Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

ارتيابات الوقت الراهن: 1923
ارتيابات الوقت الراهن: 1923
ارتيابات الوقت الراهن: 1923
Ebook239 pages1 hour

ارتيابات الوقت الراهن: 1923

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

الحقّ أنّ الكاتب يستشرف ملامح حقبة جديدة بالتّمام. ولهذه الغاية، لم يكتفِ بمعالجة الأطر السياسيّة والاقتصاديّة والسيكولوجيّة، كما كان دأبه في الكتب السّابقة، بل عمد كذلك، إلى حَشْدِ جملةٍ من المفاهيم الفلسفيّة، والأفكار العلميّة، في محاولة منه لتقصّي المسألة العالميّة بعامّة، والأوروبيّة بخاصّة، من كافّة جوانبها. من هذا المنطلق، نظر غوستاف لو بون إلى التّحالفات القائمة نظرة نقديّة، ودرسَ بنية الثّورات دراسة موضوعيّة دقيقة وشاملة، وتبيَّنَ تغيّر ذهنيّة الحكّام، ناهيك بتطرّقه إلى الدمار الذي تسبّبت فيه الحرب على المستويين الماديّ والفكريّ، وسبل مواجهة الخراب الذي خلَّفته.
Languageالعربية
Release dateJun 10, 2024
ISBN9789922643892
ارتيابات الوقت الراهن: 1923

Read more from غوستاف لوبون

Related to ارتيابات الوقت الراهن

Related ebooks

Related categories

Reviews for ارتيابات الوقت الراهن

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    ارتيابات الوقت الراهن - غوستاف لوبون

    غوستاف لو بون

    ترجمة

    د. باسل الزّين

    تقديم

    لا نُغالي إذا قلنا بأنّ هذا الكتاب يُمثِّلُ مرحلةَ تحوّلٍ مفصليّة في كتابات لو بون. بعبارةٍ أوضح، لم يُبادر كاتبنا في كتاباته السّابقة إلى التّكثيف والإيجاز إلّا في مواضعَ بعينها. بيد أنّه عمَدَ في كتابه هذا إلى تقديم خلاصاته الفكريّة الاستشرافيّة، وتأمّلاته القَصِيّة في شكل شَذَراتٍ مكثّفة، وعباراتٍ موجزة.

    الحقّ أنّ الكتابة الشّذريّة، التي تعود جذورها إلى نيتشه، كتابة متألّقة واستنزافيّة في آنٍ معًا. فمن جهة تحشد أكبر قَدْرٍ من الأفكار والمفاهيم في أقلّ قدرٍ من الكلمات والصِّيَغ التّعبيريّة، ومن جهة أخرى تستنزف طاقةَ القارئ أو المُتَلقي، من حيثُ تطلُّبُها تمعّنًا كبيرًا، وتبصّرًا عميقًا، وتحليلًا هادئًا، وتأمّلًا رصينًا.

    والحال أنّ أيّ محاولة لاختزال هذا الكتاب في جملةِ خلاصات عمليّةُ تجنٍّ وسَلبٍ لغزارة مضامينه، وسَعَة أفكاره، وارتياباتِ اسْتِشرافه.

    لكن أوّل ما يتبادر إلى الذّهن: لماذا ارتيابات الوقت الرّاهن؟

    الحقّ أنّ الكاتب يستشرف ملامحَ حقبةٍ جديدة بالتّمام. ولهذه الغاية، لم يكتفِ بمعالجة الأُطُر السياسيّة والاقتصاديّة والسيكولوجيّة، كما كان دَأْبه في الكتب السّابقة، بل عمد كذلك إلى حشد جملة من المفاهيم الفلسفيّة، والأفكار العلميّة، في محاولة منه لتقصّي المسألة العالميّة بعامّة، والأوروبيّة بخاصّة، من جوانبها كافة.

    بهذا المعنى، يُمكننا أن نوجِزَ بعضًا من هذه المضامين في النّقاط الستّ الآتية:

    1 ــ النّظر إلى التّحالفات:

    لا يُمكن النّظر إلى التّحالفات التي أُرسيَت في الحرب العالميّة الأولى على أنّها تحالفات منجزة ونهائيّة ودائمة. في هذا الصّدد، يُشير لو بون إلى رغبة إنگلترا في التسيّد على العالَم، ولهذه الغاية، جهدت بكلّ ما أوتيَت من سُبل من أجل الحؤول دون ازدهار فرنسا وتقدّمها، ومن أجل مدّ جسور تلاقٍ مع ألمانيا، ومنحها كلّ الوسائل اللازمة (اقتصاديّة، وماليّة، وتجاريّة...) كي تنهض من جديد. وعليه، ينشأ الارتياب الأوّل من التحوّل الجذريّ في بنية التّحالفات، وهو أمر يُنذر حتمًا بنشوب حروبٍ مستقبليّة، ليس أقلّها سعي ألمانيا إلى الانتقام من الخسارة التي عَصَفت بها، والشّروط المذِلّة التي وقّعت عليها.

    2 ــ بنية الثّورات:

    ثمّة بَونٌ شاسعٌ بين الوعود الثورويّة، والنّتائج الواقعيّة التي تتمخّض عنها. بهذا المعنى، يرى لو بون أنّ الأهداف الثوريّة لم تعدُ كونها وعودًا خُلَّبِيّةً استطاع قادة الثورات توظيفها خيرَ توظيف من أجل الوصول إلى السلطة. والحال أنّ قادة الثورات لم يتوانَوْا، بعد نجاح ثوراتهم، عن تكريس السلطات الاستبداديّة، والتفرّد بالحكم، وإنزال أقسى أنواع الظّلم في حقّ المواطنين والثوّار. إلى ذلك، يرى كاتبنا في هذا التحوّل الثورويّ سُنَّةً تاريخيّة، وحتميّة إنسانويّة، ذلك بأنّ الخروج على الأهداف المتوخاة هو في حدّ ذاته تكريس للهدف المنشود المسكوت عنه، والمَرْمَى البعيد المُراد الوصول إليه.

    3 ــ تحوّل ذهنيّة الحكّام:

    يرى لو بون أنّ الحكّام باتوا أكثر التزامًا بالإرادة الشّعبيّة، وأرضخ للرأي العام. لكن هذا لا يعني على الإطلاق أنّهم امتثلوا لهم، أو نفّذوا مطالِبَهم. كلّ ما في الأمر أنّهم أوهموهم بالإنصات إليهم، كي يُبقوا على مواقعهم السلطويّة، وعمدوا في الخفاء إلى تنفيذ السياسات التي آمنوا بها، ودافعوا عنها.

    4 ــ التّدمير الفكريّ:

    بحسب لو بون، لا يُقاس حجم الخسائر الاقتصاديّة بحجم الدمار الفكريّ. لذا تراه لم يُوفِّر جهدًا في سبيل تَبْيان الدمار الفكريّ الذي تأتّى من ولادة منظومات إيديولوجيّة جديدة، أو من استعادة إيديولوجيّات قديمة، إلى حدّ أمكن له أن يقول معه بأنّ العودة إلى العصور البربريّة عودة محتملة في ظلّ تنامي الاستبداد، وتكريس الأفكار الاشتراكيّة، والمفاهيم الشيوعيّة.

    5 ــ إرادة المهزوم:

    يرى كاتِبُنا أنّ الحرب لا تُنصِفِ الغالب، وتُهلِك المهزوم، ذلك بأنّ نتائجها الكارثيّة ستمتدّ لتطال المستقبل البعيد، لا سِيّما إذا عرفنا أنّ الغالب سيطمئنّ إلى انتصاره، والمغلوب سيؤوب من حقول ضياعه، ويُحاول جاهدًا أن يقلب هزيمته انتصارًا. لذلك نراه يتوجّس بشدّة من الحراك الألمانيّ، ومن نهضتها الاقتصاديّة، وثورتها الصناعيّة.

    6 ــ سبل الخلاص:

    يبدو أنّ الخلاص الوحيد، بالنّسبة إلى لو بون، هو في وعي الشّعوب ماهيّة ترابطها، وعدم قدرتها على الاستغناء بعضها عن بعض. عند هذا الحدّ، تلعب المنفعة المشتركة دور الجامع بعد أن لعبَتِ الحروبُ دور المفرِّق، ويحلّ التضامن الإنسانيّ المبنيّ على أسس التلاقي والحوار محلّ التّخاصم والتّنابذ والاعتراك. إنّ الرّهان معقود اليوم على وعي الشّعوب مصالِحَها، ومعرفتها أنّ الحروب لا يُمكن أن تعود بالنّفع عليها حتّى وإن استطاعت أن تُحقّق من خلالها انتصارات ساحقة.

    لا يفوتنا أن نُشير، في الختام، إلى البعد الفلسفيّ الذي قلّما طالعناه في كتب لو بون من قبل، وبخاصّة لجهة مقارنته الأديان التوحيديّة بالأديان المتعدّدة الآلهة، وبحثه في نشأة العالَم، وبُنى الأخلاق، وتشكيل اليقينيات، ودور العلم في الكشف عن العلل الأولى، إلخ.

    خلاصة القول، يطرح كتاب ارتيابات الوقت الراهن مجموعة من الأسئلة المفتوحة، ولا يدّعي أنّه يملك إجابات عنها، فجلّ ما في الأمر أنّه يُحاكي ضمير العصر، ويستنجد بالإنسانيّة التي يَعِي جيّدًا أنّ الدوافع الانفعاليّة هي التي تتحكّم بها. ومع ذلك، يأمل لو بون في أن يكون قد قال كلمته قبل أن يمضي.

    د. باسل الزّين

    10 تشرين الأوّل 2021

    إهداء

    إلى صديقي أريستيد بْرَيند Aristide Briand

    رئيس سابق لمجلس الوزراء

    تخليدًا لذكرى أحاديثنا الفلسفيّة الطويلة في خلال سنوات الحرب الثّقيلة، والأوقات المريبة التي تَلَتْها.

    غوستاف لو بون

    مُقدِّمة

    ــ 1 ــ

    وَلَّد التطوّرُ العلميّ الحديث ضروراتٍ اقتصاديّة تتعارض بوضوح مع الدوافع الانفعاليّة والصوفيّة، التي وَجّهت أفعال النّاس، منذ بدايات التاريخ.

    هذا التعارض، الذي يتفاقم في كلّ يوم، هو سبب من الأسباب البعيدة الكامنة وراء اختلال التوازن الحاليّ. فحِقْبتنا تتَرَجَّح بين التأثيرات الوراثيّة التي وَجَّهَتِ العالَمَ قديمًا، والضرورات الناجمة عن الاكتشافات العلميّة الحديثة.

    وعليه، كيف بالإمكان التّوفيق بين الطموحات، والمنافسات، والكراهيات، التي تدفع الأعراق نحو صراعات محتدمة، والتّداخل الاقتصاديّ الذي يجمعها من خلال ترابطٍ قويّ للغاية، إذ سَرْعان ما يطال الضررُ، الذي يلحق بواحدها، كلَّ الأعراق الأخرى؟

    ــ 2 ــ

    لم ينجَحِ التّرابطُ في جعل التّضامن قانونًا من قوانين العالَم الحديث، لأنّ الأهواء والمشاعر ــ المولِّدة الاعتياديّة للسلوك ــ هي نتاجُ وإرثُ ماضٍ طويل، في حين أنّ الضرورات الاقتصاديّة الجديدة، التي يعود تاريخها إلى الأمس، تَزِنُ قليلًا في ميزان الدوافع التي يتصرّف الناس بموجِبِها.

    الواقع أنّ هيمنة القوى الانفعاليّة والصوفيّة على القوى العقلانيّة يجب أن تكون حاضرة في الذّهن دائمًا عندما نُريد أن نفهم نشأة الحوادث الكبرى التي تُبَلْبِلُ حياة الشّعوب.

    وبعد، من شأن الاعتقاد بأنّ المنطق العقلانيّ المحض هو الذي يُحدّد تلك الحوادث، أن يقودنا إلى أوهام مُريعة.

    لقد وقع دعاةُ السّلام ضحيّتها، عَشِيّة الحرب، عندما أكّدوا، بمعيّة أستاذ شهير في السوربون، أنّ حربًا بين فرنسا وألمانيا كانت منطقيًّا مستحيلة، لذا غدا الاستعداد العسكريّ المــُكلِف بالنسبة إليهم أمرًا غير مجدٍ على الإطلاق.

    لكن سُرعان ما أثبتتْ لهمُ الوقائعُ أنّ منطق الأساتذة العلميّ لم يحكُمِ التاريخَ بعد. فالمنطقان الانفعاليّ والصوفيّ اللذان يُوّجهانه يخضعان لقوانينَ أخرى مختلفة تمامًا. وعليه، سوف نُشير إلى طبيعة تلك القوانين أكثر من مرّة في هذا المؤلَّف.

    ــ 3 ــ

    بطبيعة الحال، تختلف الأفكار التي وَلَّدتها اضطراباتُ الوقت الراهن تبعًا لعادات المراقِب الذهنيّة. فوِجِهَات نظر العالِم لن تكون هي عينها وجهات نظر المؤمن الذي يحدُّ الإيمانُ أفقَه، ولا وجهات نظر رجل الدولة الذي تستحوذ عليه الضرورات اليوميّة، ولا أيضًا وجهات نظر أتباع أيّ حزب سياسيّ، الذين ينشغلون بمصالح هذا الحزب وحسب.

    الواقع أنّ تجاوزَ هذه العوائق أمرٌ ضروريّ من أجل تبيّن أصول المشكلات وتبعاتها التي تُزعزع اليوم بعمق نفوس الشّعوب.

    في ظلّ وضعيّة معارفنا الراهنة، وبعد الاضطرابات التي زعزعت البنية الاجتماعيّة القديمة، نتساءل: ما الأفكار التي يُمكن أن نكوّنها عن الحقّ، والأخلاق، والمؤسّسات، والمعتقدات الدينيّة، والسياسيّة، والاجتماعيّة التي وجّهت مسار الحضارات، وما زالت توجّهها؟

    تحتاج الإجابة الوافية عن أسئلة كهذه إلى مجلّدات. تهيمن على الظواهر الاجتماعيّة، كما الظواهر الفيزيائيّة، على الرّغم من تعقيدها، بعض المبادئ الأساسيّة التي تنجم عنها مجموعة من الحالات الخاصّة، والتي يُمكن صياغتها باختصار. هذه المبادئ، بوصفها الأساس الحقيقيّ للأشياء، هي أكثر إيحاءً، في الأغلب، من الشروحات المطوّلة.

    ولذلك قرّرتُ مرّة أخرى أن أُوجِزَ الملاحظات المشتقّة من الحوادث الكبرى، التي تزعزع حقبتنا، في أفكار مختصرة.

    في هذا السياق، قد تكون آراءُ فيلسوفٍ استكشف العالَم كثيرًا، وبحث عن حقائقَ جديدةٍ في صمتِ المختبرات، على قدرٍ من الأهميّة.

    وعليه، بإمكان هذه الآراء إذا تحرّرت من الأهواء المـُضَلِّلة، والمهاترات العقيمة، أن تُبَدِّد الضّباب الذي يحجب الحاضر، ويجعل المستقبل غامضًا

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1