Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

النداهة
النداهة
النداهة
Ebook151 pages1 hour

النداهة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تقع أحداثها في قرية لا يسمح فيها بحضور الغرباد، لأن الغرباء لا يعرفون شيء عن ما يحدث في الليل، عندما تبدأ النداهة في النداء حينها يتغير كل شيء .. ومن خلال أحداث الرواية يحضر طبيب زائر للقرية حيث تبدأ كل الأحداث
Languageالعربية
Release dateMay 30, 2024
ISBN9789778061543
النداهة

Related to النداهة

Related ebooks

Related categories

Reviews for النداهة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    النداهة - خالد المهدي

    النـــداهـــة

    روايــــــة

    خالد المهدي

    خالد المهدي: النـــداهـــة، روايــــة

    طبعة دار دَوِّنْ الأولى: أغسطس ٢٠١٩

    رقم الإيداع: ١٤٣٣٩ /٢٠١٩ - الترقيم الدولي: 3 - 154 - 806 - 977 - 978

    جَميــع حُـقـــوق الطبْــع والنَّشر محـْــــفُوظة للناشِر

    لا يجوز استخدام أو إعادة طباعة أي جزء من هذا الكتاب بأي طريقة

    بدون الحصول على الموافقة الخطية من الناشر.

    © دار دَوِّنْ

    عضو اتحاد الناشرين المصريين.

    عضو اتحاد الناشرين العرب.

    القاهرة - مصر

    Mob +2 - 01020220053

    info@dardawen.com

    www.Dardawen.com

    alndaha-0.xhtml

    «الأحلام جسر موصول بعالم الأرواح».

    الفصل الأول: باب حديد - جنزير - شمع أحمر

    يكاد يرى كفه في قلب الضباب الأحمر بلون السماء، يحاول نزع قدميه الغارقتين في الطين حتىى رسغيه، يطعن مسامعه وعينيه صرخات الرعد واشتعالات البرق، حبات المطر تنقر في رأسه كنقر منقار غراب غاضب، يستجمع شتات نفسه.

    - كل مرة كل شيء يحدث بنفس الطريقة وبنفس السرعة..

    قالها في نفسه وقد تأكد أنه في نفس المكان الذي يدخله كل مرة بغير إرادته:

    - هاااارون.

    أتى من أمامه نداؤها الدافئ الذي بات يعلمه جيدًا، تنتفض حواسه، وتبزغ حذقته، يريد أن يخترق الضباب الأحمر الكثيف أمامه ببصره:

    - هااارون.

    هذه المرة يأتي نداؤها الماكر من خلفه، فالتفت نحوه في حيرة:

    - فريدة؟!

    استعجب، فهو يعلم أنها أصبحت في عالم غير عالمه.

    فرددت:

    - أنا في قلب المبنى!

    يعود بالنظر أمامه فنادت:

    - يا هاروووون..

    ينسحب الضباب، وكستار يُفتح، ينكشف من خلفه مبنى حجري قديم، ذي طابقين، ينظر لـ»هارون» عبر نافذتين استطالتا، تتلاعب خلف زجاجهما نار هادئة، تظهر فريدة خلف أحدهما، تشير إليه وتختفي، ينزع قدميه من الطين، يجري ويترك وراءه آثار قدميه الحافية الباردة في الطين اللازجة، يقف أمام باب المبنى ذي القضبان الحديدية، مقبضيه تشكلا على هيئة ثعبانين يحتضنان بعضهما، حولهما جنزير أغلق بقفل أسود صلد، خُتم عليه بالشمع الأحمر، بيأس ينظر هارون، يمد بصره من بين القضبان مستشكفًا، ممر يختفي في قلب الظلام جاء منه صراخ فريدة مستغيثًا:

    - الحقني يا هارون.. افتح الباب يا هارون.

    صياحها يتردد وكأنه يصدر من بوق، ينقض على الباب الحديد بقبضتيه، يهزه بتحدي هزًّا..

    يصلصل الجنزير بصفير حاد لاسع في أذنيه، يألمه..

    بكفيه يضغط على أذنيه بقوة ليمنعه..

    يسقط على الأرض، يستند بركبتيه..

    يتقلب بجسمه في الطين، يكاد رأسه ينفجر..

    وقبل إغمائه يذهب عنه الصفير الحاد.. ومعه يذهب صراخ فريدة..

    بهدوء يسحب كفيه من على مسامعه..

    يستجمع أنفاسه المتسارعة..

    - بيقتلني يا هااااارون.

    عاودت فريدة الصراخ، دون استسلام قام وهو ملطخ بالطين، يُمسك بيده اليمنى الشمع الأحمر لينزعه فتشتعل النار في يديه..

    صرخ..

    غرزها في الطين ليطفئها.. صاح بغضب:

    - مش هاخرج من هنا غير لما اشوفهااا..

    ترن ضحكتها المتقطعة في الأرجاء.. فاستعجب، برهة ثم تنوح بالبكاء، النواح يأتي من خلفه، قلبه ينقبض، وما إن التفت يتوقف المطر ويرى على مد بصره أشباح أشجار عالية، تتمايل، تأنُّ جزوعها، خلفها قرص القمر متوهج بالزُّرقة، ومن بين سيقان الأشجار يلمح ظل جسدها يتحرك بخفة، حتى اختفت وراء شجرة، ثم نادت بمكر:

    - هااااارون..

    يستجمع شتاته، ويجري نحو الشجر، وما إن وقف على أعتابه حتى رأى فروع الشجر واحدًا تلو الآخر تميل على جنبيها ويشقوا للبصره الرؤية نحو بحر يتلألأ بالقمر، تسبح على سطحه فريدة بهدوء وهي تطلب منه:

    - اتقدِّم يا هارون.. تعالى.

    فاضطرب قلبه وتردد..

    - تعالى يا هارون..ما تخافش.

    ثم يقرر وقبل أن يهم بالتحرك نحوها تصرخ فريدة من خلفه من قلب المبنى الحجري:

    - كداااابة ...ما تسمعش كلامها.

    فريدة من البحر بغضب تصرخ:

    - انزل البحر يا هارون.

    فريدة من المبنى تصيح:

    - بتخدعك.

    فريدة من البحر:

    - بتوهمك.

    فتعاركا:

    - متسمعش لنداها.

    - أنا فريدة يا هارون..

    - لا أنا فريد يا هارون.

    - أنا بحبك.

    - متسمعش كلااااامها.

    - هارووووون..

    صرخا بالنداء معًا.. تسمر مكانه تائهًا، ثم قرر التوجه نحو البحر يقف على شاطئه، تغطس فريدة تحت البحر، وقبل أن يقفز سمع خلفه أقدامًا تجري، تنغرز في الطين وتنخلع، ينتفض جسده بالخوف، وما إن التفت حتى انغرز ناب حاد في حنجرته التي تهشمت قبل حتى أن يصرخ.

    * * *

    (١)

    شتاء ١٩٣٥

    يهتز سرير نومه من رعشة جسده المنتفضة قبل أن يفتح عينيه، يتعلق بصره بالسقف الأبيض الباهت المعروق، وكأنه يعكس روحه المضطربة، ينسحب من تحت الغطاء بنصف جسده قوي البنية، هزيل القلب، يسند ظهره على وسادته، ينظر نحو النافذة، بدا من خلالها الظلام دامسًا، يمد يده المتناسقة نحو المصباح الكهربائى، فشع منها بؤرة نور خافتة، يشعر بألم في كفه اليمنى المحترقة في رؤياه، يقلبها أمام عينيه الدافئتين العميقتين الحزينتين، ثم يطل نحو ساعة الحائط ببندولها المتحرك يمينًا ويسارًا يدق، تشير إلى الثالثة.. في كل مرة كل شيء يحدث بنفس الطريقة وبنفس السرعة؟! يمتلئ صدره ونفسه بالندم عليها.

    هل لي أن أستعيد الماضي؟!

    ربيع ١٩٣٠

    كما الأحلام.. يتلامس كتفي بكتفها، يدي تحتضن يدها، مني ابتسامة حب غامرة ومنها الابتسامة الهادئة الناعمة، عينيّ تتلاقى بعينيها، تبرقان بالأمل، نجلس فوق الرخامة البيضاء، ينغرز حذاؤها الرقيق في العشب الأخضر، وعلى مد بصرنا الحديقة الزاهرة، الأغصان فوقنا بالورود مائلة، والطيور نشيطة من حولنا لصباح يوم دافئ، والشمس على ظهري وظهرها تدفئنا، بيننا وعد لم أعلم بعد أني كنت أكذب فيه:

    - فاضل سنة ونتخرج، وبعدها هخطف.

    ويرسم بأصبعه في الهواء دبلة..

    فترد فريدة مازحة:

    - مهري إنك توفي بوعدك ليا..

    يرد بصدق:

    - اللي اتفقنا عليه.. موضوع مُنتهي.

    تعتدل له وبحماس تسرد:

    - وانا خلاص لقيت القرية اللي هنسافرلها بعد ما نتخرج..

    - ونتجوز..

    - ماشي يا سيدي وكمان نتجوز، اسم القرية مغارب وناسها محتاجين جدًّا.

    - تمام تمام ....المهم.. النهاردة هاعرفك على ماما..

    ينطق وجهها بالتوتر.

    صيف ١٩٣٢

    فريدة: هعلمك بيتشتغل ازاي

    ثم أبعدت يدي بخفة عن الجرامافون واخترقتني بابتسامة، وبأناملها العاجية وضعت الإبرة فوق الأسطوانة، ثم انبعث االغناء:»يا حبيبي تعالى الحقني شوف اللي جرالي»، تقوم وتتحرك برشاقة نحو سور الفارندة وهي تغني، التفتت لي ورمقتني بنظرة تشع بريق حب، ثم تمتمت:

    - كل سنة وانت طيب يا هارون..

    اندفعتُ نحوها برصانة، ظللتها بجسدي الذي رسمته الشمس الدافئة من خلفي، رفعَت رقبتها نحوي فخرج وجهها من ظلي ليُشرق أمامي.. فابتسمنا.

    - وانت طيبة يا فريدة..

    - دا أول عيد ميلاد ليك بعد التخرج..

    أخرجت من جيبي علبة

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1