Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

حقل الفخاري
حقل الفخاري
حقل الفخاري
Ebook98 pages39 minutes

حقل الفخاري

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

لا أدري إن كان ما سأرويه قد حدث سابقاً، أم إنه يحدث اليوم، هذه الساعة، الآن، هذه اللحظة. أم إنه سيحدث لاحقاً، غداً أو في يوم قادم، قريب جداً أو بعيد جداً. لكنه، أعلم، يحدث دائماً.
أين؟ في العالم، هنا وهناك وفي كل مكان، ولكن ما يهمني أنه يحدث هنا في هذا المكان، بلدي، وفي المدينة التي لم أستطع أن أغادرها، لأسباب لا تحصى. المدينة التي، أعود وأكرر، لا أستطيع الموت بعيداً عنها، ولا الحياة أيضاً.
مع من؟ معي هو الجواب الأول، لأنه معروف عني، أنني لا أكتب إلَّا عن نفسي، أو حدث مع شخص آخر أعرفه جيداً، أو ربما مع شخص أعرفه معرفة بسيطة، أو مع شخص صنعته من خليط أشخاص، أو شخص اختلقته كلياً. ولكن، كحل فني لهذه المعضلة، أرى أنه هذه المرة، حدث معك أنت بالتحديد، أنت الذي تقرأ الآن ما أكتبه وتشكّ أنه عنك، ثم شيئاً فشيئاً سوف تعلم أنه عنك. لأنه حرفياً، أو تقريباً حرفياً، حدث معك، وينطبق عليك أنت دون سواك.
Languageالعربية
PublisherMamdouh Adwan
Release dateJun 5, 2024
ISBN9789933540333
حقل الفخاري

Related to حقل الفخاري

Related ebooks

Reviews for حقل الفخاري

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    حقل الفخاري - منذر مصري

    حقل الفخَّاري

    أربع مشهديَّات قصيرة

    منذر مصري

    Chapter-1.xhtml

    الإهداء

    إلى سوريا أمي، وإلى السوريين أهلي وأخوتي وأبنائي... في محنتنا القاسية.

    حقل الفخّاري

    حقل الفخّاري. قطعة أرض ابتاعها اليهود بمبلغ الثلاثين فضية، التي أعادها لهم يهوذا الاسخريوطي، بعد ندمه على وشايته بالسيد المسيح، وتسليمه لهم، لصلبه. فقد رأوا أنه لا يمكن إعادة المال إلى خزينة المجمَّع لأنه كان أجراً مقابل وشاية وثمناً لدم. فابتاعوا عقاراً كانت تشغله فخَّارة، وجعلوه مقبرة للغرباء والمتشردين الذين لا يعرف لهم أصل. سُمِّي حقل الدم، أو أرض الدم. لأنه، يقال أيضاً، كان المكان الذي شنق يهوذا نفسه فيه، واندلقت على الأرض أحشاؤه.

    المكان:

    المشهد الأول والثالث: غرفة في منزل.

    المشهد الثاني: غرفة تحقيق في أحد فروع الأمن.

    المشهد الرابع: الخشبة فارغة.

    الإنارة:

    تنار خشبة العرض بواسطة مصابيح نيون على الجدران. ومن الممكن تعتيم الخشبة وتسليط ضوء على الزوجة في المشهد الرابع.

    المؤثِّرات الصوتية:

    المشاهد صامتة، ماعدا سماع بعض الأغنيات الوطنية تتخللها صرخات متقطعة في المشهد الثاني.

    الشخوص:

    1. أنت: غسان صقروني، شاعر في السادسة والثلاثين من العمر.

    2. يوسف صقروني: يعمل في الأمن، يُسمع فقط صوته.

    3. النقيب سليمان: شاب في بداية العقد الرابع.

    4. كاتب المحضر.

    5. سلمى زوجة غسان: معلمة صفوف ابتدائية.

    1. صباح يوم عادي

    لا أدري إن كان ما سأرويه قد حدث سابقاً، أم إنه يحدث اليوم، هذه الساعة، الآن، هذه اللحظة. أم إنه سيحدث لاحقاً، غداً أو في يوم قادم، قريب جداً أو بعيد جداً. لكنه، أعلم، يحدث دائماً.

    أين؟ في العالم، هنا وهناك وفي كل مكان، ولكن ما يهمني أنه يحدث هنا في هذا المكان، بلدي، وفي المدينة التي لم أستطع أن أغادرها، لأسباب لا تحصى. المدينة التي، أعود وأكرر، لا أستطيع الموت بعيداً عنها، ولا الحياة أيضاً.

    مع من؟ معي هو الجواب الأول، لأنه معروف عني، أنني لا أكتب إلَّا عن نفسي، أو حدث مع شخص آخر أعرفه جيداً، أو ربما مع شخص أعرفه معرفة بسيطة، أو مع شخص صنعته من خليط أشخاص، أو شخص اختلقته كلياً. ولكن، كحل فني لهذه المعضلة، أرى أنه هذه المرة، حدث معك أنت بالتحديد، أنت الذي تقرأ الآن ما أكتبه وتشكّ أنه عنك، ثم شيئاً فشيئاً سوف تعلم أنه عنك. لأنه حرفياً، أو تقريباً حرفياً، حدث معك، وينطبق عليك أنت دون سواك.

    في ذلك الصباح، بعد نوم قصير. أقرّر عنك أنه نوم قصير، لأني أعلم أنه، ومنذ ثلاث سنوات، على وجه التقريب، ما عاد يأتيك النوم إلَّا بعد الساعة الثالثة أو الرابعة أو السادسة صباحاً! وما عادت تغمض عيناك، إلَّا بعد أن تشبع نكداً وقهراً وقرفاً، متتبعاً كلَّ كبيرة وصغيرة تجري في بلدك، ثم كلَّ كبيرة وصغيرة في العالم، إما من خلال شبكة العنكبوتية، الاصطلاح الذي طالما سخرت منه، إلى أن صار الآن يطابق تماماً حالتك، وأنت تشعر وكأنك عالق بهذه الشبكة، ليس كعنكبوت يقتات عليها، بل كحشرة واهنة استسلمت لمصيرها، بعد أن يئست من الإفلات والنجاة منها. وإما من خلال الفضائيات التلفزيونية التي لا تعدُّ ولا تحصى، والتي عاهدت نفسك مراراً على أن تبطل التبسمر أمامها، والشعور بما يشبه الانزلاق في هوة التلاشي والعدم وأنت تحملق بها.

    نوم قصير لم يخلُ من عدة كوابيس، باتت، على غرابتها، مألوفة لديك، أغلبها، لا علاقة مباشرة لك به، ترى فيها نفسك شخصاً آخر، يصاحب أناساً لا تعرفهم أية معرفة، على الرغم من أنهم يأخذون في كوابيسك هذه أدوار الأخوة والأصهار وأبناء العم، يقومون بمهام غامضة في أماكن لا تعرفها أيضاً، إلا في كوابيسك المتكررة. أما الكابوس الأخير لهذه الليلة، والذي ظل عالقاً في رأسك

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1