استحياء.

    هذا الكتاب سيرة ذاتية لشخصية مالية ومصرفية سعودية مرموقة، طلب إلي صاحبه أن أراجعه واقدم له، وليس ذاك إلا ثقة منه في شخصي فحملني ما كنت أتجنب التصدر له وعنه أبتعد وأحيد. إلا أن محبتي لصاحب السيرة وقناعتي بقيمته العلمية وسمته الشخصي دفعتني لتجاوز طبيعتي إلى مراجعة هذه السيرة المباركة بتؤدة ودقة لتعود خلاصة المراجعة بالفائدة على صاحب السيرة بدلا من المديح وحصد التبجيلات التي أعلم يقينًا أنه في غنى عنها ولا يرومها إذ طلب مني ما طلب. وقد دونت ملاحظاتي وقدّمتها للسيد عمار شطا على استحياء، فما أنا بالناقد الفني ولا بالأديب الأريب الذي يحسن التأليف الأدبي، غير أني ما بخلت عليه بما أعرف وبما أحب أن يكون له، من مقام في عالم السير، فأخذ بها جميعها.

    وبعد اطلاعي على المسودة الأخيرة المعدة للطباعة، أستطيع أن أقول وبثقة عالية أن الكتاب سيكون بحق مفاجأة كتب هذا العام وسيكون لرجع صداه أثرا يتجاوز نطاق المحلية إلى الإقليمية، فهو بحق تحفة فكرية وعلمية وأدبية تفردت في جمعها بين السرد القصصي لتجربته الشخصية ولأفكاره الاقتصادية والمصرفية والمالية بجانب فكر البناء المجتمعي.

    عنوان الكتاب وحده تحفة تثير الفضول وتدعو لسرعة التهام الكتاب! اختيار عناوين الكتب والمقالات فن قائم بذاته، وقد وُفق الكاتب في اختيار عنوان مناسب وجذاب للكتاب. 

    هذه السيرة مميزة جدًا وممتعة ونافعة وهي لشخصية استثنائية بكل المقاييس! 

    أنها تنفرد في رأيي بجملة من المزايا، أهمها:

    ١. عنوان الكتاب: «مئة تحت الصفر» وحده كفيل بإثارة الفضول وجذب القارئ لتلقف الكتاب شغفا بما يخبئه هذا العنوان المثير. إن اختيار عناوين الكتب والمقالات فن مهمته جذب الانتباه وقدح القريحة وتشكيل صورة ذهنية لحظية على ما في الكتاب من متعة وفائدة، تركها خسارة وإهمالها تفريط. وقد وُفِق الكاتب في اختيار عنوان مناسب وجذّاب.

    إنها أول مذكرات جامِعة لاقتصادي ومصرفي ومحلل مالي سعودي عرك المجتمع وحاجياته وأدرك عمق العلاقة الترابطية بين دور القطاع المالي والمصرفي من جهة، والقطاع الخاص من جهة أخرى. فتعرف على الإخفاقات التي تواجه هذا القطاع ومحدودية الأنظمة التقليدية فأطلق العنان لفكره الحر ليعمل في إيجاد الحلول والبدائل الأفضل لمجتمع ومحيط له متطلباته الخاصة وتطلعاته العامة.

    ٢. أنها من أفضل ما رأيت من حيث المنهج والموضوعية والدقة سردًا ومحتوى، توثيقًا وترتيبًا. إنها ليست مجرد جمع لمواقف وحوادث وذكريات وانطباعات، بل هي سرد موضوعي مرتب جدًا لسيرة مميزة تروي قصة كفاح صاحَبتها، إخفاقاتها، وتجارب حتى بلوغ مرتبة النجاح. سيرة حفر صاحبها الصخر فكلل الله جهده بالنجاح المستحق عن جدارة.

    لم يكتسب صاحبها هذا النجاح استنادًا إلى إرث ولا من خلال منصب رسمي، وانما بمسيرة طويلة لعقود من الكد والمثابرة الملأ بالصعوبات والتحديات التي واجهة صاحبها منذ أن كان فتىً غضًا في سن العاشرة، حين فقد والده الذي كان ملء السمع والبصر حيث كان وزيرًا للتجارة في عهد الملك سعود -رحمه الله- في مطلع الثمانينات الهجرية/الستينات ميلادية، فضلًا عن كون هذا الوالد شخصية اجتماعية مرموقة ومعروفة من أسرة مكية عريقة هي أسرة السادة آل شطا. كما كان جد صاحب المذكرات لا يقل مكانة عن ابيه فهو السيد العالم الفقيه الشيخ صالح شطا الذي كان نائبًا لرئيس مجلس الشورى في عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه. 

    عندما بلغ السيد عمار الخمسين من عمره المديد، أدرك ان وفاة والده التي كانت مفاجئة وصادمة له في حينها، كانت في الوقت ذاته بمثابة عنصر تحدي ليكون خير خلف لخير سلف وليثبت أن وفاة والده هي الدليل على أن نجاحاته كانت من منطلق «ها أنا ذا» وليس من منطلق «كان أبي» وبأن حفر اسمه في ذاكرة المجتمع بجانب اسم أبيه وجدّه، كان أمرًا مستحقًا لا متوارثًا. ولم تكن كلمات الشفقة والتعاطف التي سمعها من الاقارب والمعارف وهو في العاشرة من عمره إلا سببًا إضافيًا دفعه لنفض هذه الشفقة التي لم يستسغها، وإلى إثبات مكانته رغمًا عن الظروف، وبحثا عن رجولته المبكرة الكامنة في ذاته، ولعل هذه الصلابة وهذا الإباء هما الخاصية الأجلْ التي ورثها عن جده وأبيه.

    ٣. في هذه السيرة سيجد القارئ مواءمة حاذقة بين إيجاز غير مخل في مواطن الإيجاز، وإسهاب غير ممل في مواطن تستدعي الإستفهام الأعمق، والإدراك الأوسع لمواقف يستعرض وينقد فيها دوافع قراراته وكيفية اتخاذه لها. وهذا العرض الناقد لهو من أسس الإنصاف والحيادية في الطرح ومن أهم ما يثري القراء عموما والشباب منهم خصوصًا.

    ٤. من جودة هذه السيرة، بت على قناعة انها تصلح كي تقرر على طلاب وطالبات كليات الاقتصاد والإدارة والمالية كمصدر من مصادر القراءات التطبيقية الحرة، ليس في بلادنا فقط بل في اَي مكان في العالم النامي على غرار كتاب (حياة في الإدارة) للدكتور غازي القصيبي رحمه الله.

    لا شك أن تخصص السيد عمار في المرحلة الجامعية الأولى (البكالوريوس) في الهندسة الكهربائية، وهو من أكثر التخصصات الهندسية تعقيدًا، ساعده على تنمية قدراته العقلية التحليلية والتنظيمية، لتؤسس دون أن يدري لمرحلة أهم من حياته العملية حينما دلف إلى عالم المال والأعمال منساقًا وراء ميله الطبيعي لها. وقد أبدع في مجاله المختار نظريًا وعمليًا. أقول ما أقول بثقة ودون مجاملة من معرفتي ومكانتي كأستاذ جامعي واقتصادي ممارس.

    في العام ٢٠١٦م، عندما طُرِحت أفكار خطة التنمية ٢٠٣٠م، اتصل بي وكنت وقتها أتطبب في مستشفى الحرس الوطني بجدة، ولم يكن السيد عمار يعلم بحالتي المرضية، فطلب مني أن أراجع إجاباته على مجموعة من أسئلة واسعة النطاق كانت قد وُجِّهت له في لقائه مع صحيفة الرياض باعتباره خبيرًا ماليًا واقتصاديًا في مضماره، فلم أتردد بالاستجابة لطلبه ففعلت على ما كان ملمًا بي من عارض صحي وقتها، لمعرفتي المسبقة بعقل الرجل وقدراته المتميزة. ولم يخب ظني فيه وفيما قرأت من إجاباته الثاقبة الناصحة الموفقة.

    هاتفته في اليوم الذي يليه وأخبرته بأن ما كتبه يعتبر بمثابة دستور اقتصادي وخارطة طريق هي الأنسب لاقتصادنا، وجددت قراءتي لما كتبه السيد عمار من رسوخ اعتقادي بأن الرجل عميق الفهم للنظريات الاقتصادية والمالية. لقد اطربتني بحق إجاباته (وقليل ما يكون الاقتصاد مشفوعًا بالإطراب) وتغنيت بها ردحا من الزمان وحدثت بأفكاره السديدة كل من أعرف من المسؤولين والاصدقاء وكل من يهتم بمصلحة ومستقبل اقتصادنا، فقد كنت أرى أنه أخلص النصح، واجاد في تبيان طريق الانطلاق باقتصادنا. 

    ٥. ومن مزايا هذه السيرة أن صاحبها يملك فلسفة أخلاقية ونظرة عميقة للحياة. سيلحظ القارئ ذلك بسهولة وهو يسافر بين صفحات الكتاب أو يحط رحاله بين سطور الكلمات فكأنه يقدم نصائح غير مباشرة من معين تجربته الثرية التي عركتها الأحداث وصقلتها التجارب والأيام. وآية ذلك أن الكاتب أفرد له فصلًا خاصًا من الكتاب ضمنه قناعاته في الحياة والعمل، فهو مثلًا يؤمن أن الإنسان لا يعرف مصيره، لكنه يملك قراره وعقله، وهذان كفيلان بأن يوجها دفة حياة المرء نحو أهدافه. 

    وعندما يبلغ المرء درجة عالية من الثقة بنفسه وقدراته، لا يغدو تعظيم المكاسب المالية هدفا أصيلاً عنده، لأنه سيحققه في كل الاحوال، بل سيدفعه عقله لتحقيق أهداف أخرى نافعة للوسط الذي يعمل به. لذلك تجده بعد مرحلة من حياته، فكر في إنشاء مؤسسة مالية مستقله تحقق آماله في ايجاد بيئة عمل مثالية خالية من بيروقراطيات المؤسسات التقليدية. 

    آمن صاحب السيرة بأن الحل لكثير من التحديات العملية والتنظيمية لا ينبغي ان تترك للصدف وردات الفعل، ولا للقناعات الخاطئة أو المكاسب الآنية لبعض اصحاب المؤسسات. لذا كان السيد عمار معنيًا وشغوفًا بالتطوير وإصلاح الأخطاء، وعندما يلحظ أن صاحب العمل مُصِّر على المضي في خطأه، كان ينسحب أو يستقيل من العمل بعد تقديم النصيحة تأدية للأمانة وإبراء للذمة. 

    وبعد تنقل بين العديد من المؤسسات المالية والمصرفية، توصل الى قناعة مفادها أنه لابد ان ينشئ مؤسسة خاصة يقود دفتها مع ثلة ممن يؤمنون بفكره وتوجهاته، ليطبق فيها أفكاره وقيمه التي آمن بها وعانى من أجل الحفاظ عليها وضحى في سبيلها بالمنصب والمال وليس أقله: قيم العدالة، وأخلاقيات المهنة، وبيئة الأداء التحفيزي، إضافة إلى تبني المبدعين والطموحين في صناعة الاستثمار وإدارة الاموال وتنمية قدراتهم وتوفير المحضن المناسب لأفكارهم وطموحاتهم. 

    ما أكثر المدّعين! لكني وجدت هذا الرجل صاحب قول يصدقه الموقف والفعل. وقد كان له ما أراد، فوفقه الله لتأسيس «الخبير المالية» وباركها له فنجح فيها أيما نجاح. الحقيقة إن أمثال السيد عمّار شطا ليسوا اشخاصًا عاديين، إنما هم بفطرتهم وما جبلهم الله عليه، قادة أعمال ورواد أفكار ومشاريع، إنه بحق من القلة التي يمكن أن نصفها بالقادة المبادرون الرواحل في مجالهم. كم أنا جذل سعيد بظهور هذه السيرة الهامة؛ أولاً: لتوثيقها وحفظها لحقبة زمنية من أهم الحقب التنموية والاقتصادية التي مرت على بلادنا، وثانيًا: لأن أبناءنا وبناتنا المقبلون على الحياة، سيجدون فيها خلاصة فلسفة وخبرات نافعة لشخصية صادقة عركت الحياة وأهدتهم خلاصة تجربته الثرية.

    وإنني إذ أكتب هذا التقريظ، لا أغفل عن شكر الأستاذ أحمد مشرف على تبنيه فكرة إصدار هذه السيرة وتحمله عناء كتابتها بعد ساعات طوال من الجلوس الى صاحبها وتسجيل سيرته وتفريغها لتظهر على هذا النسق السهل الممتنع الأنيق. وقد كنت سعيدًا أن أراجعها مراجعة فاحصة دقيقة لشغفي بسرعة ظهورها. وأنا على يقين بأن القارئ سيجد في هذه المذكرات فنًا جديد وسيركن إلى سرديته القصصية الماتعة كما لم يخبر في قراءة سابقة لمثل هذا الفن الجامع بين السيرة والعلم والنصيحة.

    د. مقبل صالح أحمد الذكير

    أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز، خبير وكاتب اقتصادي

    جدة - أول رجب ١٤٤٠ هجرية، الثامن من مارس ٢٠١٩ ميلاد

    مقدمة

    أرسلت له رسالة جوال قبل بضعة سنوات، كتبت فيها «لماذا لا نوثّق تجربتك في كتاب؟» فأجاب مازحًا «هل تريدني أن أسجن!».

    لا أعلم إن كان ردّه يتعلّق بكشف أسرار حياته للآخرين، أو الحديث عنها بصراحة، أو ربما خوفه من التطرّق لبعض قناعاته التي لا يتّفق معها الكثير. حاولت بسذاجة أن أقنعه في رسالة أخرى بأن كثيرًا من رجال الأعمال الناجحين في الغرب قد وثّقوا تجاربهم، ويجب أن يضيف عمّار اسمه ليكون أحدهم في عالمنا العربي الذي يفتقر للكثير من السّير الذاتية للناجحين ولرجال الأعمال. لكن مع الأسف، لم أحصل على الردّ.

    قابلته بعدها بفترة لأفتح معه الموضوع نفسه، ولأنني لم أملك أي محاولات جدّية في الكتابة وقتها، وجدته على ما أعتقد، غير مقتنع بي كشخص يستطيع إدارة مشروع توثيق حياته العملية. إضافةً إلى بعض المخاوف التي قد تمنع أي شخص مثله من أن يكتب عن تجاربه وقناعاته.

    اجتمعنا بعدها في بيته للدردشة وللخروج بما يمكن الخروج به من إصراري على تدوين هذا الكتاب. كان ذلك الاجتماع هو الخطوة الأولى بالفعل، فقد بدأ بسرد حكايته، ليكتشف أن في داخله الكثير ليخبر عنه الآخرين. ورأيت أنه من حقّي كشاب يعمل معه أن أعرف أكثر عن حياته وتجاربه.

    تكررت الاجتماعات وكثُرت الأسئلة حتى قادتني إلى إجابات تشكّلت فيما بعد لتخرج على شكل هذا الكتاب. اخترت صيغة السؤال والجواب في معظم محتوى الكتاب، كُنت أودّ أن أوضح للقارئ الكريم ما كان يدور في رأسي قبل أن يتعمّق أبي محمد (وهي الكنية المعروف بها) في إجاباته، ولعلّي أجدها الطريقة الأنسب في التوثيق.

    كنت دوماً أتجنّب الكتابة عن عمّار في مقالاتي. والسبب، أولًا: أن علاقتي الشخصية به تجاوزت مرحلة كتابة مقالة لا تتجاوز الألف كلمة، والتي قد تظلم السطور التي ستُكتب عنه. وثانيًا: إنني أعي تمامًا كأحد الشباب الذين دخلوا عالم الأعمال الحرّة قيمة المعلومة والخبرة التي احتجتها منذ يومي الأول لهذا النمط من الحياة.

    وها أنا اليوم أحاول بكل جدّية أن أنقل تجربة تستحق أن يتعرّف عليها الشباب، سواء كانوا رواد أعمال، أو طلاب، أو إداريين، أو سياسيين، أو أفراد طموحين يسعون إلى بناء مستقبلهم.

    قرأت العشرات من كتب السّير الذاتية، بعضها من تأليف كتّاب عن أشخاص آخرين، أو ما يعرف بالـ«Biography»، ككتاب ستيڤ جوبز على يد وولتر إيزاكسون، والكُرة الثلجية عن رجل الأعمال وورن بافيت على يد الصحافية آليس شرودر، وكتاب السجين ٣٢ للإعلامي أحمد عدنان عن محمد سعيد طيب. أما البعض الآخر من الكتب، فاعتمد أبطالها على توثيق خبراتهم وحياتهم الشخصية بأنفسهم.

    أكبر تحدّ قد يواجه السّير الذاتية التي يكتبها أصحابها عن أنفسهم، في نظري، أن نسبة الموضوعية قد تقلّ بشكل كبير. فعندما يكتب الكاتب عن نفسه، قد لا يستطيع تقدير الأمور بأعين القارئ، وقد لا يصل صاحب السيرة إلى ما يحتاج أن يقرأه الآخرون بالفعل. وربما يتأثّر عاطفيًا في بعض الحالات عندما يصل إلى جزء من أجزاء الكتاب ليتحدّث عن تجربة حساسة قد تقوده إلى المبالغة في الوصف أو السرد، أو إثبات موقفه الهجومي أو الدفاعي أمام الآخرين، أو ربما توثيق أمرًا لا يعي أن أهميته للآخرين ليست كأهميته لنفسه. ألاحظ مثلًا تركيز الكثير من أصحاب السّير الذاتية على مراحل طفولتهم، يتجاوز بعضها المئة صفحة من صفحات الكتاب، والتي ربما لا يجد معظم القرّاء حاجتهم للتعرّف على كل تفاصيلها. وفي المقابل، يهملون جوانبًا مهمة في حياتهم قد تغيّر من حياة القارئ.

    قد لا تغطّي صفحات هذا الكتاب جميع جوانب حياة أبي محمد، ولكنني أعدك عزيزي القارئ أنني راعيت الدقّة في سرد كل الأحداث، والدراما، والمقابلات، والدروس التي ستمرّ عليها. ستتعرّف على تحوّلات وقرارات قد تواجه ما يشابهها في حياتك، وستعلم أن ما عشته وما ستعيشه من أحداث غريبة ما هي إلا لحكمة إلهية قد تستوقفك لاحقًا لتتأمل فيها، كما حدث لأبي محمد.

    وفاة والده وهو في التاسعة؛ تغيير مساره من الهندسة إلى الاقتصاد؛ تأسيس شركة «الخبير المالية»؛ عائلته، وعلاقاته، وشراكاته؛ أهم الدروس والتحوّلات؛ هذا ما يدور حوله هذا الكتاب.

    قراءة ممتعة.

    أحمد حسن مشرف - جدة

    البداية

    أحد أهم الأمور التي اتّفقنا عليها أنا وأبو محمد قبل بداية التوثيق هي طريقة الصياغة وشكل المحتوى اللذان سيخرج بهما هذا الكتاب للآخرين. ومن أهم النقاط التي كانت تشغل تفكيره قبل الشروع في الكتابة هي النظرة السلبية نحوه، أو كما قال «لا أريد أن يقول لي أحدهم يومًا ما: من أنت! أو ماذا فعلت ليُكتب عنك!» ويضيف «أريد أن يعلم الناس، والشباب على وجه الخصوص، أن الإنسان لا يملك مفاتيح هذه الحياة كما يعتقدون، بل يمرّون في تحوّلات تبدو مأساوية في بادئ الأمر، لكنها قد تغيّر مجرى حياتهم إلى الأفضل.

    الإنسان يملك مفاتيح قرارات هذه التحوّلات.

    «ليه يا ربّي!» ... سؤال يطرحه البعض عندما تتغيّر حياتهم بشكل مفاجئ وسلبي، وكأنّهم معترضين على قَدَر الخالق، ويرونها على أنها حوادث سلبية، دون استيعاب أو قراءة واقعية لما سيحدث بعدها. أودّ أن أوضح أن الوزير لم يختر أن يكون وزيرًا، بل إن الله وهبه القدرة على اتخاذ بعض القرارات التي وصلت به إلى هذا المنصب، وذلك لحكمة إلهيّة قد لا يعيها هو نفسه. مثله مثل رجل الأعمال الذي لم يختر أن يكون غنيًا، فأصبح غنيًا أو ناجحًا فيما بعد.

    يمرّ الكل بتحوّلات كثيرة في حياتهم حتى يصلوا إلى ما هم عليه. البعض يستوعب هذه التحوّلات، ويتعايش معها، ويعمل من خلالها على مستقبله. ويتوقف آخرون ليقولوا: ليه يا ربي! لماذا حدث لي هذا! ويستسلموا في النهاية، رغم

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1