Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

جرائم بذريعة الشرف
جرائم بذريعة الشرف
جرائم بذريعة الشرف
Ebook349 pages2 hours

جرائم بذريعة الشرف

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تُوصف "جرائم الشّرف" بأنّها "تسميةٌ نبيلةٌ لفعلٍ خسيس"، وعلى الرغم من الضجّة الإعلاميّة التي تثار حول هذا النوع من الجرائم، تفتقر شرائحُ واسعةٌ من الجمهور إلى امتلاك معلوماتٍ أساسيّةٍ مرتبطةٍ بها، وبالسياق الذي تحصل فيه، وبنسبتها الحقيقيّة ضمن المجتمع.
ولذلك يسعى الكتاب لسدّ هذا النقص عبر الانطلاق من تعريف هذا النوع من الجرائم، رابطاً إيّاها بما يسمّى "الدافع الشّريف" لفعل القتل، ثمّ ينتقل ليضيء على الأسباب المباشرة، وغير المباشرة التي تتخفّى وراءها. في حين يقدّم أيضاً دراسةً مفصّلةً للآليّة التي يتعامل بها القانون السوريّ مع هذا النوع من الجرائم والأعذار المخفّفة لها، ثمّ يتطرّق لظاهرة استخدام القاصرين لتنفيذها كوسيلةٍ للالتفاف على القانون، وموقف القانون الدوليّ من هذا النوع من الجرائم، ومخاطرها الاجتماعيّة، وينتهي بالتعريج أخيراً على حضورها في الدراما، والأدب، والشعر.
عبر هذا الكتاب الشامل، يعالج المحامي والباحث أحمد صوّان ظاهرة "جرائم قتل النساء بذريعة الشّرف" من زوايا مختلفة قلّما اجتمعت في مؤّلفٍ واحد.
Languageالعربية
PublisherMamdouh Adwan
Release dateJun 5, 2024
ISBN9789933641658
جرائم بذريعة الشرف

Related to جرائم بذريعة الشرف

Related ebooks

Related categories

Reviews for جرائم بذريعة الشرف

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    جرائم بذريعة الشرف - أحمد صوان

    الغلاف

    جرائم بذريعة الشرف

    جرائم بذريعة الشرف

    تأليف: المحامي أحمد صوان

    تصميم الغلاف: قهوة غرافيك

    978 - 9933 - 641 - 65 - 8 :ISBN

    الطبعة الأولى: 2021

    نُشر هذا الكتاب بالشراكة مع المبادرة النسوية الأورومتوسطية

    إن الناشر غير مسؤول عن آراء المؤلف وأفكاره. وتعبّر وجهات النظر الواردة في هذا الكتاب عن آراء المؤلف وليس بالضرورة عن رأي الناشر.

    جميع الحقوق محفوظة للناشرين دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع ودار الرحبة للنشر. لا يجوز نشر أي جزء من هذا الكتاب، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله، على أي نحو أو بأي طريقة دون موافقة الناشرَين الخطية.

    المحامي أحمد صوان

    جرائم بذريعة الشرف

    تمهيد

    جَرائمُ الشّرفِ هِيَ جَرائِمُ القَتْلِ التي تَسْتَهْدِفُ المَرْأةَ بِذَريعَةِ الدّفاعِ عَنِ الشّرِفِ، أوْ غَسْلِ العَارِ، وَظاهِرَةُ (جَرائِمِ الشّرَفِ) وَاحِدَةٌ مِنْ قَضَايا حُقوقِ الإنْسانِ التي تَسْتَوْجِبُ الاهْتِمامَ الفَاِئقَ مِنَ المُدافِعينَ عَنْ هذهِ الحُقوقِ.

    إنّ الإعفاءاتَ القانونيّةَ التي تُمْنَحُ للقاتِلِ في جَرائِمِ الشّرَفِ تُعْدُّ بِمنزلة التّرْخيصِ بالقَتْلِ، ومَنْحِ الحَصَانَةِ للقَاتِلِ.

    لا تُوجَدُ جَريمَةٌ شَريفَةٌ؛ لأنّهُ لا شَرَفَ للْجَريمَةِ، (وَجَريمَةُ الشّرَفِ تَسْمِيةٌ نَبيلَةٌ لِفِعْلٍ خَسيسٍ).

    تَسْتندُ هذه الجرائم إلى الأعراف والتقاليد، وليس لجَريمَةِ الشّرَفِ أيّ مُسْتَنَدٍ دِينِيّ؛ لأَنّ الأدْيَانِ وَالمَذَاهِبِ كافّةً حَرَّمَتْ هذهِ الجرَائِم.

    إنّ التّضَامُنَ معَ ضَحَايا جَرائِمِ الشّرَفِ مِنَ النّسَاءِ لَيْسَ دَعْوَةً لِلانْحِلالِ، وليس ترويجاً للفُجورِ، أَو الابْتِذالِ الأخْلاقِيّ، ولكنّه دِفاعٌ للحفاظِ على الكَرامَةِ الإنْسانِيّةِ للرّجُلِ والمَرْأةِ مَعاً، وصَوْنٌ لشَرفِهِما، وحِمايةٌ لحَقّهِما في الحَياةِ، ودعوةٌ لمُناهَضَةِ جَرائِمِ القَتْلِ بِهذهِ الذّريعَةِ.

    يَجِبُ نَشْر الوَعْيِ بين الشباب، وفي الأوْساطِ المُجْتَمَعِيّةِ كافّةً، بأخطار هذهِ الظّاهرةِ؛ لأنّ العلاج العقلانيّ يفترض الاهتمام بتوعية الناشئين من منطلق الوقاية قبلَ الوصولِ إلى النهاياتِ المأساويّةِ التي قد تصلُ إلى ارتكاب الجريمة.

    يجب العَمَل على نحوٍ حَثيثٍ لِتَعْديلِ القَوانينِ التّمْييزيّةِ كافّةً، التي تَمْنَحُ (مُرْتكبي جَرائِم الشّرَفِ) الإعفاءَ مِنَ العُقوباتِ، أو تَخْفِيفِها، وَالسّعْيِ لِإلْغَاءِ هذِهِ الأعْذَارِ وأَسْبَابِ التّخْفِيفِ مِنَ القَوانينِ العَرَبِيّةِ.

    مقدّمة

    • أجمعت التقاليد الاجتماعيّة، والتعليمات الدينيّة، في مجتمعاتنا العربيّة، على عَدِّ الزواج النظامَ الأخلاقيَّ الوحيدَ المعترف به في تنظيم العلاقة الجنسيّة بين الرجُل والمرأة، وبمفهوم المخالفة: فإنّ أيّة علاقةٍ خارج إطار الزواج تُعدُّ فُحشاً ورذيلةً قد تواجه المرأة بسببه الذبح، أو القتل، وهذه الفكرة هي البذرة الأولى لجرائم القتل دفاعاً عن الشرف.

    مفهوم الشّرف:

    الشّرف هو مجموعة القِيم والوصايا المقدّسة التي يُربّى عليها الإنسان منذ ولادته، ومع الوقت ينضج معنى الشّرف حتّى يغدو الهويّة الفكريّة لكلّ إنسانٍ، فالصدق، والإخلاص في العمل، والصدق في المعاملات، والوفاء، والإيثار، وقول الحقّ، والعدل، واحترام رأي الآخر، وحقوقه، وقيمته الإنسانيّة؛ هي الّلبِنات التي يتكوّن منها الشّرف الإنسانيّ، لكنْ مفهوم الشّرف لدى كثير من المجموعات البشريّة تبلور ليتحدّد بمفهوم شرف المرأة، فتحوّلت الأنثى إلى عنوانٍ لشرف العائلة. عدَّ الكثيرون هذا المفهوم الحصريّ للشّرف استعباداً للمرأة، واغتصاباً معنويّاً لكيانها.

    معنى العار:

    هو حالة الخرق السلوكيّة للمنظومة الأخلاقيّة للمجتمع؛ حيث يسعى كلّ فردٍ داخل هذه المنظومة للعمل على الارتقاء بذاته وتساميها، خشية الوقوع في أيّ غلط يُلحق به العار.

    • تُعدّ جرائم الشّرف، والأعذار المخفّفة التي تُمنح للقاتل، من أكثر الموضوعات إثارةً للجدل؛ حيث يصرّ كثيرٌ من القضاة والحقوقيّين على الإبقاء على الأعذار المخفّفة عن القاتل بالقانون، حفاظاً على الشّرف والكرامة الإنسانيّة، وغرس القيم النبيلة، وحمايتها من الأطياف كلّها؛ لأنّ الحضارة لا تكون بالحريّة المزيّفة، فالحريّة لا تعني الانفلات الأخلاقيّ، ومن تهن عليه أخلاقه يهن عليه وطنه، ولا يعبأ بانهيار أمّته، فلا يحمي الوطن، ولا يبنيه إلّا الشريف الذي رضع من أصيل القيم ومكارم الأخلاق، وإنّ المرأة هي التي تحفظ الجنس البشريّ، وحين تمارس الزنا فهي المسؤولة عن اختلاط الأنساب.

    • ارتكاب جرائم القتل بذريعة الدفاع عن الشّرف، أو غسلاً للعار، هي واحدةٌ من قضايا حقوق الإنسان التي تستوجب الاهتمام الفائق من المدافعين عن المرأة، وإنّ من واجب القانون أن يقف أمامها بحزمٍ وصلابةٍ عوضاً عن منح الإعفاءات والتخفيف؛ لأنّ هذه الإعفاءات التي تُمنح للقاتل تعدُّ بمنزلة الترخيص بالقتل، وهو من أكبر انتهاكات حقوق الإنسان؛ لأنّه انتهاكٌ لحقّ الحياة، ولأنّ هذا القتل وجهٌ من وجوه الإعدام خارج نطاق القانون.

    القتل غسلاً للعار: هو القتل الذي يرتكبه الفاعل استجابةً لدوافعَ اجتماعيّةٍ وأخلاقيّةٍ، مشحوناً بعواطف جامحة تتحكّم به، وتقوده إلى اقتراف الجريمة تحت تأثير فِكرةٍ مقدّسةٍ لديه، فيرتكب جريمته بنشوة من يقوم بأداء الواجب المقدّس.

    • لقد ثبت أنّ النسبة العظمى من مرتكبي ما يسمّى جرائم الشّرف هُم من الجهلة والأمّيين الذين لا يجيدون القراءة، أو الكتابة، أو من الصغار؛ حيث ينفّذ الحدث القاصر الجريمة التي يُؤمر بتنفيذها من قِبل الكبار؛ لأنّ القاتل الحدث يستفيد من الأسباب التخفيفيّة بسبب صِغر سنّه.

    الباب الأول

    مفهوم جرائم الشّرف

    « إنّ التَطرُّقَ إلى ظاهِرَةِ جَرائِمِ الشّرف يَقتَرِبُ كثيراً من مُغامرةِ إقحامِ المرءِ لِذِراعِهِ في جِرابٍ ممتلئٍ بَالعَقاربِ، بيدَ أنّها تُغري أنْ يُدليَ أحَدُنا بِدلوِهِ، وَيطرَحَ رأيَهُ، ويَرشفَ مِن نَبعٍ لَطَالَما صُنّفَ عَلى أنّهُ مُحَرّمٌّ وَخَطِرٌ، تَمامَاً كآلافِ الشُّرُفاتِ المُطِلّةِ عَلى عُقَدِنا وتَناقُضاتِنا، ممنوعٌ علينا ارتيادُها، مَمْنوعٌ عَلينا تَلَمُّسُ قِرميدِها العَتيق، مَمنوعٌ علينا البوحُ بِوِجهَتِها السِّرّية(*).

    الفصل الأوّل

    ما هي جريمة الشّرف

    - جريمة الشرف: هي إقدام رجُلٍ على قتل امرأةٍ من عائلته؛ بسبب مسلكها، أو لشبهةٍ، أو تهمة إقامتها علاقةً عاطفيّةً، أو جنسيّةً مع رجُلٍ غريب؛ لأن هذا الفعل يُلحق العار بها وبعائلتها، مع اعتقاد القاتل أنّه لا يمكن إزالة الآثار الاجتماعيّة لهذا الفعل إلّا عن طريق القتل.

    - الخلل والتناقض في مصطلح (جريمة الشرف):

    (لا توجد جريمةٌ شريفةٌ؛ لأنّه لا شرف للجريمة) وجَريمَةُ الشّرَف تَسْمِيةٌ نَبيلَةٌ لِفِعْلٍ خَسِيس. جريمة الشّرف مصطلحٌ فيه التباسٌ كبيرٌ يستوجب فكّ الارتباط ما بين كلمة جريمة وكلمة شرف؛ لأنّه لا توجد جريمة تتّصف بالشّرف (لأنّ الشّرف من مقولات علم الأخلاق والقيم)؛ أمّا القتل، فهو على النقيض تماماً؛ لأنّه مصطلحٌ ينطوي على تناقضٍ كبيرٍ، وفيه إضفاءُ جانبٍ أخلاقيٍّ على الجريمة، وهذا الأمر يوجب فصل كلمة الجريمة عن كلمة الشّرف، فلا يمكن أن يكون الشّرف سبباً، أو دافعاً لارتكاب جريمةٍ أيّاً كانت، كما أنّ الجريمة لا يمكن أن تمنح مرتكبها صفة الشّرف.

    - هناك مفردات عديدة تعبّر عن دوافع وتداعيات جريمة الشرف، منها: «الفضيحة»، أو «الوصمة»، أو «غسل العار»، ولكنْ من الضروري تغيير (عبارة جرائم الشرف) لأنّ تسمية هذه الجنايات بجرائم الشّرف يعطي انطباعاً بأنّ مرتكبيها يدافعون عن الشّرف، مع أنّهم بعيدون البُعد كلّه عن هذه الكلمة؛ لذا يجب تسميتها جرائم العار، فهي بالفعل وصمة عار في جبين مرتكبيها، وجبين المجتمع الذي يغطّي عليها، ويعطيها المسوّغات.

    وإنّ للشرف معانيَ أرقى، وأنبل، وأوسع من حصره في الجسد، أو بمنطقةٍ معيّنةٍ من الجسد، فالشّرف هو صفاء القلب، والأخلاق، والضمير، والمبادئ، والموقف. أخيراً، أقول: لا تحمّلوا المرأة مسؤوليّة شرف الرجُل، وشرف العائلة، فلكلّ فردٍ شرفه، وهو مسؤولٌ عنه أمام نفسه، وأمام المجتمع، وأمام الله. (هامش41)

    جدير بالذكر أنّ القانون السوريّ لم يطلق «مصطلح جريمة الشّرف» على جرائم العِرْض، أو القتل غسلاً للعار، إنّما تعارف الناس على هذا المصطلح، وشاع استعماله بين الكتّاب والصحفيّين منذ ثمانينيّات القرن الماضي.

    الفصل الثاني

    معنى الدافع الشّريف للقتل

    عرّفت محكمة النقض «الدافع الشّريف» بأنّه: «عاطفةٌ نفسيّةٌ جامحةٌ تسوق الفاعل إلى ارتكاب جريمته تحت تأثير فكرةٍ مقدّسةٍ لديه». وقالت محكمة النقض في اجتهادٍ آخر: «إنّ الدافع الشّريف هو عاطفةٌ نفسيّةٌ جامحةٌ تدفع صاحبها إلى ارتكاب جريمته تحت تأثير فكرةٍ مقدّسةٍ لديه لا سبيل إلى تجاهلها، وإهمالها، وطرحها، وهي الحفاظ على العِرْض، والذود عنه، ويعدّ الدافع موجوداً لمجرّد وقوع القتل تحت تأثير اعتداء القتيل على عِرْض القاتل، ولا عبرة في ذلك للزمن طال أم قصر».

    تعريف منظّمة «هيومن رايتس ووتش»

    جرائم الشرف: هي أفعالٌ تُرتكب بغرض الانتقام، وهي غالباً جريمة قتلٍ يرتكبها أحد أفراد الأسرة الذكور بمواجهة امرأةٍ من أفراد الأسْرة، بدعوى جلبها العار إلى أسْرتها.

    أمّا الباعث الشّريف، فهو القيمة الاجتماعيّة النبيلة لسلوك الفرد. الباعث الشّريف يعكس المفاهيم الراسخة في وجدان المجتمع، التي تحظى بالاحترام والتقديس، ولا ينطوي مفهوم الباعث الشّريف على مفهومٍ موحّدٍ في المجتمعات كلّها. قالت محكمة النقـض في قرارهـا رقم /408/ أســاس/264/ لعام 1957، ما يلي: (لم يهمل المشرّع ما ينتاب المرء مـن غضبٍ وانفعالٍ نتيجة طيش محارمه وأقاربه، وما يعتريه من ألمٍ نفسيٍّ، لما في ذلك من تأثيرٍ على سمعته وكرامته، فيدفعه ذلك إلى ارتكاب جرائم). و هناك الكثير من التعريفات المشابهة التي تتناول هذه الظاهرة من زوايا مختلفة(هامش 61).

    الفصل الثالث

    مفهوم الشّرف مفهومٌ نسبيّ

    يختلف ضيقاً وانفراجاً بين بيئةٍ وأُخرى

    إنّ مفهوم الشّرف مفهومٌ نسبيّ؛ حيث نرى حالات جرائم شرف ارتُكبت لمجرّد وقوف الفتاة مع شخصٍ غريبٍ، أو محادثته، ونجد جرائم ارتُكبت لمجرّد وقوف فتاةٍ في نافذة البيت، وهناك رجُلٌ قتل زوجته بسبب ذهابها إلى السينما مع صديقتها (وليس مع صديقها!)، بينما قد لا يعدّ ذلك سبباً للقتل في أوساطٍ اجتماعيّةٍ أُخرى. إنّ أكثر أسباب القتل بدافع الشرف شيوعاً هي زواج الفتاة من شخصٍ غريبٍ (من خارج الطائفة) بغير موافقة الأهل، أو ارتكابها الزنا، أو ممارستها الدعارة، أو خروجها على إرادة الأهل، وقد وقفنا على جرائم ارتُكبت لمجرّد رجوع الفتاة في ساعةٍ متأخّرة، أو الحديث مطوّلاً مع بائع المتجر، وهناك فتاة قُتلت في كردستان لمجرّد قيام شابٍّ بإهدائها أغنيةً عبر الإذاعة، وهناك جرائم قتلٍ ارتُكبت لمجرّد اكتشاف علاقة حُبّ، وهناك حالات قتلتْ فيها الأمّ؛ لمنعها من الزواج بعد وفاة الأب (الهامش18).

    في سوريا كثير من النساء قُتلن لأمرٍ لا يتعلّق بالشّرف على الإطلاق، بلْ طمعاً في ميراثهنّ، أو للتغطية على فعلٍ مشينٍ قام به الرجُل، مثلاً: يلجأ الرجُل عندما ينكشف أمر تشغيله لزوجته بالدعارة إلى قتلها بحجّة الدفاع عن الشّرف، أو عندما تتزوّج الفتاة من غير طائفتها، أو حتّى عندما تتزوّج الفتاة خلافاً لرغبة أبيها.(هامش1)

    وذكرت المحامية ميّ عيسى في ندوةٍ قدّمتها في 15-2-2006: تبيّن في إحدى القضايا أنّ (واحداً من أشباه الرجال) كانت زوجته تمارس الدعارة بعلمه ورضاه، وكان يقبض ثمن بيع جسدها، وعندما علم أهلها بالأمر قتلها الزوج بحجّة الدفاع عن الشّرف تخلّصاً منها حتّى لا تقول الحقيقة، فيفتضح أمره، ورجُلٌ آخر قتل أخته بدافع الحفاظ على إرثه الذي يعدّه حقّاً خالصاً له بعيداً عن أخته.

    تقول المحامية الأردنيّة أسماء خضر: استوقفتني بعض القصص المؤثّرة التي تُغتصب فيها الفتاة من قِبل أبيها، أو أخيها، أو ابن عمّها، وعندما تظهر عليها بوادر الحمل تُقتل بحجّة غسل العار والشّرف حتّى لا يفتضح أمر الجاني، وقصص من هذا النوع كانت وراء اهتمامي بهذا الموضوع؛ فمنذ 20 سنة تقريباً، زارتني سيّدةٌ كان قد صدر في ذلك اليوم حكمٌ على زوجها بالسجن لمدّة ستّة أشهر فقط، فطلبت إليّ تزويدها بعنوان مكتبي، وحضرت لزيارتي مباشرةً بعد انتهاء جلسة المحكمة. بدأت تلك المرأة بالبكاء، وقالت: أنا لا أستطيع الاستمرار بالعيش مع ذلك الرجُل (وتقصد زوجها). فسألتها عن سبب إدانة المحكمة لزوجها بالسجن ستّة أشهر، فردّت قائلةً: زوجي قتل ابنتي التي تبلغ من العمر 15 عاماً، فسألتها عن سبب قتل زوجها ابنتهما، فعلمت من الأمّ أنّ ابنتها كانت حاملاً، وغير متزوّجة، فأخذت أهوّنُ على الأمّ بكلامي، وقلت لها: أنت تعرفين أنّ المجتمع لا يقبل بهذا النوع من المسلكيّات. فردّت قائلةً: أنت لا تعرفين حقيقة ما حدث! لقد كانت ابنتي حُبلى من والدها، هو الذي اغتصبها، وعندما أخذت بوادر الحمل تظهر عليها، اتّقاءً للفضيحة، وحتّى يحمي نفسه، قتلها بذريعة غسل العار والشّرف.

    الفصل الرابع

    نماذج من حوادث وقضايا القتل بذريعة الدافع الشّريف

    سأورد فيما يلي نماذج مختلفة لقضايا وجرائم ارتُكبت بذريعة الدافع الشريف، أو غسل العار:

    1 - ضمن دراسةٍ بعنوان: «الجرائم المرتكبة باسْم الشّرف» منشورة في 9-6-2015 للمحامية عليا نظام الدين في موقع جمعيّة النجدة الاجتماعيّة لتنمية المرأة الفلسطينيّة؛ أوردت المحامية بعض النماذج عن الجرائم المرتكبة باسْم الشّرف وذريعة (غسل العار):

    أ- كان الزوج يشكّ بزوجته، وفي أحد الأيّام اتّصل بها من مكان عمله، وأعلمها بأنّه مسافرٌ في مهمّةٍ طارئةٍ، ولن يعود قبل يومين، وفي العاشرة ليلاً من اليوم نفسه حضر الزوج إلى منزله، ليدْهم زوجته وعشيقها في غرفة نومه، فأطلق عليهما النار. توفّيت زوجته على الفور، ونُقل العشيق إلى المستشفى، بينما سلّم الزوج نفسه للشرطة بعد أن اتّصل بحماته، وطلب إليها أن تحضر الطبل والزمر لتزفّ ابنتها في فضيحتها من المستشفى بعد أن فارقت الحياة.

    ب- وفي حادثةٍ أُخرى، عاد الزوج متأخّراً إلى منزله، وعندما دخل غرفة نومه فوجئ بزوجته مع عشيقها، فأقفل عليهما الباب، ثمّ أحضر الجيران وأحد رجال الدين شهوداً، ليطلّق امرأته، ويتزوج بامرأةٍ أُخرى بمنتهى الهدوء والرويّة.

    ج- وفي واقعةٍ ثالثة: أحد الرجال من ذوي السمعة الحسنة، والمركز الاجتماعيّ المرموق، فوجئ بزوجته مع أحد أصدقائه في غرفة نومه، فتمالك أعصابه، وقال مخاطباً زوجته بعد أن هرب العشيق: استري جسدك، وخذي أغراضك، واذهبي إلى بيت أهلك، ولا تعودي إلى بيتي مطلقاً، ولو تدخّل أهل الخير كلّهم، وإن عُدتِ سوف تموتين، وبالفعل، وعلى الرغم من تدخّل الكثيرين، والمساعي التي بُذلت لإصلاح ذات البين، رفضت الزوجة العودة إلى منزل زوجها، ولم يعلم أحدٌ سبب طلاق زوجها لها، لأنّه رفض حتّى مجرّد التشهير بها، إلى أنْ تزوّجت مطلّقته من عشيقها، الذي وجدها ذات يومٍ مع شخصٍ آخر في غرفة نومه! فقتلهما معاً، ولمّا سمع الزوج؛ أي: زوج المغدورة السابق بالجريمة، قال: الحمد لله الذي وهبني نعمة العقل، وأبعد عنّي شرّ الابتلاء بها.

    د- وفي دمشق، أقدم الحدث 17 سنة، على خنق شقيقته بتحريضٍ من شقيقه الأكبر البالغ 23سنة، وذلك بعد أن تغيّبت عن المنزل

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1