Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

طفل 76
طفل 76
طفل 76
Ebook231 pages1 hour

طفل 76

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

خرجت من المطعم ورأسي يدور.
سرت على قدمي على غير هُدى وتمنيت لو أن الحياة تسلك لي طريقًا آخر في مكان لا أحد فيه يحتاج إلى معرفة من أنا، لم أرد الكثير فقط منزل دافئ وأسرة تدفع عني الوحدة التي طالما أحاطت بي من صغري وفقدت أبسط شيء وهو الأسرة والهوية، وها أنا تطعنني الحياة من جديد بعد أن بسطت لي يدها تطلب مني النهوض وإكمال السير، وهذه السيدة التي نظرت لها كأنها جني المِصباح الذي سيحقق لي ما تمنيته وها هي الآن ترقد في التراب وأنا وحدى مجددًا، أشعر أنني أريد الموت الآن.
Languageالعربية
Release dateJun 9, 2024
ISBN9789778694918
طفل 76

Related to طفل 76

Related ebooks

Related categories

Reviews for طفل 76

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    طفل 76 - أنهار الحدودي

    طفل 76

    أنهار الحدودي

    وعندما تستيقظ حاول أن تتذكر ما حلمت به جيدًا ربما حلمت بنصفك الآخر وهو في انتظارك وتذكّر أن بعض الأحلام قد تكون رسالة لك...

    قد تظن أنكَ لا تمتلك أي شيءٍ تفخر به، ولكن تذكر أنَّ هناك من يقضي حياته في البحث عن هوية ولا يجدها بينما أنتَ وُلِدت بواحدة...


    خروج من الدار

    الحادية عشر بتوقيت القاهرة، والشمس في طريقها لتعتلي عرشها في وسط السماء، الجو ليس بحارٍ ولا بارد، لكنني أشعر بأنَّ البرد قادم لا محالة فالشتاء يقترب وسوف يأتي.. لا محالة....

    ويضع القلم من يديه حالمًا، تدخل سيدة خمسينية وتضع أمامه بطاقة شخصية ينظر بها ثم يبتسم، ولكنها لا تبادله الابتسامة وتتركه وتخرج من الغرفة بدون أن تتفوه بأي كلمة فيلتقط تلك البطاقة وينظر بها بتمعنٍ ثم يتركها ويتجه باتجاه المرآة؛ ليظهر بها شاب يافع طويل القامة، ولكن ليس كثيرًا ذو عينين بنية وشعر أسود مع شارب ولحية في طريقها للنمو، عدّل من ملابسه ثم التقط قميص أسود وقام بتبديله ونظر إلى نفسه عدة ثوانٍ، ثم خرج من الغرفة.

    بهو كبير يجمع الكثير من الأطفال الذين توقفوا عن الصياح عندما خرج من الغرفة، فنظر لهم نظرة جعلتهم يتابعون ما يفعلونه ثم سار على غير هدى ليجِد مقعدًا فارغًا فيجلس وينظر إلى السماء التي تتجمع بها الغيوم مؤخرًا، ويتفاجئ بجلوس رجل أربعيني بجانبه ينظر له بحنو، ثم يربت على كتفيه قائلًا: أخر يوم ليك النهارده في الدار معانا يا أشرف، هنوحشك مش كده؟

    استغرق منه الأمر دقيقتين ليرد بوجه بدون تعبيرات مطلقة ولكن بنبرة صوت يعتريها القلق: عرفت النهارده، ماما روحية جابت البطاقة.

    ابتسم له الرجل، ثم قال بعيون دامعة: ابقى طمني عليك في المكان الجديد اللي هتشتغل فيه، بس أوعى تهمل دراستك لازم تكمل يا أشرف دراستك خلاص هانت الدراسة تبدأ وتدخل الكلية يا ابني.

    أومأ برأسه إيجابًا ولم يرد فربت الرجل على كتفيه وتركه وغادر، ليغمض عينيه وكأنه يحاول الانعزال عن العالم والأصوات من حوله...

    وفي اليوم التالي خاصة في محطة القطارات كنت أسير هائمًا على غير هدى، كل ما أعرفه هو عنوان أعطتني إياه (ماما روحية) يبدو أنه مطعم في إحدى المناطق شبه نائية، ولكن لا بأس الذي أردته حدث وها أنا الآن خارج الديار.. خارج الملجأ أخيرًا وفي طريقي لإثبات ذاتي؛ حتى لو لم يكن لدي أسرة لن أنظر إلى هذا مجددًا ولن أفكر في شيءٍ سوى مستقبلي الذي هو بيدي منذ الآن.

    ركبت القطار للمرة الأولى بحياتي يبدو صاخبًا كما قرأت عنه، لكنه ممتع إلى حدٍ ما، وضعت حقيبتي إلى جانبي خوفًا من أن أتعرض للسرقة ونظرت إلى النافذة والقطار يتحرك، كُل شيء يمر ببطء كما مرت تلك السنوات وها أنا في صراع مع هذه الدنيا، أما أنا أو هي وسأكون الفائز مؤكدًا.

    لم تدُم محادثتي الذاتية كثيرًا فسرعان ما أتت سيدة يبدو أنها كانت تائهة تبحث عن مقعدها، ونظرت لي بقلق لعدة ثوانٍ ثم جلست ومازالت تنظر فابتسمت لها بلطف فابتسمت أيضًا، ثم فتحت حقيبتها وأخرجت منها زجاجة ماء وطلبت مني أن أفتحها لها ففعلت ذلك وعُدت للنظر للنافذة من جديد، عيوني تتفحص السماء وتنظر لها بأمل، كدتُ أدخل في سبات عميق لولا أنَّ السيدة أيقظتني بصوتٍ هامس وطلبت مني أن أنتبه إلى حقيبتي من الرجل الذي يجلس بجانبي فشكرتها بهمس حتى لا ينتبه لنا الرجل، ثم ضحكت وسألتني عن اسمى، فأجبتها فردت وهي تضحك بشدة: أشرف!!، ده اسم قديم أوي يا ابني، أهلك ملقوش غيره!

    تغيرت ملامح وجهي فانتبهت لذلك وقبل أن تتحدث مرة أخرى أجبتها بابتسامة مصطنعة: أكيد مش أنا اللي اخترته، فيه حاجات بتتفرض علينا وبنتولد وهي على أكتافنا.

    فردت السيدة وهي تتفحص عيناي: عندك حق، كنت أشعر بالتساؤلات داخلها فعيناها تشرح ذلك، ولكني أسكتها برجوعي مرة أخرى إلى النظر إلى النافذة، فلا أريد المزيد من الشفقة، لا أريد أن يعلم أحد عني أي شيءٍ.

    استقر القطار أخيرًا واندفع الجميع للخروج منه، ولكني ابتسمت ونظرت إليهم وأنا في مجلسي مما جعل أحد الرجال يصيح بي في غضب: ما تنزل يا أخويا بقى، قاعد بتعمل ايه القطر وقف.

    فانتبهتُ له ونهضتُ على الفور وحملت حقيبتي وخرجت من القطار لتقابلني الشمس وهي ترحب بي في عالمي الجديد، فابتسمت من جديد وتمنيت من الله أن يجعلها أعوامًا مليئة بالسعادةِ والرضا والخير وتوجهت لأبحث عن سيارة أجرة توصلني لمنزلي الجديد..

    منزلي الجديد والجامعة

    استقر بي التاكسي أخيرًا عند مدخل أحد الأزقة وأخبرني السائق أنَّ العنوان الذي أقصده يقطن في نهايته، فحملت حقيبتي وسرت ببطءٍ وأنا أتأمل الشارع ورائحة المنازل تعبر عن دفئها، لكن لا أحد في الشارع سِوى طفلين؛ نظرا لي بدهشة ثم وقفت سألتهم عن منزل السيدة زيتون فأشار لي أحدهم على منزل قديم وطلب مني أن أطرقه بشدة؛ لأنها قد تكون نائمة فأومأت برأسي وسرت باتجاه المنزل طرقت الباب بشدة فسمعت صوت سعالها بشدة فأيقنت أنها سمعتني وتنبأت أنها ستكون سيدة سبعينية أو شيء من هذا القبيل؛ لم يخبرني أحد عنها شيئًا، كُل ما أعرفه هي المعلومات في هذه الورقة التي أعطاني إياها الموظف في الملجأ وها أنا ذا أقف على الأعتاب، فتحت السيدة الباب فإذا بها بسيدةٍ حسنة المنظر ليست بكبيرةٍ إطلاقًا ترتدي عباءة سوداء ووشاحًا أسود مطرز، نظرت لي بعدم فهم في بداية الأمر، ولكن قبل أن تتفوه بأي كلمة وضعت حقيبتي الثقيلة أرضًا وأخرجت منها سريعًا جواب الملجأ فالتقطته من يدى ونظرت به جيدًا وهي تضيق حدقة عيناها لا شك أنها تعاني من مشاكل في الرؤية، ولكن لا بأس؛ لقد قرأته أخيرًا عرفت ذلك حين ابتسمت وقالت بمرح: طلبت واحد يساعدني في شغل المطعم بعتولي واحد أخرص.. يلا مش مشكلة.

    فابتسمتُ لها أيضًا، ثم أجبت: اسمي أشرف.

    فضحكت بشدة ثم اعتذرت عن سوء الفهم وطلبت مني أن أتبعها للداخل، كان المنزل لا بأس به صغير، لكن يعم بالدفءِ خاصة في إقبال هذا الشتاء، ووصلنا إلى سطح المنزل ففتحت السيدة غرفة كبيرة بها حمام ونافذة تطل على الشارع وسرير ومرآة ودولاب أيضًا، كانت غرفة جيدة لا بأس بها، ولكنها تحتاج إلى تنظيف، لم أتحدث بأي شيء وهو ما دفع السيدة لتسألني: أنت عارف أنت جيت هنا ليه؟!

    فأجبت بالنفي فمدت يدها لتزيل غطاء إحدى الكراسي وطلبت مني الجلوس فوضعت حقيبتي بحرصٍ وجلست فقالت لي وهي تتابع حركات وجهي: من فترة طلبت حد يساعدني في المطعم بتاعي بس أنا قاعدة لوحدي ومليش حد زي ما أنت شايف، كان ليا صداقة قديمة مع حد عندكم في الملجأ وطلبت منه حد يساعدني في المطعم وفي البيت وأنا هوفرله مسكن وكده، وأنا عرفت إنك هتدخل الكلية السنة دي، أنا معنديش مشكلة، أهم حاجة إنك متقصرش في شغلك وتبقى أمين ويدك مش طويلة، ودي أوضتك نضفها بمعرفتك بقى وأنا هنزل تحت، وأما تخلص ابقى انزل خبط عليا الباب؛ علشان أوريك مكان المطعم والشغل الجديد.

    شعرت بالقلق في داخلي من كلماتها الحادة قليلًا، ولكني تنهدت وأيقنت أنها أقل ما سأجده في هذا العالم الخارجي وأنا لست فتاة لأبكي، فأومأت برأسي لها وتركتني ونزلت.

    نظرت حولي واستنشقت عبير المكان، ثم بدأت في تنظيف المكان تدريجيًا؛ حتى انتهيت أخيرًا وقد آن الغروب ففتحت حقيبتي ووضعت ما بها في دولاب الغرفة، ثم توضأت وصليت وبدلت ملابسي ونزلت للأسفل وطرقت الباب، ولكنها لم ترد فحاولت مرة أخرى فسمعت صوتها من خلف الباب تُخبرني بأن أذهب للنوم الآن وموعدنا في الصباح الباكر فصعدت مرة أخرى إلى مكاني؛ ولكني لم أستطع النوم بالرغم من كوني متعب، فخرجت إلى السطح ونظرت للنجوم كانت غير ظاهرة بسبب اقتراب الشتاء، ثم قطع تفكيري صوت ضحكة فتاة فنظرت في الشارع سريعًا فإذا بها فتاة تقف مع شاب في مثل عمرها تمسك بيديه بشدة ويبادلها النظرات مع الابتسامة من وقتٍ لآخر فظللت أراقبهم؛ حتى غادر الشاب بمجرد سماع صوت آتٍ من أخر الزقاق، وتساءلت عن صفة هذا الشاب حتى يقف معها في مكان مثل هذا، ولكني تذكرت أنه لا داعي لأبحث في أمور لا تخصني.

    ثم فتحت هاتفي ونظرت به على الساعة فوجدتها قد اقتربت من التاسعة فدخلت إلى الغرفة؛ لأن البرودة كادت أن تفتك بجسدي وأغلقت الباب جيدًا خلفي.

    وفي اليوم التالي استيقظت قبيل الفجر وتوضأت فصليت وبدلت ملابسي، ثم نزلت إلى الطابق السفلي عندما شعرت بحركة في الأسفل، وكأنَّ السيدة زيتون قد استيقظت، فنزلت سريعًا وجلست بجانب الباب وعندما فتحت الباب سعلت بشدةٍ فانتبهت لوجودي وسألتني بدهشةٍ: أنت قاعد كده من بدري؟

    فحركت رأسي بالنفي فابتسمت وطلبت مني أن أتبعها للخارج وأغلق الباب خلفي ففعلت ذلك، وتبعتها للسير فسرنا لمدة لا تتعدى الربع ساعة حتى وصلنا إلى بناية تحيط بها السيارات من جميع الجهات، تقطن في منطقة شبه راقية، ثم تقدمت لتقوم بفتح الباب، لكنني سبقتها لأفتحه فابتسمت لي وأعطتني المفتاح وتنحت جانبًا وعندما أضأت الأضواء ظهر المكان عبارة عن مطعم صغير، ولكن لا بأس به من الجمال تتخلله أشعة الشمس وتكثر به أشجار الزينة، يبدو راقيًا من الداخل كثيرًا على عكس خارجه.

    فاندفعت وفتحت النوافذ ثم وجدتها تشير لي بتشغيل الكهرباء حتى تعمل جميع الأجهزة في المكان ففعلت ذلك وبعد الانتهاء جلست استمع إلى التعليمات التي تلقيها عليّ في صمت حتى توقفت عن الحديث وقالت لي بحدةٍ: أنت يا ابني عندك مشكلة في الكلام؟!، أنت ساكت كده ليه رد واتكلم معايا، أمال هتكلم الزباين ازاي؟

    فشعرت بالخجل، ثم نظرت إلى الأرض حيث قدمي وقلت: أنا متعود على الصمت بس إن شاء الله هحاول أغيّر من نفسي.

    فنظرت لي بضيقٍ قليلًا، ثم نظرت إلى ساعة الحائط وقالت: معاك بالظبط ساعتين اعمل فيهم الحاجات اللي قولتلك عليهم وأنا هروح السوق أجيب الطلبات، ومتقلقش شوية وهتلاقي حمو جاي، هو بيشتغل هنا.

    فأومأت برأسي، ثم سرت باتجاه المطبخ وبدأت في إعداد ما أملته عليّ ومرت ساعة ونصف ولم تعُد، ولكني وجدت شاب يكبرني ببضعِ سنوات ملامحه حادة ينظر لي بدهشة وكأنه يريد أن يسألني من أكون، فأسرعت إليه وسألته بلطف: أنت حمو؟!

    فنظر لي بضيق وكأنه فهم من أنا، ثم أجابني وفي نبرته بعض الاحتقار: وأنت الواد بتاع الملجأ.

    فشعرت بالحزن ولكني لم أظهر له شعوري وأجبته بثقة: أيوه أنا، بس اسمي أشرف.

    فنظر لي بعدم اهتمام، ثم دخل ليتابع عمله فاستأنفت عملي وأنا صامت تمامًا، حتى

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1