Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

ما يزالون بيننا
ما يزالون بيننا
ما يزالون بيننا
Ebook168 pages1 hour

ما يزالون بيننا

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

أدركت بعد - سنوات عديدة - أن الخيال والواقع ما هما إلا وجهان لعملة واحدة، تسمى المغامرة، ولا يتم قبول صرفها إلا في مصرف تحدي الحياة، ولا يستطيع أي منا فصل أحدهما عن الآخر!
من منا لا يرغب في نسيان الواقع المرير، واكتشاف عوالم عجيبة وغريبة، تكسبه جرعةً مرتفعة من هرمون الشغف، والمتعة، والفضول؟! ما زلت أحاول أن أغرف بعضاً من بحر الخيال؛ لدمجه مع قليل من الواقع؛ من أجل صناعة لوحات قصصية فريدة من نوعها، وبأسلوبي الخاص الذي أتمنى إيصال أفكاره إلى كل من يهتم بصناعة الأفلام السينمائية، سواء في مصر أم الدنيا، أو هوليوود، أو حتى بوليوود.
Languageالعربية
Release dateJun 9, 2024
ISBN9789778694901
ما يزالون بيننا

Related to ما يزالون بيننا

Related ebooks

Related categories

Reviews for ما يزالون بيننا

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    ما يزالون بيننا - فادي زهران

    ما يزالون بيننا

    من سلسلة غياهب الخيال

    مجموعة قصصيّة

    ما يزالون بيننا

    من سلسلة غياهب الخيال

    فادي زهران


    الإهداء

    إلى مَن كانت بلسمًا شافيًا لجروحِ حياتي، ومشكاة مُضيئة في وسطِ ظلام قلبي.

     إلى من نشرت الهدوء والسلام النفسي في سنواتُ عمري.

    إلى من فنت عمرها في إسعاد قلبي، وتحملت المشاق والآلام من أجلي؛ إليكِ يا أمي، أُهدي هذه المجموعة القصصية يا رائحة الجنة.


    وجبة المعادن

    وبينما كانت المخلوقات تتفنّن في غرز أنيابها ومخالبها في جسد آزاد ضحك سربست.

    لِنقـــــــرأ:

    - لقد أخفتَ قطّي، يا لك من شخصٍ لئيم، بِالمناسبة لم أقصد أن أُؤذيك بل قصدتُ أن أجعلك تتوقّف عن ممارسة هواية التنمّر.

    هذه الجملة التي بدأ بها المشهد الأوّل من هذه القصة، حيث قالها الشّخص الذي أطلق تسع رصاصات باتّجاه أحد المارّة في الطّريق، وتمّ الحكم على ذلك الشّخص بالإعدام شنقًا حتّى الموت، وما هي إلّا ساعات قليلة حتّى يتمّ تنفيذ الحكم، كان الشّخص في زنزانته وقد أغرقت عيناه بِالدّموع عندما قال بِكل حزن:

    - أَيعقَل أن يكون هذا هو العدل؟ ما الذنب الّذي اقترفته حتّى يودون تزيين عُنقي بِحبلٍ غليظ؟ هل هذا جزائي بعدما قمتُ بِإنقاذ قطّي المسكين من تنمّر أحد المارّة الّذي نعتَه بِالمضحك السّمين؟

    وبينما كان هذا الشّخص يرتجف خوفًا ويُفكّر بِلحظة وقوفه أمام المشنقة، سمع صوتًا منخفضًا يقول:

    - تستطيع الخروج بِكل هدوء، ما زال هناك وقت.

    نظر الرّجل حوله فلم يجد أحدًا وظنَّ أنّه يتوهّم، أخذ يسير في الزّنزانة الضّيّقة ولطالما ارتطم وجهه في الجدار؛ بسبب ضعف الإضاءة، وبعدما شعر بِالملل وقف أمام الجدار وبدأ يتأمّله بِكلّ تركيز، وما هي إلّا لحظات حتّى سمع صوت باب الزّنزانة يُفتح بِبطءٍ شديد، انتبه لِلصّوت ولكنّه لم يجرؤ على الالتفات، ظنّ أنّ ساعة الإعدام قد حانت دون أيّ مقدّمات، وبينما كان ينصتُ جيدًا سمع صوت احتكاك عدّة أطباق بِالأرض الجافّة الّتي تفتقر إلى أبسط أنواع الرّخام أو البلاط، وبعدها دقَّ السّمع في همهمة أحدهم حيث قال:

    - التفت أيّها المسجون ولا تخف كفاك هدوءًا وشرودًا، اطمئن ستنعم بِهدوء كثير قريبًا في المقبرة، تفضّل هذه هي وجبتك التي طلبتها، إنّها وجبة طعامك الأخيرة قبل الإعدام، عذرًا لم أقصد السّخريّة لكن مسألة أن يكون لك رغبة في الأكل قبل الموت هي أمر محيّر جدًا؛ مثل الّذي يُلمّع الزّجاج قبل كسره، على العموم تفضّل هذه هي وجبتك، إلى اللّقاء.

    خرج الرّجل الّذي كان يرتدي ملابس عامل توصيل الطّلبات، وقبل أن يُغلق الباب التفت المسجون بِترددٍ شديد وقال:

    - ولكنَّي لم أطلب شيئًا.

    عندها اكتفى العامل بابتسامة خفيفة ثمّ أغلق الباب، نظر المسجون إلى أطباق الطّعام فكانت تحتوي على طبق أرز وعليه حبّات من الخوخ والزّبيب، وطبق آخر يحتوي على حساء اللّوبيا سوداء العين أو اللوبياء كما يسمّيها البعض، حيث بدا عدد حبّات اللوبياء ليس بالكثير في الطّبق، وطبق ثالث يحتوي على عدّة شرائح من اللحم، وعندما شاهد المسجون ذلك شعر بِالدّهشة وقال:

    - يا لهذا المشهد الجميل! يا لهذه الرّائحة الزّكيّة! يا ترى مَن هذا الّذي أراد إهدائي هذه الوجبة الشّهيّة قبل موعد إعدامي؟ هل كان يُحبّني ويُريد إسعادي بِشيءٍ أخير قبل أن أُفارق هذه الدّنيا؟ أم أراد قهري وجعلي أتحسّر على الملذّات الّتي سأتركها وأُغادر هذا الكون؟

    نظر الشّخص المحكوم بِالإعدام نظرةً طويلةً فاحصةً لِتلك الأطباق الّتي أخذ البخار يَخرج منها، وقرّر بعدها أن يتناول الطّعام، وقبل أن يمدّ يده نحوالملعقة سمع صوتًا مبحوحًا يقول:

    - أعرف أنّ اسمك هو آزاد، وهو بِمعنى الحرُّ الطّليق؛ لكنّك الآن مسجون وحبيس هذه الزّنزانة الضّيّقة لِلأسف الشّديد، يا لك من مسكين! أنا أُشفِق عليك، إذا أردتَ أن يسري عليك معنى اسمك اسمح لِذكائك أن يُطلق عنانه، أو استعد لِموتٍ عجيب.

     استمرّ آزاد في النّظر إلى كلّ زاوية في هذه الزّنزانة الضّيّقة لكنّه لم يصل إلى أيّ نتيجة، ثمّ قال:

    - أخشى أنّني الآن بِتُّ تحت تأثير الصّدمة الشّديدة؛ بسبب تبليغي بِقرار الإعدام، ويبدو أنني قد بدأتُ أهذي أو أحلم، يا ترى هل هذا الطّعام موجود بِالفعل؟

     أخذ آزاد يتأمّل في تلك الوجبة ثمّ نادى:

    - أيّها الحارس، أيّها النّاس، فَليُجيبني أحدهم، أنا لم أطلب هذا الطّعام فَمَن الّذي أحضَره؟

     وبعدما أعاد كلامه عدّة مرّات سمع صوت أحدهم من خلف الباب يقول:

    - لا أُريد سماع صوتك أيّها المسجون، حافظ على هدوئك وإلّا جِئتُ لِتسليتك بِأُسلوب لا تحبّه.

    صمتَ آزاد طويلًا ووضع يديه على رأسه وأغمض عينيه، ومن ثمَّ تسلّلت رائحة الطّعام إلى داخل أنفه وبَدَت شهيّةً جدًا، وما هي إلّا لحظات حتّى بدأت معدته في إصدار أصوات تدلّ على الجوع الشّديد، رفع رأسه وأخذ يُفكّر في قطّه ثمّ قال:

    - كيف لي أن آكل وأنت بعيدًا عنّي يا قطّي العزيز؟ أُعذرني يا صديقي، لكنّي مضطرٌّ إلى تناول أيّ شيءٍ؛ كي أبقى في حالةٍ جيّدة إلى حين موعد إعدامي، فالصّحة أهم شيء في هذه الحياة كما يقول الجميع، وينبغي عليّ أن أُحافظ على جسدي قويًّا حتّى أتمكّن من الصّعود إلى منصّة الإعدام بِكلّ ثِقة، وحتى أستطيع بعدها أن أموت وأنا محافظ على قوّة بدني.

    أمسك آزاد بِالملعقة وبدأ يُحرّك حساء اللّوبياء بِهدوء وبات يتأمّل النّقاط السّوداء، قرّب الملعقة من فمه وتردّد قليلًا ثمّ وضعها في فمه، وبينما كان يمضغ اللّوبياء شعرَ بِتَشنّج خفيف في جسده، ولكنّه ابتلع الطّعام ودفعه جوعه الشّديد لتجاهل أيّ شيء قد يشعر به، بدأ بإمساك بِشرائح اللّحم وأخذ يقطع في إحداها بِأسنانه، ثمّ أمسك بِالأخرى وقام بِتقطيعها إلى قطعٍ صغيرة بِشكل طوليّ باستخدام المِلعَقة، ثمّ تناول بعضًا من أجزائها وبدأ يشعر بِثِقل في اللّسان لكنّه قام بِشرب القليل من حساء اللّوبياء؛ فاختفى الثّقل، وبينما كان يمضغ الأرز سمع صوتَ طنين شديد في أرجاء الزّنزانة، لكنّه ظنّه زلزالًا بسيطًا قد أصاب المنطقة، وما أن أمسك بِحبّة الخوخ حتّى سمع أحد الأشخاص يقول:

    - هل هذه الرّائحة الزّكيّة من زنزانتك يا آزاد؟ ليتني كنتُ مكانك عندها سأقوم بالتهام الطّعام كلّه دون أن أترك نقطةً واحدة.

    أخذ آزاد ينادي ويقول:

    - مَن؟ مَن هذا الّذي يتحدّث؟

    لكنّ لم يردّ أيّ أحد عليه، وبينما كان يمضغ الطّعام خطر على باله ذلك الشّخص الّذي قتله فقال:

    - يا ترى هل مات ذلك الشّخص فورًا بعدما أطلقت عليه الرّصاصات التّسعة؟ أم أنَّه قاوم قليلًا لِلعيش قبل أن يُفارق هذا الكون؟ المشكلة أنّني لم أعرف ما

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1