Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

إلى العلم در
إلى العلم در
إلى العلم در
Ebook127 pages43 minutes

إلى العلم در

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تتداعى ذاكرة جوان تتر على مشاهد عرفها سوريّون في مختبر عذاباتهم؛ إنّه الزمن السوريُّ البطيء الذي يحضر وتحضر معهُ في يوميّات تتر شتى مفردات التجربة: بدءاً من السَوق إلى الجُنديّة، إلى التسريح منها، في سيرةٍ تُعاكس الزمن، من الموت الرمزيّ إلى الولادة الرمزيّة، في بلدٍ أشبهَ بمهجعٍ طويلٍ محتشدٍ بالناس. على امتداد دورة الحياة السوريّة تلك تحضر الهمهمات والروائح النتنة.
إنّ الحياة كما يصوّرها جوان تتر في هذا الكتاب هي تجريبٌ للأصوات الخفيضة التي تنتهي بالصمت النهائي؛ تجريبٌ لأمداءِ الخوف، أهو أعمق ممّا تخيّلنا؟ أيمكن النجاة من الخوف الذي صارَ جزءاً من الماءِ، ومن العطش، جزءاً من التخمة، ومن الجوع؟ تلتقي أضدادٌ كثيرةٌ في ذلك الأفق البعيد الذي صَنعَ عجينة السوري في مختبر الجنديّة، هل كانوا أسرى أم جنوداً؟ أهُم مُدانون أم أبطال؟ يتساوى كلّ شيء، تتساوى كلّ القيم في ذلك الأفق الذي هو فضاءُ سورية، فضاءُ الخوف وتوسّلات الحريّة.
Languageالعربية
PublisherMamdouh Adwan
Release dateJun 5, 2024
ISBN9789933641702
إلى العلم در

Related to إلى العلم در

Related ebooks

Related categories

Reviews for إلى العلم در

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    إلى العلم در - جوان تتر

    الغلاف

    إِلَى العَلَمْ دُرْ

    جوان تتر

    إِلَى العَلَمْ دُرْ

    يوميَّات

    تنويه:

    في هذا الكتاب، أحاولُ أن أسرُد نفسي كي لا أسهو عنها، أو لئلَّا أجدها أحداً غريباً عن جسمي، أحاولُ المضيَّ في التوازن بعد الحياة الطَّويلَة في الثّكنةِ العسكريَّة التي كانت بمنزلة عالمٍ آخر موازٍ لكلّ حياتي التي عشتها مُسبقاً وحاضراً، ولعلَّ الأمر سيفضي بي إلى المستقبل البعيد أيضاً. أرى المكانَ عالقاً في ذهني، منزوياً في مكانٍ ما داخل الجهةِ المخصَّصة للذاكرة، حاولتُ أن أكتبه نثراً، فأخفقت، وأنْ أكتبه شعراً، فارتطمت بقواعد الّلغة وعصياناتها المتكرِّرة التي جعلت منّي إنساناً مشلولاً؛ إذْ كيف لامرئٍ يعيشُ الحربَ، والانفجارات اليوميَّة المُتتالية، وفقدانَ الأعزَّاء والأصدقاء، أن يغدو شاعراً؟ يا إله النرجسيَّة! لا بدّ من أن يأخذ السردُ مجراه الاعتياديّ، عدّوني طاعناً في السنّ يحكي لحفيدهِ قصَّةً غير متسلسلة، يمتزجُ فيها الحقيقيُّ مع المُتخيَّلِ، المُتخيَّل الذي لهُ الصِّلَةُ بالحقيقة، سوى أنَّها على النقيض من قصص الأجداد، تلك التي ينتهي فيها السردُ عند خطّ الحياة الجديدة للأميرةِ، أو الغول؛ فثمَّة موتى وأرقام، وتوابيتُ وأجسادٌ تيبَّست من البكاء الداخليّ، ثمَّة سلاحٌ لم أعتد رؤيته طوال حياتي، وهو ينفجر في وجوه الأحبَّةِ، في ملامح الأطفال، تلكَ التي تغدو وجوهاً للطاعنين في السنّ والعذاب بمجرَّد الضغطِ على الزِناد، ثمَّة شتائمُ لم أسمعها في حياتي المدنيَّة، وأحقادٌ دفينةٌ دفعت بأحجار بلدي إلى السقوط حزناً على مصيرها غير المرئيّ.

    أعيش الآن في عام 2020-2021، زمن تدوين هذه السيرة، ولكنّني فعليّاً أعيش في القديمِ من الزَّمن، حاولتُ جاهداً أن أكلِّم أصدقائي، وإخوتي، وأمّي عن تلك الأيَّام، ولكنّهم صدُّوني، كنتُ قد اعتدتُ فيما مضى التسجيل الصوتيّ: أحبسُ روحي في مكانٍ مغلقٍ بعيدٍ عن الفوضى، وأضغطُ زرَّ التسجيل، وأسرُد لنفسي، كانت ثمّة ساعاتٌ طويلةٌ من الحَكي المُسجَّل أتلفتها فيما بعد عن عَمدٍ، ودَدتُ أن أُنهي تلك المرحلة من حياتي، وددتُ أن أطردها خارجَاً كأرواحٍ شرّيرة، لكنَّها أبَت ذلك، بقيت عالقةً في دماغي، ملابسي، جسَدي، أنفاسي وروحي، ويكادُ لا يمرُّ يومٌ إلَّا وأرى فيه جنديَّاً مرتدياً زيّه العسكريّ، أريدُ أن يصيبَني العَمى كي لا أرى المشهَد، لا أريدُ أن أتذكَّرَ شيئاً من تلك الأيَّام.

    ها أنا أدوِّنُ كالمجنون، وبي رغبةُ عدم الانتظام في السَّرد. سيقرأُ القارئُ، ويُدرِكُ الذي أعنيه في كلّ تدوينَةٍ، سيُسامحني على الارتباك في السَّرد، سيشعرُ بي مَمسوسَاً في حضرة طبيبٍ نفسيٍّ.

    قد يجدُ القارئُ تكراراً ما، لكنَّه سيرتاحُ إلى السَّردِ ويستند إليه، سيقولُ في نفسه: يا لذواتِنَا المُتعَبة، طوبى لمن دوَّن ذاتَه وكَرَّرها!

    سردابُ البول

    الرَّكضُ إلى العَدَم:

    انتابني خجلٌ مريرٌ، وأنا ألتفتُ إلى الطفل الذي يودّع والدته ذاهباً إلى المدرسةِ القريبة من البيت، تلك التي شُيِّدت شبهَ سجنٍ مُحكَم. إنّني أرى المدرسة بوضوح، الأسوارُ عاليةٌ جدّاً. بنظرةٍ أوليَّةٍ ستستنتج أنّ هناك نسقينِ كاملين من الإسمنت المسلَّح (لا أعي تماماً لِم أضيف نعت المسلّح إلى الإسمنت!)، النسقانِ شُيِّدا مؤخَّراً، وأضفيا مسحة السجنِ ولَبوسَهُ على شكل المدرسة. أقولُ لنفسي: «حين كنتُ صغيراً كانَ الجدار أعلى بكثير». ابتسمتُ للغباءِ الذي اعتراني فجأةً! أجل، لأنّني كنتُ صغيراً وقتذاك، وكفى!

    في الظهرِ، وعند نهاية الدوام الرسميّ، يخرجُ الأطفالُ متّسخي الثيابِ والأرواح، كأنّهم عائدونَ من معركةٍ، كنتُ أعتقد أنّني كبرتُ، بذقني الطويلة، وحقيبة حاسوبي الشخصيّ التي تشبه حقيبة المطهّر في هذا البلد القديم! اعتقدتُ أنّي كَبرتُ، أرى الأطفالَ فلا أتذكّر غير ذاتي الوَاهِنة من المدارس. يقولُ المعلِّمُ القديم لصديقته المعلّمة الجديدة: «سوف يتّجه إلى العدَم». ويصمُت. تكادُ الوجوهُ التي أراها الآن تتشابه، كلّا، مهلاً! إنّها وجوهٌ متطابقةٌ مع تلك التي خبرتها منذ سنواتِ طفولتي، تتطابقُ على نحوٍ مريب، ليست لديّ الخبرةُ الكافية لأقول عنها إن كانت وجوهاً لطيفةً أم هي غير ذلك، تختلطُ الأمور عليّ، يهطلُ مطرٌ غزيرٌ في بعضِ الأيَّام، والسماءُ تغسلُ الوجوهَ الكريهة، ولكنّها سرعانَ ما تعودُ إلى غبارها البدائيّ الذي ولِد معها، لا سبيل للخلاصِ من هذا الغبارِ القديم، يركضُ الأطفالُ نحو العدَم، أقرّ لنفسي

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1