Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

لماذا لا أنتمي للوهابية؟
لماذا لا أنتمي للوهابية؟
لماذا لا أنتمي للوهابية؟
Ebook371 pages2 hours

لماذا لا أنتمي للوهابية؟

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

الحركة الوهابية تستقطب أعدادًا من المسلمين، يغلب عليهم عدم الإلمام بالعلوم بصفة عامة، ويظنون أنهم أقوم طريقًا من غيرهم، إلى حد أنهم لا يترددون في استعمال العنف ضده، لعدم اتباعه طريقهم.
فأين هم من ذلك؟
في هذا الكتاب سبر غورهم ومعرفة حقيقتهم، منذ نشأتهم. تجعل المسلم على قناعة بعدم الانتماء إليهم.
Languageالعربية
Release dateJun 9, 2024
ISBN9789778987102
لماذا لا أنتمي للوهابية؟

Related to لماذا لا أنتمي للوهابية؟

Related ebooks

Related categories

Reviews for لماذا لا أنتمي للوهابية؟

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    لماذا لا أنتمي للوهابية؟ - محمد أبو حجازي

    بداية الدعوة الوهابية

     انطلقت الدعوة الوهابية من نجد على يد مؤسسها محمد بن عبد الوهاب بن علي بن سليمان الذي وُلد عام 1111 / 1703 وتوفي عام 1206 الموافق لعام 1791 وربما كانت ولادته ووفاته قبل هذا أو بعده بقليل، فقد اختلفت المصادر في هذا.

     وقد بدأ دعوته عام 1143 واشتهر أمرُها وانتشر خبرُها بعد وفاة أبيه، عام 1153 / 1745 فلم يعد يخشى الصدام مع أحد.

     وكان قد تلقى تعليمه على كثير من علماء مكة والمدينة، فقرأ على أبيه فقه الإمام أحمد، وتقول المصادر إنه كان في صغره [1]  كثير المطالعة لكتب التفسير، والحديث، والعقائد، وصار ينكر على أهل نجد كثيرًا من الأمور.

     وإضافة لما ذكر من الكتب يذكر أحد المصادر [2]  أنه كان في أول أمره مولعًا بمطالعة اخبار مُدَّعي النبوة، كمسيلمة، وسجاح، والأسود العنسي، وطليحة الأسدي، وأمثالهم، وهذا الخلط بين الكتب أسفر عن تناقضه في حياته.

     وبعض شيوخه ظنَّوا به الضلال والإضلال، إذ كانت تُصدر عنه شطحاتٍ مثيرة للانتباه، منذ أن كان أبوه على قيد الحياة، غير أنه لم يظهرها في تلك الفترة بالقدر الكافي.

     وتنقل بين عدد من الأمصار [3]  فرحل إلى نجد، ثم إلى البصرة، يريد الشام فلما ورد البصرة أقام فيها مدة، ثم عاد لبلده.

     ولما تُوفي أبوه بدأ يجهر بدعوته إلى دين جديد لا يعرفه من تقدمه من العلماء قاطبة، طيلة قرون عديدة، ومع أن هذا قد يبدو غريبًا، لكنه هو الواقع الذي صرَّح به محمد بن عبد الوهاب نفسه، كما جاء في رسالته إلى أهل الرياض ومنفوحة، ونصها كما يلي [4] : وأنا أخبركم عن نفسي، والله الذي لا إله إلا هو، لقد طلبت العلم، وأعتقدَ من عرفني أن لي معرفة، وأنا ذلك الوقت لا أعرف معنى لا إله إلا الله! ولا أعرف دين الإسلام قبل هذا الخير الذي مَنَّ الله به وكذلك مشايخي، ما منهم رجل عرف ذلك! فمن زعَمَ من علماء العارض [5]  أنه عرف معنى لا اله إلا الله أو عرف معنى الإسلام

    قبل هذا الوقت، أو زعم عن مشايخه أن أحدًا عرف ذلك، فقد كذب وافترى ولبّسَ على الناس، ومدح نفسه بما ليس فيه إلخ".

     تأمل قوله: وأنا ذلك الوقت لا أعرف معنى لا إله إلا الله! ولا أعرف دين الإسلام، قبل هذا الخير الذي مَنَّ الله به وكذلك مشايخي ما منهم رجل عرف ذلك. وقوله: أو زعم عن مشايخه أن أحدًا عرف ذلك فقد كذب وافترى. أليس صريحًا في أنه جاء بدين لم يعرفه أحد قبله؟ وهنا سؤال، هو كيف عرف أن هذا هو الدين الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم-؟

     ونجد أيضًا فيما كتبه العلامة محمد باسم دهمان في حوار مختصر بين ابن عبد الوهاب ورجل مخالف له في دعوته ما يؤيد هذا فقد قال الرجل [6] : هذا الدين الذي جئت به متصل أم منفصل؟ فقال له: حتى مشايخي ومشايخهم إلى ستمائة سنة كلهم مشركون، فقال له الرجل: إذن دينك منفصل لا متصل فعَمّن أخذته؟ فقال: وَحْيُ إلهام، كالخضر، فقال له: إذن ليس ذلك محصورًا فيك، كل واحد يمكنه أن يدّعي وَحْيَ الإلهام الذي تدّعيه.

     انطلق ابن عبد الوهاب بعد وفاة أبيه يدعو الناس إلى عدم الإشراك بالله سبحانه، فلقيت دعوته صدودًا ورفضًا من أهل نجد والحجاز وما جاورهما، فلا يوجد بينهم الشرك الذي في عقل ابن عبد الوهاب المريض، فاتجه إلى الدهماء، وشيوخ البدو، فاتبعه الأميون وأشباه الأميين، وعلى رأس أولئك البدو: محمد بن سعود.

    بين ابن سعود وابن عبد الوهاب

    بعد وفاة الشيخ عبد الوهاب بدأ ابنه محمد في طرح أفكاره في الحجاز وما حولها، ولما كان في حاجة لمن يقاتل معه في شبه الجزيرة العربيَّة لأنهم لم يتبعوه فهم كفار، أخذ يتنقل بين بلدات عديدة، كالعيينة وحريملاء وغيرهما، وصولا إلى الدرعية، التي اتفق فيها مع شيخ قبيلة جاهل أمي هناك، ليس له نفوذ، هو محمد بن سعود (مؤسس الدولة السعودية الأولى) اتفق معه على الدعوة، لما يرى ابن عبد الوهاب أنه هو الدين الذي اصطفاه رب العالمين.

    وابن سعود لم يكن له نفوذ في بلده، حتى إنه نزل في حماية وجوار امرأة هناك، ووفقا لما جاء في بعض المصادر، فإن اسم المرأة التي نزل في حمايتها الجوهرة بنت عبد الله بن محمد [7]  هي الجوهرة بنت محمد بن حمد، بن... وهي التي لم ينزل محمد بن سعود بن محمد بن مقرن إلا في أمَانِها ولم تذكر المصادر أنه قرأ القرآن ولا غير القرآن، ولا أنه تلقَّى العلم على مشايخ بلده ولا غير بلده، فهو أمي من الأميين الذين يسهل على العالم قيادهم في أي اتجاه يريد، إن علماء الأحياء والقبائل رفضوا كلامه واتبعه أميون لا يكادون يفقهون قولًا، وحين وجد أهل الدرعية مشركين حسب زعمه! علمهم ما يريد، ولم يعاملهم كما عامل غيرهم من القبائل [8]  ولمَّا استوطن الشيخ الدرعية وكان أهلُها في غاية الجهالة، ورأى ما وقعوا فيه من الشرك الأكبر والأصغر، والتهاون بالصلاة، والزكاة، ورفض شعائر الإسلام، جعل يتخوَّلهم بالتعليم والموعظة الحسنة ويفهمهم معنى لا إله إلا الله، ويشرح لهم معنى الألوهية...

    وبحكم أنهم أميون لم يكن أمامهم إلا اتباعه، وظنوا أنهم صاروا هداة مهتدين، واندفعوا يقاتلون بشراسة ويكفِّرون كل من لا ينقاد لآراء ابن عبد الوهاب، ولو كان أكثر منه علمًا!!

    فرقهم القتالية، اسمها ومصيرها:

    تلك الأعمال القتالية المتوحشة قام بها دعاة الدين الجديد، فحين قرر ابن عبد الوهاب نشر أفكاره بالقوة في شبه الجزيرة العربية اتفق مع ابن سعود على إنشاء قوة تنشر هذا الفهم المشوه للدين بالقوة والعنف إذا عجزوا عن نشره سلما، وقد اتخذت هذه القوة اسمًا خاصًا بها هو إخوان من أطاع الله واستقدموا من يريد الانضمام لها من بدو القبائل فيما أطلق عليها اسم الهُجَرَ وهي كلمة مستوحاة (حسب مضاوي الرشيد) [9]  من هجرة النبي الأولى من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وكان مقرُهم في منطقة الأرطاوية التابعة لقبيلة مطير عام 1912 وقاد الفرقة عبد الكريم المغربي، ثم تسلم بعد ذلك قيادتها فيصل الدويش زعيم قبيلة مطير، ولعبوا دورًا مهما في توطيد سلطة الملك عبد العزيز، وكانت ذراعه العسكري لمقاتلة كل قبيلة أو حي من الأحياء في شيه الجزيرة العربية، إذا لم يقبل دعوتهم، ثم صاروا يعرفون بالمطاوعة.

    تفكك ائتلاف ابن سعود وميليشياته

    بدأ التوتر بين بن سعود والإخوان على أثر مؤتمر الأرطاوية عام 1926 الذي اجتمعت فيه قبائل الإخوان ضده، منكرين عليه تنصيب نفسه ملكًا، لأن الإسلام يحرم الملكية!! واستخدام [10]  السيارة، والتلغراف، والتلفون، لأنها من أعمال السحر! ألا أن القشة التي قصمت ظهر البعير تدخلهم في سياسته للانفتاح على الغرب، فكان يسعى لإقامة دولة لها تحالفات دولية وعارض الوهابيين اتفاقيته مع شركة سوكال، من غير المسلمين، وغير ذلك، فدبَّ الخلاف بينهم رغم استجابته لبعض مطالبهم، كهدم ما نصب على القبور في البقيع في المدينة المنورة.


    بداية المواجهة المسلحة بين الفريقين:

    كأي مجموعة اجتمعت على معصية الله، لا بُدَّ من اختلاف بينها، قد يصل إلى حد الاقتتال بينهم، وهو ما حدث بين تلك المليشيا وبين من هو في أعلى هرم السلطة في البلاد، ففي 27 مارس عام 1927 واجه عبد العزيز جناح الوهابية العسكري في معركة السبلة فهزمهم وسجن قائدهم سلطان بن بجاد، لكنه كان يخشى تأثيرهم الفكري، لذلك وظفهم في أجهزة الدولة على شكل (مطاوعة) وهي اللبنة الأولى لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هناك، بمرسوم ملكي صدر العام 1930 الأمر الذي مكنه من احتوائهم فتره طويلة [11] .

    مما تقدم اتضح أن أولئك التكفيريين لم يتوفر لهم قبول عام من المسلمين، كما لم يكن ابن سعود يشعر بارتياح منهم، لأنهم يريدون أن يتحكموا في سياسته، وقام بتصفيتهم.

    وكانت طموحاتهم نشر إسلامهم خارج بلادهم، كونه هو الدين الحق الذي يجب نشره في العالم واقتربوا من الكويت التي كانوا يسمونها مدينة الخطأ يا والآثام، فاشتبكوا مع القوات هناك في معركة الجهراء [12]  في العاشر من أكتوبر عام 1920 وأرسلت بريطانيا قوارب بحرية وطيرانا حربيًا لتأكيد حمايتها للكويت، ما أسفر عن انتهاء الحرب وانتهاء دورهم.

    وهابية لا سلفية.

    أمَّا أنها وهابية، فلأن مؤسسها هو ابن عبد الوهاب، وأمَّا أنها ليست سلفية، فلأنه ليس لهؤلاء سلف صالح.

     أنصار الوهابية اليوم يرفضون تسميتهم بهذه التسمية، مع أنها هي الأنسب لهم، وكانت معروفة منذ ظهور الفرقة، فكما يقال مثلًا عن أتباع الإمام مالك مالكية، وعن أتباع الإمام الشافعي شافعية، يقال عن هؤلاء وهَّابية، وأوائلهم لم يروا بهذا بأسًا.

    وإذا كان المتقدمون لا يرونَ هذه التسمية عيبا، فإن المتأخرين يرون فيها سُبّة لهم، وفي إطار تضليل القرَّاء في هذا الخصوص يزعم بعضهم أنها اسم لفرقة من فرق الخوارج، ظهرت في شمال أفريقيا، أعملت السيف في رقاب المسلمين واقترفت الفظائع هناك، إلا أن الوقائع تثبت تسمية الفرقة الوهابية النجدية بهذا الاسم منذ ظهورها هناك، وهو أمر لا يتعارض مع تسمية تلك الفرقة الخارجية بهذا الاسم هي الأخرى.

    ويرى البعض ومنهم السيد الآلوسي أن هذه التسمية خاطئة، فيقول [13] : "وخصومهم يسمون أتباعه الوهابية، وهذه النسبة ليست بصحيحة، والنسبة في الحقيقة إنما هي للشيخ محمد: وقوله هو وغيره [14]  أن الصواب أن يُقال محمدية، لأن اسم مؤسسها محمد خطأ ، والجواب أن نسبتها لجد المؤسس صحيحة، إننا نقول المذهب الحنبلي نسبة إلى حنبل، وهو جد الإمام أحمد، فهو أحمد بن محمد بن حنبل، وهو دليل على صحة تسمية الفرقة بالوهابية، والإمام الشافعي صاحب المذهب هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع.

    وكان جيل الوهابية الأول يتقبله، ويراه معبّرًا عن جماعة تدعو إلى التوحيد، أما بعضهم اليوم فلا يقبلونه، ويرونه من كيد أعدائهم، ومن الغربيين عامة، وتحديدًا بريطانيا!

    من هؤلاء إبراهيم الماجد، قال في بحث له [15] : لا شك أننا إذا استنطقنا التاريخَ أخبرنا أن ما يُسمَّى بـ(الوهابية) هو مصطلح أطلقه ابتداءً الإنجليز ثم أعداء الحركة الإصلاحية التي قادها الشيخ المصلح محمد بن عبد الوهاب في نجد!.

     ومنهم أحمد الحصين قال [16] : أطلقوا (يعني أعداء الوهابية) على دعوة الإمام اسم الوهابية وأحاطوها بكل شر، وجعلوها علما على الجمود والهمجية، واخترعوا لها الأكاذيب، وألصقوا بها التهم. ثم نسب لعدد من علمائهم هذا الرأي، فنقل عن الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ قوله إن لقب الوهابية لقب لم يختره أتباع الدعوة لأنفسهم، ولم يقبلوا إطلاقه عليهم لكنه أطلق من قبل خصومهم، تنفيرا للناس منهم وإيهاما للسامع أنهم جاءوا بمذهب خاص، يخالف المذاهب الإسلامية الأربعة الكبرى، واللقب الذي يرضونه ويتسمون به هو السلفيون ودعوتهم الدعوة السلفية.

    ونسب للشيخ عبد العزيز بن باز قوله [17] : نسبة للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهي نسبة على القياس العربي هكذا، فلقد كان الصحيح أن يقال: المحمدية أي أن صاحب هذه الدعوة والقائم بها هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب، لا أبوه عبد الوهاب، ومن أعجب العجب أنك لا تجد لهذا اللقب أثرًا بنجد، بل يستنكر النجديون هذا اللقب لمن يخاطبهم به أو ينسبهم إليه وهذا يدلك على أن التسمية جاءت من الخارج، من خصوم الدعوة.

    يقول الباحث: إن القول بأن خصومهم هم من أطلق هذا الاسم غير صحيح، فهو صادر عن علمائهم، وأوائلهم لم يروا بإطلاقها بأسًا، يقول السيد عثمان النابلسي [18] : الوهابيون والنجديون أشهر الأسماء للحركة التي أسسها الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نجد، واشتهر هذان الاسمان على لسان الوهابيين أنفسهم، وعلى لسان مخالفيهم، إذ كانت حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تسمى بالحركة الوهابية، أو النجدية، عند الموافقين والمفارقين، ولم يكن الوهابية يعتبرون تسميتهم بهذا الاسم أو باسم النجديين لمزًا أو سُبّة، إلا أن المتأخرين من الوهابيين فضلوا اسم السلفية واعتبروا أن تسميتهم بالوهابية كانت من قبل خصومهم فحسب. ثم قال [19]  :وقد بحثت في كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (وهو عبارة عن رسائل ومؤلفات مؤسسي تلك الحركة) فلم أجد أحدًا منهم أطلق على حركتهم اسم الدعوة السلفية، أو الحركة السلفية، ولم يطلق أحد منهم اسم السلفيين على أتباع تلك الدعوة. وقال أيضًا: أما دعوى الوهابية أن هذا الاسم قد أطلقه عليهم خصومهم فأمر عجيب، فقد جاء في الدرر السنية في الأجوبة النجدية (1/566) في رسالة الشيخ محمد بن عبد اللطيف إلى أهل اليمن وغيرهم في بيان عقيدة أهل نجد قوله: وصار بعض الناس يسمع بنا معاشر الوهابية، ولا يعرف حقيقة ما نحن عليه، وينسب إلينا، ويضيف إلى ديننا ما لا ندعو إليه".

    وذكر أمثلة كثيرة تؤكد ما قاله، إنَّ هذا التحقيق يدحض ما قاله بعض علمائهم أن أعداء الحركة هم من أطلق هذا الاسم عليهم، ذلك أن أوائلهم لم يعرفوا اسم السلفية أبدًا، والاسم المنتشر بينهم عند ظهور الحركة هو الوهابية والنجدية، وليس السلفية، كما زعم هؤلاء.

    وأورد السيد النابلسي [20]  ما يؤكد ما تقدم فقال: وقد وجدت فتوى للشيخ ابن باز على شبكة المعلومات، تجيب عن سؤال نصه ما يلي: فضيلة الشيخ يسمي بعض الناس عندنا العلماء بالمملكة العربية السعودية بالوهابية فهل ترضون بهذه التسمية؟ وما هو الرد على من يسميكم بهذا الاسم؟ فجاء في جوابه: هذا لقبٌ مشهور لعلماء نجد، ينسبونهم إلى الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب (رحمة الله عليه)، وصار أتباعه ومن دعا بدعوته، ونشأ على هذه الدعوة في نجد يسمى (بالوهابي) وكان هذا اللقب علمًا لكل من دعا إلى توحيد الله، ونهى عن الشرك وعن التعلق بأهل القبور، أو التعلُّق بالأشجار والأحجار، وأمر بالإخلاص لله وحده، يسمى وهابيًا فهو لقب شريف عظيم يدل على أن من لقب به فهو شريف عظيم. ما قاله السيدان الماجد والحصين وغيرهم، هو من باب الدفاع عن الحركة، وتلميع صورتها الشوهاء.

    وأما دعوتها للتوحيد ونبذ الشرك فهو في غير محله، فالذي يدعون إليه توحيد غير التوحيد الذي يدين به المسلمون، وما يحدث من أخطاء العامة لا يعالج بتكفيرهم بل بتعليمهم.

    تسميتهم سلفية خطأ.

    يرى بعض الباحثين أن تسميتهم سلفية خطأ علمي، ومنهم السيد حسن علي السقاف [21]  فأوضح أن السلف ليس لهم مذهب محدد معروف ليصح أن يقال مذهب السلف أو فهم السلف أو يجب فهم الأمور بفهم السلف، وهذا حق، فلا يوجد مذهب معلوم للسلف في العقيدة.

    إن السلف كل من تقدمنا، ومنهم الصالحون ومنهم دون ذلك، فأما السلف الصالح فهم محصورون في القرون الثلاثة الأولى، وهي: عصر الصحابة (رضي الله عنهم)، وعصر التابعين، وعصر تابعي التابعين، لما رواه الترمذي عن عمر (رضي الله عنه) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال [22] : خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم؛ ثم يفشو الكذب، حتى يشهد الرجل ولا يستشهد، ويحلف الرجل ولا يستحلف.

    وعليه، فمن جاء بعد القرون المذكورة، بما فيه زمن ابن تيمية إلى الآن هم سلف لمن بعدهم ولكن لا يصدق عليهم أنهم من السلف الصالح، بل متفاوتون في الصلاح والفساد، بنص هذا الحديث الذي توافقت معه الأوضاع الاجتماعية والدينية لأمتنا، فالمسلمون في تلك القرون حدثت من بعضهم بسبب الصراع على الحكم فواجع لا يتوقعها المسلم في اليقظة ولا يراها في المنام، من قتل وسلب وانتهاك أعراض، وانتشار فرق ضالة، وجدت بيئة خصبة بين أوائلنا فآتت أكلها ثمارًا مرة تجرعها الجميع المسلم تقريبًا، وغص بها المكلومون عدة عقود.

    وقد تحدَّث من صنف في التاريخ والفرق في تراثنا عن الفرق والمذاهب التي ظهرت في مختلف البقاع أيام السلف، ولم يأتوا على ذكر فرقة أو جماعة عرفت بأنها سلفية تتبع إمامًا محددًا ظهر في بلدة كذا، وانتشر رأيه في زمن أحد الخلفاء، ما يعني عدم وجودها، فلا يغرنك ما يروجون له من أن الدعوة (سلفية) نسبة للسلف الصالح الذي يتبعونه ويسيرون في دربه فهذا تمويه وتضليل وبعضهم له كلام يغري القارئ والسامع، يصرح فيه باتباعه السلف، والأمر (حقيقة) ليس كما يدعيه في الظاهر، وهو إنما يتبع ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وغيرهم فقط.

    إنه لا يمكن حصر أتباع السلف في رأي فريق واحد، ذلك أن السلف هم: من تقدمنا، وكل فرقة من فرق اليوم لها سلف ترى أنه صالحٌ، ولو خالفها غيرها، فالشيعة يرون أنهم على خطى سلف أئمة مدرستهم الأولين الصالحين، وكل فرقة لها سلف تتبعه تراه صالحًا، ولا يعنيها وافقها غيرها أو لم يوافها، لهذا فلا بد من تمييز كل جماعة باسم خاص، والانتساب للسلف تمييع للحقيقية، وتضييع لها، ولا يمُت للأسس العلمية بصلة.

    والوهابيون حين يريدون تحديد معنى المذهب الذي يدعون إليه (المذهب السلفي) لا يرجعون ما يرددونه من آراء لعدد كبير من السلف، فإما أن يذكروا عددًا قليلًا أو لا يذكرون أحدًا قط، بل يستعملون عبارات عامة فضفاضة، كقول أحمد الحصين [23]

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1