حقل الفخاري
By منذر مصري
()
About this ebook
أين؟ في العالم، هنا وهناك وفي كل مكان، ولكن ما يهمني أنه يحدث هنا في هذا المكان، بلدي، وفي المدينة التي لم أستطع أن أغادرها، لأسباب لا تحصى. المدينة التي، أعود وأكرر، لا أستطيع الموت بعيداً عنها، ولا الحياة أيضاً.
مع من؟ معي هو الجواب الأول، لأنه معروف عني، أنني لا أكتب إلَّا عن نفسي، أو حدث مع شخص آخر أعرفه جيداً، أو ربما مع شخص أعرفه معرفة بسيطة، أو مع شخص صنعته من خليط أشخاص، أو شخص اختلقته كلياً. ولكن، كحل فني لهذه المعضلة، أرى أنه هذه المرة، حدث معك أنت بالتحديد، أنت الذي تقرأ الآن ما أكتبه وتشكّ أنه عنك، ثم شيئاً فشيئاً سوف تعلم أنه عنك. لأنه حرفياً، أو تقريباً حرفياً، حدث معك، وينطبق عليك أنت دون سواك.
Related to حقل الفخاري
Related ebooks
الشعلة الزرقاء رسائل حب إلى مي زيادة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحبر الغراب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsآلة التفكير: مجموعة مختارة من ألغاز جاك فوتريل Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحب بعد عداوة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة المقبرة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsملكة الغموض: الجزء الأول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجرائمٌ في العالم الخارجي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأرجوك لا تعتذر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة نادي الغيلان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالعار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة آكل البشر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة تختلف Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsليكن قلبكم مستعداً Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsوقواق أندروبوف: قصة الحب ، التآمر والكي جي بي! Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالاخت البديلة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشيرلوك هولمز سجين فوق العادة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأنا Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsروساريو Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsليلة واحدة أخرى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالصديق المجهول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة الفصيلة السادسة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفراشة الليل Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالبئر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعدو محارب - رحلة مسلم بريطاني إلى معتقل غوانتانامو Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsطائفة أصحاب اليمين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفدية الشرف: ألفونس دنري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإبراهيم الكاتب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلست بسراب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتلميذ روكامبول (الجزء الرابع عشر): روكامبول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحكيم الطيار: إبراهيم صبحي Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Reviews for حقل الفخاري
0 ratings0 reviews
Book preview
حقل الفخاري - منذر مصري
حقل الفخَّاري
أربع مشهديَّات قصيرة
منذر مصري
Chapter-1.xhtmlالإهداء
إلى سوريا أمي، وإلى السوريين أهلي وأخوتي وأبنائي... في محنتنا القاسية.
حقل الفخّاري
حقل الفخّاري. قطعة أرض ابتاعها اليهود بمبلغ الثلاثين فضية، التي أعادها لهم يهوذا الاسخريوطي، بعد ندمه على وشايته بالسيد المسيح، وتسليمه لهم، لصلبه. فقد رأوا أنه لا يمكن إعادة المال إلى خزينة المجمَّع لأنه كان أجراً مقابل وشاية وثمناً لدم. فابتاعوا عقاراً كانت تشغله فخَّارة، وجعلوه مقبرة للغرباء والمتشردين الذين لا يعرف لهم أصل. سُمِّي حقل الدم، أو أرض الدم. لأنه، يقال أيضاً، كان المكان الذي شنق يهوذا نفسه فيه، واندلقت على الأرض أحشاؤه.
المكان:
المشهد الأول والثالث: غرفة في منزل.
المشهد الثاني: غرفة تحقيق في أحد فروع الأمن.
المشهد الرابع: الخشبة فارغة.
الإنارة:
تنار خشبة العرض بواسطة مصابيح نيون على الجدران. ومن الممكن تعتيم الخشبة وتسليط ضوء على الزوجة في المشهد الرابع.
المؤثِّرات الصوتية:
المشاهد صامتة، ماعدا سماع بعض الأغنيات الوطنية تتخللها صرخات متقطعة في المشهد الثاني.
الشخوص:
1. أنت: غسان صقروني، شاعر في السادسة والثلاثين من العمر.
2. يوسف صقروني: يعمل في الأمن، يُسمع فقط صوته.
3. النقيب سليمان: شاب في بداية العقد الرابع.
4. كاتب المحضر.
5. سلمى زوجة غسان: معلمة صفوف ابتدائية.
1. صباح يوم عادي
لا أدري إن كان ما سأرويه قد حدث سابقاً، أم إنه يحدث اليوم، هذه الساعة، الآن، هذه اللحظة. أم إنه سيحدث لاحقاً، غداً أو في يوم قادم، قريب جداً أو بعيد جداً. لكنه، أعلم، يحدث دائماً.
أين؟ في العالم، هنا وهناك وفي كل مكان، ولكن ما يهمني أنه يحدث هنا في هذا المكان، بلدي، وفي المدينة التي لم أستطع أن أغادرها، لأسباب لا تحصى. المدينة التي، أعود وأكرر، لا أستطيع الموت بعيداً عنها، ولا الحياة أيضاً.
مع من؟ معي هو الجواب الأول، لأنه معروف عني، أنني لا أكتب إلَّا عن نفسي، أو حدث مع شخص آخر أعرفه جيداً، أو ربما مع شخص أعرفه معرفة بسيطة، أو مع شخص صنعته من خليط أشخاص، أو شخص اختلقته كلياً. ولكن، كحل فني لهذه المعضلة، أرى أنه هذه المرة، حدث معك أنت بالتحديد، أنت الذي تقرأ الآن ما أكتبه وتشكّ أنه عنك، ثم شيئاً فشيئاً سوف تعلم أنه عنك. لأنه حرفياً، أو تقريباً حرفياً، حدث معك، وينطبق عليك أنت دون سواك.
في ذلك الصباح، بعد نوم قصير. أقرّر عنك أنه نوم قصير، لأني أعلم أنه، ومنذ ثلاث سنوات، على وجه التقريب، ما عاد يأتيك النوم إلَّا بعد الساعة الثالثة أو الرابعة أو السادسة صباحاً! وما عادت تغمض عيناك، إلَّا بعد أن تشبع نكداً وقهراً وقرفاً، متتبعاً كلَّ كبيرة وصغيرة تجري في بلدك، ثم كلَّ كبيرة وصغيرة في العالم، إما من خلال شبكة العنكبوتية، الاصطلاح الذي طالما سخرت منه، إلى أن صار الآن يطابق تماماً حالتك، وأنت تشعر وكأنك عالق بهذه الشبكة، ليس كعنكبوت يقتات عليها، بل كحشرة واهنة استسلمت لمصيرها، بعد أن يئست من الإفلات والنجاة منها. وإما من خلال الفضائيات التلفزيونية التي لا تعدُّ ولا تحصى، والتي عاهدت نفسك مراراً على أن تبطل التبسمر أمامها، والشعور بما يشبه الانزلاق في هوة التلاشي والعدم وأنت تحملق بها.
نوم قصير لم يخلُ من عدة كوابيس، باتت، على غرابتها، مألوفة لديك، أغلبها، لا علاقة مباشرة لك به، ترى فيها نفسك شخصاً آخر، يصاحب أناساً لا تعرفهم أية معرفة، على الرغم من أنهم يأخذون في كوابيسك هذه أدوار الأخوة والأصهار وأبناء العم، يقومون بمهام غامضة في أماكن لا تعرفها أيضاً، إلا في كوابيسك المتكررة. أما الكابوس الأخير لهذه الليلة، والذي ظل عالقاً في رأسك