إدوارد سعيد: المثقف الراديكالي

By د.رسول محمد رسول

لا أحد من المثقّفين العرب في القرن العشرين وَضع المثقّف في عين النقد مثلما فعل إدوارد سعيد في كتابه (تمثيلات المثقّف) وعلى نحو عالمي بحيث ينطبق في أحيان غالبة على كل أحوال المثقّف الحديث في العالم.عاش سعيد عمره مثقفاً راديكالياً يرفض الظلم، ومنه ما وقع على أنطولوجيته الفلسطينية، وعاش حياةً يكافح الظلم أينما حلّ، هو الذي عرفناه مترحِّلاً في منافيه في الشرق والغرب حتى وفاته.لكن سعيداً ما ترك حياته في هباء منثور؛ إذ كتب باكراً من عمره وبقي يواصل الكتابة الضديَّة حتى النفس الأخير، أقول "الكتابة الضديَّة" وعلى نحو جذري وهي من سمات المثقّف الراديكالي من دون احتفاء ساذج بالكتابة ليس لأجل ذاتها إنما من أجل قضية الإنسان مسلوب الوطن، لكن سعيداً لم يكن يوماً مسلوب الإرادة، وهذه سمة ثانية من سمات المثقّف الراديكالي اليساري مقارنة بالراديكاليين اليمينيين المحافظين كما نفهم صعودهم أواخر القرن العشرين.وهكذا لم يفهم سعيد المنفى كبؤرة مكانيَّة تحميه من سهام الغير وهو الذي اخترق أنطولوجية الغير منذ البداية عندما جعل من "الآخر" موضع تأمُّل؛ بل جعله موضع كل تأمُّلاته في كُل ما كتب مدفوعاً برؤية راديكالية، غير عدائية، فبدلاً من العداء الفارغ للآخر استثمر سعيد هذه الموضوعة استثماراً ناجحاً لقول الحقيقة، وهذه سمة أخرى من سمات المثقّف الراديكالي.فصول الكتاب تكشف عن بعض سمات هذا الكاتب المتفرد وتحاول الذهاب بعيداً في تأمل ظاهرته وتحليل جوانب جديدة من مشغله المؤثر.

• Language: العربية
• Publisher: Dar Alrafidain
• Release date: Jun 10, 2024
• ISBN: 9789922634845

Book preview

إدوارد سعيد

المثقّف الراديكالي

د. رسول محمد رسول

Edward Said .. The Radical Intellectual

By Dr. Rasool M rasool

الطبعة الأولى: أبريل ــ نيسان، 2021 (1000 نسخة)

Copyrights@Dar Al-Rafidain2021

_____________________________________________________________________________________

(C) جميع حقوق الطبع محفوظة / All Rights Reserved

حقوق النشر تعزز الإبداع، تشجع الطروحات المتنوعة والمختلفة، تطلق حرية التعبير، وتخلق ثقافةً نابضةً بالحياة. شكراً جزيلاً لك لشرائك نسخةً أصليةً من هذا الكتاب ولاحترامك حقوق النشر من خلال امتناعك عن إعادة إنتاجه أو نسخه أو تصويره أو توزيعه أو أيٍّ من أجزائه بأي شكلٍ من الأشكال دون إذن. أنت تدعم الكتّاب والمترجمين وتسمح للرافدين أن تستمرّ برفد جميع القراء بالكتب.

الفهرس

تقديم:المثقّف الراديكالي 7

المثقف والمنفى 11

تجربة الناقد الثقافي 29

الطليعيّة النقديّة 35

المكبوت التديُّني 43

ما هي الأنسنيّة؟ 49

كانت حياة إدوارد سعيد سياقاً حيوياً جداً لعمله بين التاريخ العام والتاريخ الفردي

(تيري إيغلتون)

تقديم

The Radical Intellectual

المثقّف الراديكالي

لا أحد من المثقّفين العرب في القرن العشرين وَضع المثقّف في عين الاستقراء والتأمُّل والنقد مثلما فعل إدوارد سعيد (1933 ــ 2003) في محاضراته الصوتية بالأصل وتالياً كتابه صور أو (تمثيلات المثقّف) وعلى نحو عالمي بحيث ينطبق في أحيان غالبة على كل أحوال المثقّف الحديث والمعاصر في العالم بشتى أصقاعه، ومن ضمنها العالم العربي والإسلامي.

عاش إدوارد سعيد عمره مثقفاً راديكالياً يرفض الظلم بكل أشكاله ومنه ما وقع على أنطولوجيته العربية ــ الفلسطينية، وعاش حياةً يكافح بها الظلم أينما حلّ وهو الإنسان الذي عرفناه مترحِّلاً في منافيه بأصقاع العالم في الشرق والغرب حتى وفاته في أمريكا ودفن رفاته في لبنان سنة 2003.

لكن سعيداً ما ترك حياته في هباء منثور؛ إذ كتب باكراً من عمره وبقي يواصل الكتابة الضديَّة حتى النفس الأخير من حياته الدنيوية، أقول «الكتابة الضديَّة» وعلى نحو جذري وهي من سمات المثقّف الراديكالي من دون احتفاء ساذج بالكتابة ليس لأجل ذاتها إنما من أجل قضية الإنسان مسلوب الوطن، لكن سعيداً لم يكن يوماً مسلوب الإرادة، وهذه سمة ثانية من سمات المثقّف الراديكالي اليساري مقارنة بالراديكاليين اليمينيين المحافظين (Neo - conservatism) كما نفهم صعودهم خلال وأواخر القرن العشرين.

وهكذا لم يفهم إدوارد سعيد المنفى كبؤرة مكانيَّة تحميه من سهام الغير وهو الذي اخترق أنطولوجية الغير منذ البداية عندما جعل من «الآخر» موضع تأمُّل؛ بل جعله موضع كل تأمُّلاته في كُل ما كتب وألّف ونشر مدفوعاً برؤية راديكالية (Radical vision) (أو جذرية) غير عدائية، فبدلاً من العداء الساذج أو الفارغ غير المُجدي للآخر أو الغير استثمر سعيد هذه الموضوعة استثماراً ناجحاً مُجدياً لقول الحقيقة الفصل فيما عاش ونظر وتأمَّل وتحدّث وكتب فيه، وهذه سمة أخرى من سمات المثقّف الراديكالي.

ربما بدا إدوار سعيد ناقداً أدبياً كونه اشتغل، أول ما اشتغل، على أدب كاتب روائي هو جوزيف كونراد حتى راح يُمعن في أعمال الروائية، فعل ذلك عندما كان يدرس في الولايات المتحدة، ويومها لم يكن يشعر