Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

ضمانات للمستقبل
ضمانات للمستقبل
ضمانات للمستقبل
Ebook119 pages1 hour

ضمانات للمستقبل

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

مع كلّ مترٍ كان رودي يتجاوزه، كانت مقاومته لتأثير كلام العرّاف تشتدّ أكثر، ولكن في الوقت نفسه كان كلام العرّاف يترسخ في نفسه وعقله أكثر. ومع أنه لم يعترف بذلك، إلا أن كلام العرّاف كان قد سيطر عليه بشكل كلّي. "فعلاً، أيّ معرفة ندعيها نحن سكان حبة الغبار الحقيرة التي تسمّى الأرض هذه لكي نقول هذا ممكن وهذا غير ممكن؟ لو كنّا مجرد كائنات غير عاقلة لقلنا إننا خُلقنا نتيجة تفاعلات معينة بين عناصر كيميائية مختلفة كالفطر والطحالب وغيرها، ولكن الروح من أين تأتي وإلى أين تذهب؟ والعقل والأحاسيس؟ من المستحيل أن تشعر عظمة أو عضلة في جسدي بالحب أو الحقد أو أن تفكر وتتخذ قراراً. إن كل ذلك تحمله طاقة ما تسكن جسدي، طاقة أقوى وأكبر مني، إنها حتى لا تبوح لي من تكون ولا ممَّ تتشكل. يا إلهي! أنا مجرد بطارية نافقة لهذه الطاقة، يا لي من خردة لا قيمة لها! ولكن لماذا عليَّ أن أسلّم بأن كلام العرّاف هو الصحيح؟ إنه هو الآخر مجرّد خردة مثلي". كانت هذه الأفكار تتصارع داخل رودي، ولم يكن هو يعرف أي فكرة منها كانت تنتصر على الأخرى
Languageالعربية
PublisherMamdouh Adwan
Release dateJun 5, 2024
ISBN9789933540852
ضمانات للمستقبل

Read more from ممدوح حمادة

Related to ضمانات للمستقبل

Related ebooks

Related categories

Reviews for ضمانات للمستقبل

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    ضمانات للمستقبل - ممدوح حمادة

    ضمانات للمستقبل

    ممدوح حمادة

    نوڤيلا

    Y1043000000070-1.xhtml

    \

    ضمانات للمستقبل - نوڤيلا

    تأليف: ممدوح حمادة

    تصميم الغلاف: ديانا الخطيب

    978 - 9933 - 540 - 85 - 2 :ISBN

    الطبعة الأولى: 2020

    دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع

    سوريا - دمشق - ص ب: /9838/

    هاتف-فاكس: /6133856/ 11 00963

    جوال: 00971557195187

    البريد الإلكتروني: addar@mamdouhadwan.net

    الموقع الإلكتروني: addar.mamdouhadwan.net

    fb.com/Adwan.Publishing.House twitter.com/AdwanPH

    جميع الحقوق محفوظة للناشر دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع. لا يجوز نشر أي جزء من هذا الكتاب، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله، على أي نحو أو بأية طريقة سواء كانت الكترونية، أم ميكانيكية، أو بالتصوير، أو بالتسجيل، أو خلاف ذلك إلا بموافقة كتابية مسبقة من الناشر.

    ضمانات للمستقبل

    كان رودي يرى كثيراً من الأحلام، بعضها وهو نائم، وبعضها وهو مستيقظ. وأكثر شيء كان يراه في أحلامه هو النساء، نساء مختلفات، بعضهن لهن وجود حقيقي في العالم، وبعضهن من نسج خيالاته وأحلامه، ولكن ما يوحّدهنّ جميعاً هو جمالهن الخارق، حتى أولئك اللواتي لم يكنّ بذلك الجمال في الواقع كنّ يكتسبن في أحلام رودي جمالاً إضافياً؛ جوليا في الحقيقة كان طولها نحو 160 سم، ولكي يتمكّن رودي من تقبيلها كان عليه أن ينحني أو أن يرفعها إليه، وفي كلتا الحالتين سيسبّب له ذلك ألماً في الظهر. حلّ رودي الموضوع فجعلها في حلمه بطول 172 سم، أي أقصر منه بسبعة سنتمترات ونصف، لأن المرأة برأي رودي يجب أن تكون أقصر من الرجل بقليل؛ فأيّ قبلة تمنحها المرأة للرجل ولا تكون خلالها واقفة على رؤوس أصابعها هي قبلة لا معنى لها.

    ولكن، لكي نكون أدقّ فيما نقول، فإن الذي يقوم بذلك ليس رودي نفسه، وإنما غرفة العمليات التي تقع في منطقة اللاوعي المسؤولة عن صناعة الأحلام لدى الإنسان. فيكتوريا بطلة فيلم «الهواء الأصفر»، التي كانت تعبر على البساط الأحمر متوجّهة إلى مركز الاحتفال، في افتتاح أحد أشهر المهرجانات السينمائية، الذي لم يُسمِّه رودي في حلمه ذاك، والتي أبعدت الجمهور عن طريقها لتصل إلى رودي، الذي كان يقف جانباً غير مكترث بها لكي تقبّله، كان فمها صغيراً وشفتاها رقيقتين، ومع أن رودي ليس من أنصار «الفيلر» والمواد المالئة، إلا أنه، أو بالأحرى، إلا أن مركز عمليات اللاوعي أجرى لها عملية بلمح البصر جعلت فمها كبيراً وشفتيها مكتنزتين، وقبّلها قبلة لم تمنحها لأيّ نجمٍ في الأفلام التي لعبت فيها أدوار البطولة، حتى أن رودي وضع راحته على مؤخرتها من دون قصد، في حركة التقطتها عدسات المصورين وانتشرت في مواقع التواصل والصحف الصفراء انتشار النار في الهشيم.

    شاهد رودي في أحلامه واستدعى إليها كثيراً من النساء، من بينهن، إضافة إلى الممثلات الشهيرات ملكات ووزيرات، ساحرات، وحتى الجنيات كنّ يحضرن من الحكايات إلى أحلام رودي. راقصَ في إحدى المرات ملكة وداس على قدمها في أثناء الرقص، فابتسمت وغمزت له أن يتابع وتابع معها، ثم انتقل ليراقص ملكة أخرى ووضع يده على مؤخرتها أيضاً، ولكن قاصداً هذه المرة، ولم تمانع. طبعاً وكما هو معتاد، لا تُذكَر في أحلام رودي أسماء البلدان التي تحكمها تلك الملكات، وإذا ذُكر اسم البلد، فليس ضرورياً أن يكون له وجود على الخريطة. وكما أن فيلم «الهواء الأصفر» لم يسمع به أحد، فإن «كارانسو» التي راقص رودي ملكتها هي في الحقيقة مملكة لا وجود لها إلا في مخيلة رودي، وحصراً في تلك اللحظات التي راقص فيها رودي الملكة. وفي أحيان كثيرة تكون المرأة ذاتها لا وجود لها تماماً مثل ملكة كارانسو، ولكن ما يميز جميع أحلامه هو أن الفرح والمرح والسيطرة التامة على جميع الشخصيات كانت القاسم المشترك لجميع أحلامه. وكان كلما استيقظ تمنَّى لو أن حلمه لم ينتهِ، وكان يضحك عندما يتذكر تلك الأحلام في اليوم التالي، ويقول وعلى وجهه ابتسامة: «يا لي من شخص مضحك في الحلم!».

    غير أن المرأة التي شاهدها اليوم في منامه لم تكن كبقية النساء، فقد شعر بوجودها كما لو أنه حقيقة، وأصيب بقلق لم يعرف سببه، أفاق من نومه يتصبّب منه عرق بارد ولم يتمكّن من النوم مجدداً، وحتى بعد أن استيقظ ظلَّ يشعر بشيء يطبِق على صدره، وبحالة من الضيق لم يعرف سببها. هذه المرأة، على الرغم من جمالها، كانت أشبه بساحرة شرّيرة، وهي بخلاف غيرها من النساء اللواتي كان يراهن في الحلم لم تكن مجهولة الهوية، كانت معروفة له جيداً، ولم تكن مشهورة ولا مكانة لها في المجتمع كما بقية نساء أحلامه.

    المرأة التي رآها في حلم اليوم كانت هيلينا التي تعمل في دكّان القرية، وهي فتاة شابة من أمريكا اللاتينية، تتكلم الإنكليزية بصعوبة، ولكنها في الحلم كانت تتكلمها بطلاقة. كانت تغني له أغنيات الأطفال التي تسبق النوم، وتمسح على رأسه كما لو أنه طفلها. كان ذلك في الغابة، وحوله كانت آلافٌ من الصيصان الصفراء تخرج من البيض الذي كان يفقس للتوّ، وكانت أصوات صأصأتها تملأ الغابة. أمسكت به هيلينا من يده وقادته برفق إلى بيتها القريب من تلك الغابة. الذي لفت انتباهه أيضاً في ذلك المنام أنه كان عارياً إلا من حفّاض (بامبرز) يغطّي وسطه، وأن هيلينا عندما أدخلته إلى المنزل وضعته في حضنها وأخذت تُرضعه، ثم وضعته في سرير خشبي قديم من تلك التي كانت معروفة في بداية القرن العشرين، وأخذت تهزّه لكي ينام. لكنه بدلاً من النوم استيقظ من حلمه مرعوباً.

    أشعل رودي النور ونهض من السرير، وقام بحركات غريزية بغاية التأكد من خلوّ المكان من كائنات أخرى، فهو على الرغم من عدم إيمانه بموضوع الجن والعفاريت والأشباح وبقية الكائنات غير الإنسانية هذه، إلا أنه كان دائماً يشعر كما لو أنها تسكن كل زاوية من بيته؛ فيشعر بالخوف ويخرج أحياناً من البيت، وأحياناً أخرى

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1